بَاب: مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الإِمَامِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ غَائِبًا عَنْهُ
 
6835 ، 6836- حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ "أَنَّ رَجُلًا مِنْ الأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ جَالِسٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَامَ خَصْمُهُ فَقَالَ: صَدَقَ، اقْضِ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِكِتَابِ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ بِمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ وَوَلِيدَةٍ، ثُمَّ سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَزَعَمُوا أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ، أَمَّا الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ فَرَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَأَمَّا أَنْتَ يَا أُنَيْسُ فَاغْدُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَارْجُمْهَا، فَغَدَا أُنَيْسٌ فَرَجَمَهَا"
قوله: "باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبا عنه" قال الكرماني: في هذا التركيب قلق، وكان الأولى أن يبدل لفظ: "غير " بالضمير فيقول من أمره الإمام إلخ. وقال ابن بطال: قد ترجم بعد، يعني في آخر أبواب الحدود " هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه " ومعنى الترجمتين واحد، كذا قال، ويظهر لي أن بينهما تغايرا من جهة أن قوله في الأول غائبا عنه حال من المأمور وهو الذي يقيم الحد، وفي الآخر حال من الذي يقام عليه الحد. ثم ذكر حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في قصة العسيف، وقد مضى شرحه مستوفى قريبا. وقوله في هذه الرواية: "فقام خصمه فقال: صدق، اقض له يا رسول الله بكتاب الله، إن ابني " قال الكرماني: القائل هو الأعرابي لا خصمه، لأنه وقع في كتاب الصلح " جاء أعرابي فقال يا رسول الله. اقض بيننا بكتاب الله فقام خصمه وقال: صدق اقض بيننا بكتاب الله، فقال الأعرابي: إن ابني كان عسيفا". قلت: بل الذي قال: اقض بيننا هو
(12/160)

والد العسيف، ففي الرواية الماضية قريبا في باب الاعتراف بالزنا " فقام خصمه وكان أفقه منه فقال: اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي إلخ " هذه رواية سفيان بن عيينة ووافقه الجمهور، فتقدمت رواية مالك في الأيمان والنذور ورواية الليث في الشروط وتأتي رواية صالح بن كيسان وشعيب بن أبي حمزة في خبر الواحد وكذا أخرجه مسلم من رواية الليث وصالح بن كيسان ومعمر وساقه على لفظ الليث، ومع ذلك فالاختلاف في هذا على ابن أبي ذئب، فإنه رواه عن الزهري هنا وفي الصلح، فالراوي له في الصلح عن ابن أبي ذئب آدم بن أبي إياس وهنا عاصم بن علي، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق يزيد ابن هارون عن ابن أبي ذئب فوافق عاصم بن علي وهذا هو المعتمد، وإن قوله في رواية آدم "فقال الأعرابي" زيادة إلا إن كان كل من الخصمين متصفا بهذا الوصف، وليس ذلك ببعيد، والله أعلم.
(12/161)

باب قول الله تعالى { و من لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات }
...


الموضوع التالي


بَاب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ زَوَانِي وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ أَخِلاَءَ