بَاب لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ
 
6610- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ "عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَجَعَلْنَا لاَ نَصْعَدُ شَرَفًا وَلاَ نَعْلُو شَرَفًا وَلاَ نَهْبِطُ فِي وَادٍ إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا بِالتَّكْبِيرِ قَالَ فَدَنَا مِنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا إِنَّمَا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا ثُمَّ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَلاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِيَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ"
قوله: "باب" بالتنوين "لا حول ولا قوة إلا بالله" ترجم في أواخر الدعوات "باب قول لا حول" بالإضافة واقتصر هنا على لفظ الخبر واستغنى به لظهوره في أبواب القدر، لأن معنى لا حول لا تحويل للعبد عن معصية الله
(11/500)

إلا بعصمة الله ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله، وقيل معنى لا حول لا حيلة. وقال النووي: هي كلمة استسلام وتفويض وأن العبد لا يملك من أمره شيئا وليس له حيلة في دفع شر ولا قوة في جلب خير إلا بإرادة الله تعالى. حديث أبي موسى وقد تقدم في الدعوات بهذا الإسناد بعينه لكن فيه سليمان التيمي بدل خالد الحذاء المذكور هنا، وهو محمول على أن لعبد الله وهو ابن المبارك فيه شيخين، وقد أخرجه النسائي من رواية سويد ابن نصر عن ابن المبارك عن خالد الحذاء. قوله: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة" تقدم في غزوة خيبر من كتاب المغازي بيان أنها غزوة خيبر. قوله: "إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير" في رواية سليمان التيمي المذكورة "فلما علا عليها رجل نادى فرفع صوته لا إله إلا الله والله أكبر" لم أقف على اسم هذا الرجل، ويجمع بأن الكل كبروا وزاد هذا عليهم بالتهليل، وتقدم في رواية عبد الواحد ما يدل على أن المراد بالتكبير قول لا إله إلا الله والله أكبر. قوله: "اربعوا" بفتح الموحدة أي ارفقوا، وقد تقدم بيانه في أوائل الدعاء، قال يعقوب بن السكيت: ربع الرجل يربع إذا رفق وكف، وكذا بقية ألفاظه. قال ابن بطال: كان عليه السلام معلما لأمته فلا يراهم على حالة من الخير إلا أحب لهم الزيادة، فأحب للذين رفعوا أصواتهم بكلمة الإخلاص والتكبير أن يضيفوا إليها التبري من الحول والقوة فيجمعوا بين التوحيد والإيمان بالقدر، وقد جاء في الحديث: "إذا قال العبد لا حول ولا قوة إلا بالله قال الله أسلم عبدي واستسلم". قلت: أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة بسند قوى. وفي رواية له "قال لي يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: تقول لا حول ولا قوة إلا بالله. فيقول الله أسلم عبدي واستسلم" وزاد في رواية له "ولا منجا ولا ملجأ من الله إلا إليه" قوله: "من كنوز الجنة" تقدم القول فيه، وحاصله أن المراد أنها من ذخائر الجنة أو محصلات نفائس الجنة، قال النووي: المعنى أن قولها يحصل ثوابا نفيسا يدخر لصاحبه في الجنة. وأخرج أحمد والترمذي وصححه ابن حبان عن أيوب "أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به مر على إبراهيم على نبينا و عليه الصلاة والسلام فقال: يا محمد مر أمتك أن يكثروا من غراس الجنة، قال: وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله". قوله: "لا تدعون" كذا أطلق على التكبير ونحوه دعاء من جهة أنه بمعنى النداء لكون الذاكر يريد إسماع من ذكره والشهادة له.
(11/501)