باب فِي الْمَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ
 
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ - وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ - وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ - إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}
قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ}
7464 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا
(13/445)

دَعَوْتُمْ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي فَإِنَّ اللَّهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ
7465 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَم أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَقَالَ لَهُمْ أَلاَ تُصَلُّونَ قَالَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا
7466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنَا هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ يَفِيءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا فَإِذَا سَكَنَتْ اعْتَدَلَتْ وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلاَءِ وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ
حديث أبي هريرة " مثل المؤمن كمثل خامة الزرع " وقد تقدم شرحه في الرقاق، والمراد منه قوله في آخره: "يقصمها الله إذا شاء " أي في الوقت الذي سبقت إرادته أن يقصمه فيه.
7467 - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولَ إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنْ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُعْطِيَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلاَةِ الْعَصْرِ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُعْطِيتُمْ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ قَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ رَبَّنَا هَؤُلاَءِ أَقَلُّ عَمَلًا وَأَكْثَرُ أَجْرًا قَالَ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لاَ فَقَالَ فَذَلِكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ
7468 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُسْنَدِيُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ فَقَالَ أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ تَسْرِقُوا وَلاَ تَزْنُوا وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلاَدَكُمْ وَلاَ تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلاَ تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ
حديث عبادة بن الصامت في المبايعة، وقد تقدم شرحه في " كتاب الإيمان " أوائل الكتاب والمراد منه هنا قوله: "ومن ستره الله فذلك إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".
7469 - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَم كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً فَقَالَ لاَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلاَمٍ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ كَانَ
(13/446)

سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
7470 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ لاَ بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قَالَ الأَعْرَابِيُّ طَهُورٌ بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَنَعَمْ إِذًا
7471 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ حِينَ نَامُوا عَنْ الصَّلاَةِ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَتَوَضَّئُوا إِلَى أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ فَقَامَ فَصَلَّى
7472 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَالأَعْرَجِ ح و حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ فِي قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ الْيَهُودِيَّ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ
فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ فَلاَ أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ
7473 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي عِيسَى أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلاَئِكَةَ يَحْرُسُونَهَا فَلاَ يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ وَلاَ الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
حديث أنس في المدينة وفيه: ولا الطاعون إن شاء الله، وقد تقدم شرحه في " كتاب الفتن " وشيخه إسحاق بن أبي عيسى ليس له إلا هذه الرواية.
7474 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِيَ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حديث أبي هريرة لكل نبي دعوة، وقد تقدم شرحه في أوائل " كتاب الدعوات".
7475 - حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي عَلَى قَلِيبٍ فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَنْزِعَ ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ
(13/447)

7476 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ وَرُبَّمَا قَالَ جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ
حديث أبي موسى: اشفعوا فلتؤجروا، وقد تقدم بهذا السند والمتن في " كتاب الأدب " وشرح هناك، والغرض منه قوله: "ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء أي يظهر الله على لسان رسوله بالوحي أو الإلهام ما قدره في علمه بأنه سيقع".
7477 - حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ارْزُقْنِي إِنْ شِئْتَ وَليَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لاَ مُكْرِهُ لَهُ
7478 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرٌو حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى أَهُوَ خَضِرٌ فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شَأْنَهُ قَالَ نَعَمْ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {بَيْنَا مُوسَى فِي مَلاَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ فَقَالَ مُوسَى لاَ فَأُوحِيَ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ فَكَانَ مُوسَى يَتْبَعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ قَالَ مُوسَى ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا خَضِرًا وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ}
7479 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ يُرِيدُ الْمُحَصَّبَ
7480 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَاصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَفْتَحْهَا فَقَالَ إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ نَقْفُلُ وَلَمْ نَفْتَحْ قَالَ فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوْا فَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحَاتٌ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَأَنَّ ذَلِكَ أَعْجَبَهُمْ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قوله: "باب في المشيئة والإرادة" قال الراغب: المشيئة عند الأكثر سواء وعند بعضهم أن المشيئة في الأصل إيجاد الشيء وإصابته فمن الله الإيجاد ومن الناس الإصابة، وفي العرف تستعمل موضع الإرادة.
(13/448)

قوله: "وقول الله تعالى :{تؤتي الملك من تشاء} ، وقوله: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} ، وقوله :{ ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} ، وقوله: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} قال البيهقي بعد أن ساق بسنده إلى الربيع بن سليمان قال الشافعي " المشيئة " إرادة الله وقد أعلم الله خلقه أن المشيئة له دونهم فقال: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله} فليست للخلق مشيئة إلا أن يشاء الله، وبه إلى الربيع قال سئل الشافعي عن القدر فقال:
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
الأبيات، ثم ساق مما تكرر من ذكر المشيئة في الكتاب العزيز أكثر من أربعين موضعا منها غير ما ذكر في الترجمة قوله تعالى في البقرة {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ} وقوله: {خْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {َلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ} وقوله: {وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ} وقوله في آل عمران {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} وقوله: {َجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ} وقوله في النساء {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وأما قوله في الأنعام {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا} الآية فقد تمسك بها المعتزلة. وقالوا إن فيها ردا على أهل السنة، والجواب أن أهل السنة تمسكوا بأصل قامت عليه البراهين وهو أن الله خالق كل مخلوق ويستحيل أن يخلق المخلوق شيئا، والإرادة شرط في الخلق ويستحيل ثبوت المشروط بدون شرطه، فلما عاند المشركون المعقول وكذبوا المنقول الذي جاءتهم به الرسل وألزموا الحجة بذلك تمسكوا بالمشيئة والقدر السابق، وهي حجة مردودة لأن القدر لا تبطل به الشريعة وجريان الأحكام على العباد بأكسابهم فمن قدر عليه بالمعصية كان ذلك علامة على أنه قدر عليه العقاب إلا أن يشاء أن يغفر له من غير المشركين، ومن قدر عليه بالطاعة كان ذلك علامة على أنه قدر عليه بالثواب، وحرف المسألة أن المعتزلة قاسوا الخالق على المخلوق وهو باطل لأن المخلوق لو عاقب من يطيعه من أتباعه عد ظالما لكونه ليس مالكا له بالحقيقة، والخالق لو عذب من يطيعه لم يعد ظالما لأن الجميع ملكه فله الأمر كله يفعل ما يشاء ولا يسئل عما يفعل. وقال الراغب يدل على أن الأمور كلها موقوفة على مشيئة الله، وأن أفعال العباد متعلقة بها وموقوفة عليها ما اجتمع الناس على تعليق الاستثناء به في جميع الأفعال. وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة الزهري من طريق ابن أخي الزهري عن عمه قال: كان عمر ابن الخطاب يأمر برواية قصيدة لبيد التي يقول فيها:
إن تقوى ربنا خير نفل ... وبإذن الله ريثي وعجل
أحمد الله فلا ند له ... بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى ... ناعم البال ومن شاء أضل
وحرف النزاع بين المعتزلة وأهل السنة أن الإرادة عند أهل السنة تابعة للعلم وعندهم تابعة للأمر، ويدل لأهل السنة قوله تعالى :{يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الْآخِرَةِ} وقال ابن بطال غرض البخاري إثبات المشيئة والإرادة وهما بمعنى واحد، وإرادته صفة من صفات ذاته، وزعم المعتزلة أنها صفة من صفات فعله وهو فاسد، لأن إرادته لو كانت محدثة لم يخل أن يحدثها في نفسه أو في غيره أو في كل منهما أو لا في شيء منهما. والثاني والثالث
(13/449)

محال لأنه ليس محلا للحوادث، والثاني فاسد أيضا لأنه يلزم أن يكون الغير مريدا لها، وبطل أن يكون الباري مريدا إذ المريد من صدرت منه الإرادة وهو الغير كما بطل أن يكون عالما إذا أحدث العلم في غيره، وحقيقة المريد أن يكون الإرادة منه دون غيره. والرابع باطل لأنه يستلزم قيامها بنفسها، وإذا فسدت هذه الأقسام صح أنه مريد بإرادة قديمة هي صفة قائمة بذاته، ويكون تعلقها بما يصح كونه مرادا، فما وقع بإرادته قال: وهذه المسألة مبنية على القول بأنه سبحانه خالق أفعال العباد وأنهم لا يفعلون إلا ما يشاء، وقد دل على ذلك قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وغيرها من الآيات. وقال: {ولو شاء الله ما اقتتلوا} ثم أكد ذلك بقوله تعالى :{ولكن الله يفعل ما يريد} فدل على أنه فعل اقتتالهم الواقع منهم لكونه مريدا له، وإذا كان هو الفاعل لاقتتالهم فهو المريد لمشيئتهم والفاعل، فثبت بهذه الآية أن كسب العباد إنما هو بمشيئة الله وإرادته، ولو لم يرد وقوعه ما وقع. وقال بعضهم الإرادة على قسمين: إرادة أمر وتشريع، وإرادة قضاء وتقدير، فالأولى تتعلق بالطاعة والمعصية سواء وقعت أم لا، والثانية شاملة لجميع الكائنات محيطة بجميع الحادثات طاعة ومعصية، وإلى الأول الإشارة بقوله تعالى :{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} وإلى الثاني الإشارة بقوله تعالى :{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً} وفرق بعضهم بين الإرادة والرضا فقالوا: يريد وقوع المعصية ولا يرضاها، لقوله تعالى :{وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} الآية، وقوله: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} وتمسكوا أيضا بقوله: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} وأجاب أهل السنة بما أخرجه الطبري وغيره بسند رجاله ثقات عن ابن عباس في قوله تعالى :{إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} يعني بعباده الكفار الذين أراد الله أن يطهر قلوبهم بقولهم لا إله إلا الله، فأراد عباده المخلصين الذين قال فيهم {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} فحبب إليهم الإيمان وألزمهم كلمة التقوى شهادة أن لا إله إلا الله. وقالت المعتزلة في قوله تعالى :{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} معناه وما تشاءون الطاعة إلا أن يشاء الله قسركم عليها، وتعقب بأنه لو كان كذلك لما قال إلا أن يشاء في موضع ما شاء لأن حرف الشرط للاستقبال وصرف المشيئة إلى القسر تحريف لا إشعار للآية بشيء منه، وإنما المذكور في الآية مشيئة الاستقامة كسبا وهو المطلوب من العباد. وقالوا في قوله تعالى:{تؤتي الملك من تشاء} أي يعطى من اقتضته الحكمة الملك، يريدون أن الحكمة تقتضي رعاية المصلحة ويدعون وجوب ذلك على الله، تعالى الله عن قولهم، وظاهر الآية أن يعطى الملك من يشاء سواء كان متصفا بصفات من يصلح للملك أم لا من غير رعاية استحقاق ولا وجوب ولا أصلح بل يؤتي الملك من يكفر به ويكفر نعمته حتى يهلكه ككثير من الكفار مثل: نمرود والفراعنة، ويؤتيه إذا شاء من يؤمن به ويدعو إلى دينه ويرحم به الخلق مثل يوسف وداود وسليمان، وحكمته في كلا الأمرين علمه وأحكامه بإرادته تخصيص مقدوراته. قوله: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} ، قال سعيد بن المسيب عن أبيه نزلت في أبي طالب" تقدم موصولا بتمامه في تفسير سورة القصص وتقدم هناك شرحه مستوفى وبعضه في الجنائز. وقالت المعتزلة في هذه الآية معنى "لا تهدي من أحببت" لأنك لا تعلم المطبوع على قلبه فيقرن به اللطف حتى يدعوه إلى القبول، والله أعلم بالمهتدين القابلين لذلك، وتعقب بأن اللطف الذي يستندون إليه لا دليل عليه ومرادهم بمن يقبل ممن لا يقبل من يقع ذلك منه لذاته لا بحكم الله، وإنما المراد بقوله تعالى :{هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} أي الذين
(13/450)

خصصهم بذلك في الأزل. قوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} هذه الآية مما تمسك بها المعتزلة لقولهم فقالوا هذا يدل على أنه لا يريد المعصية، وتعقب بأن معنى إرادة اليسر التخيير بين الصوم في السفر ومع المرض والإفطار بشرطه وإرادة العسر المنفية الإلزام بالصوم في السفر في جميع الحالات، فالإلزام هو الذي لا يقع لأنه لا يريده وبهذا تظهر الحكمة في تأخيرها عن الحديث المذكور والفصل بين آيات المشيئة وآيات الإرادة، وقد تكرر ذكر الإرادة في القرآن في مواضع كثيرة أيضا، وقد اتفق أهل السنة على أنه لا يقع إلا ما يريده الله تعالى، وأنه مريد لجميع الكائنات وإن لم يكن آمرا بها. وقالت المعتزلة لا يريد الشر لأنه لو أراده لطلبه، وزعموا أن الأمر نفس الإرادة وشنعوا على أهل السنة أنه يلزمهم أن يقولوا إن الفحشاء مرادة لله وينبغي أن ينزه عنها، وانفصل أهل السنة عن ذلك بأن الله تعالى قد يريد الشيء ليعاقب عليه، ولثبوت أنه خلق النار وخلق لها أهلا وخلق الجنة وخلق لها أهلا وألزموا المعتزلة بأنهم جعلوا أنه يقع في ملكه ما لا يريد، ويقال إن بعض أئمة السنة أحضر للمناظرة مع بعض أئمة المعتزلة فلما جلس المعتزلي قال: سبحان من تنزه عن الفحشاء، فقال السني: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء، فقال المعتزلي: أيشاء ربنا أن يعصى؟ فقال السني: أفيعصى ربنا قهرا؟ فقال المعتزلي: أرأيت إن منعني الهدى وقضي علي بالردي أحسن إلي أو أساء؟ فقال السني: إن كان منعك ما هو لك فقد أساء وإن كان منعك ما هو له فإنه يختص برحمته من يشاء فانقطع. ثم ذكر البخاري بعد الحديث المعلق فيه سبعة عشر حديثا فيها كلها ذكر المشيئة، وتقدمت كلها في أبواب متفرقة كما سأبينه. حديث أنس: إذا دعوتم الله فأعزموا في الدعاء أي اجزموا ولا ترددوا، من عزمت على الشيء إذا صممت على فعله، وقيل عزم المسألة الجزم بها من غير ضعف في الطلب، وقيل هو حسن الظن بالله في الإجابة والحكمة فيه أن في التعليق صورة الاستغناء عن المطلوب منه وعن المطلوب، وقوله: "لا مستكره له " أي لأن التعليق يوهم إمكان إعطائه على غير المشيئة وليس بعد المشيئة إلا الإكراه والله لا مكره له، وقد تقدم شرحه في " كتاب الدعوات". حديث علي وقد تقدم شرحه في " كتاب التهجد " وموضع الدلالة منه قول علي: إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا وأقره صلى الله عليه وسلم على ذلك، وقوله: "فقال لهم " وكذا قول على " يبعثنا " إشارة إلى نفسه وإلى من عنده، وقوله فيه. " حدثنا إسماعيل " هو ابن أبي أويس وأخوه " عبد الحميد " هو أبو بكر مشهور بكنيته أكثر من اسمه، و " سليمان " هو ابن بلال وقد سمع إسماعيل بن سليمان بلا واسطة كما تقدم في عدة مواضع. حديث ابن عمر " إنما بقاؤكم فيما سلف من قبلكم من الأمم " بطوله وقد تقدم شرحه في الصلاة وذكر لقوله في آخره: "ذلك فضلي أوتيه من أشاء " وللإشارة بقوله ذلك إلى جميع الثواب لا إلى القدر الذي يقابل العمل كما يزعم أهل الاعتزال. حديث أبي هريرة: في قول سليمان عليه السلام " لأطوفن الليلة على نسائي " وقد تقدم شرحه في أحاديث الأنبياء وبيان الاختلاف في عدد نسائه، وذكره هنا بلفظ: "لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن" ، أي لو قال إن شاء الله، كما في الرواية الأخرى، وإطلاق الاستثناء على قول
(13/451)

إن شاء الله بحسب اللغة. حديث ابن عباس في الأعرابي الذي قال: "بل هي حمى تفور " وقد تقدم شرحه في الطب وذكره لقوله: "طهور إن شاء الله". حديث أبي قتادة: حين ناموا عن الصلاة إن الله قبض أرواحكم حين شاء وردها حين شاء، ذكره هنا مختصرا وتقدم بأتم منه في باب الأذان بعد ذهاب الوقت من " كتاب الصلاة". حديث أبي هريرة: في قصة المسلم الذي لطم اليهودي أورده من وجهين، وذكره لقوله فيه: "أو كان ممن استثنى الله " وأشار بذلك إلى قوله تعالى :{فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ} وقد تقدم. حديثه بينا أنا نائم رأيتني على قليب فنزعت ما شاء الله، الحديث. وقد تقدم شرحه في مناقب عمر، وفي الفتن ويسره شيخه بفتح التحتانية والمهملة بوزن بشرة بموحدة ومعجمة وقوله في السند حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري وخالفه يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه فقال: "عن صالح بن كيسان عن الزهري " زاد: "بين إبراهيم والزهري صالحا " أخرجه مسلم نبه على ذلك أبو مسعود وقد تعقبه قبله الإسماعيلي فقال إنما يعرف عن إبراهيم عن صالح عن الزهري ثم ساقه من رواية جماعة عن إبراهيم بن سعد كذلك. وقال يبعد تواطؤهم على الغلط. وقال البرقاني في كل من رواه عن إبراهيم أدخل بينه وبين الزهري صالحا. حديث أبي هريرة: لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، وقد تقدم شرحه في " كتاب الدعوات " مع حديث أنس المبدأ بذكره في هذا الباب. حديث ابن عباس عن أبي بن كعب في صاحب موسى والخضر، وقد تقدم شرحه مستوفى في التفسير، وتقدم شيء منه في " كتاب العلم " وشيخه عبد الله بن محمد هو المسندي، وشيخ المسندي أبو حفص عمرو بفتح العين هو ابن أبي سلمة التنيسي بمثناة ونون ثقيلة مكسورة، وأبو سلمة أبوه لم أقف على اسمه، والمراد منه قوله فيه حكاية عن موسى ستجدني إن شاء الله صابرا، وفيه إشارة إلى أن قول ذلك يرجى فيه النجح ووقوع المطلوب غالبا وقد يتخلف ذلك إذا لم يقدر الله وقوعه كما سيأتي مثاله في الحديث الآخر. حديث أبي هريرة: ننزل غدا إن شاء الله بخيف بني كنانة، وقد تقدم بأتم من هذا في " كتاب الحج " وتقدم شرحه أيضا. حديث عبد الله بن عمر: حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف، الحديث، وقد تقدم شرحه في الغزوات وبيان الاختلاف على أبي العباس تابعيه هل هو عن عبد الله بن عمر بضم العين أو بفتحها وبيان الصواب من ذلك، وذكر هنا لقوله إنا قافلون غدا إن شاء الله مرتين فما قفلوا في الأولى وقفلوا في الثانية.
(13/452)



الموضوع السابق


باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} , {وَلَوْ أَنَّ مَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّه} ,{إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} سَخَّرَ ذَلَّلَ