أَنَسُ بنُ مَالِكِ بنِ النَّضْرِ بنِ ضَمْضَمٍ الأَنْصَارِيُّ (ع) |
ابْنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ بنِ النَّجَّارِ.
الإِمَامُ، المُفْتِي، المُقْرِئُ، المُحَدِّثُ، رَاوِيَةُ الإِسْلاَمِ، أَبُو حَمْزَةَ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، النَّجَّارِيُّ، المَدَنِيُّ، خَادِمُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَرَابَتُهُ مِنَ النِّسَاءِ، وَتِلْمِيذُهُ، وَتَبَعُهُ، وَآخِرُ أَصْحَابِهِ مَوْتاً. رَوَى عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِلْماً جَمّاً، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَمُعَاذٍ، وَأُسَيْدِ بنِ الحُضَيْرِ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَأُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، وَخَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ، وَزَوْجِهَا عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَمَالِكِ بنِ صَعْصَعَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَفَاطِمَةَ النَّبَوِيَّةِ، وَعِدَّةٍ. وَعَنْهُ: خَلْقٌ عَظِيمٌ، مِنْهُمُ: الحَسَنُ، وَابْنُ سِيْرِيْنَ، وَالشَّعْبِيُّ، وَأَبُو قِلاَبَةَ، وَمَكْحُوْلٌ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَبَكْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ المُزَنِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَابْنُ المُنْكَدِرِ، وَإِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ بنُ صُهَيْبٍ، وَشُعَيْبُ بنُ الحَبْحَابِ، وَعَمْرُو بنُ عَامِرٍ الكُوْفِيُّ، وَسُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، وَحُمَيْدٌ الطَّوِيْلُ، وَيَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَثِيْرُ بنُ سُلَيْمٍ، وَعِيْسَى بنُ طَهْمَانَ، وَعُمَرُ بنُ شَاكِرٍ. (5/391) وَبَقِيَ أَصْحَابُهُ الثِّقَاتُ إِلَى بَعْدِ الخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَبَقِيَ ضُعَفَاءُ أَصْحَابِهِ إِلَى بَعْدِ التِّسْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَبَقِيَ بَعْدَهُم نَاسٌ لاَ يُوثَقُ بِهِم، بَلِ اطُّرِحَ حَدِيْثُهُم جُمْلَةً؛ كَإِبْرَاهِيْمَ بنِ هُدْبَةَ، وَدِيْنَارٍ أَبِي مِكْيَسٍ، وَخِرَاشِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَمُوْسَى الطَّوِيْلِ، عَاشُوا مُدَيْدَةً بَعْدَ المائتَيْنِ، فَلاَ اعْتِبَارَ بِهِم. (3/397) وَإِنَّمَا كَانَ بَعْدَ المائتَيْنِ بَقَايَا مَنْ سَمِعَ مِنْ ثِقَاتِ أَصْحَابِهِ كَيَزِيْدَ بنِ هَارُوْنَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ بَكْرٍ السَّهْمِيِّ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيْلِ، وَأَبِي نُعَيْمٍ. وَقَدْ سَرَدَ صَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) نَحْوَ مائَتَيْ نَفْسٍ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْ أَنَسٍ. وَكَانَ أَنَسٌ يَقُوْلُ: قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرٍ، وَمَاتَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِيْنَ، وَكُنَّ أُمَّهَاتِي يَحْثُثْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَصَحِبَ أَنَسٌ نَبِيَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَمَّ الصُّحْبَةِ، وَلاَزَمَهُ أَكْمَلَ المُلاَزَمَةِ مُنْذُ هَاجَرَ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ، وَغَزَا مَعَهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَبَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. وَقَدْ رَوَى: مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ فِي (طَبَقَاتِهِ): حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ مَوْلَىً لأَنَسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ لأَنَسٍ: أَشَهِدْتَ بَدْراً؟ فَقَالَ: لاَ أُمَّ لَكَ، وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْ بَدْرٍ. ثُمَّ قَالَ الأَنْصَارِيُّ: خَرَجَ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَدْرٍ، وَهُوَ غُلاَمٌ يَخْدُمُهُ. (5/392) وَقَدْ رَوَاهُ: عُمَرُ بنُ شَبَّةَ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثُمَامَةَ، قَالَ: قِيلَ لأَنَسٍ:...، فَذَكَرَ نَحْوَهُ. قُلْتُ: لَمْ يَعُدَّهُ أَصْحَابُ المَغَازِي فِي البَدْرِيِّيْنَ؛ لِكَوْنِهِ حَضَرَهَا صَبِيّاً مَا قَاتَلَ، بَلْ بَقِيَ فِي رِحَالِ الجَيْشِ، فَهَذَا وَجْهُ الجَمْعِ. (3/398) وَعَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَنَّانِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا حَمْزَةَ بِبَقْلَةٍ اجْتَنَيْتُهَا. وَرَوَى: عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ - وَفِيْهِ لِينٌ - عَنِ ابْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المَدِيْنَةَ وَأَنَا ابْنُ ثَمَانِ سِنِيْنَ، فَأَخَذَتْ أُمِّي بِيَدِي، فَانْطَلَقَتْ بِي إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! لَمْ يَبْقَ رَجُلٌ وَلاَ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلاَّ وَقَدْ أَتْحَفَكَ بِتُحْفَةٍ، وَإِنِّي لاَ أَقْدِرُ عَلَى مَا أُتْحِفُكَ بِهِ إِلاَّ ابْنِي هَذَا، فَخُذْهُ، فَلْيَخْدُمْكَ مَا بَدَا لَكَ. قَالَ: فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِيْنَ، فَمَا ضَرَبَنِي، وَلاَ سَبَّنِي، وَلاَ عَبَسَ فِي وَجْهِي. رَوَاهُ: التِّرْمِذِيُّ. عِكْرِمَةُ بنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ، قَالَ: جَاءتْ بِي أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَزَّرَتْنِي بِنِصْفِ خِمَارِهَا، وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِي، أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ، فَادْعُ اللهَ لَهُ. فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ). فَوَاللهِ إِنَّ مَالِي لَكَثِيْرٌ، وَإِنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي يَتَعَادُّونَ عَلَى نَحْوٍ مِنْ مائَةٍ اليَوْمَ. (5/393) رَوَى نَحْوَهُ: جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ. وَرَوَى: شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْم قَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! خَادِمُكَ أَنَسٌ، ادْعُ اللهَ لَهُ. فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَكثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ). فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِي أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي أَكْثَرُ مِنْ مائَةٍ. (3/399) حُسَيْنُ بنُ وَاقِدٍ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَعَا لِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: (اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَأَطِلْ حَيَاتَهُ). فَاللهُ أَكْثَرَ مَالِي، حَتَّى إِنَّ كَرْماً لِي لَتَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنَ، وَوُلِدَ لِصُلْبِي مائَةٌ وَسِتَّةٌ. أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُعَدَّلُ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَلَفٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ الحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، وَمُحَمَّدٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ القُرَظِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو بنُ حَكِيْمٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، فَقَالَ: (أَعِيْدُوا تَمْرَكُم فِي وِعَائِكُم، وَسَمْنَكُم فِي سِقَائِكُم، فَإِنِّي صَائِمٌ). ثُمَّ قَامَ فِي نَاحِيَةِ البَيْتِ، فَصَلَّى بِنَا صَلاَةً غَيْرَ مَكْتُوبَةٍ، فَدَعَا لأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً. قَالَ: (وَمَا هِيَ؟). قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ. (5/394) فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلاَ دُنْيَا إِلاَّ دَعَا لِي بِهِ، ثُمَّ قَالَ: (اللَّهُمَّ ارزُقْهُ مَالاً وَوَلَداً، وَبَارِكْ لَهُ فِيْهِ). قَالَ: فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالاً، وَحَدَّثَتْنِي أُمَيْنَةُ ابْنَتِي: أَنَّهُ دُفِنَ مِنْ صُلْبِي إِلَى مَقْدَمِ الحَجَّاجِ البَصْرَةَ تِسْعَةٌ وَعِشْرُوْنَ وَمائَةٌ. (3/400) الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ أَبِي خَلْدَةَ: قُلْتُ لأَبِي العَالِيَةِ: سَمِعَ أَنَسٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: خَدَمَهُ عَشْرَ سِنِيْنَ، وَدَعَا لَهُ، وَكَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيْهَا رَيْحَانٌ يَجِيْءُ مِنْهُ رِيحُ المِسْكِ. أَبُو خَلْدَةَ: ثِقَةٌ. عَنْ مُوْسَى بنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَنَساً غَزَا ثَمَانِ غَزَوَاتٍ. وَقَالَ ثَابِتٌ البُنَانِيُّ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشبَهَ بِصَلاَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنِ ابْنِ أُمِّ سُلَيْمٍ -يَعْنِي: أَنساً -. وَقَالَ أَنَسُ بنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَحسَنَ النَّاسِ صَلاَةً فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ. وَرَوَى: الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثُمَامَةَ، قَالَ: كَانَ أَنَسٌ يُصَلِّي حَتَّى تَفَطَّرَ قَدَمَاهُ دَماً، مِمَّا يُطِيلُ القِيَامَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -. ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، قَالَ: جَاءَ قَيِّمُ أَرْضِ أَنَسٍ، فَقَالَ: عَطِشَتْ أَرَضُوكَ. فَتَرَدَّى أَنَسٌ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى البَرِّيَّةِ، ثُمَّ صَلَّى، وَدَعَا، فَثَارَتْ سَحَابَةٌ، وَغَشِيتْ أَرْضَهُ، وَمَطَرَتْ، حَتَّى مَلأَتْ صِهْرِيْجَهُ، وَذَلِكَ فِي الصَّيْفِ، فَأَرْسَلَ بَعْضَ أَهْلهِ، فَقَالَ: انْظُرْ أَيْنَ بَلَغَتْ؟ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَعْدُ أَرْضَهُ إِلاَّ يَسِيْراً. (3/401) (5/395) رَوَى نَحْوَهُ: الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ ثُمَامَةَ. قُلْتُ: هَذِهِ كَرَامَةٌ بَيِّنَةٌ ثَبَتَتْ بِإِسْنَادَيْنِ. قَالَ هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنِي مَن صَحِبَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا أَحرَمَ أَنَسٌ، لَمْ أَقْدِرْ أَنْ أُكَلِّمَهُ حَتَّى حَلَّ مِنْ شِدَّةِ إِبْقَائِهِ عَلَى إِحْرَامِهِ. ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ مُوْسَى بنِ أَنَسٍ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ بَعَثَ إِلَى أَنَسٍ لِيُوَجِّهَهُ عَلَى البَحْرَيْنِ سَاعِياً. فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ: إِنِّيْ أَرَدْتُ أَنْ أَبْعَثَ هَذَا عَلَى البَحْرَيْنِ، وَهُوَ فَتَىً شَابٌّ. قَالَ: ابعَثْهُ، فَإِنَّهُ لَبِيبٌ كَاتِبٌ. فَبَعَثَه، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ، قَدِمَ أَنَسٌ عَلَى عُمَرَ، فَقَالَ: هَاتِ مَا جِئْتَ بِهِ. قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، البَيْعَةَ أَوَّلاً. فَبَسَطَ يَدَهُ. حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: استَعْمَلَنِي أَبُو بَكْرٍ عَلَى الصَّدَقَةِ؛ فَقَدِمْتُ، وَقَدْ مَاتَ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَنَسُ! أَجِئْتَنَا بِظَهْرٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: جِئْنَا بِهِ، وَالمَالُ لَكَ. قُلْتُ: هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ، فَهُوَ لَكَ. وَكَانَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ. رَوَى: ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: صَحِبْتُ جَرِيرَ بنَ عَبْدِ اللهِ، فَكَانَ يَخْدُمُنِي، وَقَالَ: إِنِّيْ رَأَيْتُ الأَنْصَارَ يَصْنَعُوْنَ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئاً، لاَ أَرَى أَحَداً مِنْهُم إِلاَّ خَدَمْتُهُ. (3/402) وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لأَنَسٍ: (يَا ذَا الأُذُنَيْنِ). وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخُصُّهُ بِبَعْضِ العِلْمِ. (5/396) فَنَقَلَ أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَنَّهُ طَافَ عَلَى تِسْعِ نِسْوَةٍ فِي ضَحْوَةٍ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: كَتَبَ ابْنُ الزُّبَيْرِ بَعْد مَوْتِ يَزِيْدَ إِلَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ؛ فَصَلَّى بِالنَّاسِ بِالبَصْرَةِ أَرْبَعِيْنَ يَوْماً. وَقَدْ شَهِدَ أَنَسٌ فَتْحَ تُسْتَرَ، فَقَدِمَ عَلَى عُمَرَ بِصَاحِبِهَا الهُرْمُزَانَ، فَأَسْلَمَ، وَحَسُنَ إِسْلاَمُهُ -رَحِمَهُ اللهُ -. قَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسٌ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ -يَعْنِي: لَمَّا آذَاهُ الحَجَّاجُ -: إِنِّيْ خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَ سِنِيْنَ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ النَّصَارَى أَدْرَكُوا رَجُلاً خَدَمَ نَبِيَّهُم، لأَكْرَمُوْهُ. قَالَ جَعْفَرُ بنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ زَيْدٍ، قَالَ: كُنْتُ بِالقَصْرِ، وَالحَجَّاجُ يَعْرِضُ النَّاسَ لَيَالِيَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَجَاءَ أَنَسٌ، فَقَالَ الحَجَّاجُ: يَا خَبِيثُ، جَوَّالٌ فِي الفِتَنِ، مَرَّةً مَعَ عَلِيٍّ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَرَّةً مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ؛ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأَسْتَأْصِلَنَّكَ كَمَا تُسْتَأْصَلُ الصَّمْغَةُ، وَلأُجَرِدَنَّكَ كَمَا يُجَرَّدُ الضَّبُّ. قَالَ: يَقُوْلُ أَنَسٌ: مَنْ يَعْنِي الأَمِيْرُ؟ قَالَ: إِيَّاكَ أَعْنِي، أَصَمَّ اللهُ سَمْعَكَ. قَالَ: فَاسْتَرْجَعَ أَنَسٌ، وَشُغِلَ الحَجَّاجُ. فَخَرَجَ أَنَسٌ، فَتَبِعْنَاهُ إِلَى الرَّحْبَةِ، فَقَالَ: لَوْلاَ أَنِّي ذَكَرْتُ وَلَدِي وَخَشِيتُ عَلَيْهِم بَعْدِي، لَكَلَّمْتُهُ بِكَلاَمٍ لاَ يَسْتَحْيِينِي بَعْدَهُ أَبَداً. (3/403) قَالَ سَلَمَةُ بنُ وَرْدَانَ: رَأَيتُ عَلَى أَنَسٍ عِمَامَةً سَوْدَاءَ قَدْ أَرْخَاهَا مِنْ خَلْفِهِ. (5/397) وَقَالَ أَبُو طَالُوْتَ عَبْدُ السَّلاَمِ: رَأَيتُ عَلَى أَنَسٍ عِمَامَةً. حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ: نَهَى عُمَرُ أَنْ نَكْتُبَ فِي الخَوَاتِيمِ عَرَبِيّاً. وَكَانَ فِي خَاتَمِ أَنَسٍ ذِئْبٌ، أَوْ ثَعْلَبٌ. وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ أَنَسٍ أَسَدٌ رَابِضٌ. قَالَ ثُمَامَةُ بنُ عَبْدِ اللهِ: كَانَ كَرْمُ أَنَسٍ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: سَمِعْتُ أَنساً يَقُوْلُ: مَا بَقِيَ أَحَدٌ صَلَّى القِبْلَتَينِ غَيْرِي. قَالَ المُثَنَّى بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعْتُ أَنَساً يَقُوْلُ: مَا مِنْ لَيْلَةٍ إِلاَّ وَأَنَا أَرَى فِيْهَا حَبِيبِي. ثُمَّ يَبْكِي. حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ: عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ - قِيْلَ لَهُ: أَلاَ تُحَدِّثُنَا؟ - قَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّهُ مَنْ يُكْثِرْ يَهْجُرْ. (3/404) هَمَّامٌ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ نَقَشَ فِي خَاتَمِهِ: (مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ)، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ الخَلاَءَ، نَزَعَهُ. قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ مِطْرَفَ خَزٍّ، وَعِمَامَةَ خَزٍّ، وَجُبَّةَ خَزٍّ. رَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ سَالِمٍ الأَشْعَرِيُّ، عَنْ أَزْهَرَ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنْتُ فِي الخَيْلِ الَّذِيْنَ بَيَّتُوا أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، وَكَانَ فِيْمَنْ يُؤَلِّبُ عَلَى الحَجَّاجِ، وَكَانَ مَعَ ابْنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَوْا بِهِ الحَجَّاجَ، فَوَسَمَ فِي يَدِهِ: عَتِيْقُ الحَجَّاجِ. قَالَ الأَعْمَشُ: كَتَبَ أَنَسٌ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ: قَدْ خَدَمْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعَ سِنِيْنَ، وَإِنَّ الحَجَّاجَ يُعَرِّضُ بِي حَوَكَةَ البَصْرَةِ، فَقَالَ: (5/398) يَا غُلاَمُ! اكْتُبْ إِلَى الحَجَّاجِ: وَيْلَكَ! قَدْ خَشِيتُ أَنْ لاَ يَصْلُحَ عَلَى يَدَيَّ أَحَدٌ، فَإِذَا جَاءكَ كِتَابِي، فَقُمْ إِلَى أَنَسٍ حَتَّى تَعْتَذِرَ إِلَيْهِ. فَلَمَّا أَتَاهُ الكِتَابُ، قَالَ لِلرَّسُوْلِ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ كَتَبَ بِمَا هُنَا؟ قَالَ: إِي وَاللهِ؛ وَمَا كَانَ فِي وَجْهِهِ أَشَدُّ مِنْ هَذَا. قَالَ: سَمْعاً وَطَاعَةً، وَأَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ، أَعْلَمْتُهُ. فَأَتَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، فَقُلْتُ: أَلاَ تَرَى قَدْ خَافَكَ، وَأَرَادَ أَنْ يَجِيْءَ إِلَيْكَ، فَقُمْ إِلَيْهِ. فَأَقْبَلَ أَنَسٌ يَمْشِي حَتَّى دَنَا مِنْهُ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ! غَضِبْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، تُعَرِّضُنِي بِحَوَكَةِ البَصْرَةِ؟ قَالَ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكَ كَقْولِ الَّذِي قَالَ: إِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمِعِي يَا جَارَةُ، أَرَدْتُ أَنْ لاَ يَكُوْنَ لأَحَدٍ عَلَيَّ مَنْطِقٌ. (3/405) وَرَوَى: عَمْرُو بنُ دِيْنَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: كَانَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ أَبْرَصَ، وَبِهِ وَضَحٌ شَدِيدٌ، وَرَأَيْتُهُ يَأْكُلُ، فَيَلْقَمُ لُقَماً كِبَاراً. قَالَ حُمَيْدٌ: عَنْ أَنَسٍ: يَقُوْلُوْنَ: لاَ يَجْتَمِعُ حُبُّ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ فِي قَلْبٍ، وَقَدْ جَمَعَ اللهُ حُبَّهُمَا فِي قُلُوْبِنَا. وَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّهَا رَأَتْ أَنَساً مُتَخَلِّقاً بِخَلُوْقٍ، وَكَانَ بِهِ بَرَصٌ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُوْلُ لأَهْلِهِ: لَهَذَا أَجْلَدُ مِنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ سَهْلٍ. فَقَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا لِي. قَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: مَاتَ لأَنسٍ فِي طَاعُوْنِ الجَارِفِ ثَمَانُوْنَ ابْناً. وَقِيْلَ: سَبْعُوْنَ. (5/399) وَرَوَى: مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: ضَعفَ أَنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ، فَصَنَعَ جَفْنَةً مِنْ ثَرِيْدٍ، وَدَعَا ثَلاَثِيْنَ مِسْكِيْناً، فَأَطْعَمَهُم. قُلْتُ: ثَبَتَ مَوْلِدُ أَنَسٍ قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِعَشْرِ سِنِيْنَ. (3/406) وَأَمَّا مَوْتُهُ: فَاخْتَلَفُوا فِيْهِ، فَرَوَى مَعْمَرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ: أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ. وَكَذَا أَرَّخَهُ: قَتَادَةُ، وَالهَيْثَمُ بنُ عَدِيٍّ، وَسَعِيْدُ بنُ عُفَيْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ. وَرَوَى: مَعْنُ بنُ عِيْسَى، عَنِ ابْنٍ لأَنَسِ بنِ مَالِكٍ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ. وَتَابَعَهُ: الوَاقِدِيُّ. وَقَالَ عِدَّةٌ - وَهُوَ الأَصَحُّ -: مَاتَ سَنَةَ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ. قَالَهُ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَسَعِيْدُ بنُ عَامِرٍ، وَالمَدَائِنِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَالفَلاَّسُ، وَقَعْنَبٌ. فَيَكُوْنُ عُمُرُهُ عَلَى هَذَا: مائَةً وَثَلاَثَ سِنِيْنَ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: اخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِي سِنِّ أَنَسٍ، فَقَالَ بَعْضُهُم: بَلَغَ مائَةً وَثَلاَثَ سِنِيْنَ. وَقَالَ بَعَضُهُم: بَلغَ مائَةً وَسَبْعَ سِنِيْنَ. (مُسْنَدُهُ): أَلْفَانِ وَمائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَثَمَانُوْنَ. اتَّفَقَ لَهُ: البُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَلَى مائَةٍ وَثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً. وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِثَمَانِيْنَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ: بِتِسْعِيْنَ. (3/407) (5/400) |