بَاب: مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا دُونَ الْحَدِّ فَأَخْبَرَ الإِمَامَ فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ إِذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا . قَالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقِبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَلَمْ يُعَاقِبْ الَّذِي جَامَعَ فِي رَمَضَانَ، وَلَمْ يُعَاقِبْ عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ. وَفِيهِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
6821- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ
(12/131)

عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا"
6822- وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ "عَنْ عَائِشَةَ: "أَتَى رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ قَالَ: احْتَرَقْتُ. قَالَ: مِمَّ ذَاكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ بِامْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ. قَالَ لَهُ: تَصَدَّقْ قَالَ. مَا عِنْدِي شَيْءٌ فَجَلَسَ، وَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ - قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، مَا أَدْرِي مَا هُوَ - إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ؟ فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا. قَالَ: خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ، قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنِّي؟ مَا لِأَهْلِي طَعَامٌ. قَالَ: فَكُلُوهُ"
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: الْحَدِيثُ الأَوَّلُ أَبْيَنُ، قَوْلُهُ "أَطْعِمْ أَهْلَكَ"
قوله: "باب من أصاب ذنبا دون الحد فأخبر الإمام فلا عقوبة عليه بعد التوبة إذا جاء مستفتيا" كذا للأكثر بفاء ساكنة بعدها مثناة مكسورة ثم ياء آخر الحروف من الاستفتاء، ويؤيده قوله في حديث الباب: "فاستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وفي رواية الكشميهني: "مستعينا " وضبطت بالمهملة وبالنون قبل الألف وبالمعجمة ثم المثلثة، والتقييد بدون الحد يقتضى أن من كان ذنبه يوجب الحد أن عليه العقوبة ولو تاب، وقد مضى الاختلاف في ذلك في أوائل الحدود، وأما التقييد الأخير فلا مفهوم له بل الذي يظهر أنه ذكر لدلالته على توبته. قوله: "قال عطاء لم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم" أي الذي أخبر أنه وقع في معصية بلا مهلة حتى صلى معه فأخبره بأن صلاته كفرت ذنبه. قوله: "وقال ابن جريج: ولم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم الذي جامع في رمضان" تقدم شرحه مستوفي في كتاب الصيام وليس في شيء من طرقه أنه عاقبه. قوله: "ولم يعاقب عمر صاحب الظبي" كأنه أشار بذلك إلى ما ذكره مالك منقطعا ووصله سعيد بن منصور بسند صحيح عن قبيصة بن جابر قال: "خرجنا حجاجا فسنح لي ظبي فرميته بحجر فمات، فلما قدمنا مكة سألنا عمر فسأل عبد الرحمن بن عوف فحكما فيه بعنز، فقلت إن أمير المؤمنين لم يدر ما يقول حتى سأل غيره، قال فعلاني بالدرة فقال: أتقتل الصيد في الحرم وتسفه الحكم؟ قال الله تعالى :{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وهذا عبد الرحمن بن عوف وأنا عمر " ولا يعارض هذا المنفي الذي في الترجمة لأن عمر إنما علاه بالدرة لما طعن في الحكم وإلا لو وجبت عليه عقوبة بمجرد الفعل المذكور لما أخرها. قوله: "وفيه عن أبي عثمان عن ابن مسعود" أي في معنى الحكم المذكور في الترجمة حديث مروي عن أبي عثمان عن ابن مسعود وزاد الكشميهني: "مثله " وهي زيادة لا حاجة إليها لأنه يصير ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعاقب صاحب الظبي، ووقع في بعض النسخ "عن أبي مسعود" وهو غلط والصواب "ابن مسعود" وقد وصله المؤلف رحمه الله في أوائل كتاب الصلاة في " باب الصلاة كفارة " من رواية سليمان التيمي عن أبي عثمان به وأوله " إن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فنزلت: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} الآية وقد ذكرت شرحه في تفسير سورة هود، وأن الأصح في تسمية هذا الرجل أنه أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري، وأن نحو ذلك وقع لجماعة غيره. قوله: "عن حميد بن عبد الرحمن" هو ابن عوف الزهري، وقد
(12/132)

تقدم شرح حديثه مستوفي في كتاب الصيام. قوله: "وقال الليث إلخ" وصله المصنف في التاريخ الصغير قال: "حدثني عبد الله بن صالح حدثني الليث به " ورويناه موصولا أيضا في الأوسط للطبراني والمستخرج للإسماعيلي. قوله: "عن عمرو بن الحارث" لليث فيه سند آخر أخرجه مسلم عن قتيبة ومحمد بن رمح كلاهما عن الليث عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن جعفر بن الزبير، وقد مضى في الصيام من وجه آخر عن يحيى بن سعيد موصولا وأخرجه مسلم من طريق عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث. قوله: "عن عبد الرحمن بن القاسم" أي ابن محمد بن أبي بكر الصديق "عن محمد بن جعفر بن الزبير" أي ابن العوام "عن عباد" وهو ابن عمه. ووقع في رواية ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه أن عباد بن عبد الله حدثه. قوله: "عن عائشة" في رواية ابن وهب "أنه سمع عائشة". قوله: "أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد" زاد في رواية ابن وهب "في رمضان". قوله: "فقال احترقت" كررها ابن وهب. قوله: "قال مم ذاك" في رواية ابن وهب "فسأله عن شأنه". قوله: "قال ما عندي شيء" في رواية ابن وهب " فقال يا نبي الله مالي شيء وما أقدر عليه". قوله: "فجلس فأتاه إنسان" في رواية ابن وهب " قال اجلس فجلس فبينما هو على ذلك أقبل رجل". قوله: "ومعه طعام فقال عبد الرحمن" هو ابن القاسم راوي الحديث "ما أدري ما هو" مقول عبد الرحمن، وفي رواية الكشميهني: "قال: "بغير فاء ولم يقع هذا في رواية الليث، ووقع فيها عند الإسماعيلي: "عرقان فيهما طعام" وقال: "قال أبو صالح عن الليث عرق " وكذا قال عبد الوهاب يعني الثقفي ويزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد، قال الإسماعيلي: وعرقان ليس بمحفوظ. قوله: "أين المحترق" زاد ابن وهب "آنفا". قوله: "على أحوج مني" ؟ هو استفهام حذفت أداته، ووقع في رواية ابن وهب " أغيرنا " أي أعلى غيرنا. قوله: "ما لأهلي طعام" في رواية ابن وهب "إنا الجياع ما لنا شيء". قوله: "قال فكلوا" في رواية ابن وهب "قال فكلوه" وقد مضى شرحه في الصيام.
(12/133)

باب إذا أقر لالحد و لم يبين هل للامام أن يستر عليه
...