باب كَلاَمِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ الأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ
 
7509 - حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شُفِّعْتُ فَقُلْتُ يَا رَبِّ أَدْخِلْ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ خَرْدَلَةٌ فَيَدْخُلُونَ ثُمَّ أَقُولُ أَدْخِلْ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى شَيْءٍ فَقَالَ أَنَسٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
7510 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا مَعْبَدُ بْنُ هِلاَلٍ الْعَنَزِيُّ قَالَ اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى فَاسْتَأْذَنَّا فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَقُلْنَا لِثَابِتٍ لاَ تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ فَقَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لاَ تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ
(13/473)

ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي فَيَقُولُ انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ أَنَسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا لَوْ مَرَرْنَا بِالْحَسَنِ وَهُوَ مُتَوَارٍ فِي مَنْزِلِ أَبِي خَلِيفَةَ فَحَدَّثْنَاهُ بِمَا حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فَأَتَيْنَاهُ فَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَأَذِنَ لَنَا فَقُلْنَا لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ جِئْنَاكَ مِنْ عِنْدِ أَخِيكَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَلَمْ نَرَ مِثْلَ مَا حَدَّثَنَا فِي الشَّفَاعَةِ فَقَالَ هِيهْ فَحَدَّثْنَاهُ بِالْحَدِيثِ فَانْتَهَى إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَقَالَ هِيهْ فَقُلْنَا لَمْ يَزِدْ لَنَا عَلَى هَذَا فَقَالَ لَقَدْ حَدَّثَنِي وَهُوَ جَمِيعٌ مُنْذُ عِشْرِينَ سَنَةً فَلاَ أَدْرِي أَنَسِيَ أَمْ كَرِهَ أَنْ تَتَّكِلُوا قُلْنَا يَا أَبَا سَعِيدٍ فَحَدِّثْنَا فَضَحِكَ وَقَالَ خُلِقَ الإِنْسَانُ عَجُولًا مَا ذَكَرْتُهُ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدَّثَنِي كَمَا حَدَّثَكُمْ بِهِ قَالَ ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ وَسَلْ تُعْطَهْ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَيَقُولُ وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لاَخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ
7511 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْ النَّارِ رَجُلٌ يَخْرُجُ حَبْوًا فَيَقُولُ لَهُ رَبُّهُ ادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ رَبِّ الْجَنَّةُ مَلْأَى فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَكُلُّ ذَلِكَ يُعِيدُ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ مَلْأَى فَيَقُولُ إِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا عَشْرَ مِرَارٍ
7512 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلاَ يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ
قَالَ الأَعْمَشُ وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ مِثْلَهُ وَزَادَ فِيهِ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ
7513 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ حَبْرٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ جَعَلَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ وَالْخَلاَئِقَ عَلَى إِصْبَعٍ ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ ثُمَّ يَقُولُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمَلِكُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ تَعَجُّبًا وَتَصْدِيقًا لِقَوْلِهِ ثُمَّ قال النبي صلى الله عليه وسلم: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ - إِلَى قَوْلِهِ يُشْرِكُونَ}
(13/474)

7514 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "فِي النَّجْوَى قَالَ يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُقَرِّرُهُ ثُمَّ يَقُولُ إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ
وَقَالَ آدَمُ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قوله: "باب كلام الرب تعالى يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم" ذكر فيه خمسة أحاديث. حديث أنس في الشفاعة أورده مختصرا جدا ثم مطولا وقد مضى شرحه مستوفى في كتاب الرقاق. قوله: "حدثنا يوسف بن راشد" هو يوسف بن موسى بن راشد القطان الكوفي نزيل بغداد نسبة لجده وهو بالنسبة لأبيه أشهر، ولهم شيخ آخر يقال له يوسف بن موسى التستري نزيل الري أصغر من القطان، وشيخه أحمد بن عبد الله هو أحمد بن عبد الله بن يونس ينسب لجده كثيرا وأبو بكر بن عياش هو المقرئ، وقد أخرج البخاري عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن أبي بكر بن عياش حديثا غير هذا بغير واسطة بينه وبين أحمد، وتقدم في باب الغنى غنى النفس في كتاب الرقاق. قوله: "إذا كان يوم القيامة شفعت" كذا للأكثر بضم أوله مشددا وللكشميهني بفتحه مخففا. قوله: "فقلت يا رب أدخل الجنة من كان في قلبه خردلة" هكذا في هذه الرواية وفي التي بعدها أن الله سبحانه هو الذي يقول ذلك وهو المعروف في سائر الأخبار، قال ابن التين هذا فيه كلام الأنبياء مع الرب ليس كلام الرب مع الأنبياء. قوله: "ثم أقول" ذكر ابن التين أنه وقع عنده بلفظ: "ثم نقول " بالنون، قال ولا أعلم من رواه بالياء فإن كان روي بالياء طابق التبويب، أي ثم يقول الله ويكون جوابا عن اعتراض الداودي حيث قال قوله ثم أقول خلاف لسائر الروايات فإن فيها أن الله أمره أن يخرج. قلت: وفيه نظر والموجود عند أكثر الرواة، ثم أقول بالهمزة كما لأبي ذر، والذي أظن أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه كعادته، فقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق أبي عاصم أحمد بن جواس بفتح الجيم والتشديد عن أبي بكر بن عياش ولفظه: "اشفع يوم القيامة، فيقال لي لك من في قلبه شعيرة، ولك من في قلبه خردلة، ولك من في قلبه شيء " فهذا من كلام الرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ويمكن التوفيق بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم يسأل عن ذلك أولا فيجاب إلى ذلك ثانيا، فوقع في إحدى الروايتين ذكر السؤال وفي البقية ذكر الإجابة، وقوله في الأولى " من كان في قلبه أدنى شيء " قال الداودي هذا زائد على سائر الروايات، وتعقب بأنه مفسر في الرواية الثانية حيث جاء فيها " أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان " قال الكرماني قوله: "أدنى أدنى " التكرير للتأكيد ويحتمل أن يراد التوزيع على الحبة والخردل أي أقل حبة من أقل خردلة من الإيمان، ويستفاد منه صحة القول بتجزئ الإيمان وزيادته ونقصانه، وقوله: "قال أنس: كأني أنظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعني قوله أدنى شيء وكأنه يضم أصابعه ويشير بها، وقوله: "فأخرجه من النار من النار من النار " التكرير للتأكيد أيضا للمبالغة أو للنظر إلى الأمور الثلاثة من الحبة والخردلة والإيمان أو جعل أيضا للنار مراتب. قلت: سقط تكرير قوله من النار عند مسلم ومن ذكرت معه في رواية حماد بن زيد هذه والله تعالى أعلم، وقد تقدم شرح هذا الحديث مستوفى في " كتاب الرقاق " وقوله فيه فذهبنا معنا بثابت
(13/475)

البناني إليه يسأله " في رواية الكشميهني: "فسأله " بفاء وصيغة الفعل الماضي، قال ابن التين فيه تقديم الرجل الذي هو من خاصة العالم ليسأله. وفي قوله: "فإذا هو في قصره " قال ابن التين فيه اتخاذ القصر لمن كثرت ذريته، وقوله: "فوافقنا " كذا لهم بحذف المفعول، وللكشميهني: "فوافقناه " وقوله: "ماج الناس " أي اختلطوا، يقال ماج البحر أي اضطربت أمواجه، وقوله: "فإنه كليم الله " كذا للأكثر، وللكشميهني: "فإنه كلم الله " بلفظ الفعل الماضي، وقوله: "فيقال يا محمد " في رواية الكشميهني: "فيقول: "في المواضع الثلاثة. قوله: "وهو متوار في منزل أبي خليفة" هو حجاج بن عتاب العبدي البصري والد عمر بن أبي خليفة، سماه البخاري في تاريخه وتبعه الحاكم أبو أحمد في الكنى. قوله: "وهو جميع" أي مجتمع العقل وهو إشارة إلى أنه كان حينئذ لم يدخل في الكبر الذي هو مظنة تفرق الذهن وحدوث اختلاط الحفظ، وقوله: "فحدثناه " بسكون المثلثة وحذف الضمير، وقوله: "قلنا يا أبا سعيد " في رواية الكشميهني: "فقلنا " قال ابن التين قال هنا " لست لها " وفي غيره: "لست هناكم " قال وأسقط هنا ذكر نوح وزاد: "فأقول أنا لها " وزاد: "فأقول أمتي أمتي " قال الداودي لا أراد محفوظا لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا ولو كان المراد هذه الأمة خاصة لم تذهب إلى غير نبيها فدل على أن المراد الجميع وإذا كانت الشفاعة لهم في فصل القضاء فكيف يخصها بقوله أمتي أمتي، ثم قال وأول هذا الحديث ليس متصلا بآخره بل بقي بين طلبهم الشفاعة وبين قوله فاشفع أمور كثيرة من أمور القيامة. قلت: وقد بينت الجواب عن هذا الإشكال عند شرح الحديث بما يغني عن إعادته هنا وقد أجاب عنه القاضي عياض بأن معني الكلام فيؤذن له في الشفاعة الموعود بها في فصل القضاء، وقوله: "ويلهمني " ابتداء كلام آخر وبيان للشفاعة الأخرى الخاصة بأمته، وفي السياق اختصار وادعى المهلب أن قوله: "فأقول يا رب أمتي " مما زاد سليمان بن حرب على سائر الرواة كذا قال، وهو اجتراء على القول بالظن الذي لا يستند إلى دليل فإن سليمان بن حرب لم ينفرد بهذه الزيادة بل رواها معه سعيد بن منصور عند مسلم وكذا أبو الربيع الزهراني عند مسلم والإسماعيلي، ولم يسق مسلم لفظه ويحيى بن حبيب بن عربي عند النسائي في التفسير ومحمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن سليمان لوين كلاهما عند الإسماعيلي كلهم عن حماد بن زيد شيخ سليمان بن حرب فيه بهذه الزيادة، وكذا وقعت هذه الزيادة في هذا الموضع من حديث الشفاعة في رواية أبي هريرة الماضية في " كتاب الرقاق " وبالله التوفيق. قوله: "حدثنا محمد بن خالد" في رواية الكشميهني: "محمد بن مخلد " والأول هو الصواب، ولم يذكر أحد ممن صنف في رجال البخاري ولا في رجال الكتب الستة أحدا اسمه محمد بن مخلد، والمعروف محمد ابن خالد، وقد اختلف فيه فقيل هو " الذهلي " وهو محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس نسب لجد أبيه، وبذلك جزم الحاكم والكلاباذي وأبو مسعود، وقيل محمد بن خالد بن جبلة الرافعي، وبذلك جزم أبو أحمد ابن عدي وخلف الواسطي في الأطراف، وقد روى هنا عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بالواسطة، وروى عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بلا واسطة عدة أحاديث، منها في المغازي والتفسير والفرائض، و " منصور " في السند هو ابن المعتمر، و " إبراهيم " هو النخعي، و " عبيدة " بفتح أوله هو ابن عمرو السلماني، و " عبد الله " هو ابن مسعود، ورجال سند هذا إلى عبيد الله بن موسى كوفيون. قوله: "إن آخر أهل الجنة دخولا الجنة" الحديث ذكره مختصرا جدا وقد مضى بتمامه مشروحا في الرقاق، وقوله: "كل ذلك يعيد عليه الجنة " في رواية الكشميهني "فكل ذلك " وقوله: "في آخره عشر مرار " في رواية الكشميهني
(13/476)

"عشر مرات". حديث عدي بن حاتم: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، وقد تقدم شرحه في " كتاب الرقاق " وقوله: "قال الأعمش وحدثني عمرو بن مرة " هو موصول بالسند الذي قبله إليه. حديث: "عبد الله " وهو ابن مسعود قال: جاء حبر من اليهود فذكر الحديث، وقد تقدم شرحه مستوفى في باب قول الله تعالى :{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} وتقدم كلام الخطابي في إنكاره تارة وفي تأويله أخرى. وقال أيضا: الاستدلال بالتبسم والضحك في مثل هذا الأمر العظيم غير سائغ مع تكافئ وجهي الدلالة المتعارضين فيه، ولو صح الخبر لكان ظاهر اللفظ منه متأولا على نوع من المجاز وضرب من التمثيل مما جرت عادة الكلام بين الناس في عرف تخاطبهم فيكون المعنى أن قدرته على طيها وسهولة الأمر في جمعها بمنزلة من جمع شيئا في كفه فاستخف حمله فلم يشتمل عليه بجميع كفه لكنه أقله ببعض أصابعه، وقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى القوى أنه يأتي عليه بإصبع أو أنه يقله بخنصره، ثم قال: والظاهر أن هذا من تخليط اليهود وتحريفهم، إن ضحكه عليه الصلاة والسلام إنما كان على معنى التعجب والنكير له والعلم عند الله تعالى. قوله: "يدنو أحدكم من ربه" قال ابن التين يعني يقرب من رحمته، وهو سائغ في اللغة يقال فلان قريب من فلان ويراد الرقبة، ومثله {إن رحمة الله قريب من المحسنين} وقوله: "فيضع كنفه " بفتح الكاف والنون بعدها فاء المراد بالكنف الستر، وقد جاء مفسرا بذلك في رواية عبد الله بن المبارك عن محمد بن سواء عن قتادة فقال في آخر الحديث: قال عبد الله بن المبارك: كنفه ستره أخرجه المصنف في كتاب خلق أفعال العباد، والمعنى أنه تحيط به عنايته التامة ومن رواه بالمثناة المكسورة فقد صحف على ما جزم به جمع من العلماء. قوله: "وقال آدم حدثنا شيبان" هو ابن عبد الرحمن إلى آخره ذكر هذه الرواية لتصريح قتادة فيها بقوله: حدثنا صفوان وهكذا ذكره عن آدم في كتاب خلق أفعال العباد. "تنبيهان": أحدهما ليس في أحاديث الباب كلام الرب مع الأنبياء إلا في حديث أنس وسائر أحاديث الباب في كلام الرب مع غير الأنبياء، وإذا ثبت كلامه مع غير الأنبياء فوقوعه للأنبياء بطريق الأولى. الثاني: تقدم في الحديث الأول ما يتعلق بالترجمة، وأما الثاني فيختص بالركن الثاني من الترجمة وهو قوله وغيرهم، وأما سائرها فهو شامل للأنبياء ولغير الأنبياء على وفق الترجمة.
(13/477)