باب كَلاَمِ الرَّبِّ مَعَ جِبْرِيلَ وَنِدَاءِ اللَّهِ الْمَلاَئِكَةَ وَقَالَ مَعْمَرٌ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ أَيْ يُلْقَى
 
(13/460)

عَلَيْكَ وَتَلَقَّاهُ أَنْتَ أَيْ تَأْخُذُهُ عَنْهُمْ وَمِثْلُهُ فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ
7485 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ يُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَيُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ
7486 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْعَصْرِ وَصَلاَةِ الْفَجْرِ ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ
7487 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ عَنْ الْمَعْرُورِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قُلْتُ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى قَالَ وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ زَنَى
قوله: "باب كلام الرب تعالى مع جبريل ونداء الله الملائكة" ذكر في أثرا وثلاثة أحاديث، وفي الحديث الأول: نداء الله جبريل، وفي الثاني: سؤال الله الملائكة على عكس ما وقع في الترجمة، وكأنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، ووقع عند مسلم من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه في هذا الحديث: "أن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه " وذكر في الأدب أن أحمد أخرجه من حديث ثوبان بلفظ: "حتى يقول يا جبريل إن عبدي فلانا يلتمس أن يرضيني " الحديث. قوله: "وقال معمر: وإنك لتلقى القرآن - أي يلقى عليك - وتلقاه أنت - أي تأخذه عنهم - ومثله فتلقى آدم من ربه كلمات" معمر هذا قد يتبادر أنه ابن راشد شيخ عبد الرزاق وليس كذلك، بل هو أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي، قال أبو ذر الهروي وجدت ذلك في كتاب المجاز له فقال في تفسير سورة النمل في قوله عز وجل:وإنك لتلقى القرآن" أي تأخذه عنهم ويلقى عليك. وقال في تفسير سورة البقرة في قوله تعالى :{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} أي قبلها وأخذها عنه، قال أبو عبيدة وتلا علينا أبو مهدي آية فقال: تلقيتها من عمى تلقاها عن أبي هريرة تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال في قوله تعالى :{وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} أي لا يوفق لها ولا يلقنها ولا يرزقها، وحاصله أنها تأتي بالمعاني الثلاثة وأنها هنا صالحة لكل منها وأصله اللقاء وهو استقبال الشيء ومصادفته. قوله: "حدثنا إسحاق" هو ابن منصور وتردد أبو علي الجياني بينه وبين إسحاق بن راهويه، وإنما جزمت به لقوله حدثنا عبد الصمد فان إسحاق لا يقول إلا أخبرنا، وقد تقدم في الحديث الثاني من باب ما يكره من كثرة السؤال في " كتاب الاعتصام " نحو هذا و " عبد الصمد " هو ابن عبد الوارث،
(13/461)

وقد تقدم في هذا السند في " كتاب الطهارة " حديث آخر وقد جزم أبو نعيم في المستخرج بأن " إسحاق " المذكور فيه هو ابن منصور، وتكلمت على سنده هناك وهو في باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان. قوله: "إن الله قد أحب فلانا" كذا هنا بصيغة الفعل الماضي. وفي رواية نافع عن أبي هريرة الماضية في الأدب " إن الله يجب فلانا " بصيغة المضارعة، وفي الأول إشارة إلى سبق المحبة على النداء، وفي الثاني إشارة إلى استمرار ذلك وقد تقدمت مباحثه في " كتاب الأدب " قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة في تعبيره عن كثرة الإحسان بالحب تأنيس العباد وإدخال المسرة عليم لأن العبد إذا سمع عن مولاه أنه يحبه حصل على أعلى السرور عنده وتحقق بكل خير، ثم قال وهذا إنما يتأتى لمن في طبعه فتوة ومروءة وحسن إنابة كما قال تعالى :{وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ} وأما من في نفسه رعونة وله شهوة غالبة فلا يرده إلا الزجر بالتعنيف والضرب، قال: وفي تقديم الأمر بذلك لجبريل قبل غيره من الملائكة إظهار لرفيع منزلته عند الله تعالى على غيره منهم، قال ويؤخذ من هذا الحديث الحث على توفية أعمال البر على اختلاف أنواعها فرضها وسنتها، ويؤخذ منه أيضا كثرة التحذير عن المعاصي والبدع لأنها مظنة السخط وبالله التوفيق. حديث أبي هريرة " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل " الحديث، وقد تقدم شرحه في أوائل " كتاب الصلاة " والمراد منه قوله فيه: "فيسألهم وهو أعلم بهم " أي من الملائكة، وليس في رواية مالك المذكورة هنا التصريح بتسمية الذي يسأل، ووقع التصريح به في بعض طرقه في الصلاة بلفظ: "فيسألهم ربهم " وهي من رواية مالك أيضا، والمشهور عند جمهور رواة مالك حذفها، ووقع عند ابن خزيمة من طريق أبي صالح عن أبي هريرة " فيسألهم ربهم " وقد ذكرت لفظه هناك، وتقدم القول في العروج في باب تعرج الملائكة والروح إليه قريبا. قوله: "عن واصل" هو المعروف بالأحدب والمعرور بمهملات. قوله: "أتاني جبريل فبشرني" هو طرف من حديث تقدم بتمامه مشروحا في كتاب الرقاق. قوله: "وإن سرق وإن زنى" في رواية الكشميهني: "وإن سرق وزنى " في الموضعين وفي مناسبته للترجمة غموض، وكأنه من جهة أن جبريل إنما يبشر النبي صلى الله عليه وسلم بأمر يتلقاه عن ربه عز وجل، فكأن الله سبحانه قال له: بشر محمدا بأن من مات من أمته لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة فبشره بذلك.
(13/462)