بَاب إِذَا رَمَى امْرَأَتَهُ أَوْ امْرَأَةَ غَيْرِهِ بِالزِّنَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالنَّاسِ هَلْ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهَا فَيَسْأَلَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ؟
 
6842 ، 6843- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَقَالَ الْآخَرُ - وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا - : أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأْذَنْ لِي أَنْ أَتَكَلَّمَ، قَالَ: تَكَلَّمْ . قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا - قَالَ مَالِكٌ: وَالْعَسِيفُ الأَجِيرُ - فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَبِجَارِيَةٍ لِي، ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ. وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ. أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ. وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا. وَأَمَرَ أُنَيْسًا الأَسْلَمِيَّ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةَ الْآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا"
قوله: "باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به" ذكر قصة العسيف، وقد تقدم شرحه مستوفي، والحكم المذكور ظاهر فيمن قذف امرأة غيره، وأما من قذف امرأته فكأنه أخذه من كون زوج المرأة كان حاضرا ولم ينكر ذلك، وأشار بقوله: "هل على الإمام " إلى الخلاف في ذلك، والجمهور على أن ذلك بحسب ما يراه الإمام. قال النووي: الأصح عندنا وجوبه والحجة فيه بعث أنيس إلى المرأة، وتعقب بأنه فعل وقع في واقعة حال لا دلالة فيه على الوجوب لاحتمال أن يكون سبب البعث ما وقع بين زوجها وبين والد العسيف من الخصام والمصالحة على الحد واشتهار القصة حتى صرح والد العسيف بما صرح به ولم ينكر عليه زوجها، فالإرسال إلى هذه يختص بمن كان على مثل حالها من التهمة القوية بالفجور، وإنما علق على اعترافها لأن حد الزنا لا يثبت في مثلها إلا بالإقرار لتعذر إقامة البينة على ذلك،
(12/172)

وقد تقدم شرح الحدث مستوفي، وذكرت ما قيل من الحكمة في إرسال أنيس إلى المرأة المذكورة، وفي الموطأ أن عمر أتاه رجل فأخبره أنه وجد مع امرأته رجلا فبعث إليها أبا واقد فسألها عما قال زوجها وأعلمها أنه لا يؤخذ بقوله فاعترفت، فأمر بها عمر فرجمت. قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن من قذف امرأته أو امرأة غيره بالزنا فلم يأت عل ذلك ببينة أن عليه الحد، إلا إن أقر المقذوف، فلهذا يجب على الإمام أن يبعث إلى المرأة يسألها عن ذلك، ولو لم تعترف المرأة في قصة العسيف لوجب على والد العسيف حد القذف. ومما يتفرع عن ذلك لو اعترف رجل بأنه زنى بامرأة معينة فأنكرت هل يجب عليه حد الزنا وحد القذف أو حد القذف فقط؟ قال بالأول مالك وبالثاني أبو حنيفة، وقال الشافعي وصاحبا أبي حنيفة: من أقر منهما فإنما عليه حد الزنا فقط، والحجة فيه أنه إن كان صدق في نفس الأمر فلا حد عليه لقذفها، وإن كان كذب فليس بزان وإنما يجب عليه حد الزنا لأن كل من أقر على نفسه وعلى غيره لزمه ما أقر به على نفسه وهو مدع فيما أقر به على غيره فيؤاخذ بإقراره على نفسه دون غيره.
(12/173)