باب احتمال الأذى للأنبياء
 
بَاب : 6929- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي شَقِيقٌ قَالَ "قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ: رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ"
قوله: "باب" كذا للأكثر بغير ترجمة، وحذفه ابن بطال فصار حديث ابن مسعود المذكور فيه من جملة الباب الذي قبله، واعترض بأنه إنما ورد في قوم كفار أهل حرب والنبي صلى الله عليه وسلم مأمور بالصبر على الأذى منهم فلذلك امتثل أمر ربه. قلت: فهذا يقتضي ترجيح صنيع الأكثر من جعله في ترجمة مستقلة، لكن تقدم التنبيه على أن مثل ذلك وقع كالفصل من الباب الذي قبله فلا بد له من تعلق به في الجملة، والذي يظهر أنه أشار بإيراده إلى ترجيح القول بأن ترك قتل اليهود لمصلحة التأليف، لأنه إذا لم يؤاخذ الذي ضربه حتى جرحه بالدعاء عليه ليهلك بل صبر على أذاه وزاد فدعا له فلأن يصبر على الأذى بالقول أولى، ويؤخذ منه ترك القتل بالتعريض بطريق الأولى، وقد تقدم شرح حديث ابن مسعود المذكور في غزوة أحد من كتاب المغازي، وحفص المذكور في السند هو ابن غياث، وشقيق هو ابن سلمة أبو وائل، والسند كله كوفيون. وقوله: "قال عبد الله" يعني ابن مسعود، ووقع في رواية مسلم من طريق وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله". قوله: "يحكى نبيا من الأنبياء" تقدم في ذكر بني إسرائيل من أحاديث الأنبياء هذا الحديث بهذا السند وذكرت فيه - من طريق مرسلة وفي سندها من لم يسم - من سمي النبي المذكور نوحا عليه السلام، ثم وقع لي من رواية الأعمش بسند له مضموما إلى روايته بسند حديث الباب أخرجه ابن عساكر في ترجمة نوح عليه السلام من "تاريخ دمشق" من رواية يعقوب بن عبد الله الأشعري عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير قال: "إن كان نوح ليضربه قومه حتى يغمى عليه ثم يفيق فيقول: اهد قومي فإنهم لا يعلمون " وبه عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله فذكر نحو حديث الباب، وتقدم هناك أيضا قول القرطبي: إن النبي صلى الله عليه وسلم هو الحاكي والمحكي عنه، ووجه الرد عليه، وتقدم في غزوة أحد بيان ما وقع له صلى الله عليه وسلم من الجراحة في وجهه يوم أحد وأنه صلى الله عليه وسلم قال أولا " كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم " فإنه قال أيضا: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون " وأن عند أحمد من رواية عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال نحو ذلك يوم حنين لما ازدحموا عليه عند قسمة الغنائم". قوله: "فهو يمسح الدم عن وجهه" في رواية عبد الله بن نمير عن الأعمش عند مسلم في هذا الحديث: "عن جبينه" وقد تقدم في غزوة أحد بيان أنه شج صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وشرح ما وقع في ذلك مبسوطا ولله الحمد.
(12/282)

باب قتل الخوارج و الملحدين بعد إقامة الحجة عليهم
...