باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا
 
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ
7052 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ
7053 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْجَعْدِ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً
[الحديث 7053 – طرفاه في: 7054, 7143]
7054 - حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن الجعد أبي عثمان حدثني أبو رجاء العطاردي قال "سمعت بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبرا فمات إلا مات ميتة جاهلية"
7055 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهُوَ مَرِيضٌ قُلْنَا أَصْلَحَكَ اللَّهُ حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "دَعَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ"
7056 – "فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةً عَلَيْنَا وَأَنْ لاَ نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ"
[الحديث 7056 – طرفاه في: 7200]
7057 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَعْمَلْتَ فُلاَنًا وَلَمْ تَسْتَعْمِلْنِي قَالَ إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي"
قوله: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم سترون بعدي أمورا تنكرونها" هذا اللفظ بعض المتن المذكور في ثاني أحاديث الباب وهي ستة أحاديث" الأول قوله: "وقال عبد الله بن زيد إلخ" هو طرف من حديث وصله المصنف في غزوة
(13/5)

حنين من كتاب المغازي وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال للأنصار " إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض " وتقدم شرحه هناك. قوله: "حدثنا زيد بن وهب" للأعمش فيه شيخ آخر أخرجه الطبراني في الأوسط من رواية يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن أبي حازم عن أبي هريرة مثل رواية زيد بن وهب. قوله: "عبد الله" هو ابن مسعود وصرح به في رواية الثوري عن الأعمش في علامات النبوة. قوله: "إنكم سترون بعدي أثرة" في رواية الثوري " أثرة " وتقدم ضبط الأثرة وشرحها في شرح الحديث الذي قبله، وحاصلها الاختصاص بحظ دنيوي. قوله: "وأمورا تنكرونها" يعني من أمور الدين، وسقطت الواو من بعض الروايات فهذا بدل من أثرة، وفي حديث أبي هريرة الماضي في ذكر بني إسرائيل عن منصور هنا زيادة في أوله قال: "كان بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما مات نبي قام بعده نبي، وإنه لا نبي بعدي، وستكون خلفاء فيكثرون " الحديث وفيه معنى ما في حديث ابن مسعود. قوله: "قالوا فما تأمرنا" أي أن نفعل إذا وقع ذلك. قوله: "أدوا إليهم" أي إلى الأمراء "حقهم" أي الذي وجب لهم المطالبة به وقبضه سواء كان يختص بهم أو يعم. ووقع في رواية الثوري " تؤدون الحق الذي عليكم " أي بذل المال الواجب في الزكاة والنفس في الخروج إلى الجهاد عند التعيين ونحو ذلك. قوله: "وسلوا الله حقكم" في رواية الثوري " وتسألون الله الذي لكم " أي بأن يلهمهم إنصافكم أو يبدلكم خيرا منهم، وهذا ظاهره العموم في المخاطبين، ونقل ابن التين عن الداودي أنه خاص بالأنصار وكأنه أخذه من حديث عبد الله بن زيد الذي قبله، ولا يلزم من مخاطبة الأنصار بذلك أن يختص بهم فإنه يختص بهم بالنسبة إلى المهاجرين ويختص ببعض المهاجرين دون بعض، فالمستأثر من يلي الأمر ومن عداه هو الذي يستأثر عليه، ولما كان الأمر يختص بقريش ولا حظ للأنصار فيه خوطب الأنصار بأنكم ستلقون أثرة، وخوطب الجميع بالنسبة لمن يلي الأمر، فقد ورد ما يدل على التعميم، ففي حديث يزيد بن سلمة الجعفي عند الطبراني أنه قال: "يا رسول الله إن كان علينا أمراء يأخذون بالحق الذي علينا ويمنعونا الحق الذي لنا أنقاتلهم؟ قال: لا، عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم " وأخرج مسلم من حديث أم سلمة مرفوعا: "سيكون أمراء فيعرفون وينكرون، فمن كره برئ ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا " ومن حديث عوف بن مالك رفعه في حديث في هذا المعنى " قلنا يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك؟ قال: لا، ما أقاموا الصلاة " وفي رواية له " بالسيف " وزاد: "وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة " وفي حديث عمر في مسنده للإسماعيلي من طريق أبي مسلم الخولاني عن أبي عبيدة بن الجراح عن عمر رفعه قال: "أتاني جبريل فقال: إن أمتك مفتتنة من بعدك، فقلت: من أين؟ قال: من قبل أمرائهم وقرائهم، بمنع الأمراء الناس الحقوق فيطلبون حقوقهم فيفتنون، ويتبع القراء هؤلاء الأمراء فيفتنون. قلت: فكيف يسلم من سلم منهم؟ قال بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه وإن منعوه تركوه" . حديث ابن عباس من وجهين في الثاني التصريح بالتحديث والسماع في موضعي العنعنة في الأول. قوله: "عبد الوارث" هو ابن سعيد، والجعد هو أبو عثمان المذكور في السند الثاني، وأبو رجاء هو العطاردي واسمه عمران. قوله: "من كره من أميره شيئا فليصبر" زاد في الرواية الثانية " عليه". قوله: "فإنه من خرج من السلطان" أي من طاعة السلطان، ووقع عند مسلم: "فإنه ليس أحد من الناس يخرج من السلطان " وفي الرواية الثانية " من فارق الجماعة " وقوله: "شبرا " بكسر المعجمة
(13/6)

وسكون الموحدة وهي كناية عن معصية السلطان ومحاربته، قال ابن أبي جمرة: المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكني عنها بمقدار الشبر، لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق. قوله: "مات ميتة جاهلية" في الرواية الأخرى " فمات إلا مات ميتة جاهلية " وفي رواية لمسلم: "فميتته ميتة " جاهلية " وعنده في حديث ابن عمر رفعه: "من خلع يدا من طاعة لقي الله ولا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية " قال الكرماني: الاستثناء هنا بمعنى الاستفهام الإنكاري أي ما فارق الجماعة أحد إلا جرى له كذا، أو حذفت " ما " فهي مقدرة، أو " إلا " زائدة أو عاطفة على رأي الكوفيين، والمراد بالميتة الجاهلية وهي بكسر الميم حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرا بل يموت عاصيا، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهليا، أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد، ويؤيد أن المراد بالجاهلية التشبيه قوله في الحديث الآخر " من فارق الجماعة شبرا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه " أخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان ومصححا من حديث الحارث بن الحارث الأشعري في أثناء حديث طويل، وأخرجه البزار والطبراني في " الأوسط " من حديث ابن عباس وفي سنده خليد بن دعلج وفيه مقال. وقال: "من رأسه " بدل " عنقه " قال ابن بطال: في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث الذي بعده. قوله: "حدثنا إسماعيل" هو ابن أبي أويس. قوله: "عن عمرو" هو ابن الحارث وعند مسلم: "حدثنا عمرو بن الحارث". قوله: "عن بكير" هو ابن عبد الله بن الأشج، وعند مسلم: "حدثني بكير". قوله: "عن بسر" بضم الموحدة وسكون المهملة، ووقع في بعض النسخ بكسر أوله وسكون المعجمة وهو تصحيف، وجنادة بضم الجيم وتخفيف النون، ووقع عند الإسماعيلي من طريق عثمان بن صالح " حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو أن بكيرا حدثه أن بسر بن سعيد حدثه أن جنادة حدثه". قوله: "دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا: أصلحك الله حدث بحديث" في رواية مسلم: "حدثنا " وقولهم " أصلحك الله " يحتمل أنه أراد الدعاء له بالصلاح في جسمه ليعافى من مرضه أو أعم من ذلك، وهي كلمة اعتادوها عند افتتاح الطلب. قوله: "دعانا النبي صلى الله عليه وسلم فبايعناه" ليلة العقبة كما تقدم إيضاحه في أوائل كتاب الإيمان أول الصحيح. قوله: "فقال فيما أخذ علينا" أي اشترط علينا. قوله: "أن بايعنا" بفتح العين "على السمع والطاعة" أي له "في منشطنا" بفتح الميم والمعجمة وسكون النون بينهما "ومكرهنا" أي في حالة نشاطنا وفي الحالة التي نكون فيها عاجزين عن العمل بما نؤمر به. ونقل ابن التين عن الداودي أن المراد الأشياء التي يكرهونها، قال ابن التين: والظاهر أنه أراد في وقت الكسل والمشقة في الخروج ليطابق قوله منشطنا. قلت: ويؤيده ما وقع في رواية إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن عبادة عند أحمد " في النشاط والكسل". قوله: "وعسرنا ويسرنا" في رواية إسماعيل بن عبيد " وعلى النفقة في العسر واليسر " وزاد: "وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". قوله: "وأثرة علينا" بفتح الهمزة والمثلثة وقد تقدم
(13/7)

موضع ضبطها في أول الباب، والمراد أن طواعيتهم لمن يتولى عليهم لا تتوقف على إيصالهم حقوقهم بل عليهم الطاعة ولو منعهم حقهم. قوله: "وأن لا ننازع الأمر أهله" أي الملك والإمارة، زاد أحمد من طريق عمير بن هانئ عن جنادة " وإن رأيت أن لك - أي وإن اعتقدت أن لك - في الأمر حقا فلا تعمل بذلك الظن بل اسمع وأطع إلى أن يصل إليك بغير خروج عن الطاعة، زاد في رواية حبان أبي النضر عن جنادة عند ابن حبان وأحمد " وإن أكلوا مالك وضربوا ظهرك " وزاد في رواية الوليد بن عبادة عن أبيه " وأن نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " وسيأتي في كتاب الأحكام. قوله: "إلا أن تروا كفرا بواحا" بموحدة ومهملة " قال الخطابي: معنى قوله بواحا يريد ظاهرا باديا من قولهم باح بالشيء يبوح به بوحا وبواحا إذا أذاعه وأظهره " وأنكر ثابت في الدلائل بواحا وقال: إنما يجوز بوحا بسكون الواو وبؤاحا بضم أوله ثم همزة ممدودة. وقال الخطابي: من رواه بالراء فهو قريب من هذا المعنى، وأصل البراح الأرض القفراء التي لا أنيس فيها ولا بناء، وقيل البراح البيان يقال برح الخفاء إذا ظهر. وقال النووي: هو في معظم النسخ من مسلم بالواو وفي بعضها بالراء. قلت: ووقع عند الطبراني من رواية أحمد بن صالح عن ابن وهب في هذا الحديث كفرا صراحا، بصاد مهملة مضمومة ثم راء، ووقع في رواية حبان أبي النضر المذكورة " إلا أن يكون معصية لله بواحا " وعند أحمد من طريق عمير بن هانئ عن جنادة " ما لم يأمروك بإثم بواحا " وفي رواية إسماعيل بن عبيد عند أحمد والطبراني والحاكم من روايته عن أبيه عن عبادة " سيلي أموركم من بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله " وعند أبي بكر بن أبي شيبة من طريق أزهر بن عبد الله عن عبادة رفعه: "سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا تعرفون ويفعلون ما تنكرون فليس لأولئك عليكم طاعة". قوله: "عندكم من الله فيه برهان" أي نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل، ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل، قال النووي: المراد بالكفر هنا المعصية، ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام؛ فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم انتهى. وقال غيره: المراد بالإثم هنا المعصية والكفر، فلا يعترض على السلطان إلا إذا وقع في الكفر الظاهر، والذي يظهر حمل رواية الكفر على ما إذا كانت المنازعة في الولاية فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر، وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية، فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف، ومحل ذلك إذا كان قادرا والله أعلم. ونقل ابن التين عن الداودي قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب، وإلا فالواجب الصبر. وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء، فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فاختلفوا في جواز الخروج عليه، والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه. حديث أنس عن أسيد بن حضير ذكره مختصرا، وقد تقدم بتمامه مشروحا في مناقب الأنصار، والسر في جوابه عن طلب الولاية بقوله: "سترون بعدي أثرة " إرادة نفي ظنه أنه آثر الذي ولاه عليه؛ فبين له أن ذلك لا يقع في زمانه، وأنه لم يخصه بذلك لذاته بل لعموم مصلحة المسلمين، وأن الاستئثار للحظ الدنيوي إنما يقع بعده، وأمرهم عند وقوع ذلك بالصبر.
(13/8)