مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ الجَمُوْحِ بنِ كَعْبٍ الأَنْصَارِيُّ
 
الخَزْرَجِيُّ، السَّلَمِيُّ، المَدَنِيُّ، البَدْرِيُّ، العَقَبِيُّ، قَاتِلُ أَبِي جَهْلٍ.
قَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ:
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ الجَمُوْحِ بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ، شَهِدَ بَدْراً.
رَوَى عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَاشَ إِلَى أَوَاخِرِ خِلاَفَةِ عُمَرَ.
وَفِي (الصَّحِيْحَيْنِ) مِنْ طَرِيْقِ يُوْسُفَ بنِ المَاجِشُوْنِ، أَنْبَأَنَا صَالِحُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
إِنِّي لَوَاقِفٌ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الصَّفِّ، فَنَظَرْتُ، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ حَدِيْثَةٌ أَسْنَانُهُمَا، فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُوْنَ بَيْنَ أَضْلُعٍ مِنْهُمَا.
فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ: يَا عَمّ! أَتَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟
قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ؟
قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوْتَ الأَعْجَلُ مِنَّا.
فتعجَّبْتُ لِذَلِكَ.
فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقَالَ مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أَبِي جَهْلٍ وَهُوَ يَجُوْلُ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ:
أَلاَ تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا.
قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا حَتَّى قَتَلاَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَخْبَرَاهُ.
فَقَالَ: (أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟).
(1/209)

فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ.
فَقَالَ: (هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟).
قَالاَ: لاَ.
فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: (كِلاَكُمَا قَتَلَهُ).
وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بنِ عَمْرٍو، وَالآخَرُ هُوَ مُعَاذُ بنُ عَفْرَاءَ.
وَعَنْ مُعَاذِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:
جَعَلْتُ أَبَا جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ شَأْنِي، فَلَمَّا أَمْكَنَنِي، حَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَضَرَبْتُهُ، فَقَطَعْتُ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ.
وَضَرَبَنِي ابْنُهُ عِكْرِمَةُ بنُ أَبِي جَهْلٍ عَلَى عَاتِقِي، فَطَرَحَ يَدِي، وَبَقِيَتْ مُعَلَّقَةً بِجِلْدَةٍ بِجَنْبِي، وَأَجْهَضَنِي عَنْهَا القِتَالُ، فَقَاتَلْتُ عَامَّةَ يَوْمِي، وَإِنِّي لأَسْحَبُهَا خَلْفِي.
فَلَمَّا آذَتْنِي، وَضَعْتُ قَدَمِي عَلَيْهَا، ثُمَّ تَمَطَّأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى طَرَحْتُهَا.
هَذِهِ -وَاللهِ- الشَّجَاعَةُ، لاَ كَآخَرُ مِنْ خُدْشٍ بِسَهْمٍ يَنْقَطِعُ قَلْبُهُ، وَتَخُوْرُ قِوَاهُ. (1/251)
نَقَلَ هَذِهِ القِصَّةَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَقَالَ: ثُمَّ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى زَمَنِ عُثْمَانَ.
قَالَ: وَمرَّ بِأَبِي جَهْلٍ مُعَوِّذُ بنُ عَفْرَاءَ، فَضَرَبَهُ حَتَّى أَثْبَتَهُ، وَتَرَكَهُ وَبِهِ رَمَقٌ.
ثُمَّ قَاتَلَ مُعَوِّذُ حَتَّى قُتِلَ، وَقُتِلَ أَخُوْهُ عَوْفٌ قَبْلَهُ، وَهُمَا ابْنَا الحَارِثِ بنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيِّ.
ثُمَّ مَرَّ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بِأَبِي جَهْلٍ، فَوَبَّخَهُ وَبِهِ رَمَقٌ، ثُمَّ احْتَزَّ رَأْسَهُ.
(1/210)

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ سَلاَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ الجَمَّالِ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ الأَبَّارُ، حَدَّثَنَا الهَيْثَمُ بنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا رِشْدِيْنُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الوَلِيْدِ التُّجِيْبِيِّ، عَنْ أَبِي مَنْصُوْرٍ مَوْلَى الأَنْصَارِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بنَ الجَمُوْحِ يَقُوْلُ:
إِنَّهُ سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي، وَأَحِبَّائِي مِنْ خَلْقِي الَّذِيْنَ يُذْكَرُوْنَ بِذِكْرِي، وَأُذْكَرُ بِذِكْرِهِم).
تَفَرَّدَ بِهِ: رِشْدِيْنُ، وَهُوَ ضَعِيْفٌ.
وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيْثُ لِصَاحِبِ التَّرْجَمَة، بَلْ لأَبِيْهِ.
وَقَدْ قَالُوا: إِنَّ عَمْراً قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَكَيْفَ يَسْمَعُ مِنْهُ أَبُو مَنْصُوْرٍ؟! (1/252)
(1/211)