بَاب قَوْلِ الرَّجُلِ لِلشَّيْءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهُ لَيْسَ بِحَقٍّ
 
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قال النبي صلى الله عليه وسلم للْقَبْرَيْنِ: " يُعَذَّبَانِ بِلاَ كَبِيرٍ وَإِنَّهُ لَكَبِيرٌ" .
6213- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عُرْوَةَ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ سَأَلَ أُنَاسٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكُهَّانِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسُوا بِشَيْءٍ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ أَحْيَاناً بِالشَّيْءِ يَكُونُ حَقّاً. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَخْطَفُهَا الْجِنِّيُّ فَيَقُرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ قَرَّ الدَّجَاجَةِ فَيَخْلِطُونَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ كَذْبَةٍ" .
قوله: "باب قول الرجل للشيء: ليس بشيء، وهو ينوي أنه ليس بحق" ذكر فيه حديثين: الأول: قوله: "وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم للقبرين: "يعذبان بلا كبير، وأنه لكبير" وهذا طرف من حديث تقدم في كتاب الطهارة، وتقدم شرحه أيضا، وتقدم أيضا في "باب النميمة من الكبائر" من كتاب الأدب بلفظ: "وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير". حديث عائشة في الكهان ليسوا بشيء، وقد تقدم شرحه في أواخر كتاب الطب، قال الخطابي: معني قوله: "ليسوا بشيء" فيما يتعاطونه من علم الغيب، أي ليس قولهم بشيء صحيح يعتمد كما يعتمد قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخبر عن الوحي، وهو كما يقال لمن عمل عملا غير متقن أو قال قولا غير سديد: ما عملت أو ما قلت شيئا. قال ابن بطال نحوه وزاد: إنهم يريدون بذلك المبالغة في النفي، وليس ذلك كذبا. وقال كثير من المفسرين في قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً} والمراد بالذكر هنا القدر والشرف أي كان موجودا، ولكن لم يكن له قدر يذكر به، إما وهو مصور من طين على قول من مال المراد به آدم أو في بطن أمه على قول من قال إن المراد به الجنس.
(10/595)