باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} هَلُوعًا ضَجُورًا
 
قوله: "باب قول الله تعالى :{إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا} سقط لأبي ذر لفظ: "قول الله تعالى " وزاد في روايته: "هلوعا: ضجورا " وهو تفسير أبي عبيدة، قال خلق هلوعا: أي ضجورا، والهلاع مصدر وهو أشد الجزع.
7535 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالٌ فَأَعْطَى قَوْمًا وَمَنَعَ آخَرِينَ فَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ عَتَبُوا فَقَالَ إِنِّي أُعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ وَالْهَلَعِ وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْرِ مِنْهُمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ فَقَالَ عَمْرٌو مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ
قوله: "عن الحسن" هو البصري والسند كله بصريون، و " عمرو بن تغلب، بالمثناة المفتوحة والمعجمة الساكنة واللام المكسورة بعدها موحدة هو النمري بفتح الميم والنون والتخفيف، وقد تقدم شرح حديثه هذا في فرض الخمس، والغرض منه قوله فيه: "لما في قلوبهم من الجزع والهلع " قال ابن بطال مراده في هذا الباب إثبات خلق الله تعالى للإنسان بأخلاقه من الهلع والصبر والمنع والإعطاء، وقد استثنى الله المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون لا يضجرون بتكررها عليهم ولا يمنعون حق الله في أموالهم لأنهم يحتسبون بها الثواب ويكسبون بها التجارة الرابحة في الآخرة، وهذا يفهم منه أن من ادعى لنفسه قدرة وحولا بالإمساك والشح والضجر من الفقر وقلة الصبر لقدر الله تعالى ليس بعالم ولا عابد، لأن من ادعى أن له قدرة على نفع نفسه أو دفع الضر عنها فقد افترى انتهى ملخصا، وأوله كاف في المراد فإن قصد البخاري أن الصفات المذكورة بخلق الله تعالى في الإنسان لا أن الإنسان يخلقها بفعله، وفيه أن الرزق في الدنيا ليس على قدر المرزوق في الآخرة، وأما في الدنيا فإنما تقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية، فكان صلى الله عليه وسلم يعطي من يخشى عليه الجزع والهلع لو منع، ويمنع من يثق بصبره واحتماله وقناعته بثواب الآخرة، وفيه أن البشر جبلوا على حب العطاء وبغض المنع والإسراع إلى إنكار ذلك قبل الفكرة في عاقبته إلا من شاء الله، وفيه أن المنع قد يكون خيرا للممنوع كما قال تعالى :{وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم} ومن ثم قال الصحابي " ما أحب أن لي بتلك الكلمة حمر النعم " والباء في قوله: "بتلك " للبدلية أي ما أحب أن لي بدل كلمته النعم الحمر لأن الصفة المذكورة تدل على قوة إيمانه المفضي به لدخول الجنة وثواب الآخرة خير وأبقى، وفيه استئلاف من يخشى جزعه أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه والاعتذار إلى من ظن ظنا والأمر بخلافه
(13/511)