جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمِ بنِ عَدِيِّ بنِ نَوْفَلٍ النَّوْفَلِيُّ (ع) |
ابْنِ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيٍّ، شَيْخُ قُرَيْشٍ فِي زَمَانِهِ، أَبُو مُحَمَّدٍ -
وَيُقَالُ: أَبُو عَدِيٍّ - القُرَشِيُّ، النَّوْفَلِيُّ، ابْنُ عَمِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. مِنْ الطُّلَقَاءِ الَّذِيْنَ حَسُنَ إِسْلاَمُهُم، وَقَدْ قَدِمَ المَدِيْنَةَ فِي فِدَاءِ الأُسَارَى مِنْ قَوْمِهِ. وَكَانَ مَوْصُوْفاً بِالحِلْمِ، وَنُبْلِ الرَّأْيِ كَأَبِيْهِ. وَكَانَ أَبُوْهُ هُوَ الَّذِي قَامَ فِي نَقْضِ صَحِيْفَةِ القَطِيْعَةِ. وَكَانَ يَحْنُو عَلَى أَهْلِ الشِّعْبِ، وَيَصِلُهُم فِي السِّرِّ. وَلذَلِكَ يَقُوْلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ: (لَوْ كَانَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ حَيّاً، وَكلَّمَنِي فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى، لَتَرَكْتُهُم لَهُ). وَهُوَ الَّذِي أَجَارَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِيْنَ رَجَعَ مِنَ الطَّائِفِ حَتَّى طَافَ بِعُمْرَةٍ. ثُمَّ كَانَ جُبَيْرٌ شَرِيْفاً، مُطَاعاً، وَلَهُ رِوَايَةُ أَحَادِيْثَ. رَوَى عَنْهُ: وَلَدَاهُ؛ الفَقِيْهَانِ مُحَمَّدٌ وَنَافِعٌ، وَسُلَيْمَانُ بنُ صُرَدَ، وَسَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، وَآخَرُوْنَ، وَأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَزْهَرَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ بَابَاه، وَيَحْيَى بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ حَاطِبٍ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَوْفٍ. وَوَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فِي أَيَّامِهِ. (3/96) (5/90) ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ جَاءَ فِي فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ. قَالَ: فَوَافَقْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ: {وَالطُّوْرِ، وَكِتَابٍ مَسْطُوْرٍ} [الطُّوْرُ: 1 - 2]، فَأَخَذَنِي مِنْ قِرَاءتِهِ كَالكَرْبِ. ابْنُ لَهِيْعَةَ: عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ عَامِرِ بنِ يَحْيَى، عَنْ عُلَيِّ بنِ رَبَاحٍ، عَنْ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: كُنْتُ أَكْرَهُ أَذَى قُرَيْشٍ لِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا ظَنَنَّا أَنَّهُم سَيَقْتُلُوْنَهُ، لَحِقْتُ بِدَيْرٍ مِنَ الدِّيَارَاتِ، فَذَهَبَ أَهْلُ الدَّيْرِ إِلَى رَأْسِهِمْ، فَأَخْبَرُوْهُ، فَاجْتَمَعْتُ بِهِ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ أَمْرِي، فَقَالَ: تَخَافُ أَنْ يَقْتُلُوْهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَتَعْرِفُ شَبَهَهُ لَوْ رَأَيْتَهُ مُصَوَّراً؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَرَاهُ صُوْرَةً مُغَطَّاةً كَأَنَّهَا هُوَ. وَقَالَ: وَاللهِ لاَ يَقْتُلُوْهُ، وَلَنَقْتُلَنَّ مَنْ يُرِيْدُ قَتْلَهُ، وَإِنَّهُ لَنَبِيٌّ. فَمَكَثْتُ عِنْدَهُمْ حِيْناً، وَعُدْتُ إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ ذَهَبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى المَدِيْنَةِ. فَتَنَكَّرَ لِي أَهْلُ مَكَّةَ، وَقَالُوا: هَلُمَّ أَمْوَالَ الصِّبْيَةِ الَّتِي عِنْدَكَ اسْتَوْدَعَهَا أَبُوْكَ. فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ حَتَّى تُفَرِّقُوا بَيْنَ رَأْسِي وَجَسَدِي، وَلَكِنْ دَعُوْنِي أَذْهَبُ، فَأَدْفَعُهَا إِلَيْهِم. فَقَالُوا: إِنَّ عَلَيْكَ عَهْدَ اللهِ وَمِيْثَاقَهِ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْ طَعَامِهِ. (5/91) فَقَدِمْتُ المَدِيْنَةَ، وَقَدْ بَلَغَ رَسُوْلَ اللهِ الخَبَرُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي فِيْمَا يَقُوْلُ: (إِنِّيْ لأَرَاكَ جَائِعاً، هَلُمُّوا طَعَاماً). قُلْتُ: لاَ آكُلُ خُبْزَكَ، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ آكُلَ أَكَلْتُ؛ وَحَدَّثْتُهُ. قَالَ: (فَأَوْفِ بِعَهْدِكَ). (3/97) ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَعْطَى رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المُؤلَّفَةَ قُلُوْبُهُم، فَأَعْطَى جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمٍ مائَةً مِنَ الإِبِلِ. قَالَ مُصْعَبُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ جُبَيْرٌ مِنْ حُلَمَاءِ قُرَيْشٍ، وَسَادَتِهِم، وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْهُ النَّسَبُ. ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عُتْبَةَ، عَنْ شَيْخٍ، قَالَ: لَمَّا قُدِمَ عَلَى عُمَرَ بِسَيْفِ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ، دَعَا جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمِ بنِ عَدِيٍّ، فَسَلَّحَهُ إِيَّاهُ. وَكَانَ جُبَيْرٌ أَنْسَبَ العَرَبِ لِلْعَرَبِ، وَكَانَ يَقُوْلُ: إِنَّمَا أَخَذْتُ النَّسَبَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَنْسَبَ العَرَبِ. عَدَّ خَلِيْفَةُ جُبَيْراً فِي عُمَّالِ عُمَرَ عَلَى الكُوْفَةِ، وَأَنَّهُ وَلاَّهُ قَبْلَ المُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ. قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أُمُّ أُمِّ جُبَيْرٍ، هِيَ جَدَّتُهُ أُمُّ حَبِيْبٍ بِنْتُ العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ. وَمَاتَ أَبُوْهُ المُطْعِمُ بِمَكَّةَ قَبْلَ بَدْرٍ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَتِسْعُوْنَ سَنَةً. فَرَثَاهُ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ - فِيْمَا قِيْلَ - فَقَالَ: فَلَوْ كَانَ مَجْدٌ يُخْلِدُ اليَوْمَ وَاحِداً * مِنَ النَّاسِ أَنْجَى مَجْدُهُ اليَوْمَ مُطْعِمَا أَجَرْتَ رَسُوْلَ اللهِ مِنْهُم فَأَصْبَحُوا * عَبِيْدُكَ مَا لَبَّى مُلَبٍّ وَأَحْرَمَا (3/98) (5/92) الزُّبَيْرُ: حَدَّثَنَا المُؤَمِّلِيُّ، عَنْ زَكَرِيَّا بنِ عِيْسَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ قَالَ لأَبِي مُوْسَى لَمَّا رَأَى كَثْرَةَ مُخَالَفَتِهِ لَهُ: هَلْ أَنْتَ مُطِيْعِي؟ فَإِنَّ هَذَا الأَمْرَ لاَ يَصْلُحُ أَنْ نَنْفَرِدَ بِهِ حَتَّى نُحْضِرَهُ رَهْطاً مِنْ قُرَيْشٍ نَسْتَشِيْرُهُم، فَإِنَّهُم أَعْلَمُ بِقَوْمِهِم. قَالَ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ. فَبَعَثَا إِلَى خَمْسَةٍ؛ ابْنِ عَمْرٍو، وَأَبِي جَهْمٍ بنِ حُذَيْفَةَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ، وَجُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَامٍ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِم. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَسَمَّى لَهَا صَدَاقَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُوْلِ، فَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: {إِلاَّ أَنْ يَعْفُوْنَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البَقَرَةُ: 237]. فَقَالَ: أَنَا أَحَقُّ بِالعَفْوِ مِنْهَا. فَسَلَّمَ إِلَيْهَا الصَّدَاقَ كَامِلاً. قَالَ الهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَخَلِيْفَةُ، وَغَيْرُهُمَا: تُوُفِّيَ جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ. وَقَالَ المَدَائِنِيُّ: سَنَة ثَمَانٍ وَخَمْسِيْنَ. (3/99) (5/93) |