كَعْبُ بنُ مَالِكِ بنِ أَبِي كَعْبٍ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ (ع)
 
ابْنِ القَيْنِ بنِ كَعْبِ بنِ سَوَادِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، العَقَبِيُّ، الأُحُدِيُّ.
شَاعِرُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ، وَأَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِيْنَ خُلِّفُوا، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ.
شَهِدَ العَقَبَةَ.
وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ، تَبْلُغُ الثَّلاَثِيْنَ، اتَّفَقَا عَلَى ثَلاَثَةٍ مِنْهَا، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثَيْنِ.
رَوَى عَنْهُ: بَنُوْهُ؛ عَبْدُ اللهِ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَمَعَبْدٌ بَنُو كَعْبٍ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ، وَعُمَرُ بنُ الحَكَمِ، وَعُمَرُ بنُ كَثِيْرِ بنِ أَفْلَحَ، وَآخَرُوْنَ، وَحَفِيْدُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَبْدِ اللهِ. (2/524)
وَقِيْلَ: كَانَتْ كُنْيَتُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ أَبَا بَشِيْرٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتَمٍ: كَانَ كَعْبٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَذَهَبَ بَصَرُهُ فِي خِلاَفَةِ مُعَاوِيَةَ.
وَقَدْ ذَكَرَهُ عُرْوَةُ فِي السَّبْعِيْنَ الَّذِيْنَ شَهِدُوا العَقَبَةَ.
وَرَوَى: صَدَقَةُ بنُ سَابِقٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ:
آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَكَعْبِ بنِ مَالِكٍ.
وَقِيْلَ: بَلْ آخَى بَيْنَ كَعْبٍ وَالزُّبَيْرِ.
حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
(3/456)

أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَكَعْبِ بنِ مَالِكٍ، فَارْتُثَّ كَعْبٌ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ بِهِ الزُّبَيْرُ يَقُوْدُهُ، وَلَو مَاتَ يَوْمَئِذٍ لَوَرِثَهُ الزُّبَيْرُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأَنْفَالُ: 75].
وَعَنْ كَعْبٍ: لَمَّا انْكَشَفْنَا يَوْمَ أُحُدٍ، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَشَّرْتُ بِهِ المُؤْمِنِيْنَ حَيّاً سَوِيّاً، وَأَنَا فِي الشِّعْبِ، فَدَعَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَعْباً بِلأْمَتِهِ، وَكَانَتْ صَفْرَاءَ، فَلَبِسَهَا كَعْبٌ، وَقَاتَلَ يَوْمَئِذٍ قِتَالاً شَدِيْداً حَتَّى جُرِحَ سَبْعَةَ عَشَرَ جُرْحاً. (2/525)
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ شُعَرَاءُ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ، وَكَعْبُ بنُ مَالِكٍ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ كَعْبٍ: عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِي الشُّعَرَاءِ مَا أَنْزَلَ.
قَالَ: (إِنَّ المُجَاهِدَ مُجَاهِدٌ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنَّمَا تَرْمُونَهُمْ بِهِ نَضْحُ النَّبْلِ).
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا كَعْبٌ فَكَانَ يَذْكُرُ الحَرْبَ، يَقُوْلُ: فَعَلْنَا وَنَفْعَلُ، وَيَتَهَدَّدُهُمْ، وَأَمَّا حَسَّانُ فَكَانَ يَذْكُرُ عُيُوبَهُمْ، وَأَيَّامَهُمْ، وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ فَكَانَ يُعَيِّرَهُمْ بِالكُفْرِ.
وَقَدْ أَسْلَمَتْ دَوْسٌ فَرَقاً مِنْ بَيْتٍ قَالَهُ كَعْبٌ:
نُخَيِّرُهَا وَلَو نَطَقَتْ لَقَالَتْ * قَوَاطِعُهُنَّ دَوْساً أَوْ ثَقِيْفَا
عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ:
(3/457)

أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِكَعْبِ بنِ مَالِكٍ: (مَا نَسِيَ رَبُّكَ لَكَ، وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً، بَيْتاً قُلْتَهُ).
قَالَ: مَا هُوَ؟
قَالَ: (أَنْشِدْهُ يَا أَبَا بَكْرٍ).
فَقَالَ:
زَعَمَتْ سَخِيْنَةُ أَنْ سَتَغْلِبَ رَبَّهَا * وَلَيُغْلَبَنَّ مُغَالِبُ الغَلاَّبِ (2/526)
عَنِ الهَيْثَمِ، وَالمَدَائِنِيِّ: أَنَّ كَعْباً مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ.
وَرَوَى: الوَاقِدِيُّ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِيْنَ.
وَعَنِ الهَيْثَمِ بنِ عَدِيٍّ أَيْضاً: أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ.
وَقِصَّةُ تَوْبَةِ الثَّلاَثَةِ فِي الصَّحِيْحِ، وَشِعْرُهُ مِنْهُ فِي السِّيْرَةِ.
الوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
آخَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَبَيْنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ كَعْباً أَصَابَتْهُ الجِرَاحَةُ بِأُحُدٍ، فَقُلْتُ:
لَو مَاتَ، فَانْقَلَعَ عَنِ الدُّنْيَا، لَوَرِثْتُهُ، حَتَّى نَزَلَتْ: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأَنْفَالُ: 75].
فَصَارَتِ المَوَارِيْثُ بَعْدُ لِلأَرْحَامِ وَالقَرَابَاتِ، وَانْقَطَعَتْ حِيْنَ نَزَلَتْ: {وَأُوْلُو الأَرْحَامِ} تِلْكَ المَوَارِيْثُ بِالمُوَاخَاةِ. (2/527)
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: آخَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ كَعْبٍ وَطَلْحَةَ.
وَقَدْ أَنْشَدَ كَعْبٌ عَلِيّاً قَوْلَهُ فِي عُثْمَانَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -:
فَكَفَّ يَدَيْهِ ثُمَّ أَغْلَقَ بَابَهُ * وَأَيْقَنَ أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِغَافِلِ
وَقَالَ لِمَنْ فِي دَارِهِ: لاَ تُقَاتِلُوا * عَفَا اللهُ عَنْ كُلِّ امْرِئٍ لَمْ يُقَاتِلِ
(3/458)

فَكَيْفَ رَأَيْتَ اللهَ صَبَّ عَلَيْهِمُ الـ * ـعَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ بَعْدَ التَّوَاصُلِ
وَكَيْفَ رَأَيْتَ الخَيْرَ أَدْبَرَ عَنْهُمُ * وَوَلَّى كَإِدْبَارِ النَّعَامِ الجَوَافِلِ
فَقَالَ عَلِيٌّ: اسْتَأْثَرَ عُثْمَانُ، فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ، وَجَزِعْتُمْ أَنْتُمْ، فَأَسَأْتُمُ الجَزَعَ. (2/528)
الزُّهْرِيُّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ:
سَمِعْتُ كَعْباً يَقُوْلُ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةٍ حَتَّى كَانَتْ تَبُوْكٌ، إِلاَّ بَدْراً، وَمَا أُحِبُّ أَنِّي شَهِدْتَهَا وَفَاتَتْنِي بَيْعَتِي لَيْلَةَ العَقَبَةِ، وَقَلَّمَا أَرَادَ رَسُوْلُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، فَأَرَادَ فِي غَزْوَةِ تَبُوْكٍ أَنْ يَتَأَهَّبَ النَّاسُ أُهْبَةً، وَكُنْتُ أَيْسَرَ مَا كُنْتُ وَأَنَا فِي ذَلِكَ أَصْغُو إِلَى الظِّلاَلِ، وَطَيِّبِ الثِّمَارِ، فَلَمْ أَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى خَرَجَ.
فَقُلْتُ: أَنْطَلِقُ غَداً، فَأَشْتَرِي جَهَازِي، ثُمَّ أَلْحَقُ بِهِمْ.
فَانْطَلَقْتُ إِلَى السُّوْقِ، فَعَسُرَ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: أَرْجِعُ غَداً.
فَلَمْ أَزَلْ حَتَّى التَبَسَ بِي الذَّنْبُ، وَتَخَلَّيْتُ، فَجَعَلْتُ أَمْشِي فِي أَسْوَاقِ المَدِيْنَةِ، فَيُحْزِنُنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ مَغْمُوْصاً عَلَيْهِ فِي النِّفَاقِ، أَوْ ضَعِيْفاً، وَكَانَ جَمِيْعُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ بِضْعَةً وَثَمَانِيْنَ رَجُلاً.
وَلَمَّا بَلَغَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبُوْكَ، ذَكَرَنِي، وَقَالَ: (مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟).
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِي: خَلَّفَهُ يَا نَبِيَّ اللهِ بُرْدَاهُ، وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ.
(3/459)

فَقَالَ مُعَاذٌ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ مَا نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْراً.
إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَمَّا رَآنِي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، وَقَالَ: (أَلَمْ تَكُنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟).
قُلْتُ: بَلَى.
قَالَ: (فَمَا خَلَّفَكَ؟).
قُلْتُ: وَاللهِ لَو بَيْنَ يَدَيْ أَحَدٍ غَيْرِكَ جَلَسْتُ، لَخَرَجْتُ مِنْ سَخَطِهِ عَلَيَّ بِعْذُرٍ، لَقَدْ أُوْتِيْتُ جَدَلاً، وَلَكِنْ قَدْ عَلِمْتُ يَا نَبِيَّ اللهِ أَنِّي أُخْبِرُكَ اليَوْمَ بِقَوْلٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيْهِ وَهُوَ حَقٌّ، فَإِنِّي أَرْجُو فِيْهِ عُقْبَى اللهِ.
إِلَى أَنْ قَالَ: وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَيْسَرَ وَلاَ أَخَفَّ حَاذّاً مِنِّي حِيْنَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ.
فَقَالَ: (أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَكُمْ، قُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيْكَ).
فَقُمْتُ. (2/529)
إِلَى أَنْ قَالَ: وَنَهَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّاسَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ، فَجَعَلْتُ أَخْرُجُ إِلَى السُّوْقِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَتَنَكَّرَ لَنَا النَّاسُ حَتَّى مَا هُمْ بِالَّذِيْنَ نَعْرِفُ، وَتَنَكَّرَتْ لَنَا الحِيْطَانُ وَالأَرْضُ، وَكُنْتُ أَطُوْفُ وَآتِي المَسْجِدَ، فَأَدْخُلُ وَآتِي النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَأَقُوْلُ: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِالسَّلاَمِ.
وَاسْتَكَانَ صَاحِبَايَ، فَجَعَلا يَبْكِيَانِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، لاَ يُطْلِعَانِ رُؤُوْسَهُمَا.
فَبَيْنَا أَنَا أَطُوْفُ فِي السُّوْقِ، إِذَا بِنَصْرَانِيٍّ جَاءَ بِطَعَامٍ يَقُوْلُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبٍ؟
فَدَلُّوهُ عَلَيَّ، فَأَتَانِي بِصَحِيْفَةٍ مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيْهَا:
(3/460)

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَأَقْصَاكَ، وَلَسْتَ بِدَارٍ مَضْيَعَةٍ، وَلاَ هَوَانٍ، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ.
فَسَجَرْتُ لَهَا التَّنُّورَ، وَأَحْرَقْتُهَا.
إِلَى أَنْ قَالَ: إِذْ سَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ ذُرْوَةِ سَلْعٍ: أَبْشِرْ يَا كَعْبَ بنَ مَالِكٍ، فَخَرَرْتُ سَاجِداً، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ يُبَشِّرُنِي، فَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعُ مِنْ فَرَسِهِ، فَأَعْطَيْتُهُ ثَوْبَيَّ بِشَارَةً، وَلَبِسْتُ غَيْرَهُمَا.
وَنَزَلَتْ تَوْبَتُنَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُلُثَ اللَّيْلِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَلاَ نُبَشِّرُ كَعْباً، قَالَ: (إِذاً يَحْطُمُكُمُ النَّاسُ وَيَمْنَعُوْنَكُمُ النَّوْمَ). (2/530)
قَالَ: فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ، وَحَوْلَهُ المُسْلِمُوْنَ، وَهُوَ يَسْتَنِيْرُ كَاسْتِنَارَةِ القَمَرِ، فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا كَعْبُ بِخَيْرِ يَوْمٍ أَتَى عَلَيْكَ.
ثُمَّ تَلاَ عَلَيْهِمْ: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ...} [التَّوْبَةُ: 118]، الآيَاتِ.
وَفِيْنَا نَزَلَتْ أَيْضاً: {اتَّقُوا اللهَ، وَكُوْنُوا مَعَ الصَّادِقِيْنَ...} [التَّوْبَةُ: 120].
فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَلاَّ أُحَدِّثَ إِلاَّ صَادِقاً، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ صَدَقَةً.
فَقَالَ: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ)...، الحَدِيْث.
وَفِي لَفْظٍ: فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي، وَهَنَّأَنِي، فَكَانَ لاَ يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. (2/531)
(3/461)