باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ
 
7059 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ "عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَنَّهَا قَالَتْ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّوْمِ مُحْمَرًّا وَجْهُهُ يَقُولُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وَعَقَدَ سُفْيَانُ تِسْعِينَ أَوْ مِائَةً قِيلَ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ قَالَ نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ"
7060 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ "عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ هَلْ تَرَوْنَ مَا أَرَى قَالُوا لاَ قَالَ فَإِنِّي لاَرَى الْفِتَنَ تَقَعُ خِلاَلَ بُيُوتِكُمْ كَوَقْعِ الْقَطْر"ِ
قوله: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم ويل للعرب من شر قد اقترب" إنما خص العرب بالذكر لأنهم أو من دخل في الإسلام، وللإنذار بأن الفتن إذا وقعت كان الهلاك أسرع إليهم. حديث زينب بنت جحش وهو مطابق للترجمة، ومالك بن إسماعيل شيخه فيه وهو أبو غسان النهدي، وكأنه اختار تخريج هذا الحديث عنه لتصريحه في روايته بسماع سفيان بن عيينة له من الزهري. قوله: "عن عروة" هو ابن الزبير. قوله: "عن زينب بنت أم سلمة" في رواية شعيب عن الزهري " حدثني عروة أن زينب بنت أبي سلمة حدثته". قوله: "عن أم حبيبة" في رواية شعيب " أن أم حبيبة بنت أبي سفيان حدثتها " هكذا قال بعض أصحاب سفيان بن عيينة منهم مالك بن إسماعيل هذا ومنهم عمرو بن محمد الناقد عند مسلم ومنهم سعيد بن منصور في السنن له ومنهم قتيبة وهارون بن عبد الله عند الإسماعيلي والقعنبي عند أبي نعيم، وكذا قال مسدد في مسنده، قلت وهكذا تقدم في أحاديث الأنبياء من رواية عقيل وفي علامات النبوة من رواية شعيب ويأتي في أواخر كتاب الفتن من رواية
(13/11)

محمد بن أبي عتيق كلهم عن الزهري ليس في السند حبيبة زاد جماعة من أصحاب ابن عيينة عنه ذكر حبيبة فقالوا عن زينب بنت أم سلمة عن حبيبة بنت أم حبيبة عن أمها أم حبيبة، هكذا أخرجه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وسعيد بن عمرو الأشعثي وزهير بن حرب ومحمد بن يحيى بن أبي عمر أربعتهم عن سفيان عن الزهري، قال مسلم: زادوا فيه حبيبة، وهكذا أخرجه الترمذي عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي وغير واحد كلهم عن سفيان، قال الترمذي: جود سفيان هذا الحديث هكذا رواه الحميدي وعلي ابن المديني وغير واحد من الحفاظ عن سفيان بن عيينة، قال الحميدي قال سفيان: حفظت عن الزهري في هذا الحديث أربع نسوة زينب بنت أم سلمة عن حبيبة وهما ربيبتا النبي صلى الله عليه وسلم عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش وهما زوجا النبي صلى الله عليه وسلم وأخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق الحميدي فقال في روايته عن حبيبة بنت أم حبيبة عن أمها أم حبيبة. وقال في آخره: قال الحميدي: قال سفيان " أحفظ في هذا الحديث عن الزهري أربع نسوة قد رأين النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين من أزواجه أم حبيبة وزينب بنت جحش وثنتين ربيبتاه زينب بنت أم سلمة وحبيبة بنت أم حبيبة أبوها عبيد الله بن جحش مات بأرض الحبشة". انتهى كلامه. وأخرجه أبو نعيم أيضا من رواية إبراهيم بن بشار الرمادي ونصر بن علي الجهضمي، وأخرجه النسائي عن عبيد الله بن سعيد وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة والإسماعيلي من رواية الأسود بن عامر كلهم عن ابن عيينة بزيادة حبيبة في السند، وساق الإسماعيلي عن هارون بن عبد الله قال قال لي الأسود بن عامر: كيف يحفظ هذا عن ابن عيينة؟ فذكره له بنقص حبيبة فقال: "لكنه حدثنا عن الزهري عن عروة عن أربع نسوة كلهن قد أدركن النبي صلى الله عليه وسلم بعضهن عن بعض " قال الدار قطني أظن سفيان كان تارة يذكرها وتارة يسقطها. قلت ورواه شريح بن يونس عن سفيان فأسقط حبيبة وزينب بنت جحش أخرجه ابن حبان، ومثله لأبي عوانة عن الليث عن الزهري ومن رواية سليمان بن كثير عن الزهري وصرح فيه بالأخبار، وسأذكر شرح المتن في آخر كتاب الفتن إن شاء الله تعالى، وحبيبة بنت عبيد الله بالتصغير ابن جحش هذه ذكرها موسى ابن عقبة فيمن هاجر إلى الحبشة فتنصر عبيد الله بن جحش ومات هناك وثبتت أم حبيبة على الإسلام فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وجهزها إليه النجاشي، وحكى ابن سعد أن حبيبة إنما ولدت بأرض الحبشة فعلى هذا تكون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صغيرة فهي نظير التي روت عنها في أن كلا منهما ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم وفي أن كلا منهما من صغار الصحابة، وزينب بنت جحش هي عمة حبيبة المذكورة فروت حبيبة عن أمها عن عمتها وكانت وفاة زينب قبل وفاة أم حبيبة، وزعم بعض الشراح أن رواية مسلم بذكر حبيبة تؤذن بانقطاع طريق البخاري، قلت وهو كلام من لم يطلع على طريق شعيب التي نبهت عليها، وقد جمع الحافظ عبد الغني ابن سعيد الأزدي جزءا في الأحاديث المسلسلة بأربعة من الصحابة وجملة ما فيه أربعة أحاديث، وجمع ذلك بعده الحافظ عبد القادر الرهاوي ثم الحافظ يوسف بن خليل فزاد عليه قدرها وزاد واحدا خماسيا فصارت تسعة أحاديث وأصحها حديث الباب، ثم حديث عمر في العمالة وسيأتي في كتاب الأحكام. حديث أسامة بن زيد، قوله: "عن الزهري" في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان ابن عيينة " حدثنا الزهري " وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم من طريقه. قوله: "عن عروة عن أسامة بن زيد" في رواية الحميدي وابن أبي عمر في مسنده عن ابن عيينة عن الزهري " أخبرني عروة أنه سمع أسامة بن زيد " وقوله: "حدثنا محمود " هو ابن غيلان. قوله: "أشرف النبي صلى الله عليه وسلم" عند الإسماعيلي في رواية معمر " أوفى " وهو بمعنى أشرف أي اطلع من علو.
قوله: "على
(13/12)

أطم" بضمتين هو الحصن وقد تقدم بيانه في آخر الحج. قوله: "من آطام المدينة" تقدم في علامات النبوة عن أبي نعيم بهذا السند بلفظ: "على أطم من الآطام " فاقتضى ذلك أن اللفظ الذي ساقه هنا لفظ معمر. قوله: "هل ترون ما أرى؟ قالوا: لا" وهذه الزيادة أيضا لمعمر، ولم أرها في شيء من الطرق عن ابن عيينة. قوله: "فإني لأرى الفتن تقع خلال بيوتكم" في رواية أبي بكر بن أبي شيبة عن سفيان " إني لأرى مواقع الفتن " والمراد بالمواقع مواضع السقوط، والخلال النواحي، قال الطيبي: تقع مفعول ثان ويحتمل أن يكون حالا وهو أقرب، والرؤية بمعنى النظر أي كشف لي فأبصرت ذلك عيانا. قوله: "كوقع القطر" في رواية المستملي والكشميهني: "المطر " وفي رواية علامات النبوة " كمواقع القطر " وقد تقدم الكلام على هذه الرواية في آخر الحج، وإنما اختصت المدينة بذلك لأن قتل عثمان رضي الله عنه كان بها، ثم انتشرت الفتن في البلاد بعد ذلك، فالقتال بالجمل وبصفين كان بسبب قتل عثمان، والقتال بالنهروان كان بسبب التحكيم بصفين وكل قتال وقع في ذلك العصر إنما تولد عن شيء من ذلك أو عن شيء تولد عنه. ثم أن قتل عثمان كان أشد أسبابه الطعن على أمرائه ثم عليه بتوليته لهم، وأول ما نشأ ذلك من العراق وهي من جهة المشرق فلا منافاة بين حديث الباب وبين الحديث الآتي أن الفتنة من قبل المشرق، وحسن التشبيه بالمطر لإرادة التعميم لأنه إذا وقع في أرض معينة عمها ولو في بعض جهاتها، قال ابن بطال: أنذر النبي صلى الله عليه وسلم في حديث زينب بقرب قيام الساعة كي يتوبوا قبل أن تهجم عليهم، وقد ثبت أن خروج يأجوج ومأجوج قرب قيام الساعة فإذا فتح من ردمهم ذاك القدر في زمنه صلى الله عليه وسلم لم يزل الفتح يتسع على مر الأوقات، وقد جاء في حديث أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب، موتوا إن استطعتم " قال: وهذا غاية في التحذير من الفتن والخوض فيها حيث جعل الموت خيرا من مباشرتها، وأخبر في حديث أسامة بوقوع الفتن خلال البيوت ليتأهبوا لها فلا يخوضوا فيها ويسألوا الله الصبر والنجاة من شرها.
(13/13)