أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ ظَالِمُ بنُ عَمْرٍو (ع)
 
وَيُقَالُ: الدِّيْلِيُّ.
العَلاَّمَةُ، الفَاضِلُ، قَاضِي البَصْرَةِ.
وَاسْمُهُ: ظَالِمُ بنُ عَمْرٍو عَلَى الأَشْهَرِ.
وُلِدَ: فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ.
وَحَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَأَبِي ذَرٍّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَالزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَطَائِفَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ: قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ.
قَرَأَ عَلَيْهِ: وَلَدُهُ؛ أَبُو حَرْبٍ، وَنَصْرُ بنُ عَاصِمٍ اللَّيْثِيُّ، وَحُمْرَانُ بنُ أَعْيَنَ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
قُلْتُ: الصَّحِيْحُ أَنَّ حُمْرَانَ هَذَا إِنَّمَا قَرَأَ عَلَى أَبِي حَرْبٍ بنِ أَبِي الأَسْوَدِ، نَعَمْ.
وَحَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ، وَعُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: ثِقَةٌ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي النَّحْوِ.
وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
وَقَالَ غَيْرُهُ: قَاتَلَ أَبُو الأَسْوَدِ يَوْمَ الجَمَلِ مَعَ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ مِنْ وُجُوْهِ الشِّيْعَةِ، وَمِنْ أَكْمَلِهِم عَقْلاً، وَرَأْياً.
وَقَدْ أَمَرَهُ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- بِوَضْعِ شَيْءٍ فِي النَّحْوِ لَمَّا سَمِعَ اللَّحْنَ.
قَالَ: فَأَرَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ مَا وَضَعَ.
فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ!
فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْواً.
(7/88)

وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا الأَسْوَدِ أَدَّبَ عُبَيْدَ اللهِ ابنَ الأَمِيْرِ زِيَادِ ابْنِ أَبِيْهِ.
وَنَقَلَ ابْنُ دَابٍ: أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بَعْدَ مَقْتَلِ عَلِيٍّ، فَأَدْنَى مَجْلِسَهُ، وَأَعْظَمَ جَائِزَتَهُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الفَاعِلِ، وَالمَفْعُوْلِ، وَالمُضَافِ، وَحَرْفِ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالجَرِّ وَالجَزْمِ، فَأَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ. (4/83)
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَخَذَ أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عَلِيٍّ العَرَبِيَّةَ، فَسَمِعَ قَارِئاً يَقْرَأُ: {أَنَّ اللهَ بَرِيْءٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ وَرَسُوْلِهِ} - بِكَسْرِ اللاَّمِ بَدَلاً عَنْ ضَمِّهَا - [التَّوْبَةُ: 3]، فَقَالَ: مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا.
فَقَالَ لِزِيَادٍ الأَمِيْرِ: ابْغِنِي كَاتِباً لَقِناً.
فَأَتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الأَسْوَدِ: إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتُ فَمِي بِالحَرْفِ، فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاَهُ، وَإِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ ضَمَمْتُ فَمِي، فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الحَرْفِ، وَإِنْ كَسَرْتُ، فَانْقُطْ نُقْطَةً تَحْتَ الحَرْفِ، فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ غُنَّةً، فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ، فَهَذَا نَقْطُ أَبِي الأَسْوَدِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ، قَالَ:
السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّحْوِ: أَنَّ بِنْتَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ لَهُ: مَا أَشَدُّ الحَرِّ!
فَقَالَ: الحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ.
قَالَتْ: إِنَّمَا تَعَجَّبْتُ مِنْ شِدَّتِهِ.
فَقَالَ: أَوَقَدْ لَحَنَ النَّاسُ؟!
(7/89)

فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَأَعْطَاهُ أُصُوْلاً بَنَى مِنْهَا، وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا.
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ المَصَاحِفَ، وَأَخَذَ عَنْهُ النَّحْوَ: عَنْبَسَةُ الفِيْلُ، وَأَخَذَ عَنْ عَنْبَسَةَ: مَيْمُوْنٌ الأَقْرَنُ، ثُمَّ أَخَذَهُ عَنْ مَيْمُوْنٍ: عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ الحَضْرَمِيُّ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: عِيْسَى بنُ عُمَرَ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: الخَلِيْلُ بنُ أَحْمَدَ، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: سِيْبَوَيْه، وَأَخَذَهُ عَنْهُ: سَعِيْدٌ الأَخْفَشُ.
وَيَعْقُوْبُ الحَضْرَمِيُّ: حَدَّثَنَا سَعِيْدُ بنُ سَلْمٍ البَاهِلِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ، فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقاً، فَقُلْتُ: فِيْمَ تَتَفَكَّرُ يَا أَمِيَرَ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: سَمِعْتُ بِبَلَدِكُم لَحْناً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَاباً فِي أُصُوْلِ العَرَبِيَّةِ.
فَقُلْتُ: إِنْ فَعَلْتَ هَذَا، أَحْيَيْتَنَا.
فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيْفَةً، فِيْهَا:
الكَلاَمُ كُلُّهُ اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ: مَا أَنْبَأَ عَنِ المُسَمَّى، وَالفِعْلُ: مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ المُسَمَّى، وَالحَرْفُ: مَا أَنْبَأَ عَنْ مَعْنَىً لَيْسَ بِاسْمٍ وَلاَ فِعْلٍ.
ثُمَّ قَالَ لِي: زِدْهُ وَتَتَبَّعْهُ.
فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ. (4/84)
عُمَرُ بنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنَا حَيَّانُ بنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ آدَمَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ:
جَاءَ أَبُو الأَسْوَدِ إِلَى زِيَادٍ، فَقَالَ: أَرَى العَرَبَ قَدْ خَالَطَتِ العَجَمَ، فَتَغَيَّرَتْ أَلْسِنَتُهُم، أَفَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَضَعَ لِلْعَرَبِ كَلاَماً يُقِيْمُوْنَ بِهِ كَلاَمَهُم؟
قَالَ: لاَ.
(7/90)

قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى زِيَادٍ، فَقَالَ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، تُوُفِّيَ أَبَانَا وَتَرَكَ بَنُوْنَ.
فَقَالَ: ادْعُ لِي أَبَا الأَسْوَدِ.
فَدُعِيَ، فَقَالَ: ضَعْ لِلنَّاسِ الَّذِي نَهَيْتُكَ عَنْهُ.
قَالَ الجَاحِظُ: أَبُو الأَسْوَدِ مُقَدَّمٌ فِي طَبَقَاتِ النَّاسِ، كَانَ مَعْدُوْداً فِي الفُقَهَاءِ، وَالشُّعَرَاءِ، وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَالأَشْرَافِ، وَالفُرْسَانِ، وَالأُمَرَاءِ، وَالدُّهَاةِ، وَالنُّحَاةِ، وَالحَاضِرِي الجَوَابِ، وَالشِّيْعَةِ، وَالبُخَلاَءِ، وَالصُّلْعِ الأَشْرَافِ.
وَمِنْ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ): أَبُو الأَسْوَدِ ظَالِمُ بنُ عَمْرِو بنِ ظَالِمٍ.
وَقِيْلَ: جَدُّهُ سُفْيَانُ.
وَيُقَالُ: هُوَ عُثْمَانُ بنُ عَمْرٍو.
وَيُقَالُ: عَمْرُو بنُ ظَالِمٍ، وَأَنَّهُ وَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ زَمَنَ عَلِيٍّ. (4/85)
قَالَ الحَازِمِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّوْلِيُّ مَنْسُوْبٌ إِلَى دُوْلِ بنِ حَنِيْفَةَ بنِ لُجَيْمٍ.
وَقَالَ أَبُو اليَقْظَانِ: الدُّوْلُ - بِضَمِّ الدَّالِ وَسُكُوْنِ الوَاوِ - مِنْ بَكْرِ بنِ وَائِلٍ.
عَدَدُهُم كَثِيْرٌ، مِنْهُم فَرْوَةُ بنُ نُفَاثَةَ؛ صَاحِبُ بَعْضِ الشَّامِ فِي الجَاهِلِيَّةِ.
وَزَعَمَ يُوْنُسُ أَنَّ الدُّوْلَ امْرَأَةٌ مِنْ كِنَانَةَ، وَهُمْ رَهْطُ أَبِي الأَسْوَدِ، وَأَمَّا بَنُوْ عَدِيِّ بنِ الدُّوْلِ، فَلَهُم عَدَدٌ كَثِيْرٌ بِالحِجَازِ، مِنْهُم: عَمْرُو بنُ جَنْدَلٍ وَالِدُ أَبِي الأَسْوَدِ ظَالِمٍ، وَأَمُّهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بنِ قُصَيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: فِي عَنْزَةَ الدُّوْلُ بنُ سَعْدِ مَنَاةَ.
وَفِي ضَبَّةَ: الدُّوْلُ بنُ جَلٍّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُتَيْبَةَ: الدُّوْلُ فِي بَنِي حَنِيْفَةَ، وَالدِّيْلُ فِي بَنِي عَبْدِ القَيْسِ.
(7/91)

وَالدُّئْلُ بِالهَمْزِ فِي كِنَانَةَ، مِنْهُم: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّئْلِيُّ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الغَسَّانِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ عَلَى زِنَةِ العُمَرِيِّ - هَكَذَا يَقُوْلُ البَصْرِيُّوْنَ - مَنْسُوْبٌ إِلَى دُؤَلٍ؛ حَيٍّ مِنْ كِنَانَةَ.
وَقَالَ عِيْسَى بنُ عُمَرَ: بِالكَسْرِ عَلَى الأَصْلِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ يَقُوْلُوْنَ: الدِّيْلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: الدُّؤَلِيُّ - بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الهَمْزَةِ -: قَبِيْلَةٌ مِنْ كِنَانَةَ.
قَالَ: وَالدُّئِلُ -يَعْنِي بِكَسْرِ الهَمْزَةِ-: فِي عَبْدِ القَيْسِ.
وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ البُخَارِيُّ: الدِّيْلُ مِنْ بَنِي حَنِيْفَةَ، وَالدُّوْلُ مِنْ كِنَانَةَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ الدُّئِلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الهَمْزَةِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الهَمْزَةِ، مِنَ الدُّئِلِ بِالكَسْرِ، هِيَ دَابَّةٌ، امْتَنَعُوا مِنَ الكَسْرِ لِئَلاَّ يُوَالُوا بَيْنَ الكَسْرَاتِ، كَمَا قَالُوا فِي النَّمِرِ: النَّمَرِيُّ. (4/86)
قَالَ ابْنُ حَبِيْبٍ: فِي تَغْلِبَ الدِّيْلُ، وَفِي عَبْدِ القَيْسِ، وَفِي إِيَادٍ، وَفِي الأَزْدِ.
انْتَهَى مَا نَقَلَهُ الحَازِمِيُّ.
فَيَجِيْءُ فِي أَبِي الأَسْوَدِ: الدُّوْلِيُّ، وَالدِّيْلِيُّ، وَالدُّؤَلِيُّ، وَالدُّئِلِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ السِّيْدِ: الدُّئِل بِكَسْرِ الهَمْزَةِ، لاَ أَعْلَمُ فِيْهِ خِلاَفاً.
وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إِنَّ ابْنَ مَاكُوْلاَ وَالحَازِمِيَّ وَهِمَا فِي أَنَّ فَرْوَةَ بنَ نُفَاثَةَ مِنَ الدُّوْلِ، بَلْ هُوَ جُذَامِيٌّ.
وَجُذَامٌ وَالدُّوْلُ لاَ يَجْتَمِعَانِ إِلاَّ فِي سَبَأِ بنِ يَشْجُبَ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: مَاتَ أَبُو الأَسْوَدِ فِي طَاعُوْنِ الجَارِفِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ.
وَقِيْلَ: مَاتَ قُبَيْلَ ذَلِكَ.
وَعَاشَ: خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: تُوُفِّيَ فِي خِلاَفَةِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. (4/87)
(7/92)