زَيْدُ بنُ ثَابِتِ بنِ الضَّحَّاكِ بنِ زَيْدٍ الخَزْرَجِيُّ (ع)
 
ابْنِ لُوْذَانَ بنِ عَمْرِو بنِ عَبْدِ عَوْفٍ بنِ غَنْمِ بنِ مَالِكِ بنِ النَّجَّارِ بنِ ثَعْلَبَةَ.
الإِمَامُ الكَبِيْرُ، شَيْخُ المُقْرِئِيْنَ وَالفَرَضِيِّيْنَ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، أَبُو سَعِيْدٍ، وَأَبُو خَارِجَةَ الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، الأَنْصَارِيُّ، كَاتِبُ الوَحْيِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. (2/427)
حَدَّثَ عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَنْ صَاحِبَيْهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِ القُرْآنَ بَعْضَهُ أَوْ كُلَّهُ، وَمَنَاقِبُهُ جَمَّةٌ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ - وَقَرَآ عَلَيْهِ - وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَسَهْلُ بنُ سَعْدٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الخَطْمِيُّ، وَمَرْوَانُ بنُ الحَكَمِ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَقَبِيْصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ، وَابْنَاهُ؛ الفَقِيْهُ خَارِجَةُ، وَسُلَيْمَانُ، وَأَبَانُ بنُ عُثْمَانَ، وَعَطَاءُ بنُ يَسَارٍ، وَأَخُوْهُ؛ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَعُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ، وَالقَاسِمُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ، وَحُجْرُ المَدَرِيُّ، وَطَاوُوْسٌ، وَبُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَتَلاَ عَلَيْهِ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَكَانَ مِنْ حَمَلَةِ الحُجَّةِ، وَكَانَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ يَسْتَخْلِفُهُ إِذَا حَجَّ عَلَى المَدِيْنَةِ.
وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى قِسْمَةَ الغَنَائِمِ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ.
(3/376)

وَقَدْ قُتِلَ أَبُوْهُ قَبْلَ الهِجْرَةِ يَوْمَ بُعَاثٍ، فَرُبِّيَ زَيْدٌ يَتِيْماً.
وَكَانَ أَحَدَ الأَذْكِيَاءِ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمَ زَيْدٌ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَعَلَّمَ خَطَّ اليَهُوْدِ، لِيَقْرَأَ لَهُ كُتُبَهُمْ، قَالَ: (فَإِنِّي لاَ آمَنُهُمْ). (2/428)
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَلَدَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: سَعِيْداً، وَبِهِ كَانَ يُكْنَى، وَأُمُّهُ: أُمُّ جَمِيْلٍ.
وَوُلِدَ لِزَيْدٍ: خَارِجَةُ، وَسُلَيْمَانُ، وَيَحْيَى، وَعُمَارَةُ، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَأَسَعْدُ، وَعُبَادَةُ، وَإِسْحَاقُ، وَحَسَنَةُ، وَعَمْرَةُ، وَأُمُّ إِسْحَاقَ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ، وَأُمُّ هَؤُلاَءِ: أُمُّ سَعْدٍ ابْنَةُ سَعْدِ بنِ الرَّبِيْعِ، أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ.
وَوُلِدَ لَهُ: إِبْرَاهِيْمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأُمُّ حَسَنٍ، مِنْ: عَمْرَةَ بِنْتِ مُعَاذِ بنِ أَنَسٍ.
وَوُلِدَ لَهُ: زَيْدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَأُمُّ كُلْثُوْمٍ، لأُمِّ وَلَدٍ.
وَسَلِيْطٌ، وَعِمْرَانُ، وَالحَارِثُ، وَثَابِتٌ، وَصَفِيَّةُ، وَقَرِيْبَةُ، وَأُمُّ مُحَمَّدٍ، لأُمِّ وَلَدٍ.
قَالَ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ: زَيْدٌ يُكْنَى أَبَا سَعِيْدٍ.
وَيقَالُ: أَبُو خَارِجَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ المُقَدَّمِيُّ: لَهُ كُنْيَتَانِ.
رَوَى: خَارِجَةُ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
قَدِمَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ إِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً، وَأَمَرَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَةَ يَهُوْدٍ.
قَالَ: وَكُنْتُ أَكْتُبُ، فَأَقْرَأُ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ.
(3/377)

ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أُتِيَ بِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَقْدَمُهُ المَدِيْنَةَ، فَقَالُوا:
يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا غُلاَمٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ قَرَأَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سُوْرَةً.
فَقَرَأْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: (يَا زَيْدُ! تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ يَهُوْدٍ، فَإِنِّي -وَاللهِ- مَا آمَنُهُمْ عَلَى كِتَابِي).
قَالَ: فَتَعَلَّمْتُهُ، فَمَا مَضَى لِي نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى حَذَقْتُهُ، وَكُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَتَبَ إِلَيْهِمْ. (2/429)
الأَعْمَشُ: عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ زَيْدٌ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَتُحْسِنُ السُّرْيَانِيَّةَ؟).
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: (فَتَعَلَّمْهَا).
فَتَعَلَّمْتُهَا فِي سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْماً.
الوَلِيْدُ بنُ أَبِي الوَلِيْدِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بنُ خَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ:
كَانَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، بَعَثَ إِلَيَّ، فَكَتَبْتُهُ.
يَرْوِيْهِ: اللَّيْثُ، عَنْهُ. (2/430)
أَبُو إِسْحَاقَ: عَنِ البَرَاءِ:
قَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (ادْعُ لِي زَيْداً، وَقُلْ لَهُ يَجِيْءُ بِالكَتِفِ وَالدَّوَاةِ).
قَالَ: فَقَالَ: اكْتُبْ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُوْنَ} [النِّسَاءُ: 84]...، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
(3/378)

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ السَّلاَمِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعْرِيَّةِ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنْ زَيْنَبَ، وَعَبْدِ المُعِزِّ الهَرَوِيِّ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الكَنْجَرُوْذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الحَاكِمُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ البَغَوِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ - هُوَ ابْنُ الجَعْدِ - أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ شُرَحْبِيْلَ -يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ- قَالَ:
كُنْتُ مَعَ زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ بِالأَسْوَافِ، فَأَجِدُ طَيْراً، فَدَخَلَ زَيْدٌ.
قَالَ: فَدَفَعُوا فِي يَدِيَّ، وَفَرُّوا، فَأَخَذَ الطَّيْرَ، فَأَرْسَلَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ فِي قَفَايَ، وَقَالَ:
لاَ أُمَّ لَكَ، أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَرَّمَ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا. (2/431)
شُرَحْبِيْلُ: فِيْهِ لِيْنٌ مَا.
وَقَالَ عُبَيْدُ بنُ السَّبَّاقِ: حَدَّثَنِي زَيْدٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ:
إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، قَدْ كُنْتَ تَكْتُبَ الوَحْيَ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ.
فَقُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُوْنَ شَيْئاً لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: هُوَ -وَاللهِ- خَيْرٌ.
فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَكُنْتُ أَتَتَبَّعُ القُرْآنَ، أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ، وَالأَكْتَافِ، وَالعُسُبِ، وَصُدُوْرِ الرِّجَالِ.
قَالَ أَنَسٌ: جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيٌّ، وَمُعَاذٌ، وَزَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.
(3/379)

خَالِدٌ الحَذَّاءُ: عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَفْرَضُ أُمَّتِي: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ).
وَجَاءَ نَحْوُهُ مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ. (2/432)
مَنْدَلُ بنُ عَلِيٍّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَفْرَضُ أُمَّتِي: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ).
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ وَكِيْعٍ، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ دَاوُدَ العَطَّارِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي: أَبُو بَكْرٍ...)، الحَدِيْثَ.
وَفِيْهِ: (وَأَفْرَضُهُمْ: زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ).
هَذَا غَرِيْبٌ، وَحَدِيْثُ الحَذَّاءِ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
قُلْتُ: بِتَقْدِيرِ صِحَّةِ: (أَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ، وَأَقْرَأُهُمْ أُبَيٌّ) لاَ يَدُلُّ عَلَى تَحَتُّمِ تَقْلِيْدِهِ فِي الفَرَائِضِ، كَمَا لاَ يَتَعَيَّنُ تَقْلِيْدُ أُبَيٍّ فِي قِرَاءتِهِ، وَمَا انْفَرَدَ بِهِ.
رَوَى: عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
غَلَبَ زَيْدٌ النَّاسَ عَلَى اثْنَتَيْنِ: الفَرَائِضِ، وَالقُرْآنِ.
وَيُرْوَى عَنْ زَيْدٍ، قَالَ:
أَجَازَنِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَكَسَانِي قُبْطِيَّةً. (2/433)
وَعَنْهُ، قَالَ: أُجِزْتُ فِي الخَنْدَقِ، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بُعَاثٍ وَأَنَا ابْنُ سِتِّ سِنِيْنَ.
دَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ: عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ، قَامَ خُطَبَاءُ الأَنْصَارِ، فَتَكَلَّمُوا، وَقَالُوا: رَجُلٌ مِنَّا، وَرَجُلٌ مِنْكُمْ.
(3/380)

فَقَامَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ كَانَ منَ المُهَاجِرِيْنَ، وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ، وَإِنَّمَا يَكُوْنُ الإِمَامُ مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وَنَحْنُ أَنْصَارُهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: جَزَاكُمُ اللهُ خَيْراً يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، وَثَبَّتَ قَائِلَكُم، لَو قُلْتُمْ غَيْرَ هَذَا مَا صَالَحْنَاكُمْ.
هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيْحٌ.
رَوَاهُ: الطَّيَالِسِيُّ فِي (مُسْنَدِهِ)، عَنْ وُهَيْبٍ، عَنْهُ.
رَوَى: الشَّعْبِيُّ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ:
كَانَ أَصْحَابُ الفَتْوَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ، وَزَيْدٌ، وَأُبَيٌّ، وَأَبُو مُوْسَى. (2/434)
مُجَالِدٌ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: القُضَاةُ أَرْبَعَةٌ: عُمَرُ، وَعَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَابْنُ مَسْعُوْدٍ.
وَعَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ: كَانَ عُمَرُ يَسْتَخْلِفُ زَيْداً فِي كُلِّ سَفَرٍ.
وَعَنْ سَالِمٍ: كُنَّا مَعَ ابْنِ عُمَرَ يَوْمَ مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، فَقُلْتُ: مَاتَ عَالِمُ النَّاسِ اليَوْمَ.
فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، فَقَدْ كَانَ عَالِمَ النَّاسِ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ وَحَبْرَهَا، فَرَّقَهُم عُمَرُ فِي البُلْدَانِ، وَنَهَاهُمْ أَنْ يُفْتُوا بِرَأْيِهِمْ، وَحَبَسَ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ بِالمَدِيْنَةِ، يُفْتِي أَهْلَهَا.
وَعَنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ، قَالَ:
مَا كَانَ عُمَرُ، وَعُثْمَانُ يُقَدِّمَانِ عَلَى زَيْدٍ أَحَداً فِي الفَرَائِضِ، وَالفَتْوَى، وَالقِرَاءةِ، وَالقَضَاءِ.
وَعَنْ يَعْقُوْبَ بنِ عُتْبَةَ: أَنَّ عُمَرَ اسْتَخْلَفَ زَيْداً، وَكَتَبَ إِلَيْهِ مِنَ الشَّامِ:
إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ مِنْ عُمَرَ.
(3/381)

قَالَ خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: كَانَ عُمَرُ يَسْتَخْلِفُ أَبِي، فَقَلَّمَا رَجَعَ إِلاَّ أَقْطَعَهُ حَدِيْقَةً مِنْ نَخْلٍ. (2/435)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
قَالَ ثَعْلَبَةُ بنُ أَبِي مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ يَقُوْلُ: مَنْ يَعْذِرُنِي مِنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ؟ غَضِبَ إِذْ لَمْ أُوَلِّهِ نَسْخَ المَصَاحِفِ، هَلاَّ غَضِبَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ إِذْ عَزَلاَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَوَلَّيَا زَيْداً، فَاتَّبَعْتُ فِعْلَهُمَا.
مُغِيْرَةُ: عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
تَنَازَعَ أُبَيٌّ وَعُمَرُ فِي جَدَادِ نَخْلٍ، فَبَكَى أُبَيٌّ، ثُمَّ قَالَ: أَفِي سُلْطَانِكَ يَا عُمَرُ؟
قَالَ: اجْعَلْ بَيْنِي وَبَيْنكَ رَجُلاً.
قَالَ أُبَيٌّ: زَيْدٌ.
فَانْطَلَقَا، حَتَّى دَخَلا عَلَيْهِ، فَتَحَاكَمَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: بَيِّنَتُكَ يَا أُبَيُّ.
قَالَ: مَا لِي بَيِّنَةٌ.
قَالَ: فَأَعْفِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ اليَمِيْنِ.
فَقَالَ عُمَرُ: لاَ تُعْفِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ مِنَ اليَمِيْنِ إِنْ رَأَيْتَهَا عَلَيْهِ.
وَتَابَعَهُ: سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ زِيَادٍ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:
اسْتَعْمَلَ عُمَرُ زَيْداً عَلَى القَضَاءِ، وَفَرَضَ لَهُ رِزْقاً.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، وَآخَرَ، قَالاَ:
لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ، أَتَاهُ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الدَّارَ.
فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَنْتَ خَارِجَ الدَّارِ أَنْفَعُ لِي مِنْكَ هَا هُنَا، فَذُبَّ عَنِّي.
فَخَرَجَ، فَكَانَ يَذُبُّ النَّاسَ، وَيَقُوْلُ لَهُمْ فِيْهِ، حَتَّى رَجَعَ أُنَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَجَعَلَ يَقُوْلُ:
(3/382)

يَا لَلأَنْصَارِ، كُوْنُوا أَنْصَاراً للهِ مَرَّتَيْنِ، انْصُرُوْهُ، وَاللهِ إِنَّ دَمَهُ لَحَرَامٌ. (2/436)
فَجَاءَ أَبُو حَيَّةَ المَازِنِيُّ مَعَ نَاسٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: مَا يَصْلُحُ مَعَكَ أَمْرٌ.
فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَلاَمٌ، وَأَخَذَ بِتَلْبِيْبِ زَيْدٍ هُوَ وَأُنَاسٌ مَعَهُ، فَمَرَّ بِهِ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَوْهُمْ، أَرْسَلُوْهُ.
وَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُم لأَبِي حَيَّةَ: أَتَصْنَعُ هَذَا بِرَجُلٍ لَو مَاتَ اللَّيْلَةَ مَا دَرَيْتَ مَا مِيْرَاثُكَ مِنْ أَبِيْكَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: لَو هَلَكَ عُثْمَانُ وَزَيْدٌ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ، لَهَلَكَ عِلْمُ الفَرَائِضِ، لَقَدْ أَتَى عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ وَمَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُمَا.
أَخْرَجَهُ: الدَّارِمِيُّ.
وَقَالَ جَعْفَرُ بنُ بُرْقَانَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُوْلُ:
لَوْلاَ أَنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ كَتَبَ الفَرَائِضَ، لَرَأَيْتُ أَنَّهَا سَتَذْهَبُ مِنَ النَّاسِ.
وَرَوَى: سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ الأَسْوَدِ، قَالَ:
قَالَ مَالِكٌ: كَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ عُمَرَ، زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَكَانَ إِمَامَ النَّاسِ عِنْدَنَا بَعْدَ زَيْدٍ، ابْنُ عُمَرَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: النَّاسُ عَلَى قِرَاءةِ زَيْدٍ، وَعَلَى فَرْضِ زَيْدٍ. (2/437)
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
لَقَدْ عَلِمَ المَحْفُوْظُوْنَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ.
الأَعْمَشُ: عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ:
أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ فِي أَخَوَاتٍ لأَبٍ، وُأُمٍّ، وَإِخْوَةٍ، وَأَخَوَاتٍ لأَبٍ: لِلأَخَوَاتِ لِلأَبِ، وَالأُمِّ: الثُّلُثَانِ، فَمَا بَقِي: فَلِلذُّكُورِ دُوْنَ الإِنَاثِ.
(3/383)

فَقَدِمَ مَسْرُوْقٌ المَدِيْنَةَ، فَسَمِعَ قَوْلَ زَيْدٍ فِيْهَا، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: أَتَتْرُكُ قَوْلَ عَبْدِ اللهِ؟
فَقَالَ أَتَيْتُ المَدِيْنَةَ، فَوَجَدْتُ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ مِنَ الرَّاسِخِيْنَ فِي العِلْمِ، -يَعْنِي: كَانَ زَيْدٌ يُشَرِّكُ بَيْنَ البَاقِيْنَ-.
مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ:
أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَامَ إِلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَأَخَذَ لَهُ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ: تَنَحَّ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ: إِنَّا هَكَذَا نَفْعَلُ بِعُلَمَائِنَا وَكُبَرَائِنَا. (2/438)
قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَدٌ لَهُ أَصْحَابٌ حَفِظُوا عَنْهُ، وَقَامُوا بِقَوْلِهِ فِي الفِقْهِ، إِلاَّ ثَلاَثَةٌ: زَيْدٌ، وَعَبْدُ اللهِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.
شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ:
بَلَغَنَا أَنَّ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُوْلُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الأَمْرِ: أَكَانَ هَذَا؟
فَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ، حَدَّثَ فِيْهِ بِالَّذِي يَعْلَمُ، وَإِنْ قَالُوا: لَمْ يَكُنْ، قَالَ: فَذَرُوْهُ حَتَّى يَكُوْنَ.
مُوْسَى بنُ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ: عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ إِذَا سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ، قَالَ: آللهِ كَانَ هَذَا؟
فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، تَكَلَّمَ فِيْهِ، وَإِلاَّ لَمْ يَتَكَلَّمْ.
الثَّوْرِيُّ: عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ:
أَنَّ مَرْوَانَ دَعَا زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَأَجْلَسَ لَهُ قَوْماً خَلْفَ سِتْرٍ، فَأَخَذَ يَسْأَلُهُ وَهُمْ يَكْتُبُوْنَ.
فَفَطِنَ زَيْدٌ، فَقَالَ: يَا مَرْوَانُ! أَغَدْراً، إِنَّمَا أَقُوْلُ بِرَأْيِي.
(3/384)

رَوَاهُ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ حُمَيْدٍ الرُّؤَاسِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَمَحَوْهُ.
هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
حَجَّ بِنَا أَبُو الوَلِيْدِ، وَنَحْنُ وَلَدُ سِيْرِيْنَ سَبْعَةٌ، فَمَرَّ بِنَا عَلَى المَدِيْنَةِ، فَأَدْخَلَنَا عَلَى زَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، فَقَالَ: هَؤُلاَءِ بَنُو سِيْرِيْنَ.
فَقَالَ زَيْدٌ: هَؤُلاَءِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ، وَهَذَانِ لأُمٍّ.
قَالَ: فَمَا أَخْطَأَ، وَكَانَ مُحَمَّدٌ وَمَعَبْدٌ وَيَحْيَى لأُمٍّ. (2/439)
وَرَوَى: الأَعْمَشُ، عَنْ ثَابِتِ بنِ عُبَيْدٍ، قَالَ:
كَانَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ مِنْ أَفْكَهِ النَّاسِ فِي أَهْلِهِ، وَأَزْمَتِهِ عِنْدَ القَوْمِ.
هِشَامٌ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
خَرَجَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ يُرِيْدُ الجُمُعَةَ، فَاسْتَقْبَلَ النَّاسَ رَاجِعِيْنَ، فَدَخَلَ دَاراً، فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مَنْ لاَ يَسْتَحْيِي منَ النَّاسِ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ اللهِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَاتَ حَبْرُ الأُمَّةِ، وَلَعَلَّ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْهُ خَلَفاً.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ عَمَّارِ بنِ أَبِي عَمَّارٍ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ زَيْدٌ، جَلَسْنَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ظِلٍّ، فَقَالَ: هَكَذَا ذَهَابُ العُلَمَاءِ، دُفِنَ اليَوْمَ عِلْمٌ كَثِيْرٌ. (2/440)
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
لَمَّا مَاتَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ، وَنَزَلَ نِسَاءُ العَوَالِي، وَجَاءَ نِسَاءُ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَ خَارِجَةُ يُذَكِّرُهُنَّ اللهَ: لاَ تَبْكِيْنَ عَلَيْهِ.
فَقُلْنَ: لاَ نَسْمَعُ مِنْكَ، وَلَنَبْكِيَنَّ عَلَيْهِ ثَلاَثاً، وَغَلَبْنَهُ.
(3/385)

قَالَ الوَاقِدِيُّ: وَأَرْسَلَ مَرْوَانُ بِجُزُرٍ، فَنُحِرَتْ، وَأَطْعَمُوا النَّاسَ.
وَفِيْهِ يَقُوْلُ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ:
فَمَنْ لِلْقَوَافِي بَعْدَ حَسَّانَ وَابْنِهُ * وَمَنْ لِلْمَثَانِي بَعْدَ زَيْدِ بنِ ثَابِتِ
وَقَالَ جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ مَكْحُوْلٍ:
أَنَّ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ دَعَا نَبَطِيّاً يُمْسِكُ دَابَّتَهُ عِنْدَ بَيْتِ المَقْدِسِ، فَأَبَى، فَضَرَبَهُ، فَشَجَّهُ، فَاسْتَعْدَى عَلَيْهِ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا دَعَاكَ إِلَى مَا صَنَعْتَ بِهَذَا؟
قَالَ: أَمَرْتُهُ، فَأَبَى، وَأَنَا فِي حِدَّةٍ، فَضَرَبْتُهُ.
فَقَالَ: اجْلِسْ لِلْقِصَاصِ.
فَقَالَ زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ: أَتُقِيْدُ لِعَبْدِكَ مِنْ أَخِيْكَ؟!
فَتَرَكَ عُمَرُ القَوَدَ، وَقَضَى عَلَيْهِ بِالدِّيَةِ. (2/441)
وَمِنْ جَلاَلَةِ زَيْدٍ: أَنَّ الصِّدِّيْقَ اعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَةِ القُرْآنِ العَظِيْمِ فِي صُحُفٍ، وَجَمْعِهِ مِنْ أَفْوَاهِ الرِّجَالِ، وَمِنَ الأَكْتَافِ، وَالرِّقَاعِ، وَاحْتَفَظُوا بِتِلْكَ الصُّحُفِ مُدَّةً، فَكَانَتْ عِنْدَ الصِّدِّيْقِ، ثُمَّ تَسَلَّمَهَا الفَارُوْقُ، ثُمَّ كَانَتْ بَعْدُ عِنْدَ أُمِّ المُؤْمِنِيْنَ حَفْصَةَ، إِلَى أَنْ نَدَبَ عُثْمَانُ زَيْدَ بنَ ثَابِتٍ، وَنَفَراً مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى كِتَابِ هَذَا المُصْحَفِ العُثْمَانِيِّ الَّذِي بِهِ الآنَ فِي الأَرْضِ أَزْيَدُ مِنْ أَلْفَيْ أَلْفِ نُسْخَةٍ، وَلَمْ يَبْقَ بِأَيْدِي الأُمَّةِ قُرْآنٌ سِوَاهُ - وَللهِ الحَمْدُ -.
وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وَفَاةِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى أَقْوَالٍ:
فَقَالَ الوَاقِدِيُّ - وَهُوَ إِمَامُ المُؤَرِّخِيْنَ -: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ، عَنْ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
(3/386)

وَتَبِعَهُ عَلَى وَفَاتِهِ: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، وَشَبَابٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ.
ثُمَّ قَالَ: وَسَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ أَثْبَتُ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرُو بنُ عَلِيٍّ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ المَدَائِنِيُّ، وَالهَيْثَمُ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ.
وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ - فَاللهُ أَعْلَمُ -.
حَفْصٌ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
لَمْ أُخَالِفْ عَلِيّاً فِي شَيْءٍ مِنْ قِرَاءتِهِ، وَكُنْتُ أَجْمَعُ حُرُوفَ عَلِيٍّ، فَأَلْقَى بِهَا زَيْداً فِي المَوَاسِمِ بِالمَدِيْنَةِ، فَمَا اخْتَلَفَا إِلاَّ فِي التَّابُوْتِ، كَانَ زَيْدٌ يَقْرَأُ بِالهَاءِ، وَعَلِيٌّ بِالتَاءِ. (2/442)
(3/387)