فَأَمَّا ابْنُهُ: عَمْرٌو الأَشْدَقُ بنُ العَاصِ الأُمَوِيُّ
 
فَمِنْ سَادَةِ بَنِي أُمَيَّةَ.
اسْتَخْلَفَهُ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ عَلَى دِمَشْقَ لَمَّا سَارَ لِيَمْلِكَ العِرَاقَ، فَتَوَثَّبَ عَمْرٌو عَلَى دِمَشْقَ، وَبَايَعُوْهُ.
فَلَمَّا تَوَطَّدَتِ العِرَاقُ لِعَبْدِ المَلِكِ، وَقُتِلَ مُصْعَبٌ، رَجَعَ، وَحَاصَرَ عَمْراً بِدِمَشْقَ، وَأَعْطَاهُ أَمَاناً مُؤَكَّداً، فَاغْتَرَّ بِهِ عَمْرٌو.
ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ، غَدَرَ بِهِ، وَقَتَلَهُ، وَخَرَجَتْ أُخْتُهُ تَنْدُبُهُ، وَهِيَ زَوْجَةُ الوَلِيْدِ، فَقَالَتْ:
أيَا عَيْنُ جُودِي بِالدُّمُوعِ عَلَى عَمْرِو * عَشِيَّةَ تُبْتَزُّ الخِلاَفَةُ بِالغَدْرِ
غَدَرْتُم بِعَمْرٍو يَا بَنِي خَيْطِ بَاطِلٍ * وَكُلُّكُم يَبْنِي البُيُوْتَ عَلَى غَدْرِ
وَمَا كَانَ عَمْرٌو غَافِلاً غَيْرَ أَنَّهُ * أَتَتْهُ المَنَايَا غَفْلَةً وَهُوَ لاَ يَدْرِي
كَأَنَّ بَنِي مَرْوَانَ إِذْ يَقْتُلُوْنَهُ * خِشَاشٌ مِنَ الطَّيْرِ اجْتَمَعْنَ عَلَى صَقْرِ
لَحَى اللهُ دُنْيَا تُعقِبُ النَّارَ أَهْلَهَا * وَتَهْتِكُ مَا بَيْنَ القَرَابَةِ مِنْ سِتْرِ
أَلاَ يَا لَقَوْمِي لِلْوَفَاءِ وَلِلْغَدْرِ * وَلِلْمُغْلِقِيْنَ البَابَ قَسْراً عَلَى عَمْرِو
فَرُحْنَا وَرَاحَ الشَّامِتُونَ عَشِيَّةً * كَأَنَّ عَلَى أَعْنَاقِهِم فِلَقَ الصَّخْرِ (3/450)
وَقَدْ كَانَ عَمْرٌو كَتَبَ إِلَى عَبْدِ المَلِكِ بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ:
يُرِيْدُ ابْنُ مَرْوَانٍ أُمُوْراً أَظُنُّهَا * سَتَحْمِلُهُ مِنِّي عَلَى مَرْكَبٍ صَعْبِ
أَتَنْقُضُ عَهْداً كَانَ مَرْوَانُ شَدَّهُ * وَأَكَّدَ فِيْهِ بِالقَطِيعَةِ وَالكِذْبِ
فَقَدَّمَهُ قَبْلِي وَقَدْ كُنْتُ قَبْلَهُ * وَلَوْلاَ انْقِيَادِي كَانَ كَرْباً مِنَ الكَرْبِ
وَكَانَ الَّذِي أَعْطَيْتُ مَرْوَانَ هَفْوَةً * عُنِيتُ بِهَا رَأْياً وَخَطْباً مِنَ الخَطْبِ
فَإِنْ تُنْفِذُوا الأَمْرَ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا * فَنَحْنُ جَمِيْعاً فِي السُّهُولِ وَفِي الرَّحْبِ
وَإِنْ تُعْطِهَا عَبْدَ العَزِيْزِ ظُلاَمَةً * فَأَوْلَى بِهَا مِنَّا وَمِنْهُ بَنُو حَرْبِ (3/451)
(5/446)