بَرِيْرَةُ مَوْلاَةُ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ عَائِشَةَ (س)
 
لَهَا حَدِيْثٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ.
رَوَى عَنْهَا: عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ، وَغَيْرُهُ.
قَدْ تَكَلَّمَ عَلَى حَدِيْثِهَا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ بِفَوَائِدَ جَمَّةٍ.
رَوَى: عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! إِنِّي كُنْتُ لِعُتْبَةَ بنِ أَبِي لَهَبٍ، وَإِنَّ بَنِيْهِ وَامْرَأَتَهُ بَاعُوْنِي، وَاشْتَرَطُوا الوَلاَءَ، فَمَوْلَى مَنْ أَنَا؟
فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ! دَخَلَتْ عَلَيَّ بَرِيْرَةُ وَهِيَ مُكَاتَبَةٌ، فَقَالَتْ: اشْتَرِيْنِي.
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَقَالَتْ: إِنَّهُمْ لاَ يَبِيْعُوْنَنِي حَتَّى يَشْتَرِطُوا وَلاَئِي.
فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْكِ.
فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَوْ بَلَغَهُ، فَقَالَ: (مَا بَالُ بَرِيْرَةَ؟).
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: (اشْتَرِيْهَا، فَأَعْتِقِيْهَا، وَدَعِيْهِمْ، فَيَشْتَرِطُونَ مَا شَاؤُوا).
فَاشْتَرَيْتُهَا، فَأَعْتَقْتُهَا، فَقَالَ: (الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَلَو اشْتَرَطُوا مائَةَ مَرَّةٍ).
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
(3/265)

قَامَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي شَأْنِ بَرِيْرَةَ حِيْنَ أَعْتَقَهَا وَاشْتَرَطَ أَهْلُهَا الوَلاَءَ، فَقَالَ: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُوْنَ شُرُوْطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مائَةَ مَرَّةٍ، فَشَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ).
وَرَوَى نَحْوَهُ: القَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَالأَسْوَدُ بنُ يَزِيْدَ، وَعَمْرَةُ، وَمُجَاهِدٌ، عَنْ عَائِشَةَ. (2/299)
وَيَرْوِيْهِ: نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
عُرْوَةُ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:
جَاءتْنِي بَرِيْرَةُ تَسْتَعِيْنُ فِي كِتَابَتِهَا، وَلَمْ تَكُنْ قَضَتْ شَيْئاً، فَقُلْتُ: ارْجِعِي إِلَى أَهْلِكِ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ أَقْضِيَ عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَيَكُوْنَ وَلاؤُكِ لِي، فَعَلْتُ.
فَذَكَرَتْ بَرِيْرَةُ ذَلِكَ لَهُم، فَأَبَوْا، وَقَالُوا: إِنْ شَاءتْ أَنْ تَحْتَسِبَ، فَلْتَفْعَلْ.
فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (ابْتَاعِي، فَأَعْتِقِي، فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).
ثُمَّ قَامَ، فَقَالَ: (مَا بَالُ أُنَاسٍ يَشْتَرِطُوْنَ شُرُوْطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَ مائَةَ شَرْطٍ، شَرْطُ اللهِ أَحَقُّ وَأَوْثَقُ).
وَفِي لَفْظٍ فِي (الصَّحِيْحِ)، قَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ، كُلُّ عَامٍ أُوْقِيَّةٌ، فَأَعِيْنِيْنِي.
وَفِي لَفْظٍ: (قَامَ فِي النَّاسِ، فَحَمِدَ اللهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ).
وَفِيْهِ: (قَضَاءُ اللهِ أَحَقُّ، وَشَرْطُ اللهُ أَوْثَقُ، وَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ).
وَفِي لَفْظٍ: (مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَقُوْلُ أَحَدُهُمْ: أَعْتِقْ يَا فُلاَنُ، وَلِيَ الوَلاَءُ).
(3/266)

وَفِي رِوَايَةٍ: دَخَلَتْ وَعَلَيْهَا خَمْسُ أَوَاقٍ فِي خَمْسِ سِنِيْنَ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ - وَنَفِسَتْ فِيْهَا -: أَرَأَيْتِ إِنْ عَدَدْتُ لَهُم عِدَّةً وَاحِدَةً، أَيَبِيْعُكِ أَهْلُكِ، فَأُعْتِقَكِ؟
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ: (لاَ يَمْنَعُكِ ذَلِكَ).
وَفِيْهِ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ).
وَفِي رِوَايَةٍ: عَتَقَتْ وَهِيَ عِنْدَ مُغِيْثِ بنِ جَحْشٍ، فَخَيَّرَهَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (إِنْ قَرُبَكِ، فَلاَ خِيَارَ لَكِ).
وَفِي رِوَايَةٍ: جَعَلَ عِدَّتَهَا عِدَّةَ المُطَلَّقَةِ الحُرَّةِ.
وَفِي لَفْظٍ: جَاءتْنِي وَرَسُوْلُ اللهِ جَالِسٌ، فَقَالَتْ لِي: مَا رَدَّ أَهْلُهَا؟
فَقُلْتُ: لاهَا اللهِ، وَرَفَعْتُ صَوْتِي.
فَقَالَ: (خُذِيْهَا، وَاشْتَرِطِي).
وَفِي لَفْظٍ: (إِذَا أُعْتِقْتِ، فَأَنْتَ أَوْلَى بِأَمْرِكِ مَا لَمْ يَطَأْكِ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ تَفْعَلِي).
قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ. (2/300)
وَفِي حَدِيْثِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ:
كَانَ فِي بَرِيْرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَالبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ تَفُوْرُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ مِنْ أَدَمِ البَيْتِ، فَقَالَ: (أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ؟).
قَالُوا: بَلَى، ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيْرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ.
قَالَ: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ).
وَفِي رِوَايَةٍ: وَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا وَهُوَ حُرٌّ، ثُمَّ قَالَ: لاَ أَدْرِي.
وَفِي لَفْظٍ: كَانَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، فَقَالَ: (أَنْتِ أَمْلَكُ لِنَفْسِكِ، إِنْ شِئْتِ أَقَمْتِ مَعَهُ). (2/301)
(3/267)

حَدِيْثُ الأَسْوَدِ: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيْرَةَ لِلْعِتْقِ، وَفِيْهِ:
فَخَيَّرَهَا مِنْ زَوْجِهَا، فَقَالَتْ: لَو أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا ثَبَتُّ عِنْدَهُ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا.
وَفِي لَفْظِ الحَكَمِ: وَكَانَ حُرّاً.
فَقَالَ البُخَارِيُّ: قَوْلُ الأَسْوَدِ مُنْقَطِعٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ: بِلَحْمِ بَقَرٍ.
قُلْنَا: تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيْرَةَ.
حَدِيْثُ عَمْرَةَ: عَنْ عَائِشَةَ:
إِنَّ بَرِيْرَةَ جَاءتْ تَسْتَعِيْنُ، فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُم ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً، فَأُعْتِقَكِ.
حَدِيْثُ نَافِعٍ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ:
أَنَّ عَائِشَةَ سَاوَمَتْ بَرِيْرَةَ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ إِلَى الصَّلاَةِ، فَلَمَّا جَاءَ، قَالَتْ: إِنَّهُمْ لاَ يَبِيْعُوْنَهَا إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الوَلاَءَ.
قَالَ: (إِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ). (2/302)
هَمَّامٌ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
أَنَّ زَوْجَ بَرِيْرَةَ كَانَ عَبْداً أَسْوَدَ يُسَمَّى مُغِيثاً، فَقَضَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِيْهَا أَرْبَعَ قَضِيَّاتٍ:
أَنَّ مَوَالِيْهَا اشْتَرَطُوا الوَلاَءَ، فَقَضَى أَنَّ الوَلاَءَ لِمَنْ أَعْتَقَ.
وَخُيِّرَتْ، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا.
فَأَمَرَ النَّبِيُّ أَنْ تَعْتَدَّ، فَكُنْتُ أَرَاهُ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ المَدِيْنَةِ، يَعْصِرُ عَيْنَيه عَلَيْهَا.
قَالَ: وَتُصُدِّقَ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ، فَأَهْدَتْ مِنْهَا إِلَى عَائِشَةَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ).
رَوَى نَحْواً مِنْهُ: رَبِيْعَةُ الرَّأْيِ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ.
دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ: عَنِ الشَّعْبِيِّ:
(3/268)

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِبَرِيْرَةَ: (قَدْ أُعْتِقَ بَضْعُكِ مَعَكِ، فَاخْتَارِي).
أَيُّوْبُ السَّخْتِيَانِيُّ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ خَيَّرَ بَرِيْرَةَ، فَكَلَّمَهَا فِيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، أَشَيْءٌ وَاجِبٌ؟
قَالَ: (لاَ، إِنَّمَا أَشْفَعُ لَهُ). (2/303)
شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
أُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ بِلَحْمٍ، فَقِيْلَ: تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيْرَةَ.
قَالَ: (هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ).
أَيُّوْبُ: عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ:
ذُكِرَ زَوْجُ بَرِيْرَةَ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: ذَاكَ مُغِيْثٌ، عَبْدُ بَنِي فُلاَنٍ، قَدْ رَأَيْتُهُ يَبْكِي خَلْفَهَا، يَتْبَعُهَا فِي الطَّرِيْقِ.
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: لاَ أَعْلَمُ أَهْلَ المَدِيْنَةِ وَمَكَّةَ يَخْتَلِفُوْنَ أَنَّهُ عَبْدٌ.
ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ زَوْجُ بَرِيْرَةَ يَوْمَ خُيِّرَتْ حُرّاً.
عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ: عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ: أَنَّ زَوْجَ بَرِيْرَةَ كَانَ عَبْداً.
قُلْتُ: بَرِيْرَةُ لَمَّا أَعْتَقَتْهَا عَائِشَةُ - وَقْتَ بَاعُوْهَا - كَانَ ذَلِكَ وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالمَدِيْنَةِ، وَإِنَّمَا قَدِمَهَا بَعْدَ عَامِ الفَتْحِ.
فَأَمَّا الجَارِيَةُ الَّتِي فِي حَدِيْثِ الإِفْكِ الَّتِي سُئِلَتْ عَمَّا تَعْلَمُ مِنْ عَائِشَةَ، فَأُخْرَى غَيْرُ بَرِيْرَةَ.
وَجَاءَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ لِلعَبَّاسِ: يَا عَمّ! أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ بُغْضِ بَرِيْرَةَ مُغِيْثاً، وَحُبِّهِ لَهَا. (2/304)
(3/269)