باب مَا كَانَ يَبْعَثُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِحْيَةَ الْكَلْبِيَّ بِكِتَابِهِ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى قَيْصَرَ
 
7264 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ يَدْفَعُهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ
7265 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الأَكْوَعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ أَوْ فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ
قوله: "باب ما كان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الأمراء والرسل واحدا بعد واحد" تقدم بيانه في أول هذه الأبواب مجملا وقد سبق إلى ذلك أيضا الشافعي فقال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سراياه وعلى كل سرية واحد، وبعث رسله إلى الملوك إلى كل ملك واحد، ولم تزل كتبه تنفذ إلى ولاته بالأمر والنهي فلم يكن أحد من ولاته يترك إنفاذ أمره، وكذا كان الخلفاء بعده " انتهى فإما أمراء السرايا فقد استوعبهم محمد بن سعد في " الترجمة النبوية " وعقد لهم بابا سماهم فيه على الترتيب. وأما " أمراء البلاد " التي فتحت فإنه صلى الله عليه وسلم أمر على مكة عتاب بن أسيد، وعلى الطائف عثمان بن أبي العاص، وعلى البحرين العلاء بن الحضرمي، وعلى عمان عمرو بن العاص، وعلى نجران أبا سفيان بن حرب وأمر على صنعاء وسائر جبال اليمن بأذان ثم ابنه شهر وفيروز والمهاجر بن أبي أمية وأبان بن سعيد بن العاص وأمر على السواحل أبا موسى، وعلى الجند وما معها معاذ بن جبل وكان كل منهما يقضي في عمله ويسير فيه، وكانا ربما التقيا كما تقدم، وأمر أيضا عمرو بن سعيد بن العاص على وادي القرى، ويزيد بن أبي سفيان على تيماء، وثمامة بن أثال على اليمامة. فأما " أمراء السرايا والبعوث " فكانت إمرتهم تنتهي بانتهاء تلك الغزوة. وأما " أمراء القرى " فإنهم استمروا فيها " ومن أمرائه أبو بكر على الحج سنة تسع، وعلى لقسمة الغنيمة وأفراد الخمس باليمن وقراءة سورة
(13/241)

براءة على المشركين في حجة أبي بكر، وأبو عبيدة لقبض الجزية من البحرين، وعبد الله بن رواحة لخرص خيبر إلى أن استشهد في غزوة مؤتة، ومنهم عماله لقبض الزكوات، كما تقدم قريبا في قصة ابن اللتيبة. وأما " رسوله إلى الملوك " فسمى منهم دحية وعبد الله ابن حذافة وهما في هذه الترجمة. وأخرج مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رسله إلى الملوك يعني الذين كانوا في عصره. قلت: قد استوعبهم محمد بن سعد أيضا وأفردهم بعض المتأخرين في جزء تتبعهم من " أسد الغابة " لابن الأثير ثم ذكر فيه ثلاثة أحاديث، الأول: قوله: "وقال ابن عباس بعث النبي صلى الله عليه وسلم دحية الكلبي بكتابه إلى عظيم بصرى أن يدفعه إلى قيصر" هو طرف من الحديث الطويل المذكور " في بدء الوحي " وتقدم شرحه هناك وتسميته " عظيم بصرى " وكيفية إرساله الكتاب المذكور إلى هرقل وهذا التعليق ثبت في رواية الكشميهني وحده هنا. قوله: "يونس" هو ابن يزيد الأيلي. قوله: "بعث بكتابه إلى كسرى فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين" كذا هنا والضمير في قوله: "فأمره " للمبعوث الذي دل عليه قوله: "بعث " وقد تقدم في أواخر المغازي، وإن الرسول عبد الله بن حذافة السهمي الذي تقدمت قصته قريبا في السرية، وقوله: "فحسبت أن ابن المسيب " القائل هو ابن شهاب كما تقدم بيانه هناك. قوله: "أن يمزقوا كل ممزق" فيه تلميح بما أخبر الله تعالى أنه فعل بأهل سبأ وأجاب الله تعالى هذه الدعوة، فسلط شيرويه على والده كسرى أبرويز الذي مزق الكتاب فقتله. وملك بعده فلم يبق إلا يسيرا حتى مات والقصة مشهورة. تنبيه: وقع للزركشي هنا خبط، فإنه قال عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى كذا وقع في الأمهات ولم يذكر فيه: "دحية " بعد قوله: "بعث " والصواب إثباته وقد ذكره في رواية الكشميهني تعليقا فقال: قال ابن عباس " بعث النبي صلى الله عليه وسلم دحية بكتابه إلى عظيم بصرى وأن يدفعه إلى قيصر " وهو الصواب انتهى، وكأنه توهم أن القصتين واحدة وحمله على ذلك كونهما من رواية ابن عباس؛ والحق أن المبعوث لعظيم بصرى هو دحية، والمبعوث لعظيم البحرين وإن لم يسم في هذه الرواية فقد سمي في غيرها وهو عبد الله بن حذافة، ولو لم يكن في الدليل على المغايرة بينهما إلا بعدما بين بصرى والبحرين فإن بينهما نحو شهر، وبصرى كانت في مملكة هرقل ملك الروم، والبحرين كانت في مملكة كسرى ملك الفرس، وإنما نبهت على ذلك مع وضوحه خشية أن يغتر به من ليس له اطلاع على ذلك. حديث سلمة بن الأكوع في صيام يوم عاشوراء، وقد تقدم شرحه في " كتاب الصيام " و " يحيى " المذكور في السند هو ابن سعيد القطان، " والرجل من أسلم " هو هند بن أسماء بن حارثة كما تقدم، والله أعلم.
(13/242)