باب قَوْلِ اللَّهِ {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ}
 
7408 - حدثنا إسحاق حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا موسى هو بن عقبة حدثني محمد بن
(13/390)

يحيى بن حبان عن بن محيريز عن أبي سعيد الخدري "في غزوة بني المصطلق أنهم أصابوا سبايا فأرادوا أن يستمتعوا بهن ولا يحملن فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال ما عليكم أن لا تفعلوا فإن الله قد كتب من هو خالق إلى يوم القيامة وقال مجاهد عن قزعة سمعت أبا سعيد فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم ليست نفس مخلوقة إلا الله خالقها"
قوله: "باب قول الله تعالى هو الخالق البارئ المصور" كذا للأكثر والتلاوة {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ} إلخ، وثبت كذلك في بعض النسخ من رواية كريمة قال الطيبي: قيل إن الألفاظ الثلاثة مترادفة، وهو وهم فإن " الخالق " من الخلق، وأصله التقدير المستقيم ويطلق على الإبداع وهو إيجاد الشيء على غير مثال كقوله تعالى:{خلق السموات والأرض" وعلى التكوين كقوله تعالى :{خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} و" البارئ " من البرء، وأصله خلوص الشيء عن غيره إما على سبيل التقصي منه، وعليه قولهم برأ فلان من مرضه، والمديون من دينه، ومنه استبرأت الجارية، وإما على سبيل الإنشاء، ومنه برأ الله النسمة، وقيل البارئ الخالق البرئ من التفاوت والتنافر المخلين بالنظام، و " المصور " مبدع صور المخترعات ومرتبها بحسب مقتضى الحكمة، فالله خالق كل شيء بمعنى أنه موجده من أصل ومن غير أصل، وبارئه بحسب ما اقتضته الحكمة من غير تفاوت ولا اختلال، ومصوره في صورة يترتب عليها خواصه ويتم بها كماله، والثلاثة من صفات الفعل إلا إذا أريد بالخالق المقدر فيكون من صفات الذات، لأن مرجع التقدير إلى الإرادة، وعلى هذا فالتقدير يقع أولا، ثم الإحداث على الوجه المقدر يقع ثانيا، ثم التصوير بالتسوية يقع ثالثا انتهى. وقال الحليمي " الخالق " معناه الذي جعل المبدعات أصنافا وجعل لكل صنف منها قدرا، و " البارئ " معناه الموجد لما كان في معلومه، وإليه الإشارة بقوله: {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} قال ويحتمل أن المراد به قالب الأعيان لأنه أبدع الماء والتراب والنار والهواء لا من شيء ثم خلق منها الأجسام المختلفة، و " المصور " معناه المهيئ للأشياء على ما أراده من تشابه وتخالف. وقال الراغب ليس الخلق بمعنى الإبداع إلا لله وإلى ذلك أشار بقوله تعالى: َ{فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا} وأما الذي يوجد بالاستحالة فقد وقع لغيره بتقديره سبحانه وتعالى، مثل قوله لعيسى {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي} والخلق في حق غير الله يقع بمعنى التقدير وبمعنى الكذب، و " البارئ " أخص بوصف الله تعالى والبرية الخلق، قيل أصله الهمز فهو من برأ وقيل أصله البري من بريت العود، وقيل البرية من البري بالقصر وهو التراب فيحتمل أن يكون معناه موجد الخلق من البري وهو التراب، و " المصور " معناه المهيئ قال تعالى :{يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} والصورة في الأصل ما يتميز به الشيء عن غيره، ومنه محسوس كصورة الإنسان والفرس، ومنه معقول كالذي اختص به الإنسان من العقل والرؤية وإلى كل منهما الإشارة بقوله تعالى :{خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ} - وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ - هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ}. قوله "حدثنا إسحاق" قال "أبو علي الجياني" هو بن منصور قلت ويؤيد ذلك وان كان قد يظن انه بن راهويه لكونه أيضا روى عن عفان ان بن راهويه لا يقول الا أخبرنا هنا ثبت في النسخ حدثنا فتأيد انه بن منصور وقد تقدم شرح حديث بن سعيد المذكور هنا في العزل في كتاب النكاح مستوفي قوله "وقال مجاهد عن قزعة" هو بن يحيى وهو من رواية الأقران لأن مجاهدا وهو
(13/391)

بن جبر المفسر المشهور المكي في طبقة قزعة قوله "سألت أبا سعيد فقال قال النبي صلى الله عليه وسلم" كذا وقع هنا بحذف المسئول عنه ووقع لغير أبي ذر سمعت بدل سألت وقد وصله مسلم وأصحاب السنن الثلاثة من رواية سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ ذكر العزل ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ولم يفعل ذلك أحدكم ولم يقل فلا يفعل ذلك ثم ذكر بقية الحديث وهو القدر المذكور منه هنا قال بن بطال الخالق في هذا الباب يراد به المبدع المنشىء لأعيان المخلوقين وهو معنى لا يشارك الله فيه أحد قال ولم يزل الله مسميا نفسه خالقا على معنى انه سيخلق لاستحالة قدم الخلق وقال الكرماني معنى قوله في الحديث الا وهي مخلوقة أي مقدرة الخلق أو معلومة الخلق ثم الله لا بد من ابرازها الى الوجود والله سبحانه وتعالى اعلم بالصواب
(13/392)