بَاب الْعَمَلِ الَّذِي يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ. فِيهِ سَعْدٌ
 
6422- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ أَسَدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ وَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ عَقَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ وَعَقَلَ مَجَّةً مَجَّهَا مِنْ دَلْوٍ كَانَتْ فِي دَارِهِمْ
6423- قَالَ "سَمِعْتُ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصارِيَّ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي سَالِمٍ قَالَ غَدَا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَنْ يُوَافِيَ عَبْدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ"
6423- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ
(11/241)

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلاَّ الْجَنَّةُ"
قوله: "باب العمل الذي يبتغي به وجه الله تعالى" ثبتت هذه الترجمة للجميع، وسقطت من شرح ابن بطال فأضاف حديثها عن عتبان الذي قبله، ثم أخذ في بيان المناسبة لترجمة من بلغ ستين سنة فقال: خشي المصنف أن يظن أن من بلغ الستين وهو مواظب على المعصية أن ينفذ عليه الوعيد، فأورد هذا الحديث المشتمل على أن كلمة الإخلاص تنفع قائلها، إشارة إلى أنها لا تخص أهل عمر دون عمر ولا أهل عمل دون عمل، قال: ويستفاد منه أن التوبة مقبولة ما لم يصل إلى الحد الذي ثبت النقل فيه أنها لا تقبل معه وهو الوصول إلى الغرغرة. وتبعه ابن المنير فقال: يستفاد منه أن الأعذار لا تقطع التوبة بعد ذلك وإنما تقطع الحجة التي جعلها الله للعبد بفضله، ومع ذلك فالرجاء باق بدليل حديث عتبان وما ذكر معه. قلت: وعلى ما وقع في الأصول فهذه مناسبة تعقيب الباب الماضي بهذا الباب. قوله: "فيه سعد" كذا للجميع، وسقط للنسفي وللإسماعيلي وغيرهما، وسعد فيما يظهر لي هو ابن أبي وقاص، وحديثه المشار إليه ما تقدم في المغازي وغيرها من رواية عامر بن سعد عن أبيه في قصة الوصية وفيه: "الثلث والثلث كثير" وفيه قوله: "فقلت يا رسول الله أخلف بعد أصحابي؟ قال: إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة" الحديث، وقد تقدم هذا اللفظ في كتاب الهجرة إلى المدينة. قوله: "حدثنا معاذ بن أسد" هو المروزي، وشيخه عبد الله هو ابن المبارك. قوله: "غدا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لن يوافي" هكذا أورده مختصرا، وليس هذا القول معقبا بالغدو بل بينهما أمور كثيرة من دخول النبي صلى الله عليه وسلم منزله وصلاته فيه وسؤالهم أن يتأخر عندهم حتى يطعموه وسؤاله عن مالك بن الدخشم وكلام من وقع في حقه والمراجعة في ذلك، وفي آخره ذلك القول المذكور هنا، وقد أورده في "باب المساجد في البيوت" في أوائل الصلاة وأورده أيضا مطولا من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري في أبواب صلاة التطوع، فخرج منه أيضا في أوائل الصلاة في "باب إذا زار قوما فصلى عندهم" عن معاذ بن أسد بالسند المذكور في حديث الباب من المتن طرفا غير المذكور هنا، وقوله في هذه الرواية: "حرم الله عليه النار" وقع في الرواية الماضية "حرمه الله على النار" قال الكرماني ما ملخصه: والمعنى واحد لوجود التلازم بين الأمرين، واللفظ الأول هو الحقيقة لأن النار تأكل ما يلقى فيها، والتحريم يناسب الفاعل فيكون اللفظ الثاني مجازا. قوله: "يعقوب بن عبد الرحمن" هو الإسكندراني. قوله: "عن عمرو" هو ابن أبي عمرو مولى المطلب. قوله: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى ما لعبدي المؤمن عندي جزاء" أي ثواب ولم أر لفظ جزاء في رواية الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان، ولأبي نعيم من طريق السراج كلاهما عن قتيبة. قوله: "إذا قبضت صفيه" بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء وتشديد التحتانية وهو الحبيب المصافي كالولد والأخ وكل من يحبه الإنسان، والمراد بالقبض قبض روحه وهو الموت. قوله: "ثم احتسبه إلا الجنة" قال الجوهري احتسب ولده إذا مات كبيرا. فإن مات صغيرا قيل أفرطه، وليس هذا التفصيل مرادا هنا بل المراد باحتسبه صبر على فقده راجيا الأجر من الله على ذلك، وأصل الحسبة بالكسر الأجرة، والاحتساب طلب الأجر من الله تعالى
(11/242)

خالصا. واستدل به ابن بطال على أن من مات له ولد واحد يلتحق بمن مات له ثلاثة وكذا اثنان، وأن قول الصحابي كما مضى في "باب فضل من مات له ولد" من كتاب الجنائز "ولم نسأله عن الواحد" لا يمنع من حصول الفضل لمن مات له واحد، فلعله صلى الله عليه وسلم سئل بعد ذلك عن الواحد فأخبر بذلك، أو أنه أعلم بأن حكم الواحد حكم ما زاد عليه فأخبر به. قلت: وقد تقدم في الجنائز تسمية من سأل عن ذلك، والرواية التي فيها "ثم لم نسأله عن الواحد" ولم يقع لي إذ ذاك وقوع السائل عن الواحد. وقد وجدت من حديث جابر ما أخرجه أحمد من طريق محمود ابن أسد عن جابر وفيه: "قلنا يا رسول الله واثنان؟ قال: واثنان. قال محمود فقلت لجابر أراكم لو قلتم واحدا لقال واحد، قال وأنا والله أظن ذاك" ورجاله موثقون. وعند أحمد والطبراني من حديث معاذ رفعه: "أوجب ذو الثلاثة. فقال له معاذ: وذو الاثنين؟ قال: وذو الاثنين" زاد في رواية الطبراني قال: "أو واحد" وفي سنده ضعف. وله في الكبير والأوسط من حديث جابر بن سمرة رفعه: "من دفن له ثلاثة فصبر" الحديث وفيه: "فقالت أم أيمن: وواحد؟ فسكت ثم قال: يا أم أيمن من دفن واحدا فصبر عليه واحتسبه وجبت له الجنة" وفي سندهما ناصح بن عبد الله وهو ضعيف جدا. ووجه الدلالة من حديث الباب أن الصفي أعم من أن يكون ولدا أم غيره وقد أفرد وتب الثواب بالجنة لمن مات له فاحتسبه، ويدخل هذا ما أخرجه أحمد والنسائي من حديث قرة بن إياس "أن رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له، فقال: أتحبه؟ قال: نعم. ففقده فقال ما فعل فلان؟ قالوا: يا رسول الله مات ابنه، فقال: ألا تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة، إلا وجدته ينتظرك. فقال رجل: يا رسول الله أله خاصة أم لكلنا؟ قال: بل لكلكم" وسنده على شرط الصحيح وقد صححه ابن حبان والحاكم.
(11/243)