باب ما جاء في {قَوْلِهِ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 1
 
7515 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ مُوسَى أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجْتَ ذُرِّيَّتَكَ مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ آدَمُ أَنْتَ مُوسَى الَّذِي اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِرِسَالاَتِهِ وَكَلاَمِهِ ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى
7516 - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يُجْمَعُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُونَ لَوْ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا فَيُرِيحُنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ أَنْتَ آدَمُ أَبُو الْبَشَرِ خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ وَأَسْجَدَ لَكَ الْمَلاَئِكَةَ وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّنَا حَتَّى يُرِيحَنَا
(13/477)

فَيَقُولُ لَهُمْ لَسْتُ هُنَاكُمْ فَيَذْكُرُ لَهُمْ خَطِيئَتَهُ الَّتِي أَصَابَ
7517 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ فَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى أَتَوْهُ لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَتَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلاَ تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ فَوَضَعُوهُ عِنْدَ بِئْرِ زَمْزَمَ فَتَوَلاَهُ مِنْهُمْ جِبْرِيلُ فَشَقَّ جِبْرِيلُ مَا بَيْنَ نَحْرِهِ إِلَى لَبَّتِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ صَدْرِهِ وَجَوْفِهِ فَغَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ بِيَدِهِ حَتَّى أَنْقَى جَوْفَهُ ثُمَّ أُتِيَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ فِيهِ تَوْرٌ مِنْ ذَهَبٍ مَحْشُوًّا إِيمَانًا وَحِكْمَةً فَحَشَا بِهِ صَدْرَهُ وَلَغَادِيدَهُ يَعْنِي عُرُوقَ حَلْقِهِ ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَضَرَبَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِهَا فَنَادَاهُ أَهْلُ السَّمَاءِ مَنْ هَذَا فَقَالَ جِبْرِيلُ قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مَعِيَ مُحَمَّدٌ قَالَ وَقَدْ بُعِثَ قَالَ نَعَمْ قَالُوا فَمَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا فَيَسْتَبْشِرُ بِهِ أَهْلُ السَّمَاءِ لاَ يَعْلَمُ أَهْلُ السَّمَاءِ بِمَا يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ فِي الأَرْضِ حَتَّى يُعْلِمَهُمْ فَوَجَدَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا آدَمَ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ آدَمُ وَقَالَ مَرْحَبًا وَأَهْلًا بِابْنِي نِعْمَ الِابْنُ أَنْتَ فَإِذَا هُوَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا بِنَهَرَيْنِ يَطَّرِدَانِ فَقَالَ مَا هَذَانِ النَّهَرَانِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا النِّيلُ وَالْفُرَاتُ عُنْصُرُهُمَا ثُمَّ مَضَى بِهِ فِي السَّمَاءِ فَإِذَا هُوَ بِنَهَرٍ آخَرَ عَلَيْهِ قَصْرٌ مِنْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَدٍ فَضَرَبَ يَدَهُ فَإِذَا هُوَ مِسْكٌ أَذْفَرُ قَالَ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِي خَبَأَ لَكَ رَبُّكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَقَالَتْ الْمَلاَئِكَةُ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ لَهُ الأُولَى مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ قَالُوا وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ نَعَمْ قَالُوا مَرْحَبًا بِهِ وَأَهْلًا ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ وَقَالُوا لَهُ مِثْلَ مَا قَالَتْ الأُولَى وَالثَّانِيَةُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى الرَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ كُلُّ سَمَاءٍ فِيهَا أَنْبِيَاءُ قَدْ سَمَّاهُمْ فَأَوْعَيْتُ مِنْهُمْ إِدْرِيسَ فِي الثَّانِيَةِ وَهَارُونَ فِي الرَّابِعَةِ وَآخَرَ فِي الْخَامِسَةِ لَمْ أَحْفَظْ اسْمَهُ وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّادِسَةِ وَمُوسَى فِي السَّابِعَةِ بِتَفْضِيلِ كَلاَمِ اللَّهِ فَقَالَ مُوسَى رَبِّ لَمْ أَظُنَّ أَنْ يُرْفَعَ عَلَيَّ أَحَدٌ ثُمَّ عَلاَ بِهِ فَوْقَ ذَلِكَ بِمَا لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ حَتَّى جَاءَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى وَدَنَا لِلْجَبَّارِ رَبِّ الْعِزَّةِ فَتَدَلَّى حَتَّى كَانَ مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى اللَّهُ فِيمَا أَوْحَى إِلَيْهِ خَمْسِينَ صَلاَةً عَلَى أُمَّتِكَ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُمَّ هَبَطَ حَتَّى بَلَغَ مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ مُوسَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَاذَا عَهِدَ إِلَيْكَ رَبُّكَ قَالَ عَهِدَ إِلَيَّ خَمْسِينَ صَلاَةً كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ وَعَنْهُمْ فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ كَأَنَّهُ يَسْتَشِيرُهُ فِي ذَلِكَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ فَعَلاَ بِهِ إِلَى الْجَبَّارِ فَقَالَ وَهُوَ مَكَانَهُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَنَّا فَإِنَّ أُمَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ هَذَا فَوَضَعَ عَنْهُ عَشْرَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مُوسَى فَاحْتَبَسَهُ فَلَمْ
(13/478)

يَزَلْ يُرَدِّدُهُ مُوسَى إِلَى رَبِّهِ حَتَّى صَارَتْ إِلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ ثُمَّ احْتَبَسَهُ مُوسَى عِنْدَ الْخَمْسِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ لَقَدْ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَوْمِي عَلَى أَدْنَى مِنْ هَذَا فَضَعُفُوا فَتَرَكُوهُ فَأُمَّتُكَ أَضْعَفُ أَجْسَادًا وَقُلُوبًا وَأَبْدَانًا وَأَبْصَارًا وَأَسْمَاعًا فَارْجِعْ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ رَبُّكَ كُلَّ ذَلِكَ يَلْتَفِتُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جِبْرِيلَ لِيُشِيرَ عَلَيْهِ وَلاَ يَكْرَهُ ذَلِكَ جِبْرِيلُ فَرَفَعَهُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ فَقَالَ يَا رَبِّ إِنَّ أُمَّتِي ضُعَفَاءُ أَجْسَادُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ وَأَسْمَاعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ فَخَفِّفْ عَنَّا فَقَالَ الْجَبَّارُ يَا مُحَمَّدُ قَالَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ قَالَ إِنَّهُ لاَ يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ كَمَا فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ قَالَ فَكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا فَهِيَ خَمْسُونَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ وَهِيَ خَمْسٌ عَلَيْكَ فَرَجَعَ إِلَى مُوسَى فَقَالَ كَيْفَ فَعَلْتَ فَقَالَ خَفَّفَ عَنَّا أَعْطَانَا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا قَالَ مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ رَاوَدْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَلْيُخَفِّفْ عَنْكَ أَيْضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مُوسَى قَدْ وَاللَّهِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفْتُ إِلَيْهِ قَالَ فَاهْبِطْ بِاسْمِ اللَّهِ قَالَ وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ
قوله: "باب ما جاء في قوله عز وجل :{وكلم الله موسى تكليما} كذا لأبي زيد المروزي ومثله لأبي ذر لكن بحذف لفظ: "قوله عز وجل " ولغيرهما: "باب قوله تعالى :{وكلم الله موسى تكليما } قال الأئمة: هذه الآية أقوى ما ورد في الرد على المعتزلة، قال النحاس أجمع النحويون على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازا فإذا قال: "تكليما " وجب أن يكون كلاما على الحقيقة التي تعقل، وأجاب بعضهم بأنه كلام على الحقيقة لكن محل الخلاف هل سمعه موسى من الله تعالى حقيقة أو من الشجرة؟ فالتأكيد رفع المجاز عن كونه غير كلام أما المتكلم به فمسكوت عنه، ورد بأنه لا بد من مراعاة المحدث عنه فهو لرفع المجاز عن النسبة لأنه قد نسب الكلام فيها إلى الله فهو المتكلم حقيقة، ويؤكده قوله في سورة الأعراف {اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} وأجمع السلف والخلف من أهل السنة وغيرهم على أن " كلم " هنا من الكلام، ونقل الكشاف عن بدع بعض التفاسير أنه من الكلم بمعنى الجرح وهو مردود بالإجماع المذكور، قال ابن التين اختلف المتكلمون في سماع كلام الله فقال الأشعري: كلام الله القائم بذاته يسمع عند تلاوة كل تال وقراءة كل قارئ. وقال الباقلاني إنما تسمع التلاوة دون المتلو والقراءة دون المقروء، وتقدم في باب {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ} شيء من هذا وأورد البخاري في كتاب خلق أفعال العباد أن خالد بن عبد الله القسري قال: إني مضحي بالجعد بن درهم فإنه يزعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلا ولم يكلم موسى تكليما، وتقدم في أول التوحيد أن سلم بن أحوز قتل جهم بن صفوان لأنه أنكر أن الله كلم موسى تكليما، ثم ذكر فيه ثلاثة أحاديث. حديث أبي هريرة: احتج آدم وموسى، وقد مضى شرحه في كتاب القدر، والمراد منه قوله: "أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وكلامه " وللكشميهني: "وبكلامه". حديث أنس في الشفاعة أورد منه طرفا من أوله إلى قوله في ذكر آدم " ويذكر لهم خطيئته التي أصاب " وقد مضى شرحه مستوفى في " كتاب الرقاق " قال الإسماعيلي أراد ذكر موسى قالوا له وكلمك الله فلم يذكره. قلت: جرى على عادته في الإشارة، وقد مضى في تفسير البقرة عن مسلم بن إبراهيم شيخه هنا وساقه فيه بطوله، وفيه: "ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة " الحديث، ومضى أيضا في " كتاب التوحيد " هذا في باب قول الله تعالى :{مَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}
(13/479)

عن معاذ بن فضالة عن هشام بهذا السند وساق الحديث بطوله أيضا، وفيه: "ائتوا موسى عبدا آتاه الله التوراة وكلمه تكليما " وكذا وقع في حديث أبي بكر الصديق في الشفاعة الذي أخرجه أحمد وغيره وصححه أبو عوانة وغيره: "فيأتون إبراهيم فيقول انطلقوا إلى موسى فإن الله كلمه تكليما " وذكر البخاري في كتاب خلق أفعال العباد منه هذا القدر تعليقا. حديث أنس في المعراج أورده من رواية شريك بن عبد الله أي ابن أبي نمر بفتح النون وكسر الميم وهو مدني تابعي يكني أبا عبد الله وهو أكبر من شريك بن عبد الله النخعي القاضي، وقد أورد بعض هذا الحديث في الترجمة النبوية، وأورد حديث الإسراء من رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر في أوائل " كتاب الصلاة " وأورده من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة في بدء الخلق وفي أوائل البعثة قبل الهجرة وشرحته هناك، وأخرت ما يتعلق برواية شريك هذه هنا لما اختصت به من المخالفات. قوله: "ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة، أنه جاء ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه" في رواية الكشميهني: "إذ جاء " بدل أنه جاءه، والأول أولى، والنفر الثلاثة لم أقف على تسميتهم صريحا لكنهم من الملائكة، وأخلق بهم أن يكونوا من ذكر في حديث جابر الماضي في أوائل الاعتصام بلفظ: "جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إنه نائم. وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان " وبينت هناك أن منهم جبريل وميكائيل ثم وجدت التصريح بتسميتهما في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبراني ولفظه: "فأتاه جبريل وميكائيل فقالا أيهم - وكانت قريش تنام حول الكعبة - فقالا أمرنا بسيدهم ثم ذهبا ثم جاءا وهم ثلاثة فألقوه فقلبوه لظهره " وقوله: "وقبل " قبل أن يوحى إليه، أنكرها الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي وعبارة النووي: وقع في رواية شريك - يعني هذه - أوهام أنكرها العلماء أحدها: قوله: "قبل أن يوحى إليه " وهو غلط لم يوافق عليه، وأجمع العلماء أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء فكيف يكون قبل الوحي انتهى، وصرح المذكورون بأن شريكا تفرد بذلك، وفي دعوى التفرد نظر فقد وافقه كثير بن خنيس بمعجمة ونون مصغر عن أنس كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في " كتاب المغازي " من طريقه. قوله: "وهو نائم في المسجد الحرام" قد آكد هذا بقوله في آخر الحديث: "فاستيقظ وهو في المسجد الحرام " ونحوه ما وقع في حديث مالك بن صعصعة " بين النائم واليقظان " وقد قدمت وجه الجمع بين مختلف الروايات في شرح الحديث. قوله: "فقال أولهم أيهم هو" فيه إشعار بأنه كان نائما بين جماعة أقلهم اثنان وقد جاء أنه كان نائما معه حينئذ حمزة بن عبد المطلب عمه وجعفر بن أبي طالب ابن عمه. قوله: "فقال أحدهم خذوا خيرهم فكانت تلك الليلة" الضمير المستتر في كانت لمحذوف وكذا خبر كان والتقدير: فكانت القصة الواقعة تلك الليلة ما ذكر هنا. قوله: "فلم يرهم" أي بعد ذلك "حتى أتوه ليلة أخرى" ولم يعين المدة التي بين المجيئين فيحمل على أن المجيء الثاني كان بعد أن أوحى إليه وحينئذ وقع الإسراء والمعراج وقد سبق بيان الاختلاف في ذلك عند شرحه، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق في ذلك بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك ويحصل به الوفاق أن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة ويسقط تشنيع الخطابي وابن حزم وغيرهما بأن شريكا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة وبالله التوفيق. وأما ما ذكره بعض الشراح أنه كان بين الليلتين اللتين أتاه فيهما الملائكة سبع وقيل ثمان وقيل تسع وقيل عشر وقيل ثلاثة عشر فيحمل على إرادة السنين لا كما فهمه الشارح المذكور أنها ليال، وبذلك
(13/480)

جزم ابن القيم في هذا الحديث نفسه وأقوى ما يستدل به أن المعراج بعد البعثة قوله في هذا الحديث نفسه أن جبريل قال لبواب السماء إذ قال له أبعث؟ قال: نعم. فإنه ظاهر في أن المعراج كان بعد البعثة فيتعين ما ذكرته من التأويل وأقله قوله فاستيقظ وهو عند المسجد الحرام، فإن حمل على ظاهره جاز أن يكون نام بعد أن هبط من السماء فاستيقظ وهو عند المسجد الحرام، وجاز أن يؤول قوله استيقظ أي أفاق مما كان فيه فإنه كان إذا أوحى إليه يستغرق فإذا انتهى رجع إلى حالته الأولى، فكنى عنه بالاستيقاظ. قوله: "فيما يرى قلبه وتنام عينه ولا ينام قلبه وكذلك الأنبياء" تقدم الكلام عليه في الترجمة النبوية. قوله: "فلم يكلموه حتى احتملوه" تقدم وجه الجمع بين هذا وبين قوله في حديث أبي ذر " فرج سقف بيتي " وقوله في حديث مالك بن صعصعة بأنه كان في الحطيم عند شرحه بناء على اتحاد قصة الإسراء، أما إن قلنا إن الإسراء كان متعددا فلا إشكال أصلا. قوله: "فشق جبريل ما بين نحره إلى لبته" بفتح اللام وتشديد الموحدة وهي موضع القلادة من الصدر، ومن هناك تنحر الإبل، وقد تقدم عند شرحه الرد على من أنكر شق الصدر عند الإسراء وزعم أن ذلك إنما وقع وهو صغير، وبينت أنه ثبت كذلك في غير رواية شريك في الصحيحين من حديث أبي ذر، وأن شق الصدر وقع أيضا عند البعثة كما أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة، وذكر أبو بشر الدولابي بسنده أنه صلى الله عليه وسلم رأى في المنام أن بطنه أخرج ثم أعيد فذكر ذلك لخديجة الحديث. وتقدم بيان الحكمة في تعدد ذلك ووقع شق الصدر الكريم أيضا في حديث أبي هريرة حين كان ابن عشر سنين وهو عند عبد الله بن أحمد في زيادات المسند، وتقدم الإلمام بشيء من ذلك في الترجمة النبوية، ووقع في الشفاء أن جبريل قال لما غسل قلبه: قلب سديد فيه عينان تبصران وأذنان تسمعان. قوله: "ثم أتى بطست محشوا" كذا وقع بالنصب وأعرب بأنه حال من الضمير الجار والمجرور، والتقدير بطست كائن من ذهب فنقل الضمير من اسم الفاعل إلى الجار والمجرور، وتقدم في " كتاب الصلاة " بلفظ: "محشو " بالجر على الصفة لا إشكال فيه، وأما قوله: "إيمانا " فمنصوب على التمييز، وقوله: "وحكمة " معطوف عليه. قوله: "بطست من ذهب فيه تور من ذهب" التور بمثناة تقدم بيانه في " كتاب الوضوء " وهذا يقتضي أنه غير الطست، وأنه كان داخل الطست، فقد تقدم في أوائل الصلاة في شرح حديث أبي ذر في الإسراء أنهما غسلوه بماء زمزم، فإن كانت هذه الزيادة محفوظة احتمل أن يكون أحدهما فيه ماء زمزم والآخر هو المحشو بالإيمان، واحتمل أن يكون التور ظرف الماء وغيره، والطست لما يصب فيه عند الغسل صيانة له عن التبدد في الأرض وجريا على العادة في الطست وما يوضع فيه الماء. قوله: "فحشى به صدره" في رواية الكشميهني: "فحشا " بفتح الحاء والشين. " وصدره " بالنصب ولغيره بضم الحاء وكسر الشين وصدره بالرفع. قوله: "ولغاديده" بغين معجمة فسره في هذه الرواية بأنها عروق حلقه. وقال أهل اللغة هي اللحمات التي بين الحنك وصفحة العنق، وأحدها لغدود ولغديد، ويقال له أيضا لغد وجمعه ألغاد. قوله: "ثم أطبقه ثم عرج به إلى السماء الدنيا" إن كانت القصة متعددة فلا إشكال وإن كانت متحدة ففي هذا السياق حذف تقديره ثم أركبه البراق إلى بيت المقدس، ثم أتى بالمعراج كما في حديث مالك بن صعصعة " فغسل به قلبي ثم حشى ثم أعيد ثم أتيت بدابة فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا " وفي سياقه أيضا حذف تقديره " حتى أتى بي بيت المقدس ثم أتى بالمعراج " كما في رواية ثابت عن أنس رفعه: "أتيت بالبراق فركبته حتى أتى بي بيت المقدس فربطته، ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين
(13/481)

ثم عرج بي إلى السماء ". قوله: "فاستبشر به أهل السماء" كأنهم كانوا أعلموا أنه سيعرج به فكانوا مترقبين لذلك. قوله: "لا يعلم أهل السماء بما يريد" في رواية الكشميهني: "ما يريد " "الله به في الأرض حتى يعلمهم" أي على لسان من شاء كجبريل. قوله: "فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان" أي يجريان، وظاهر هذا يخالف حديث مالك بن صعصعة، فإن فيه بعد ذكر سدرة المنتهى " فإذا في أصلها أربعة أنهار " ويجمع بأن أصل نبعهما من تحت سدرة المنتهى ومقرهما في السماء الدنيا ومنها ينزلان إلى الأرض، ووقع هنا " النيل والفرات عنصرها " والعنصر بضم العين والصاد المهملتين بينهما نون ساكنة هو الأصل. قوله: "ثم مضى به في السماء الدنيا فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزبرجد فضرب يده" أي في النهر "فإذا هو" أي طينه "مسك أذفر قال ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي خبأ" بفتح المعجمة والموحدة مهموز أي أدخر "لك ربك" وهذا مما يستشكل من رواية شريك فإن الكوثر في الجنة والجنة في السماء السابعة، وقد أخرج أحمد من حديث حميد الطويل عن أنس رفعه: "دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي في مجرى مائة فإذا مسك أذفر فقال جبريل هذا الكوثر الذي أعطاك الله تعالى " وأصل هذا الحديث عند البخاري بنحوه، وقد مضى في التفسير من طريق قتادة عن أنس لكن ليس فيه ذكر الجنة، وأخرجه أبو داود والطبري من طريق سليمان التيمي عن قتادة ولفظه: "لما عرج بنبي الله صلى الله عليه وسلم عرض له في الجنة نهر " الحديث، ويمكن أن يكون في هذا الموضع شيء محذوف تقديره: ثم مضى به في السماء الدنيا إلى السابعة فإذا هو بنهر. قوله: "كل سماء فيها أنبياء قد سماهم فوعيت منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة ولم أحفظ اسمه، وإبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة" كذا في رواية شريك، وفي حديث الزهري عن أنس عن أبي ذر قال أنس فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، ولم يثبت كيف منازلهم غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة انتهى. وهذا موافق لرواية شريك في إبراهيم وهما مخالفان لرواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة، وقد قدمت في شرحه أن الأكثر وافقوا قتادة وسياقه يدل على رجحان روايته فإنه ضبط اسم كل نبي والسماء التي هو فيها ووافقه ثابت عن أنس وجماعة ذكرتهم هناك فهو المعتمد لكن إن قلنا إن القصة تعددت فلا ترجيح ولا إشكال. قوله: "وموسى في السابعة بفضل كلامه لله" في رواية أبي ذر عن الكشميهني: "بتفضيل كلام الله " وهي رواية الأكثر، وهي مراد الترجمة والمطابق لقوله تعالى :{إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي} وهذا التعليق يدل على أن شريكا ضبط كون موسى في السماء السابعة، وقد قدمنا أن حديث أبي ذر يوافقه، لكن المشهور في الروايات أن الذي في السابعة هو إبراهيم، وأكد ذلك في حديث مالك بن صعصعة بأنه كان مسندا ظهره إلى البيت المعمور فمع التعدد لا إشكال ومع الاتحاد فقد جمع بأن موسى كان في حالة العروج في السادسة وإبراهيم في السابعة على ظاهر حديث مالك بن صعصعة وعند الهبوط كان موسى في السابعة لأنه لم يذكر في القصة أن إبراهيم كلمه في شيء مما يتعلق بما فرض الله على أمته من الصلاة كما كلمه موسى، والسماء السابعة هي أول شيء انتهى إليه حالة الهبوط فناسب أن يكون موسى بها لأنه هو الذي خاطبه في ذلك كما ثبت في جميع الروايات، ويحتمل أن يكون لقي موسى في السادسة فأصعد معه إلى السابعة تفضيلا له على غيره من أجل كلام الله تعالى، وظهرت فائدة ذلك في كلامه مع المصطفى فيما يتعلق بأمر أمته في الصلاة، وقد أشار النووي إلى شيء من ذلك والعلم عند الله تعالى. قوله: "فقال
(13/482)

موسى رب لم أظن أن ترفع على أحدا" كذا للأكثر بفتح المثناة في ترفع واحدا بالنصب. وفي رواية الكشميهني: "أن يرفع " بضم التحتانية أوله واحد بالرفع، قال ابن بطال فهم موسى من اختصاصه بكلام الله تعالى له في الدنيا دون غيره من البشر لقوله: "إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي" أن المراد بالناس هنا البشر كلهم وأنه استحق بذلك أن لا يرفع أحد عليه، فلما فضل الله محمدا عليه عليهما الصلاة والسلام بما أعطاه من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك ثم ذكر الاختلاف في أن الله سبحانه وتعالى في ليلة الإسراء كلم محمدا صلى الله عليه وسلم بغير واسطة أو بواسطة، والخلاف في وقوع الرؤية للنبي صلى الله عليه وسلم بعين رأسه أو بعين قلبه في اليقظة أو في المنام، وقد مضى بيان الاختلاف في ذلك في تفسير سورة النجم بما يغني عن إعادته. قوله: "ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى" كذا وقع في رواية شريك وهو مما خالف فيه غيره، فإن الجمهور على أن سدرة المنتهى في السابعة، وعند بعضهم في السادسة، وقد قدمت وجه الجمع بينهما عند شرحه، ولعل في السياق تقديما وتأخيرا، وكان ذكر سدرة المنتهى قبل ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، وقد وقع في حديث أبي ذر " ثم عرج بي حتى ظهرت بمستوى أسمع فيه صريف الأقلام " وقد تقدم تفسير المستوى والصريف عند شرحه في أول " كتاب الصلاة " ووقع في رواية ميمون بن سياه عن أنس عند الطبري بعد ذكر إبراهيم في السابعة " فإذا هو بنهر " فذكر أمر الكوثر قال: "ثم خرج إلى سدرة المنتهى " وهذا موافق للجمهور، ويحتمل أن يكون المراد بما تضمنته هذه الرواية من العلو البالغ لسدرة المنتهى صفة أعلاها وما تقدم صفة أصلها. قوله: "ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى" في رواية ميمون المذكورة " فدنا ربك عز وجل فكان قاب قوسين أو أدنى " قال الخطابي ليس في هذا الكتاب - يعني صحيح البخاري - حديث أشنع ظاهرا ولا أشنع مذاقا من هذا الفصل فإنه يقتضي تحديد المسافة بين أحد المذكورين وبين الآخر وتمييز مكان كل واحد منهما، هذا إلى ما في التدلي من التشبيه والتمثيل له بالشيء الذي تعلق من فوق إلى أسفل، قال: فمن لم يبلغه من هذا الحديث إلا هذا القدر مقطوعا عن غيره ولم يعتبره بأول القصة وآخرها اشتبه عليه وجهه ومعناه وكان قصاراه ما رد الحديث من أصله، وأما الوقوع في التشبيه وما خطتان مرغوب عنهما، وأما من اعتبر أول الحديث بآخره فإنه يزول عنه الإشكال فإنه مصرح فيهما بأنه كان رؤيا لقوله في أوله " وهو نائم " وفي آخره: "استيقظ " وبعض الرؤيا مثل يضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله، وبعض الرؤيا لا يحتاج إلى ذلك بل يأتي كالمشاهدة. قلت: وهو كما قال، ولا التفات إلى من تعقب كلامه بقوله في الحديث الصحيح إن رؤيا الأنبياء وحي فلا يحتاج إلى تعبير لأنه كلام من لم يمعن النظر في هذا المحل، فقد تقدم في " كتاب التعبير " أن بعض مرأى الأنبياء يقبل التعبير، وتقدم من أمثلة ذلك قول الصحابة له صلى الله عليه وسلم في رؤية القميص فما أولته يا رسول الله؟ قال: الدين، وفي رؤية اللبن؟ قال: العلم، إلى غير ذلك لكن جزم الخطابي بأنه كان في المنام متعقب بما تقدم تقريره قبل، ثم قال الخطابي مشيرا إلى رفع الحديث من أصله بأن القصة بطولها إنما هي حكاية يحكيها أنس من تلقاء نفسه لم يعزها إلى النبي صلى الله عليه وسلم
ولا نقلها عنه ولا أضافها إلى قوله، فحاصل الأمر في النقل أنها من جهة الراوي إما من أنس وإما من شريك فإنه كثير التفرد بمناكير الألفاظ التي لا يتابعه عليها سائر الرواة انتهى، وما نفاه من أن أنسا لم يسند هذه القصة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا تأثير له، فأدنى أمره فيها أن يكون مرسل صحابي فإما أن يكون تلقاها عن النبي صلى الله عليه وسلم
(13/483)