باب مَنْ كَرِهَ أَنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الْفِتَنِ وَالظُّلْمِ
 
7085 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ وَغَيْرُهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَ قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ فَأَخْبَرْتُهُ فَنَهَانِي أَشَدَّ النَّهْيِ ثُمَّ قَالَ "أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتِي السَّهْمُ فَيُرْمَى فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ أَوْ يَضْرِبُهُ فَيَقْتُلُهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}
قوله: "باب من كره أن يكثر" بالتشديد "سواد الفتن والظلم" أي أهلهما، والمراد بالسواد وهو بفتح المهملة وتخفيف الواو الأشخاص، وقد جاء عن ابن مسعود مرفوعا: "من كثر سواد قوم فهو منهم، ومن رضي عمل قوم
(13/37)

كان شريك من عمل به " أخرجه أبو يعلى، وفيه قصة لابن مسعود، وله شاهد عن أبي ذر في الزهد لابن المبارك غير مرفوع. قوله: "حدثنا حيوة" بفتح المهملة والواو بينهما ياء آخر الحروف ساكنة. قوله: "وغيره" كأنه يريد ابن لهيعة، فإنه رواه عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن أيضا، وقد رواه عنه أيضا الليث، لكن أخرج البخاري هذا الحديث في تفسير سوره النساء عن عبد الله بن يزيد شيخه فيه هنا بسنده هذا وقال بعده " رواه الليث عن أبي الأسود " وقد رويناه موصولا في " معجم الطبراني الأوسط " من طريق أبي صالح عبد الله بن صالح كاتب الليث " حدثني الليث عن أبي الأسود عن عكرمة " فذكر الحديث دون القصة، قال الطبراني: لم يروه عن أبي الأسود إلا الليث وابن لهيعة. قلت: ووهم في هذا الحصر لوجود رواية حيوة المذكورة، وقد أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن المقبري عن حيوة وحده به، وقد ذكرت من وصل رواية ابن لهيعة في تفسير سورة النساء مع شرح الحديث. وقوله: "فيأتي السهم فيرمى به" قيل هو من القلب والتقدير فيرمى بالسهم فيأتي. قلت: ويحتمل أن تكون الفاء الثانية زائدة، وثبت كذلك لأبي ذر في سورة النساء " فيأتي السهم يرمي به". و قوله: "أو يضربه" معطوف على " فيأتي " لا على " فيصيب " أي يقتل إما بالسهم. وإما بالسيف، وفيه تخطئة من يقيم بين أهل المعصية باختياره لا لقصد صحيح من إنكار عليهم مثلا أو رجاء إنقاذ مسلم من هلكة، وأن القادر على التحول عنهم لا يعذر كما وقع للذين كانوا أسلموا ومنعهم المشركون من أهلهم من الهجرة ثم كانوا يخرجون مع المشركين لا لقصد قتال المسلمين بل لإيهام كثرتهم في عيون المسلمين فحصلت لهم المؤاخذة بذلك، فرأى عكرمة أن من خرج في جيش يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك؛ ويتأيد ذلك في عكسه بحديث: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم " كما مضى ذكره في كتاب الرقاق.
(13/38)