بَاب: إِذَا مَاتَ فِي الزِّحَامِ أَوْ قُتِلَ
 
6890- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ هِشَامٌ أَخْبَرَنَا عَنْ أَبِيهِ "عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَاحَ إِبْلِيسُ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ، أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ، أَبِي أَبِي. قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ، قَالَ حُذَيْفَةُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ"
قوله: "باب إذا مات في الزحام أو قتل به" كذا لابن بطال وسقط "به" من رواية الأكثر، أورد البخاري الترجمة مورد الاستفهام ولم يجزم بالحكم كما جزم به في الذي بعده لوجود الاختلاف في هذا الحكم وذكر فيه
(12/217)

حديث عائشة في قصة قتل اليمان والد حذيفة وقد تقدم الكلام عليه قريبا. قال ابن بطال: اختلف علي وعمر هل تجب ديته في بيت المال أو لا؟ وبه قال إسحاق أي بالوجوب، وتوجيهه أنه مسلم مات بفعل قوم من المسلمين فوجبت ديته في بيت مال المسلمين. قلت: ولعل حجته ما ورد في بعض طرق قصة حذيفة، وهو ما أخرجه أبو العباس السراج في تاريخه من طريق عكرمة أن والد حذيفة قتل يوم أحد قتله بعض المسلمين وهو يظن أنه من المشركين فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجاله ثقات مع إرساله، وقد تقدم له شاهد مرسل أيضا في " باب العفو عن الخطأ " وروى مسدد في مسنده من طريق يزيد بن مذكور أن رجلا زحم يوم الجمعة فمات فوداه علي من بيت المال، وفي المسألة مذاهب أخرى منها قول الحسن البصري إن ديته تجب على جميع من حضر وهو أخص من الذي قبله، وتوجهه أنه مات بفعلهم فلا يتعداهم إلى غيرهم. ومنها قول الشافعي ومن تبعه أنه يقال لوليه ادع على من شئت واحلف فإن حلفت استحقيت الدية وإن نكلت حلف المدعى عليه على النفي وسقطت المطالبة، وتوجيهه أن الدم لا يجب إلا بالطلب. ومنها قول مالك دمه هدر، وتوجهه أنه إذا لم يعلم قاتله بعينه استحال أن يؤخذ به أحد، وقد تقدمت الإشارة إلى الراجح من هذه المذاهب في "باب العفو عن الخطأ". قوله: "قال هشام أخبرنا" من تقديم اسم الراوي على الصيغة وهو جائز، وهشام المذكور هو ابن عروة ابن الزبير. قوله: "فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان" تقدم شرح قصته في غزوة أحد، وقوله: "قال عروة " هو موصول بالسند المذكور، وقوله: "فما زالت في حذيفة منه " أي من ذلك الفعل وهو العفو، و "من" سببية وتقدم القول فيه أيضا.
(12/218)