باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}
 
7406 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ فَقَالَ {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هَذَا أَيْسَرُ
قوله: "باب قول الله عز وجل:كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" ذكر في حديث جابر في نزول قوله تعالى :{قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً} الآية، وقد تقدم شرحه في تفسير سورة الأنعام، وقوله في آخره: "هذا أيسر " في رواية ابن السكن " هذه " وسقط لفظ الإشارة من رواية الأصيلي والمراد منه قوله فيه: "أعوذ بوجهك " قال ابن بطال: في هذه الآية والحديث دلالة على أن لله وجها وهو من صفة ذاته، وليس بجارحة ولا كالوجوه التي
(13/388)

نشاهدها من المخلوقين، كما نقول إنه عالم ولا نقول إنه كالعلماء الذين نشاهدهم. وقال غيره دلت الآية على أن المراد بالترجمة الذات المقدسة، ولو كانت صفة من صفات الفعل لشملها الهلاك كما شمل غيرها من الصفات وهو محال. وقال الراغب أصل الوجه: الجارحة المعروفة، ولما كان الوجه أول ما يستقبل وهو أشرف ما في ظاهر البدن، استعمل في مستقبل كل شيء وفي مبدئه وفي إشراقه، فقيل وجه النهار، وقيل وجه كذا أي ظاهره، وربما أطلق الوجه على الذات كقولهم كرم الله وجهه، وكذا قوله تعالى :{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ} وقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} وقيل إن لفظ الوجه صلة، والمعنى كل شيء هالك إلا هو وكذا {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وقيل المراد بالوجه القصد، أي يبقى ما أريد به وجهه. قلت: وهذا الأخير نقل عن سفيان وغيره وقد تقدم ما ورد فيه في أول تفسير سورة القصص وقال الكرماني قيل المراد بالوجه في الآية والحديث الذات أو الوجود أو لفظه زائد أو الوجه الذي لا كالوجوه، لاستحالة حمله على العضو المعروف، فتعين التأويل أو التفويض. وقال البيهقي: تكرر ذكر الوجه في القرآن والسنة الصحيحة، وهو في بعضها صفة ذات كقوله: إلا رداء الكبرياء على وجهه وهو ما في صحيح البخاري عن أبي موسى، وفي بعضها بمعنى من أجل كقوله: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ} وفي بعضها بمعنى الرضا كقوله: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} ، {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} وليس المراد الجارحة جزما والله أعلم.
(13/389)