عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ (ع) 1
 
بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زَوجَةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ.
وَأُمُّهَا: هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ.
هَاجَرَ بِعَائِشَةَ أَبَوَاهَا، وَتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَقِيْلَ: بِعَامَيْنِ.
وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، مُنَصَرَفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ.
فَرَوَتْ عَنْهُ: عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ.
وَعَنْ: أَبِيْهَا.
وَعَنْ: عُمَرَ، وَفَاطِمَةَ، وَسَعْدٍ، وَحَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَجُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ. (2/136)
(3/114)
حَدَّثَ عَنْهَا: إِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ النَّخَعِيُّ مُرْسَلاً، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ يَزِيْدَ التَّيْمِيُّ كَذَلِكَ، وَإِسْحَاقُ بنُ طَلْحَةَ، وَإِسْحَاقُ بنُ عُمَرَ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَأَيْمَنُ المَكِّيُّ، وَثُمَامَةُ بنُ حَزْنٍ.
وَجُبَيْرُ بنُ نُفَيْرٍ، وَجُمَيْعُ بنُ عُمَيْرٍ.
وَالحَارِثُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي رَبِيْعَةَ المَخْزُوْمِيُّ، وَالحَارِثُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالحَسَنُ، وَحَمْزَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، وَخَالِدُ بنُ سَعْدٍ، وَخَالِدُ بنُ مَعْدَانَ - وَقِيْلَ: لَمْ يَسَمَعْ مِنْهَا - وَخَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُوْرَةِ، وَخُبَيْبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَخِلاَسٌ الهَجَرِيُّ، وَخِيَارُ بنُ سَلَمَةَ، وَخَيْثَمَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَذَكْوَانُ السَّمَّانُ؛ وَمَولاَهَا ذَكْوَانُ، وَرَبِيْعَةُ الجُرَشِيُّ - وَلَهُ صُحْبَةٌ - وَزَاذَانُ أَبُو عُمَرَ الكِنْدِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَزِرُّ بنُ حُبَيْشٍ، وَزَيْدُ بنُ أَسْلَمَ.
وَسَالِمُ بنُ أَبِي الجَعْدِ - وَلَمْ يَسَمَعَا مِنْهَا - وَزَيْدُ بنُ خَالِدٍ الجُهَنِيُّ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَسَالِمُ سَبَلاَنَ، وَالسَّائِبُ بنُ يَزِيْدَ، وَسَعْدُ بنُ هِشَامٍ، وَسَعِيْدٌ المَقْبُرِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ العَاصِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَسُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ بُرَيْدَةَ.
وَشُرَيْحُ بنُ أَرْطَاةَ، وَشُرَيْحُ بنُ هَانِئ، وَشَرِيْقٌ الهَوْزَنِيُّ، وَشَقِيْقٌ أَبُو وَائِلٍ، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ.
وَصَالِحُ بنُ رَبِيْعَةَ بنِ الهَدِيْرِ، وَصَعْصَعَةُ عَمُّ الأَحْنَفِ، وَطَاوُوْسٌ، وَطَلْحَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّيْمِيُّ.
(3/115)
وَعَابِسُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَعَاصِمُ بنُ حُمَيْدٍ السَّكُوْنِيُّ، وَعَامِرُ بنُ سَعْدٍ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعبَّادُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَعُبَادَةُ بنُ الوَلِيْدِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بُرَيْدَةَ، وَأَبُو الوَلِيْدِ عَبْدُ اللهِ بنُ الحَارِثِ البَصْرِيُّ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ابْنُ أُخْتِهَا، وَأَخُوْهُ عُرْوَةُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَدَّادٍ اللَّيْثِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ شَقِيْقٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ (2/137) شِهَابٍ الخَوْلاَنِيُّ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ فَرُّوْخٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَيْرٍ، وَأَبُوْهُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُكَيْمٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي قَيْسٍ، وَابْنَا أَخِيْهَا: عَبْدُ اللهِ، وَالقَاسِمُ ابْنَا مُحَمَّدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي عَتِيْقٍ مُحَمَّدٍ، ابْنُ أَخِيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ وَاقِدٍ العُمَرِيُّ، وَرَضِيْعُهَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ، وَعَبْدُ اللهِ البَهِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَسْوَدِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ سَعِيْدِ بنِ وَهْبٍ الهَمْدَانِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ شُمَاسَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَابِطٍ الجُمَحِيُّ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ وَالِدُ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ، وَعِرَاكٌ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَعُرْوَةُ المُزَنِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَعَلْقَمَةُ، وَعَلْقَمَةُ بنُ وَقَّاصٍ، وَعَلِيُّ بنُ الحُسَيْنِ، وَعَمْرُو بنُ سَعِيْدٍ الأَشْدَقُ، وَعَمْرُو بنُ شُرَحْبِيْلَ، وَعَمْرُو بنُ غَالِبٍ، وَعَمْرُو بنُ
(3/116)
مَيْمُوْنٍ، وَعِمْرَانُ بنُ حِطَّانَ، وَعَوْفُ بنُ الحَارِثِ رَضِيْعُهَا، وَعِيَاضُ بنُ عُرْوَةَ، وَعِيْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَغُضَيْفُ بنُ الحَارِثِ.
وَفَرْوَةُ بنُ نَوْفَلٍ، وَالقَعْقَاعُ بنُ حَكِيْمٍ، وَقَيْسُ بنُ أَبِي حَازِمٍ، وَكَثِيْرُ بنُ عُبَيْدٍ الكُوْفِيُّ رَضِيْعُهَا، وَكُرَيْبٌ. (2/138)
وَمَالِكُ بنُ أَبِي عَامِرٍ، وَمُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيُّ - إِنْ كَانَ لَقِيَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ الأَشْعَثِ، وَمُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ الجُمَحِيُّ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، وَأَبُو جَعْفَرٍ البَاقِرُ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَمُحَمَّدُ بنُ قَيْسِ بنِ مَخْرَمَةَ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْتَشِرِ، وَمُحَمَّدُ بنُ المُنْكَدِرِ - وَكَأَنَّهُ مُرْسَلٌ - وَمَرْوَانُ العُقَيْلِيُّ أَبُو لُبَابَةَ، وَمَسْرُوْقٌ، وَمِصْدَعٌ أَبُو يَحْيَى، وَمُطَرِّفُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَمِقْسَمٌ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالمُطَّلِبُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْطَبٍ، وَمَكْحُوْلٌ - وَلَمْ يَلْحَقْهَا - وَمُوْسَى بنُ طَلْحَةَ، وَمَيْمُوْنُ بنُ أَبِي شَبِيْبٍ، وَمَيْمُوْنُ بنُ مِهْرَانَ.
وَنَافِعُ بنُ جُبَيْرٍ، وَنَافِعُ بنُ عَطَاءٍ، وَنَافِعٌ العُمَرِيُّ، وَالنُّعْمَانُ بنُ بَشِيْرٍ، وَهَمَّامُ بنُ الحَارِثِ، وَهِلاَلُ بنُ يِسَافٍ.
وَيَحْيَى بنُ الجَزَّارِ، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَيَزِيْدُ بنُ بَابَنُوْسَ، وَيَزِيْدُ بنُ الشِّخِّيْرِ، وَيَعْلَى بنُ عُقْبَةَ، وَيُوْسُفُ بنُ مَاهَكَ.
(3/117)
وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ بنُ أَبِي مُوْسَى، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، وَأَبُو الجَوْزَاءِ الرَّبَعِيُّ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ الأَرْحَبِيُّ، وَأَبُو حَفْصَةَ مَوْلاَهَا، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ - وَكَأَنَّهُ مرسل - وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ المُحَارِبِيُّ، وَأَبُو الصِّدِّيْقِ النَّاجِي، وَأَبُو ظَبْيَانَ الجَنْبِيُّ، وَأَبُو العَالِيَةِ رُفَيْعٌ الرِّيَاحِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللهِ الجَدَلِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَأَبُو عَطِيَّةَ الوَادِعِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ الجَرْمِيُّ - وَلَمْ يَلْقَهَا - وَأَبُو المَلِيْحِ الهُذَلِيُّ، وَأَبُو مُوْسَى، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو نَوْفَلٍ بنُ أَبِي عَقْرَبٍ، وَأَبُو يُوْنُسَ مَوْلاَهَا. (2/139)
وَبُهَيَّةُ مَوْلاَةُ الصِّدِّيْقِ، وَجَسْرَةُ بِنْتُ دَجَاجَةَ، وَحَفْصَةُ بِنْتُ أَخِيْهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَخَيْرَةُ وَالِدَةُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ، وَذِفْرَةُ بِنْتُ غَالِبٍ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ، وَزَيْنَبُ بِنْتُ نَصْرٍ، وَزَيْنَبُ السَّهْمِيَّةُ، وَسُمَيَّةُ البَصْرِيَّةُ، وَشُمَيْسَةُ العَتْكِيَّةُ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ شَيْبَةَ، وَصَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، وَعَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمَرْجَانَةُ وَالِدَةُ عَلْقَمَةَ بنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، وَمُعَاذَةُ العَدَوِيَّةُ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ التَّيْمِيَّةُ أُخْتُهَا، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ امْرَأَةُ وَالِدِ عَلِيِّ بنِ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَطَائِفَةٌ سِوَى هَؤُلاَءِ.
(مُسْنَدُ عَائِشَةَ): يَبْلُغُ أَلْفَيْنِ وَمائَتَيْنِ وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ.
(3/118)
اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى: مائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً.
وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ.
وَعَائِشَةُ مِمَّنْ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ فَاطِمَةَ بِثَمَانِي سِنِيْنَ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِيْنَانِ الدِّيْنَ.
وَذَكَرَتْ أَنَّهَا لَحِقَتْ بِمَكَّةَ سَائِسَ الفِيْلِ شَيْخاً أَعْمَى يَسْتَعْطِي. (2/140)
وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ، وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْراً غَيْرَهَا، وَلاَ أَحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا.
وَذَهَبَ بَعْضُ العُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ أَبِيْهَا، وَهَذَا مَرْدُوْدٌ، وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً، بَلْ نَشْهَدُ أَنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الدُّنْيَا وَالآخرَةِ، فَهَلْ فَوْقَ ذَلِكَ مَفْخَرٌ، وَإِنْ كَانَ لِلصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ شَأْوٌ لاَ يُلْحَقُ، وَأَنَا وَاقِفٌ فِي أَيَّتِهِمَا أَفْضَلُ، نَعَمْ جَزَمْتُ بِأَفْضَلِيَّةِ خَدِيْجَةَ عَلَيْهَا، لأُمُوْرٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهَا.
هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أُرِيْتُكِ فِي المَنَامِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، جَاءَ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيْرٍ، فَيَقُوْلُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ.
(3/119)
فَأَكْشِفُ عَنْ وَجْهِكِ، فَإِذَا أَنْتِ فِيْهِ، فَأَقُوْلُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ).
وَأَخْرَجَ: التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عَلْقَمَةَ المَكِّيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ جِبْرِيْلَ جَاءَ بِصُوْرَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيْرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.
حَسَّنَهُ: التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ حَدِيْثِ عَبْدِ اللهِ.
وَرَوَاهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِي عَنْهُ مُرْسَلاً. (2/141)
بِشْرُ بنُ الوَلِيْدِ القَاضِي: حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بنِ زَيْدٍ بنِ جُدْعَانَ، عَنْ جَدَّتِهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ:
لَقَدْ أُعْطِيْتُ تِسْعاً مَا أُعْطِيَتْهَا امْرَأَةٌ بَعْدَ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ: لَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيْلُ بِصُوْرَتِي فِي رَاحَتِهِ حَتَّى أَمَرَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَزَوَّجَنِي، وَلَقَدْ تَزَوَّجَنِي بِكْراً، وَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً غَيْرِي، وَلَقَدْ قُبِضَ وَرَأْسُهُ فِي حَجْرِي، وَلَقَدْ قَبَرْتُهُ فِي بَيْتِي، وَلَقَدْ حَفَّتِ الملاَئكَةُ بِبَيْتِي، وَإِنْ كَانَ الوَحْيُ لَيَنْزِلُ عَلَيْهِ وَإِنِّي لَمَعَهُ فِي لِحَافِهِ، وَإِنِّي لابْنَةُ خَلِيْفَتِهِ وَصِدِّيْقِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَلَقَدْ خُلِقْتُ طَيِّبَةً عِنْدَ طَيِّبٍ، وَلَقَدْ وُعِدْتُ مَغْفِرَةً وَرِزْقاً كَرِيْماً.
رَوَاهُ: أَبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ يَحْيَى الحُلْوَانِيِّ، عَنْهُ.
وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ، وَلَهُ طَرِيْقٌ آخَرُ سَيَأْتِي.
(3/120)
وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ، فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ، بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا، وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ - وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ - سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ).
قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا). (2/142)
وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ، وَمَا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِيُحِبَّ إِلاَّ طَيِّباً.
وَقَدْ قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ).
فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ.
وَحُبُّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً، أَلاَ تَرَاهُمْ كَيْفَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَهَا، تَقَرُّباً إِلَى مَرْضَاتِهِ؟
قَالَ حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
كَانَ النَّاسُ يَتَحَرَّوْنَ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: فَاجْتَمَعْنَ صَوَاحِبِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا:
(3/121)
إِنَّ النَّاسَ يَتَحَرَّوْنُ بِهَدَايَاهُمْ يَوْمَ عَائِشَةَ، وَإِنَّا نُرِيْدُ الخَيْرَ كَمَا تُرِيْدُهُ عَائِشَةُ، فَقُوْلِي لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَأْمُرِ النَّاسَ أَنْ يُهْدُوا لَهُ أَيْنَمَا كَانَ.
فَذَكَرَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لَهُ ذَلِكَ، فَسَكَتَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا، فَعَادَتِ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهَا.
فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ، قَالَ: (يَا أُمَّ سَلَمَةَ! لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّهُ -وَاللهِ- مَا نَزَلَ عَلَيَّ الوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا). (2/143)
مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
وَهَذَا الجَوَابُ مِنْهُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ بِأَمْرٍ إِلَهِيٍّ وَرَاءَ حُبِّهِ لَهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ الأَمْرَ مِنْ أَسْبَابِ حُبِّهِ لَهَا.
إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي أُوَيْسٍ: حَدَّثَنَا أَخِي أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ نِسَاءَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيْهِ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، وَصَفِيَّةُ، وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ: أُمُّ سَلَمَةَ، وَسَائِرُ أَزْوَاجِهِ.
وَكَانَ المُسْلِمُوْنَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيْدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَخَّرَهَا، حَتَّى إِذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي بَيْتِ عَائِشَةَ.
(3/122)
فَتَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُوْلُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ نِسَائِهِ.
فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ: كَلِّمِيْهِ.
قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِيْنَ دَارَ إِلَيْهَا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئاً، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئاً.
فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيْهِ.
فَدَارَ إِلَيْهَا، فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: (لاَ تُؤْذِيْنِي فِي عَائِشَةَ، فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلاَّ عَائِشَةَ). (2/144)
فَقَالَتْ: أَتُوْبُ إِلَى اللهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ.
ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَقُوْلُ: إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ.
فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ: (يَا بُنَيَّةُ! أَلاَ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟).
قَالَتْ: بَلَى.
فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ، وَأَخْبَرَتْهُنَّ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ.
فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، فَأَتَتْهُ، فَأَغْلَظَتْ، وَقَالَتْ:
إِنَّ نِسَاءكَ يَنْشُدْنَكَ اللهَ العَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ.
فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا، حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ، فَسَبَّتْهَا، حَتَّى إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَتَكَلَّمُ.
قَالَ: فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا، فَنَظَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى عَائِشَةَ، وَقَالَ: (إِنَّهَا ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ). (2/145)
(3/123)
فَضِيْلَةٌ:
إِسْمَاعِيْلُ بنُ جَعْفَرٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ أَنَساً يَقُوْلُ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ، كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ.
شُعْبَةُ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي مُوْسَى:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيْرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَفَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيْدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ).
(3/124)
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:
رَوَى: الحَاكِمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ)، مِنْ طَرِيْقِ يُوْسُفَ بنِ المَاجِشُوْنِ، قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ مِنْ أَزْوَاجِكَ فِي الجَنَّةِ؟
قَالَ: (أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ).
قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْراً غَيْرِي.
مُوْسَى - وَهُوَ الجُهَنِيُّ -: عَنْ أَبِي بَكْرٍ بنِ حَفْصٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّهَا جَاءتْ هِيَ وَأَبَوَاهَا، فَقَالاَ: إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَدْعُوَ لِعَائِشَةَ بِدَعْوَةٍ وَنَحْنُ نَسْمَعُ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ مَغْفِرَةً وَاجِبَةً، ظَاهِرَةً، بَاطِنَةً).
فَعَجِبَ أَبَوَاهَا، فَقَالَ: (أَتَعْجَبَانِ، هَذِهِ دَعْوَتِي لِمَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهَ، وَأَنِّي رَسُوْلُ اللهِ).
أَخْرَجَهُ: الحَاكمُ فِي (مُسْتَدْرَكِهِ)، مِنْ طَرِيْقِ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُوْسَى.
وَهُوَ غَرِيْبٌ جِدّاً. (2/146)
(3/125)
فَضِيْلَةٌ أُخْرَى:
شُعَيْبٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَا عَائِشُ! هَذَا جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلاَمَ).
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، تَرَى مَا لاَ نَرَى يَا رَسُوْلَ اللهِ.
زَكَرِيَّا بنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا: (إِنَّ جِبْرِيْلَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ).
فَقَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ.
وَأَخْرَجَ: النَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيْقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَ الأَوَّلِ.
وَفِي (مُسْنَدِ أَحْمَدَ): عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
رَأَيْتُكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ وَأَنْتَ قَائِمٌ تُكَلِّمُ دِحْيَةَ الكَلْبِيَّ.
فَقَالَ: (وَقَدْ رَأَيْتِهِ؟).
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: (فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ، وَهُوَ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ).
قَالَتْ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، جَزَاهُ اللهُ مِنْ زَائِرٍ وَدَخِيْلٍ، فَنِعْمَ الصَّاحِبُ، وَنِعْمَ الدَّخِيْلُ.
قَالَ: وَالِدَّخِيْلُ: الضَّيْفُ.
مُجَالِدٌ: لَيْسَ بِقَوِيٍّ.
كَثِيْرُ بنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بنُ هِشَامٍ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
(3/126)
قَالَتْ عَائِشَةُ لِنِسَاءِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فُضِّلْتُ عَلَيْكُنَّ بِعَشْرٍ وَلاَ فَخْرٍ: كُنْتُ أَحَبُّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي أَحَبَّ رِجَالِهِ إِلَيْهِ، وَابْتَكَرَنِي وَلَمْ يَبْتَكِرْ غَيْرِي، وَتَزَوَّجَنِي لِسَبْعٍ، وَبَنَى بِي لِتِسْعٍ، وَنَزَلَ عُذْرِي مِنَ السَّمَاءِ، وَاسْتَأْذَنَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ
: (إِنَّهُ لَيَشُقُّ عَلَيَّ الاخْتِلاَفُ بَيْنَكُنَّ، فَائْذَنَّ لِي أَنْ أَكُوْنَ عِنْدَ بَعْضِكُنَّ).
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَدْ عَرَفْنَا مَنْ تُرِيْدُ، تُرِيْدُ عَائِشَةَ، قَدْ أَذِنَّا لَكَ، وَكَانَ آخِرُ زَادِهِ مِنَ الدُّنْيَا رِيْقِي، أُتِيَ بِسِوَاكٍ، فَقَالَ: (انْكُثِيْهِ يَا عَائِشَةُ)، فَنَكَثْتُهُ، وَقُبِضَ بَيْنَ حَجْرِي وَنَحْرِي، وَدُفِنَ فِي بَيْتِي.
هَذَا حَدِيْثٌ صَالِحُ الإِسْنَادِ، وَلَكِنْ فِيْهِ انْقِطَاعٌ. (2/147)
(3/127)
فَضِيْلَةٌ بَاهِرَةٌ لَهَا:
خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اسْتَعْمَلَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاسِلِ.
قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ).
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا).
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ. (2/148)
قُلْتُ: قَدْ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
ابْنُ المُبَارَكِ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأُمَوِيُّ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ:
أَنَّهُ قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ).
قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا).
هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ.
أَخْرَجَهُ: النَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ، وَغَرَّبَهُ.
التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا المُعْتَمِرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ).
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُوْهَا).
قَالَ: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ غَرِيْبٌ. (2/149)
(3/128)
تَزْوِيْجُهَا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
رَوَى: هِشَامٌ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
تَزَوَّجَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَفَّى خَدِيْجَةَ، وَأَنَا ابْنَةُ سِتٍّ، وَأُدْخِلْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ، جَاءنِي نِسْوَةٌ وَأَنَا أَلْعَبُ عَلَى أُرْجُوْحَةٍ، وَأَنَا مُجَمَّمَةٌ، فَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، ثُمَّ أَتَيْنَ بِي إِلَيْهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ عُرْوَةُ: فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِيْنَ.
وَأَخْرَجَ: البُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ:
أَنَّ خَدِيْجَةَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ، فَلَبِثَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيْباً مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِيْنَ.
ابْنُ إِدْرِيْسَ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو، عَنْ يَحْيَى بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، قَالَ:
قَالَتْ عَائِشَةُ: لَمَّا مَاتَتْ خَدِيْجَةُ جَاءتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيْمٍ، فَقَالَتْ:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَلاَ تَزَوَّجُ؟
قَالَ: (وَمَنْ؟).
قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْراً، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّباً.
قَالَ: (مَنِ البِكْرُ، وَمَنِ الثَّيِّبُ؟).
قَالَتْ: أَمَّا البِكْرُ؛ فَعَائِشَةُ ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللهِ إِلَيْكَ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ؛ فَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، قَدْ آمَنَتْ بِكَ، وَاتَّبَعَتْكَ.
قَالَ: (اذْكُرِيْهِمَا عَلَيَّ).
قَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُوْمَانَ، فَقُلْتُ:
(3/129)
يَا أُمَّ رُوْمَانَ! مَاذَا أَدْخَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ؟
قَالَتْ: مَاذَا؟
قَالَتْ: رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ.
قَالَتْ: انْتَظِرِي، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ.
فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: أَوَ تَصْلُحُ لَهُ وَهِيَ ابْنَةُ أَخِيْهِ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَا أَخُوْهُ وَهُوَ أَخِي، وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِي).
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ رُوْمَانَ:
إِنَّ المُطْعِمَ بنَ عَدِيٍّ كَانَ قَدْ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ، وَوَاللهِ مَا أُخْلِفُ وَعْداً قَطُّ.
قَالَتْ: فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ المُطْعِمَ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمْرِ هَذِهِ الجَارِيَةِ؟
قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلِيْنَ؟
فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الفَتَى إِلَيْكَ تُدْخِلُهُ فِي دِيْنِكَ.
فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ أَنْتَ؟
قَالَ: إِنَّهَا لَتَقُوْلُ مَا تَسْمَعُ.