مُعَيْقِيْبُ بنُ أَبِي فَاطِمَةَ الدَّوْسِيُّ (ع) |
مِنَ المُهَاجِرِيْنَ، وَمِنْ حُلَفَاءِ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
وَكَانَ أَمِيْناً عَلَى خَاتَمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وَقَدِ اسْتَعْمَلَهُ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الفَيْءِ، وَوَلِيَ بَيْتَ المَالِ لِعُمَرَ. رَوَى حَدِيْثَيْنِ. وَذَكَرَ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ مَنْدَةَ - وَحْدَهُ -: أَنَّهُ شَهِدَ بَدْراً. وَلاَ يَصِحُّ هَذَا. رَوَى عَنْهُ: حَفِيْدُهُ؛ إِيَاسُ بنُ الحَارِثِ بنِ مُعَيْقِيْبٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَلَهُ هِجْرَةٌ إِلَى الحَبَشَةِ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَدِمَ مَعَ جَعْفَرٍ لَيَالِيَ خَيْبَرَ. وَكَانَ مُبْتلَىً بِالجُذَامِ. ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي عَاصِمُ بنُ عُمَرَ، عَنْ مَحْمُوْدِ بنِ لَبِيْدٍ، قَالَ: أَمَّرَنِي يَحْيَى بنُ الحَكَمِ عَلَى جُرَشَ، فَقَدِمْتُهَا، فَحَدَّثُوْنِي أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ حَدَّثَهُم: أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِصَاحِبِ هَذَا الوَجَعِ - الجُذَامَ -: (اتَّقُوْهُ كَمَا يُتَّقَى السَّبُعُ؛ إِذَا هَبَطَ وَادِياً فَاهْبِطُوا غَيْرَهُ). (2/492) فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، فَسَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ جَعْفَرٍ، فَقَالَ: (3/429) كَذَبُوا، وَاللهِ مَا حدَّثتُهم هَذَا! وَلَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ يُؤْتَى بِالإِنَاءِ فِيْهِ المَاءُ، فَيُعْطِيْهِ مُعَيْقِيْباً - وَكَانَ رَجُلاً قَدْ أَسْرَعَ فِيْهِ ذَاكَ الدَّاءُ - فَيَشْرَبُ مِنْهُ، وَيُنَاوِلُهُ عُمَرَ، فَيَضَعُ فَمَهُ مَوْضِعَ فَمِهِ، حَتَّى يَشْرَبَ مِنْهُ؛ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِرَاراً مِنَ العَدْوَى. وَكَانَ يَطْلَبُ الطِّبَّ مِنْ كُلِّ مَنْ سُمِعَ لَهُ بِطِبٍّ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمَا مِنْ طِبٍّ لِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ؟ فَقَالاَ: أَمَّا شَيْءٌ يُذْهِبُهُ، فَلاَ نَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ وَلَكِنَّا سَنُدَاوِيْهِ دَوَاءً يُوْقِفُهُ، فَلاَ يَزِيْدُ. فَقَالَ عُمَرُ: عَافِيَةٌ عَظِيْمَةٌ. فَقَالاَ: هَلْ تُنْبِتُ أَرْضُكَ الحَنْظَلَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالاَ: فَاجْمَعْ لَنَا مِنْهُ. فَأَمَرَ، فَجُمِعَ لَهُ مِلْءُ مِكْتَلَيْنِ عَظِيْمَيْنِ. فَشَقَّا كُلَّ وَاحِدَةٍ نِصْفَيْنِ؛ ثُمَّ أَضْجَعَا مُعَيْقِيْباً، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِرِجْلٍ، ثُمَّ جَعَلاَ يَدْلُكَانِ بُطُوْنَ قَدَمَيْهِ بِالحَنْظَلَةِ، حَتَّى إِذَا مُحِقَتْ، أَخَذَا أُخْرَى، حَتَّى إِذَا رَأَيَا مُعَيْقِيْباً يَتَنَخَّمُهُ أَخْضَرَ مُرّاً أَرْسَلاَهُ. ثُمَّ قَالاَ لِعُمَرَ: لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ بَعْدَ هَذَا أَبَداً. قَالَ: فَوَاللهِ، مَا زَالَ مُعَيْقِيْبٌ مُتَمَاسِكاً، لاَ يَزِيْدُ وَجَعُهُ، حَتَّى مَاتَ. (2/493) صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ: قَالَ أَبُو زِنَادٍ: حَدَّثَنِي خَارِجَةُ بنُ زَيْدٍ: أَنَّ عُمَرَ دَعَاهُمْ لِغَدَائِهِ، فَهَابُوا، وَكَانَ فِيْهِمْ مُعَيْقِيْبٌ - وَكَانَ بِهِ جُذَامٌ - فَأَكَلَ مُعَيْقِيْبٌ مَعَهُم. (3/430) فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كُلْ مِمَّا يَلِيْكَ، وَمِنْ شِقِّكَ؛ فَلَوْ كَانَ غَيْرُكَ مَا آكَلَنِي فِي صَحْفَةٍ، وَلَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَيْدُ رُمْحٍ. وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ خَارِجَةَ نَحْوَهُ. عَاشَ مُعَيْقِيْبٌ إِلَى خِلاَفَةِ عُثْمَانَ. وَقِيْلَ: عَاشَ إِلَى سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-. وَالفِرَارُ منَ المَجْذُوْمِ، وَتَرْكُ مُؤَاكَلِتِهِ جَائِزٌ، لَكِنْ لِيَكُنْ ذَلِكَ بِحَيْثُ لاَ يَكَادُ يَشْعُرُ المَجْذُوْمُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ. وَمَنْ وَاكَلَهُ - ثِقَةً بِاللهِ، وَتَوَكُّلاً عَلَيْهِ - فَهُوَ مُؤْمِنٌ. (2/494) (3/431) |