تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ أَبُو رُقَيَّةَ بنُ أَوْسِ بنِ خَارِجَةَ (م، 4)
 
صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو رُقَيَّةَ تَمِيْمُ بنُ أَوْسِ بنِ خَارِجَةَ بنِ سَوْدِ بنِ جَذِيْمَةَ اللَّخْمِيُّ، الفِلَسْطِيْنِيُّ.
وَالدَّارُ: بَطْنٌ مِنْ لَخْمٍ، وَلَخْمٌ: فَخِذٌ مِنْ يَعْرُبَ بنِ قَحْطَانَ.
وَفَدَ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ سَنَةَ تِسْعٍ، فَأَسْلَمَ، فَحَدَّثَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى المِنْبَرِ بِقِصَّةِ الجَسَّاسَةِ فِي أَمْرِ الدَّجَّالِ.
وَلِتَمِيْمٍ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، وَكَانَ عَابِداً، تَلاَّءً لِكِتَابِ اللهِ. (2/443)
حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ مَوْهَبٍ عَبْدُ اللهِ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ، وَكَثِيْرُ بنُ مُرَّةَ، وَعَطَاءُ بنُ يَزِيْدَ اللَّيْثِيُّ، وَزُرَارَةُ بنُ أَوْفَى، وَشَهْرُ بنُ حَوْشَبٍ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: لَمْ يَزَلْ بِالمَدِيْنَةِ حَتَّى تَحَوَّلَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ إِلَى الشَّامِ.
قَالَ البُخَارِيُّ: هُوَ أَخُو أَبِي هِنْدٍ الدَّارِيِّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ وَفْدُ الدَّارِيِّيْنَ عَشْرَةً، فِيْهِم تَمِيْمٌ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ عِكْرِمَةُ:
لَمَّا أَسْلَمَ تَمِيْمٌ، قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ اللهَ مُظْهِرُكَ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا، فَهَبْ لِي قَرْيَتِي مِنْ بَيْتِ لَحْمٍ.
قَالَ: (هِيَ لَكَ).
وَكَتَبَ لَهُ بِهَا.
قَالَ: فَجَاءَ تَمِيْمٌ بِالكِتَابِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: أَنَا شَاهِدُ ذَلِكَ، فَأَمْضَاهُ.
وَذَكَرَ اللَّيْثُ:
(3/388)

أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: (لَيْسَ لَكَ أَنْ تَبِيْعَ).
قَالَ: فَهِيَ فِي أَيْدِي أَهْلِهِ إِلَى اليَوْمِ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ: لَيْسَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَطِيْعَةٌ سِوَى: حَبْرَى، وَبَيْت عَيْنُوْنَ، أَقْطَعَهُمَا تَمِيْماً وَأَخَاهُ نُعَيْماً. (2/444)
وَفِي (الصَّحِيْحِ) مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
خَرَجَ سَهْمِيٌّ مَعَ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، وَعَدِيِّ بنِ بَدَّاءَ، فَمَاتَ بِأَرْضِ كُفْرٍ، فَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ، فَفَقَدُوا جَامّاً مِنْ فِضَّةٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَجَدُوا الجَامَّ بِمَكَّةَ.
فَقِيْلَ: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْ تَمِيْمٍ وَعَدِيٍّ.
فَقَامَ رَجُلاَنِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَأَنَّ الجَامَّ لِصَاحِبِهِمْ.
وَفِيْهِم نَزَلَتْ آيَةُ: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ} [المَائِدَةُ: 110].
قَالَ قَتَادَةُ: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ} [الرَّعْدُ: 45].
قَالَ: سَلْمَانُ، وَابْنُ سَلاَمٍ، وَتَمِيْمٌ الدَّارِيُّ. (2/445)
وَرَوَى: قُرَّةُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ رَسُوْلِ اللهِ: أُبَيٌّ، وَعُثْمَانُ، وَزَيْدٌ، وَتَمِيْمٌ الدَّارِيُّ.
وَرَوَى: أَبُو قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّبِ: كَانَ تَمِيْمٌ يَخْتِمُ القُرْآنَ فِي سَبْعٍ.
وَرَوَى: عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: أَنْ تَمِيْماً الدَّارِيَّ كَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ.
وَرَوَى: أَبُو الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوْقٍ، قَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ:
(3/389)

هَذَا مُقَامُ أَخِيْكَ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ، صَلَّى لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ، أَوْ كَادَ، يَقْرَأُ آيَةً يُرَدِّدُهَا، وَيَبْكِي: {أَمْ حَسِبَ الَّذِيْنَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُم كَالذِيْن آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجَاثِيَةُ: 20].
أَبُو نُبَاتَةَ يُوْنُسُ بنُ يَحْيَى: عَنِ المُنْكَدِرِ بنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ تَمِيْماً الدَّارِيَّ نَامَ لَيْلَةً لَمْ يَقُمْ يَتَهَجَّدُ، فَقَامَ سَنَةً لَمْ يَنَمْ فِيْهَا عُقُوْبَةً لِلَّذِي صَنَعَ. (2/446)
سَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ: عَنْ أَبِي العَلاَءِ، عَنْ رَجُلٍ، قَالَ:
أَتَيْتُ تَمِيْماً الدَّارِيَّ، فَحَدَّثَنَا، فَقُلْتُ: كَمْ جُزْؤُكَ؟
قَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِيْنَ يَقْرَأُ أَحَدُهُمُ القُرْآنَ، ثُمَّ يُصْبِحُ، فَيَقُوْلُ: قَدْ قَرَأْتُ القُرْآنَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَنْ أُصَلِّيَ ثَلاَثَ رَكَعَاتٍ نَافِلَةً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ القُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ، ثُمَّ أُصْبِحَ، فَأُخْبِرَ بِهِ.
فَلَمَّا أَغْضَبَنِي، قُلْتُ: وَاللهِ إِنَّكُمْ - مَعَاشِرَ صَحَابَةِ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ بَقِيَ مِنْكُمْ - لَجَدِيْرٌ أَنْ تَسْكُتُوا، فَلاَ تُعَلِّمُوا، وَأَنْ تُعَنِّفُوا مَنْ سَأَلَكُمْ.
(3/390)

فَلَمَّا رَآنِي قَدْ غَضِبْتُ، لاَنَ، وَقَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكَ يَا ابْنَ أَخِي، أَرَأَيْتَ إِنْ كُنْتُ أَنَا مُؤْمِناً قَوِيّاً، وَأَنْتَ مُؤْمِنٌ ضَعِيْفٌ، فَتَحْمِلُ قُوَّتِي عَلَى ضَعْفِكَ، فَلاَ تَسْتَطِيْعُ، فَتَنْبَتُّ، أَوْ رَأَيْتَ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ مُؤْمِناً قَوِيّاً، وَأَنَا مُؤْمِنٌ ضَعِيْفٌ، حِيْنَ أَحْمِلُ قُوَّتَكَ عَلَى ضَعْفِي، فَلاَ أَسْتَطِيْعُ، فَأَنْبَتُّ، وَلَكِنْ خُذْ مِنْ نَفْسِكَ لِدِيْنِكَ، وَمِنْ دِيْنِكَ لِنَفْسِكَ، حَتَّى يَسْتَقِيْمَ لَكَ الأَمْرُ عَلَى عِبَادَةٍ تُطِيْقُهَا.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي العَلاَءِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بنِ حَرْمَلٍ، قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَلَبِثْتُ فِي المَسْجِدِ ثَلاَثاً، لاَ أَطْعَمُ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: تَائِبٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرَ عَلَيْهِ.
قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مُعَاوِيَةُ بنُ حَرْمَلٍ.
قَالَ: اذْهَبْ إِلَى خَيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَانْزِلْ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَكَانَ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ إِذَا صَلَّى ضَرَبَ بِيَدَيْهِ عَلَى يَمِيْنِهِ وَشِمَالِهِ، فَذَهَبَ بِرَجُلَيْنِ، فَصَلَّيْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخَذَنِي، فَأُتِيْنَا بِطَعَامٍ، فَبَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، إِذْ خَرَجَتْ نَارٌ بِالحَرَّةِ، فَجَاءَ عُمَرُ إِلَى تَمِيْمٍ، فَقَالَ: قُمْ إِلَى هَذِهِ النَّارِ.
فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! وَمَنْ أَنَا، وَمَا أَنَا.
فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَامَ مَعَهُ، وَتَبِعْتُهَمَا، فَانْطَلَقَا إِلَى النَّارِ، فَجَعَلَ تَمِيْمٌ يَحُوْشُهَا بِيَدِهِ حَتَّى دَخَلَتِ الشِّعْبَ، وَدَخَلَ تَمِيْمٌ خَلْفَهَا، فَجَعَلَ عُمَرُ يَقُوْلُ: لَيْسَ مَنْ رَأَى كَمَنْ لَمْ يَرَ - قَالَهَا ثَلاَثاً -.
سَمِعَهَا: عَفَّانُ، مِنْ حَمَّادٍ.
(3/391)

وَابْنُ حَرْمَلٍ: لاَ يُعْرَفُ. (2/447)
قَتَادَةُ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، وَقَتَادَةُ أَيْضاً، عَنْ أَنَسٍ:
أَنْ تَمِيْماً الدَّارِيَّ اشْتَرَى رِدَاءً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَخْرُجُ فِيْهِ إِلَى الصَّلاَةِ.
وَرَوَى: حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ:
أَنْ تَمِيْماً أَخَذَ حُلَّةً بِأَلْفٍ، يَلْبَسُهَا فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي تُرْجَى فِيْهَا لَيْلَةُ القَدْرِ.
وَرَوَى: الزُّهْرِيُّ، عَنِ السَّائِبِ بنِ يَزِيْدَ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ قَصَّ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ، اسْتَأْذَنَ عُمَرَ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَصَّ قَائِماً.
أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
أَنْ تَمِيْماً اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي القَصَصِ سِنِيْنَ، وَيَأْبَى عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ، قَالَ: مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، وَآمُرُهُمْ بِالخَيْرِ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ الشَّرِّ.
قَالَ عُمَرُ: ذَاكَ الرِّبْحُ، ثُمَّ قَالَ: عِظْ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ لِلْجُمُعَةِ.
فَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ، اسْتَزَادَهُ، فَزَادَهُ يَوْماً آخَرَ. (2/448)
خَالِدُ بنُ عَبْدِ اللهِ: عَنْ بَيَانٍ، عَنْ وَبَرَةَ، قَالَ:
رَأَى عُمَرُ تَمِيْماً الدَّارِيَّ يُصَلِّي بَعْدَ العَصْرِ، فَضَرَبَهُ بِدِرَّتِهِ عَلَى رَأْسِهِ.
فَقَالَ لَهُ تَمِيْمٌ: يَا عُمَرَ! تَضْرِبُنِي عَلَى صَلاَةٍ صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟!
قَالَ: يَا تَمِيْمُ! لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ.
وَأَخْرَجَ: ابْنُ مَاجَه بِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ، عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ، قَالَ:
أَوَّلُ مَنْ أَسْرَجَ فِي المَسَاجِدِ تَمِيْمٌ الدَّارِيُّ.
يُقَالُ: وُجِدَ عَلَى بَلاَطَةِ قَبْرِ تَمِيْمٍ الدَّارِيِّ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَحَدِيْثُهُ يَبْلُغُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، مِنْهَا فِي (صَحِيْحِ مُسْلِمٍ): حَدِيْثٌ وَاحِدٌ. (2/449)
(3/392)