بَاب إِذَا قَالَ مَنْ ذَا فَقَالَ أَنَا
 
6250- حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ "قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي فَدَقَقْتُ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ ذَا فَقُلْتُ أَنَا فَقَالَ أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا"
قوله: "باب إذا قال: من ذا؟ فقال: أنا" سقط لفظ: "باب" من رواية أبي ذر، وكأنه لم يجزم بالحكم لأن الخبر ليس صريحا في الكراهة. قوله: "عن محمد بن المنكدر" في رواية الإسماعيلي: "عن أحمد بن محمد بن منصور وغيره عن علي بن الجعد شيخ البخاري فيه عن شعبة أخبرني محمد بن المنكدر عن جابر". قوله: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي" تقدم بيانه في كتاب البيوع من وجه آخر مطولا. قوله: "فدققت" بقافين للأكثر، وللمستملي والسرخسي "فدفعت" بفاء وعين مهملة. وفي رواية الإسماعيلي: "فضربت الباب" وهي تؤيد رواية فدققت بالقافين، وله من وجه آخر وهي عند مسلم: "استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم" ولمسلم في أخرى "دعوت النبي صلى الله عليه وسلم". قوله: "فقلت: أنا. فقال: أنا أنا. كأنه كرهها" وفي رواية لمسلم: "فخرج وهو يقول أنا أنا" وفي أخرى "كأنه كره ذلك" ولأبي داود الطيالسي في مسنده عن شعبة "كره ذلك" بالجزم. قال المهلب: إنما كره قول أنا لأنه ليس فيه بيان إلا أن كان المستأذن ممن يعرف المستأذن عليه صوته ولا يلتبس بغيره، والغالب الالتباس. وقيل إنما كره ذلك لأن جابرا لم يستأذن بلفظ السلام، وفيه نظر لأنه ليس في سياق حديث جابر أنه طلب الدخول، وإنما جاء في حاجته فدق الباب ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمجيئه، فلذلك خرج له. وقال الداودي إنما كرهه لأنه أجابه بغير ما سأله عنه، لأنه لما ضرب الباب عرف أن ثم ضاربا، فلما قال أنا كأنه أعلمه أن ثم ضاربا فلم يزده على ما عرف من ضرب الباب، قال: وكان هذا قبل نزول آية الاستئذان. قلت: وفيه نظر لأنه لا تنافي بين القصة وبين ما دلت عليه الآية، ولعله رأى أن الاستئذان ينوب عن ضرب الباب وفيه نظر لأن الداخل قد يكون لا يسمع الصوت بمجرده فيحتاج إلى ضرب الباب ليبلغه صوت الدق فيقرب أو يخرج فيستأذن عليه حينئذ، وكلامه الأول سبقه إليه الخطابي فقال: قوله: "أنا" لا يتضمن الجواب ولا يفيد العلم بما استعمله وكان حق الجواب أن يقول أنا جابر ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه. وقد أخرج المصنف في "الأدب المفرد" وصححه الحاكم من حديث بريدة "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المسجد وأبو موسى يقرأ. قال فجئت فقال: من هذا؟ قلت: أنا بريدة" وتقدم حديث أم هانئ "جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أنا أم هانئ" الحديث في صلاة الضحى، قال
(11/35)

النووي: إذا لم يقع التعريف إلا بأن يكني المرء نفسه لم يكره ذلك، وكذا لا بأس أن يقول: أنا الشيخ فلان أو القارئ فلان أو القاضي فلان إذا لم يحصل التمييز إلا بذلك.وذكر ابن الجوزي أن السبب في كراهة قول "أنا" أن فيها نوعا من الكبر، كأن قائلها يقول أنا الذي لا أحتاج أذكر اسمي ولا نسبي.
وتعقبه مغلطاي بأن هذا لا يتأتى في حق جابر في مثل هذا المقام. وأجيب بأنه ولو كان كذلك فلا يمنع من تعليمه ذلك لئلا يستمر عليه ويعتاده والله أعلم. قال ابن العربي: في حديث جابر مشروعية دق الباب، ولم يقع في الحديث بيان هل كان بآلة أو بغير آلة. قلت: وقد أخرج البخاري في "الأدب المفرد" من حديث أنس "أن أبواب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقرع بالأظافير" وأخرجه الحاكم في "علوم الحديث" من حديث المغيرة بن شعبة، وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب، وهو حسن لمن قرب محله من بابه، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه.وذكر السهيلي أن السبب في قرعهم بابه بالأظافير أن بابه لم يكن فيه حلق فلأجل ذلك فعلوه، والذي يظهر أنهم إنما كانوا يفعلون ذلك توقيرا وإجلالا وأدبا.
(11/36)

باب من رد فقال : عليك السلام . وقالت عائشة : وعلية السلام وحمة الله وبركاته.....
...