بَاب مَا يَقُولُ إِذَا نَامَ
 
6312- حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ "عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا وَإِذَا قَامَ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ"
6313- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ "سَمِعت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا ح" و حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ "عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا فَقَالَ إِذَا أَرَدْتَ مَضْجَعَكَ فَقُلْ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ لاَ مَلْجَا وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فَإِنْ مُتَّ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ"
قوله: "باب ما يقول إذا نام" سقطت هذه الترجمة لبعضهم وثبتت للأكثر. قوله: "سفيان" هو الثوري، وعبد الملك هو ابن عمير، وثبت في رواية أبي ذر وأبي زيد المروزي عن عبد الملك بن عمير. قوله: "إذا أوى إلى فراشه" أي دخل فيه، وفي الطريق الآتية قريبا "إذا أخذ مضجعه" وأوى بالقصر. وأما قوله: "الحمد لله الذي آوانا" فهو بالمد ويجوز فيه القصر، والضابط في هذه اللفظة أنها مع اللزوم تمد في الأفصح ويجوز القصر، وفي التعدي بالعكس. قوله: "باسمك أموت وأحيا" أي بذكر اسمك أحيا ما حييت وعليه أموت. وقال القرطبي:
(11/113)

قوله: "باسمك أموت" يدل على أن الاسم هو المسمى، وهو كقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أي سبح ربك، هكذا قال جل الشارحين، قال: واستفدت من بعض المشايخ معنى آخر وهو أن الله تعالى سمي نفسه بالأسماء الحسنى ومعانيها ثابتة له فكل ما صدر في الوجود فهو صادر عن تلك المقتضيات، فكأنه قال باسمك المحيي أحيا وباسمك المميت أموت انتهى ملخصا. والمعنى الذي صدرت به أليق، وعليه فلا يدل ذلك على أن الاسم غير المسمى ولا عينه، ويحتمل أن يكون لفظ الاسم هنا زائدا كما في قول الشاعر:
"إلى الحول ثم اسم السلام عليكما". قوله: "وإذا قام قال الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا" قال أبو إسحاق الزجاج: النفس التي تفارق الإنسان عند النوم هي التي للتمييز، والتي تفارقه عند الموت هي التي للحياة وهي التي يزول معها التنفس، وسمي النوم موتا لأنه يزول معه العقل والحركة تمثيلا وتشبيها قاله في النهاية، ويحتمل أن يكون المراد بالموت هنا السكون كما قالوا ماتت الريح أي سكنت، فيحتمل أن يكون أطلق الموت على النائم بمعنى إرادة سكون حركته لقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ} قاله الطيبي: قال: وقد يستعار الموت للأحوال الشاقة كالفقر والذل والسؤال والهرم والمعصية والجهل.
وقال القرطبي في "المفهم": "النوم والموت يجمعهما انقطاع تعلق الروح بالبدن" وذلك قد يكون ظاهرا وهو النوم ولذا قيل النوم أخو الموت، وباطنا وهو الموت، فإطلاق الموت على النوم يكون مجازا لاشتراكهما في انقطاع تعلق الروح بالبدن. وقال الطيبي: الحكمة في إطلاق الموت على النوم أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو لتحري رضا الله عنه وقصد طاعته واجتناب سخطه وعقابه، فمن نام زال عنه هذا الانتفاع فكان كالميت فحمد الله تعالى على هذه النعمة وزوال ذلك المانع، قال: وهذا التأويل موافق للحديث الآخر الذي فيه: "وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين" وينتظم معه قوله: "وإليه النشور" أي وإليه المرجع في نيل الثواب بما يكتسب في الحياة. قلت: والحديث الذي أشار إليه سيأتي مع شرحه قريبا. قوله: "وإليه النشور" أي البعث يوم القيامة والإحياء بعد الإماتة، يقال نشر الله الموتى فنشروا أي أحياهم فحيوا. قوله: "تنشرها تخرجها" كذا ثبت هذا في رواية السرخسي وحده، وقد أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بذلك وذكرها بالزاي من أنشره إذا رفعه بتدريج وهي قراءة الكوفيين وابن عامر. وأخرج من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: ننشرها أي نحييها، وذكرها بالراء من أنشرها أي أحياها ومنه {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ} وهي قراءة أهل الحجاز وأبي عمرو قال: والقراءتان متقاربتان في المعنى؛ وقرئ في الشاذ بفتح أوله بالراء وبالزاي أيضا وبضم التحتانية معهما أيضا. قوله: "عن أبي إسحاق" هو السبيعي "سمعت البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا ح. وحدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو إسحاق الهمداني عن البراء بن عازب" كذا للأكثر. وفي رواية السرخسي "عن أبي إسحاق سمعت البراء" والأول أصوب وإلا لكان موافقا للرواية الأولى من كل جهة، ولأحمد عن عفان عن شعبة "أمر رجلا من الأنصار" وقد تقدم شرح هذا الحديث مستوفي في الباب قبله. "تنبيهان": الأول لشعبة في هذا الحديث شيخ آخر أخرجه النسائي من طريق غندر عنه عن مهاجر أبي الحسن عن البراء، وغندر من أثبت الناس في شعبة ولكن لا يقدح ذلك في رواية الجماعة عن شعبة، فكأن لشعبة فيه شيخين الثاني وقع في رواية شعبة عن أبي إسحاق في هذا الحديث عن البراء "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" وهذا القدر من الحديث مدرج لم يسمعه
(11/114)

أبو إسحاق من البراء وإن كان ثابتا في غير رواية أبي إسحاق عن البراء، وقد بين ذلك إسرائيل عن جده أبي إسحاق، وهو من أثبت الناس فيه، أخرجه النسائي من طريقه فساق الحديث بتمامه ثم قال. كان أبو إسحاق يقول: "لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك" لم أسمع هذا من البراء سمعتهم يذكرونه عنه، وقد أخرجه النسائي أيضا من وجه آخر عن أبي إسحاق عن هلال بن يساف عن البراء.
(11/115)

باب وضع ليد تحت الخد اليمنى
...