عُمَيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ شُهَيْدِ بنِ قَيْسٍ الأَنْصَارِيُّ (ت) |
ابْنِ النُّعْمَانِ بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيُّ، الأَوْسِيُّ، العَبْدُ الصَّالِحُ، الأَمِيْرُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيُّ، وَرَاشِدُ بنُ سَعْدٍ، وَحَبِيْبُ بنُ عُبَيْدٍ. وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ فَتْحَ دِمَشْقَ مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ. وَوَلِيَ دِمَشْقَ وَحِمْصَ لِعُمَرَ. (2/558) فِي (مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى): حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيِّ، قَالَ: أَتَيْنَا عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ فِلَسْطِيْنَ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: نَسِيْجُ وَحْدِهِ، فَقَعَدْنَا لَهُ عَلَى دُكَّانٍ لَهُ عَظِيْمٍ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ! أَوْرِدِ الخَيْلَ. وَفِي الدَّارِ تُوْرٌ مِنْ حِجَارَةٍ. قَالَ: فَأَوْرَدَهَا، فَقَالَ: أَينَ فُلاَنَةُ؟ قَالَ: هِيَ جَرِبَةٌ، تَقْطُرُ دَماً. قَالَ: أَوْرِدْهَا. فَقَالَ أَحَدُ القَوْمِ: إِذاً تَجْرَبُ الخَيْلُ كُلُّهَا. قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَّةَ، أَلَمْ تَرَ إِلَى البَعِيْرِ يَكُوْنُ بِالصَّحْرَاءِ، ثُمَّ يُصْبِحُ وَفِي كِرْكِرَتِهِ - أَوْ فِي مَرَاقِّهِ - نُكْتَةٌ لَمْ تَكُنْ، فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ؟). وَكَذَلِكَ رَوَاهُ: حَجَّاجُ بنُ مِنْهَالٍ، وَالتَّبُوْذَكِيُّ، عَنْ حَمَّادٍ. (3/485) قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ القَدَّاحُ: عُمَيْرُ بن سَعْدٍ لَمْ يَشْهَدْ شَيْئاً مِنَ المَشَاهِدِ، وَهُوَ الَّذِي رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَلاَمَ الجُلاَسِ بنِ سُوَيْدٍ، وَكَانَ يَتِيْماً فِي حِجْرِهِ، وَاسْتَعْمَلَهُ عُمَرُ عَلَى حِمْصَ، وَكَانَ مِنَ الزُّهَّادِ. وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ سَعْدٍ، فَقَالَ: هُوَ عُمَيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبَيْدٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: عُمَيْرُ بنُ سَعْدِ بنِ شُهَيْدٍ الأَنْصَارِيُّ لَهُ صُحْبَةٌ. رَوَى عَنْهُ: أَبُو طَلْحَةَ الخَوْلاَنِيُّ مُرْسَلٌ، قَالَهُ أَبِي. (2/559) وَقَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ سَعِيْدٍ: كَانَتْ وِلايَتُهُ حِمْصَ بَعْدَ سَعِيْدِ بنِ عَامِرِ بنِ حُذَيْمٍ. ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ يُوْنُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: تُوُفِّيَ سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، وَقَامَ مَكَانَهُ: عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: فَكَانَ عَلَى الشَّامِ مُعَاوِيَةُ، وَعُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ عُثْمَانُ، فَجَمَعَ الشَّامَ لِمُعَاوِيَةَ، وَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، اسْتَخْلَفَ ابْنَ عَمِّهِ عِيَاضَ بنَ غَنْمٍ، فَأَقَرَّهُ عُمَرُ، فَمَاتَ عِيَاضٌ، فَوَلِيَ سَعِيْدٌ المَذْكُوْرُ. قَالَ صَفْوَانُ بنُ عَمْرٍو: خَطَبَ مُعَاوِيَةُ عَلَى مِنْبَرِ حِمْصَ، وَهُوَ أَمِيْرٌ عَلَى الشَّامِ كُلِّهِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا عَلِمْتُ يَا أَهْلَ حِمْصَ إِنَّ اللهَ لَيُسْعِدُكُمْ بِالأُمَرَاءِ الصَّالِحِيْنَ، أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ عَلَيْكُمْ: عِيَاضُ بنُ غَنْمٍ، وَكَانَ خَيْراً مِنِّي، ثُمَّ وَلِيَ عَلَيْكُمْ: سَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، وَكَانَ خَيْراً مِنِّي، ثُمَّ وَلِيَ عَلَيْكُمْ: عُمَيْرٌ، وَلَنِعْمَ العُمَيْرُ كَانَ، ثُمَّ هَا أَنَا ذَا قَدْ وَلِيْتُكُمْ، فَسَتَعْلَمُوْنَ. (3/486) ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُمَيْرِ بنِ سَعْدٍ: قَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: مَا كَانَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْضَلَ مِنْ أَبِيْكَ. وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: كَانَ عُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ يُعْجِبُ عُمَرَ، فَكَانَ مِنْ عَجَبِهِ بِهِ، يُسَمِّيَهُ: نَسِيْجُ وَحْدِهِ. (2/560) وَبَعَثَهُ مَرَّةً عَلَى جَيشٍ مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَوَفَدَ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَدُوِّنَا مَدِيْنَةٌ يُقَالُ لَهَا: عَرَبُ السُّوْسِ، تُطْلِعُ عَدُوَّنَا عَلَى عَوْرَاتِنَا، وَيَفْعَلُوْنَ، وَيَفْعَلُوْنَ. فَقَالَ عُمَرُ: خَيِّرْهُمْ بَيْنَ أَنْ يَنْتَقِلُوا مِنْ مَدِيْنَتِهِمْ وَنُعْطِيْهِمْ مَكَانَ كُلِّ شَاةٍ شَاتَيْنِ، وَمَكَانَ كُلِّ بَقَرَةٍ بَقَرَتَيْنِ، وَمَكَانَ كُلِّ شَيْءٍ شَيْئَيْنِ، فَإِنْ فَعَلُوا، فَأَعْطِهِمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَبَوْا، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ، ثُمَّ أَجِّلْهُمْ سَنَةً. فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ عَهْدَكَ بِذَلِكَ. فَعَرَضَ عُمَيْرٌ عَلَيْهِم، فَأَبَوْا، فَأَجَّلَهُمْ سَنَةً، ثُمَّ نَابَذَهُمْ. فَقِيْلَ لِعُمَرَ: إِنَّ عُمَيْراً قَدْ خَرَّبَ عَرَبَ السُّوْسِ، وَفَعَلَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ. فَلَمَّا قَدِمَ، عَلاَهُ بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: خَرَّبْتَ عَرَبَ السُّوْسِ. وَهُوَ سَاكِتٌ، فَلَمَّا دَخَلَ عُمَرُ بَيْتَهُ، اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ، وَأَقْرَأَهُ عَهْدَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ. عَرَبُ السُّوْسِ: خَرَابٌ اليَوْمَ، وَهِيَ خَلْفَ دَرْبِ الحَدَثِ. (2/561) عَبْدُ المَلِكِ بنُ هَارُوْنَ بنِ عَنْتَرَةَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي: (3/487) أَنَّ عُمَيْرَ بنَ سَعْدٍ بَعَثَهُ عُمَرُ عَلَى حِمْصَ، فَمَكَثَ حَوْلاً لاَ يَأْتِيْهِ خَبَرُهُ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَقْبِلْ بِمَا جَبَيْتَ مِنَ الفَيْءِ. فَأَخَذَ جِرَابَهُ وَقَصْعَتُهُ، وَعَلَّقَ إِدَوَاتَهُ، وَأَخَذَ عَنْزَتَهُ، وَأَقْبَلَ رَاجِلاً، فَدَخَلَ المَدِيْنَةَ، وَقَدْ شَحَبَ وَاغْبَرَّ، وَطَالَ شَعْرُهُ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: أَلَسْتُ صَحِيْحَ البَدَنِ، مَعِيَ الدُّنْيَا. فَظَنَّ عُمَرُ أَنَّهُ جَاءَ بِمَالٍ، فَقَالَ: جِئْتَ تَمْشِي؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا كَانَ أَحَدٌ يَتَبَرَّعُ لَكَ بِدَّابَةٍ؟ قَالَ: مَا فَعَلُوا، وَلاَ سَأَلْتُهُمْ. قَالَ: بِئْسَ المُسْلِمُوْنَ. قَالَ: يَا عُمَرَ! إِنَّ اللهَ قَدْ نَهَاكَ عَنِ الغِيْبَةِ. فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: الَّذِي جَبَيْتُهُ وَضَعْتُهُ مَوَاضِعَهُ، وَلَوْ نَالَكَ مِنْهُ شَيْءٌ، لأَتَيْتُكَ بِهِ. قَالَ: جَدِّدُوا لِعُمَيْرٍ عَهْداً. قَالَ: لاَ عَمِلْتُ لَكَ وَلاَ لأَحَدٍ، قُلْتُ لِنَصْرَانِيٍّ: أَخْزَاكَ اللهُ. وَذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ عَلَى أَمْيَالٍ مِنَ المَدِيْنَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: أُرَاهُ خَائِناً. فَبَعَثَ رَجُلاً بِمائَةِ دِيْنَارٍ، وَقَالَ: انْزِلْ بِعُمَيْرٍ كَأَنَّكَ ضَيْفٌ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَثَرَ شَيْءٍ، فَأَقْبِلْ، وَإِنْ رَأَيْتَ حَالاً شَدِيدَةً، فَادْفَعْ إِلَيْهِ هَذِهِ المائَةَ. فَانْطَلَقَ، فَرَآهُ يَفْلِي قَمِيْصَهُ، فَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ عُمَيْرٌ: انْزِلْ. فَنَزَلَ، فَسَاءلَهُ، وَقَالَ: كَيْفَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: ضَرَبَ ابْناً لَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ، فَمَاتَ. فَنَزَلَ بِهِ ثَلاَثاً، لَيْسَ إِلاَّ قُرْصَ شَعِيْرٍ يَخْصُّوْنَهُ بِهِ، وَيطْوُوْنَ. (3/488) ثُمَّ قَالَ: إِنَّكَ قَدْ أَجَعْتَنَا، فَأَخْرَجَ الدَّنَانِيْرَ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَصَاحَ، وَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي بِهَا، رُدَّهَا عَلَيْهِ. (2/562) قَالَتِ المَرْأَةُ: إِنِ احْتَجْتَ إِلَيْهَا، وَإِلاَّ ضَعْهَا مَوَاضِعَهَا. فَقَالَ: مَا لِي شَيْءٌ أَجْعَلُهَا فِيْهِ. فَشَقَّتِ المَرْأَةُ مِنْ دِرْعِهَا، فَأَعْطَتْهُ خِرْقَةً، فَجَعَلَهَا فِيْهَا، ثُمَّ خَرَجَ يَقْسِمُهَا بَيْنَ أَبْنَاءِ الشُّهَدَاءِ. وَأَتَى الرَّجُلُ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا فَعَلَ بِالذَّهَبِ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ يَطْلُبُهُ، فَجَاءَ، فَقَالَ: مَا صَنَعَتِ الدَّنَانِيْرُ؟ قَالَ: وَمَا سُؤَالُكَ؟ قَدَّمْتُهَا لِنَفْسِي. فَأَمَرَ لَهُ بِطَعَامٍ، وَثَوْبَيْنِ، فَقَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي الطَّعَامِ، وَأَمَّا الثَّوْبَانِ، فَإِنَّ أُمَّ فَلاَنٍ عَارِيَةٌ. فَأَخَذَهُمَا، وَرَجَعَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ...، وَذَكَرَ سَائِرَ القِصَّةِ. وَرَوَى نَحْوَهَا: كَاتِبُ اللَّيْثِ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، بَلَغَهُ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ: أَنَّ عُمَرَ...، فَذَكَرَهَا. وَرَوَى: أَبُو حُذَيْفَةَ فِي (المُبْتَدَأِ) نَحْواً مِنْهَا، عَنْ شَيْخٍ، عَنْ آخَرَ. وَيُقَالُ: زُهَّادُ الأَنْصَارِ ثَلاَثَةٌ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَشَدَّادُ بنُ أَوْسٍ، وَعُمَيْرُ بنُ سَعْدٍ. (2/563) (3/489) |