بَاب: مَا يُنْهَى مِنْ الْخِدَاعِ فِي الْبُيُوعِ
 
وَقَالَ أَيُّوبُ: يُخَادِعُونَ اللَّهَ كَأَنَّمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا، لَوْ أَتَوْا الأَمْرَ عِيَانًا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ
6964- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَقَالَ: إِذَا بَايَعْتَ فَقُلْ: لاَ خِلاَبَةَ"
قوله: "باب ما ينهى من الخداع" في رواية الكشميهني: "عن الخداع " ويقال له الخداع بالفتح والكسر ورجل خادع وفي المبالغة خدوع وخداع. قوله: "وقال أيوب" هو السختياني "يخادعون الله كأنما يخادعون آدميا لو أتوا الأمر عيابا كان أهون علي" وصله وكيع في مصنفه عن سفيان بن عيينة عن أيوب وهو السختياني قال الكرماني: قول "عيابا" أي لو أعلنوا بأخذ الزائد على الثمن معاينة بلا تدليس لكان أسهل لأنه ما يجعل آلة للخداع انتهى. ومن ثم كان سالك المكر والخديعة حتى يفعل المعصية أبغض عند الناس ممن يتظاهر بها وفي قلوبهم أوضع وهم عنه أشد نفرة، وحديث ابن عمر "إذا بايعت فقل لا خلابة" بكسر المعجمة وتخفيف اللام ثم موحدة، تقدم شرحه مستوفي في كتاب البيوع. قال الملهب: معنى قوله لا خلابة لا تخلبوني أي لا تخدعوني فإن ذلك لا يحل. قلت: والذي يظهر أنه وارد مورد الشرط أي إن ظهر في العقد خداع فهو غير صحيح، كأنه قال بشرط أن لا يكون فيه خديعة أو قال لا تلزمني خديعتك: قال الملهب: ولا يدخل في الخداع المحرم الثناء على السلعة والإطناب في مدحها فإنه متجاوز عنه ولا ينتقض به البيع. وقال ابن القيم في الإعلام: أحدث بعض المتأخرين حيلا لم يصح القول بها عن أحد من الأئمة، ومن عرف سيرة الشافعي وفضله علم أنه لم يكن يأمر بفعل الخيل التي تبنى عليا لخداع وإن كان يجري العقود على ظاهرها، ولا ينظر إلى قصد العاقد إذا خالف لفظه، فحاشاه أن يبيح للناس المكر والخديعة، فإن الفرق بين إجراء العقد على ظاهره فلا يعتبر القصد في العقد وبين تجويز عقد قد علم بناؤه على المكر مع العلم بأن باطنه بخلاف ظاهره، ومن نسب حل الثاني إلى الشافعي فهو خصمه عند الله فإن الذي جوزه بمنزلة الحاكم يجري
(12/336)