بَاب لاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ
 
وَقَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى -إلى قوله- وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ} وَقَوْلُهُ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ -إلى قوْله- وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
6288- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةٌ فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ"
قوله: "باب لا يتناجى اثنان دون الثالث" أي لا يتحدثان سرا، وسقط لفظ باب من رواية أبي ذر. قوله: "وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا} - إلى قوله: {الْمُؤْمِنُونَ} كذا لأبي ذر، وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآيتين بتمامهما، وأشار بإيراد هاتين الآيتين إلى أن التناجي الجائز المأخوذ من مفهوم الحديث مقيد بأن لا يكون في الإثم والعدوان. قوله: "وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً - إلى قوله: بِمَا تَعْمَلُونَ} كذا لأبي ذر، وساق في رواية الأصيلي وكريمة الآيتين أيضا. وزعم ابن التين أنه وقع عنده {إِذَا تَنَاجَيْتُمْ} قال: والتلاوة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمْ}. قلت: ولم أقف في شيء من نسخ الصحيح على ما ذكره ابن التين. وقوله تعالى: {قَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} أخرج الترمذي عن علي أنها منسوخة. وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن عاصم الأحول قال: لما نزلت كان لا يناجي النبي صلى الله عليه وسلم أحد إلا تصدق، فكان أول من ناجاه على بن أبي طالب فتصدق بدينار، ونزلت الرخصة {إِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} الآية. وهذا مرسل رجاله ثقات. وجاء مرفوعا على غير هذا السياق عن علي أخرجه الترمذي وابن حبان وصححه وابن مردويه من طريق علي بن علقمة عنه قال: "لما نزلت هذه الآية قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تقول؟ دينار، قلت: لا يطيقونه، قال: في نصف دينار، قلت: لا يطيقونه. قال فكم؟ قلت: شعيرة قال: إنك لزهيد. قال: فنزلت أأشفقتم الآية، قال علي: فبي خفف عن هذه الأمة" وأخرج ابن مردويه من حديث سعد بن أبي وقاص له شاهدا. قوله: "عن نافع" كذا أورده هنا عن مالك عن نافع؛ ولمالك فيه شيخ آخر عن ابن عمر، وفيه قصة سأذكرها بعد باب إن شاء الله تعالى. قوله: "إذا كانوا ثلاثة" كذا للأكثر بنصب ثلاثة على.
(11/81)

أنه الخبر، ووقع في رواية لمسلم: "إذا كان ثلاثة" بالرفع على أن كان تامة. قوله: "فلا يتناجى اثنان دون الثالث" كذا للأكثر بألف مقصورة ثابتة في الخط صورة ياء وتسقط في اللفظ لالتقاء الساكنين، وهو بلفظ الخبر ومعناه النهي. وفي بعض النسخ بجيم فقط بلفظ النهي وبمعناه، زاد أيوب عن نافع كما سيأتي بعد باب "فإن ذلك يحزنه" وبهذه الزيادة تظهر مناسبة الحديث للآية الأولى من قوله: "ليحزن الذين آمنوا" وسيأتي بسطه بعد أبواب.
(11/82)