بَاب: فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الْفَوَاحِشَ
 
6809- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلاَءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ"
(12/112)

6807- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ ح وحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ "عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَكَّلَ لِي مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَمَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ تَوَكَّلْتُ لَهُ بِالْجَنَّةِ"
قوله: "باب فضل من ترك الفواحش" جمع فاحشة وهي كل ما اشتد قبحه من الذنوب فعلا أو قولا، وكذا الفحشاء والفحش ومنه الكلام الفاحش، ويطلق غالبا على الزنا فاحشة ومنه قوله تعالى:{ وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} وأطلقت على اللواط باللام العهدية في قول لوط عليه السلام لقومه {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} ومن ثم كان حده حد الزاني عند الأكثر، وزعم الحليمي أن الفاحشة أشد من الكبيرة وفيه نظر. ثم ذكر فيه حديثين أحدهما حديث أبي هريرة في السبعة الذين يظلهم الله تعالى في ظله، والمقصود منه قوله فيه: "ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله تعالى" وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الزكاة، ويلتحق بهذه الخصلة من وقع له نحوها كالذي دعا شابا جميلا لأن يزوجه ابنة له جميلة كثيرة الجهاز جدا لينال منه الفاحشة فعفا الشاب عن ذلك وترك المال والجمال، وقد شاهدت ذلك. وقوله في أول السند "حدثنا محمد" غير منسوب فقال أبو علي الغساني وقع في رواية الأصيلي محمد بن مقاتل. وفي رواية القابسي محمد بن سلام، والأول هو الصواب لأن عبد الله هو ابن المبارك وابن مقاتل معروف بالرواية عنه. قلت: ولا يلزم من ذلك أن لا يكون هذا الحديث الخاص عند ابن سلام، والذي أشار إليه الغساني قاعدة في تفسير من أبهم واستمر إبهامه فيكون كثرة أخذه وملازمته قرينة في تعيينه، أما إذا أورد التنصيص عليه فلا. وقد صرح أيضا بأنه محمد بن سلام أبو ذر في روايته عن شيوخه الثلاثة وكذا هو في بعض النسخ من رواية كريمة وأبى الوقت. الحديث الثاني قوله: "عمر بن علي" هو المقدمي نسبة إلى جده مقدم بوزن محمد وهو عم محمد بن أبي بكر الراوي عنه، وهو موصوف بالتدليس لكنه صرح بالتحديث في هذه الرواية، وقد أورده في الرقاق عن محمد بن أبي بكر وحده وقرنه هنا بخليفة وساقه على لفظ خليفة. قوله: "من توكل لي" أي تكفل، وقد ذكرت في الرقاق من رواه بلفظ تكفل وبلفظ حفظ وهو هناك بلفظ تضمن، وأصل التوكل الاعتماد على الشيء والوثوق به، وقوله: "توكلت له " من باب المقابلة، وقوله: "ما بين رجليه " أي فرجه " ولحيته " بفتح اللام وهو منبت اللحية والأسنان ويجوز كسر اللام، وثني لأن له أعلى وأسفل والمراد به اللسان وقيل النطق، وقد ترجم له في الرقاق "حفظ اللسان" وتقدم شرحه مستوفى هناك. وقوله في آخره: "له بالجنة" كذا للأكثر. وفي رواية أبي ذر عن المستملي والسرخسي بحذف الباء، ويقرأ بالنصب على نزع الخافض، أو كأنه ضمن توكلت معنى ضمنت.
(12/113)