بَاب: مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ
 
6854- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ "عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "شَهِدْتُ الْمُتَلاَعِنَيْنِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ زَوْجُهَا: كَذَبْتُ عَلَيْهَا إِنْ أَمْسَكْتُهَا، قَالَ فَحَفِظْتُ ذَاكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا فَهُوَ .. وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ كَذَا وَكَذَا - كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ - فَهُوَ .. وَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: جَاءَتْ بِهِ لِلَّذِي يُكْرَهُ"
6855- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ "ذَكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْمُتَلاَعِنَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ: هِيَ الَّتِي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا امْرَأَةً عَنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ. قَالَ: لاَ. تِلْكَ امْرَأَةٌ أَعْلَنَتْ"
6856- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ الْقَاسِمِ ابْنِ مُحَمَّدٍ "عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: "ذُكِرَ المتلاعنان عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ثُمَّ انْصَرَفَ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ أَهْلِهِ رَجُلًا، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا إِلاَّ لِقَوْلِي، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبِطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ آدَمَ خَدِلًا كَثِيرَ اللَّحْمِ"، فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بَيِّنْ، فَوَضَعَتْ شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَهَا، فَلاَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَجْلِسِ هِيَ الَّتِي قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ رَجَمْتُ هَذِهِ؟ فَقَالَ: لاَ، تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِي الإِسْلاَمِ السُّوءَ"
قوله: "باب من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير بينة" أي ما حكمه؟ والمراد بإظهار الفاحشة أن يتعاطى ما يدل عليها عادة من غير أن يثبت ذلك ببينه أو إقرار، واللطخ هو بفتح اللام والطاء المهملة بعدها خاء معجمة: الرمي بالشر، يقال لطخ فلان بكذا أي رمى بشر، ولطخه بكذا مخففا ومثقلا لوثه به، وبالتهمة بضم المثناة وفتح الهاء من يتهم بذلك من غير أن يتحقق فيه ولو عادة. وذكر فيه حديثين: أحدهما حديث سهل بن سعد في قصة المتلاعنين أورده مختصرا، وفي آخره تصريح سفيان حيث قال: "حفظت من الزهري" وقد تقدم شرحه في كتاب اللعان مستوفي، وقوله: "إن جاءت به كذا فهو، وإن جاءت به كذا فهو " كذا وقع بالكناية وبالاكتفاء في الموضعين، وتقدم في اللعان بيانه من طريق ابن جريح عن ابن شهاب ولفظه: "إن جاءت به أحمر قصيرا كأنه وحرة فلا أراها إلا قد صدقت وكذب عليها، وإن جاءت به أسود أعين ذا أليتين فلا أراه إلا قد صدق عليها وكذبت عليه " انتهى، وعلى هذا فتقدير الكلام فهو كاذب في الأولى فهو صادق في الثانية، وعرف منه أن الضمير للزوج كأنه قال إن جاءت به أحمر فزوجها كاذب فيما رماها به، وإن جاءت به أسود فزوجها صادق.
(12/180)

ثانيهما حديث ابن عباس في اللعان أيضا. أورده من طريقين مختصرة ثم مطولة كلاهما من طريق القاسم بن محمد عنه، ووقع لبعضهم بإسقاط القاسم بن محمد من السند وهو غلط، وقد تقدم شرحه مستوفي أيضا في كتاب اللعان وقوله: "من غير بينة" في رواية الكشميهني: "عن" بدل "من" وقوله في الطريق الأخرى "ذكر المتلاعنان" في رواية الكشميهني: "ذكر التلاعن". قوله: "فقال رجل لابن عباس في المجلس" هو عبد الله بن شداد بن الهاد كما صرح به في الرواية التي قبلها. قوله: "تلك امرأة كانت تظهر في الإسلام السوء" في رواية عروة عن ابن عباس بسند صحيح عند ابن ماجة " لو كنت راجما أحدا بغير بينة لرجمت فلانة، فقد ظهر فيها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها " ولم أقف على اسم المرأة المذكورة فكأنهم تعمدوا إبهامها سترا على، قال المهلب: فيه أن الحد لا يجب على أحد بغير بينة أو إقرار ولو كان متهما بالفاحشة، وقال النووي: معنى تظهر السوء أنه اشتهر عنها وشاع ولكن لم تقم البينة عليها بذلك ولا اعترفت، فدل على أن الحد لا يجب بالاستفاضة. وقد أخرج الحاكم من طريق ابن عباس عن عمر أنه قال لرجل أقعد جاريته وقد اتهمها بالفاحشة على النار حتى احترق فرجها " هل رأيت ذلك عليها؟ قال: لا، قال: فاعترفت لك؟ قال: لا. قال: فضربه وقال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقاد مملوك من مالكه لأقدتها منك، " قال الحاكم صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بأن في إسناده عمرو بن عيسى شيخ الليث وفيه منكر الحديث، كذا قال فأوهم أن لغيره كلاما، وليس كذلك فإنه ذكره في الميزان فقال: لا يعرف، لم يزد على ذلك، ولا يلزم من ذلك القدح فيما رواه بل يتوقف فيه.
(12/181)



الموضوع التالي


بَاب: رَمْيِ الْمُحْصَنَاتِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}