بَاب مَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ أَيَّامًا فَوَافَقَ النَّحْرَ أَوْ الْفِطْرَ
 
6705- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ
(11/590)

أَبِي حُرَّةَ الأَسْلَمِيُّ أَنَّهُ "سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ أَنْ لاَ يَأْتِيَ عَلَيْهِ يَوْمٌ إِلاَّ صَامَ فَوَافَقَ يَوْمَ أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ فَقَالَ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الأَضْحَى وَالْفِطْرِ وَلاَ يَرَى صِيَامَهُمَا"
6706- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ "كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ نَذَرْتُ أَنْ أَصُومَ كُلَّ يَوْمِ ثَلاَثَاءَ أَوْ أَرْبِعَاءَ مَا عِشْتُ فَوَافَقْتُ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ أَمَرَ اللَّهُ بِوَفَاءِ النَّذْرِ وَنُهِينَا أَنْ نَصُومَ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَعَادَ عَلَيْهِ فَقَالَ مِثْلَهُ لاَ يَزِيدُ عَلَيْهِ"
قوله: "باب من نذر أن يصوم أياما" أي معينة "فوافق النحر أو الفطر" أي هل يجوز له الصيام أو البدل أو الكفارة؟ انعقد الإجماع على أنه لا يجوز له أن يصوم يوم الفطر ولا يوم النحر لا تطوعا ولا عن نذر سواء عينهما أو أحدهما بالنذر أو وقعا معا أو أحدهما اتفاقا، فلو نذر لم ينعقد نذره عند الجمهور، وعند الحنابلة روايتان في وجوب القضاء، وخالف أبو حنيفة فقال لو أقدم فصام وقع ذلك عن نذره، وقد تقدم بسط ذلك في أواخر الصيام، وذكرت هناك الاختلاف في تعيين اليوم الذي نذره الرجل وهل وافق يوم عيد الفطر أو النحر، وإني لم أقف على اسمه مع بيان الكثير من طرقه، ثم وجدت في ثقات ابن حبان من طريق كريمة بنت سيرين أنها "سألت ابن عمر فقالت: جعلت على نفسي أن أصوم كل أربعاء واليوم يوم أربعاء وهو يوم النحر فقال أمر الله بوفاء النذر ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحر" ورواته ثقات، فلولا توارد الرواة بأن السائل رجل لفسرت المبهم بكريمة، ولا سيما في السند الأول فإن قوله سئل بضم أوله يشمل ما إذا كان السائل رجلا أو امرأة، وقد ظهر من رواية ابن حبان أنها امرأة فيفسر بها المبهم في رواية حكيم، بخلاف رواية زياد ابن جبير حيث قال فسأله رجل" ثم وجدت الخبر في كتاب الصيام ليوسف بن يعقوب القاضي أخرجه عن محمد بن أبي بكر المقدمي شيخ البخاري فيه وأخرجه أبو نعيم من طريقه وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن محمد بن أبي بكر المقدمي ولفظه أنه "سمع رجلا يسأل عبد الله بن عمر عن رجل نذر" فذكر الحديث، وفضيل في السند الأول بالتصغير وحكيم بفتح أوله وأبو حرة أبوه بضم المهملة والتشديد لا يعرف اسمه وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد، وقد أورده متابعا لرواية زيادة بن جبير عن ابن عمر، وفي سياق الرواية الأولى إشعار برجحان المنع عند ابن عمر فإن لفظه فقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} لم يكن يصوم يوم الأضحى والفطر ولا يرى صيامهما" ووقع عند الإسماعيلي من الزيادة في آخره: قال يونس بن عبيد فذكرت ذلك للحسن فقال: يصوم يوما مكانه، أخرجه من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع الذي أخرجه البخاري من طريقه. قال الكرماني: قوله: "لم يكن" أي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله: "ولا نرى" بلفظ المتكلم فيكون من جملة مقول عبد الله بن عمر، وفي بعضها بلفظ الغائب وفاعله عبد الله وقائله حكيم. قلت: وقع في رواية يوسف بن يعقوب المذكورة بلفظ: "لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم الأضحى ولا يوم الفطر ولا يأمر بصيامهما" ومثله في رواية الإسماعيلي، وجوز الكرماني -بناء على تعدد القصة- أن ابن عمر تغير اجتهاده فجزم بالمنع بعد أن كان يتردد ا هـ.
(11/591)

وليس فيما أجاب به ابن عمر أولا وآخرا ما يصرح بالمنع في خصوص هذه القصة، وقد بسطت القول في ذلك في "باب صوم يوم النحر" وبالله التوفيق. انظر شرح الحديث في شرح الباب قوله: "يونس" هو ابن عبيد وصرح به الإسماعيلي من طريق محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع. قوله: "فأعاد عليه" زاد ابن المنهال في روايته: "فخيل إلى الرجل أنه لم يفهم فأعاد عليه الكلام ثانية"
(11/592)

باب هل يدخل في الأيمان والنذور والأرض والغنم والزرع والأمتعة؟
...