أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ اللَّيْثِيُّ الكِنَانِيُّ (ع) |
خَاتَمُ مَنْ رَأَى رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الدُّنْيَا، وَاسْتمَرَّ الحَالُ عَلَى ذَلِكَ فِي عَصْرِ التَّابِعِيْنَ وَتَابِعِيْهِم وَهَلُمَّ جَرَّا، لاَ يَقُوْلُ آدَمِيٌّ: إِنَّنِي رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَبَغَ بِالهِنْدِ بَعْدَ خَمْسِ مائَةِ عَامٍ بَابَا رَتَنَ، فَادَّعَى الصُّحْبَةَ، وَآذَى نَفْسَهُ، وَكَذَّبَهُ العُلَمَاءُ.
فَمَنْ صَدَّقه فِي دَعْوَاهُ، فَبَارَكَ اللهُ فِي عَقْلِهِ، وَنَحْنُ نَحْمَدُ اللهَ عَلَى العَافِيَةِ. وَاسْمُ أَبِي الطُّفَيْلِ: عَامِرُ بنُ وَاثِلَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ، الكِنَانِيُّ، الحِجَازِيُّ، الشِّيْعِيُّ. كَانَ مِنْ شِيْعَةِ الإِمَامِ عَلِيٍّ. مَوْلِدُهُ: بَعْدَ الهِجْرَةِ. رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَهُوَ يَسْتَلمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ، ثُمَّ يُقَبِّلُ المِحْجَنَ. (3/469) وَرَوَى عَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَلِيٍّ. حَدَّثَ عَنْهُ: حَبِيْبُ بنُ أَبِي ثَابِتٍ، وَالزُّهْرِيُّ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ، وَعَلِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ جُدْعَانَ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ خُثَيْمٍ، وَمَعْرُوفُ بنُ خَرَّبُوْذَ، وَسَعِيْدٌ الجُرَيْرِيُّ، وَفِطْرُ بنُ خَلِيْفَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم. قَالَ مَعْرُوفٌ: سَمِعْتُ أَبَا الطُّفَيْلِ يَقُوْلُ: (5/466) رَأَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا غُلاَمٌ شَابٌّ يَطُوْفُ بِالبَيْتِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، يَسْتَلمُ الحَجَرَ بِمِحْجَنِهِ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهَمْدَانِيِّ، قَالَ: دَخَلَ أَبُو الطُّفَيْلِ عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: مَا أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ مِنْ ثُكْلِكَ عَلِيّاً؟ قَالَ: ثُكْلَ العَجُوْزِ المِقْلاَتِ وَالشَّيْخِ الرَّقُوبِ. قَالَ: فَكَيْفَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: حُبُّ أُمِّ مُوْسَى لِمُوْسَى، وَإِلَى اللهِ أَشْكُو التَّقْصِيرَ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: أَدْرَكْتُ مِنْ حَيَاةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِ سِنِيْنَ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يُنْشِدُ: وَخُلِّفْتُ سَهْماً فِي الكِنَانَةِ وَاحِداً * سَيُرمَى بِهِ أَوْ يَكْسِرُ السَّهْمَ كَاسِرُهْ وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ كَانَ حَامِلَ رَايَةِ المُخْتَارِ لَمَّا ظَهَرَ بِالعِرَاقِ، وَحَارَبَ قَتَلَةَ الحُسَيْنِ. (3/470) وَكَانَ أَبُو الطُّفَيْلِ ثِقَةً فِيمَا يَنْقُلُهُ، صَادِقاً، عَالِماً، شَاعِراً، فَارِساً، عُمِّرَ دَهْراً طَوِيْلاً، وَشَهِدَ مَعَ عَلِيٍّ حُرُوْبَهُ. قَالَ خَلِيْفَةُ: وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ مائَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا - كَذَا قَالَ -. ثُمَّ قَالَ: وَيُقَالُ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ. وَقَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُوْسَى بنُ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ، عَنْ كَثِيْرِ بنِ أَعْيَنَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمائَةٍ. وَقَالَ وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: كُنْتُ بِمَكَّةَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمائَةٍ، فَرَأَيْتُ جِنَازَةً، فَسَأَلْتُ عَنْهَا، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو الطُّفَيْلِ. قُلْتُ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ وَفَاتِهِ لِثُبُوتِهِ، وَيَعْضُدُهُ مَا قَبْلَهُ. وَلَوْ عُمِّرَ أَحَدٌ بَعْدَهُ كَمَا عُمِّرَ هُوَ بَعْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَاشَ إِلَى سَنَةِ بِضْعٍ وَمائَتَيْنِ. (3/471) (5/467) |