الشَّعْبِيُّ عَامِرُ بنُ شَرَاحِيْلَ بن عَبْدِ بنِ ذِي كِبَارٍ أ
 
113 - الشَّعْبِيُّ عَامِرُ بنُ شَرَاحِيْلَ بن عَبْدِ بنِ ذِي كِبَارٍ
وَذُوْ كِبَارٍ: قَيْلٌ مِنْ أَقْيَالِ اليَمِنِ، الإِمَامُ، عَلاَّمَةُ العَصْرِ، أَبُو عَمْرٍو الهَمْدَانِيُّ، ثُمَّ الشَّعْبِيُّ.
وَيُقَالُ: هُوَ عَامِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَكَانَتْ أُمُّهُ مِنْ سَبْيِ جَلُوْلاَءَ.
مَوْلِدُهُ: فِي إِمْرَةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، لِسِتِّ سِنِيْنَ خَلَتْ مِنْهَا، فَهَذِهِ رِوَايَةٌ.
وَقِيْلَ: وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِيْنَ، قَالَهُ شَبَابٌ.
وَكَانَتْ جَلُوْلاَءُ فِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ.
وَرَوَى: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: وُلِدْتُ عَامَ جَلُوْلاَءَ.
فَهَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَلَيْسَ السَّرِيُّ بِمُعْتَمَدٍ، قَدِ اتُّهِمَ.
وَعَنْ أَحْمَدَ بنِ يُوْنُسَ: وُلِدَ الشَّعْبِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَيُقَارِبُهَا: رِوَايَةُ حَجَّاجٍ الأَعْوَرِ، عَنْ شُعْبَةَ:
قَالَ لِي أَبُو إِسْحَاقَ: الشَّعْبِيُّ أَكْبَرُ مِنِّي بِسَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ. (4/296)
قُلْتُ: وَإِنَّمَا وُلِدَ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْد سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: هُوَ مِنْ حِمْيَرٍ، وَعِدَادُهُ فِي هَمْدَانَ.
قُلْتُ: رَأَى عَلِيّاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وَصَلَّى خَلْفَهُ.
وَسَمِعَ مِنْ: عِدَّةٍ مِنْ كُبَرَاءِ الصَّحَابَةِ.
(7/329)

وَحَدَّثَ عَنْ: سَعْدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيْدِ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، وَعَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ، وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، وَأَبِي مَسْعُوْدٍ البَدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعْدٍ، وَعَائِشَةَ، وَجَابِرِ بنِ سَمُرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَعِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ، وَالمُغِيْرَةِ بنِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، وَجَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ سَمُرَةَ، وَسَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ، وَالنُّعْمَانِ بنِ بَشِيْرٍ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وَزَيْدِ بن أَرْقَمَ، وَبُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ، وَالحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ، وَحُبْشِيِّ بنِ جُنَادَةَ، وَالأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ، وَوَهْبِ بنِ خَنْبَشٍ الطَّائِيِّ، وَعُرْوَةَ بنِ مُضَرِّسٍ، وَجَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ، وَأَبِي سَرِيْحَةَ الغِفَارِيِّ، وَمَيْمُوْنَةَ، وَأُمِّ سَلَمَةَ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَأُمِّ هَانِئ، وَأَبِي جُحَيْفَةَ السُّوَائِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الأَنْصَارِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبْزَى، وَعَبْدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ، وَالمِقْدَامِ بن مَعْدِ يْكَرِبَ، وَعَامِرِ بنِ شَهْرٍ، وَعُرْوَةَ بنِ الجَعْدِ البَارِقِيِّ، وَعَوْفِ بنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مُطِيْعِ بنِ الأَسْوَدِ العَدَوِيِّ، وَأَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَغَيْرِ هَؤُلاَءِ الخَمْسِيْنَ مِنَ الصَّحَابَةِ. (4/297)
وَحَدَّثَ عَنْ: عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ، وَالحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، وَالقَاضِي شُرَيْحٍ، وَعِدَّةٍ.
(7/330)

رَوَى عَنْهُ: الحَكَمُ، وَحَمَّادٌ، وَأَبُو إِسْحَاقَ، وَدَاوُدُ بنُ أَبِي هِنْدٍ، وَابْنُ عَوْنٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ، وَعَاصِمٌ الأَحْوَلُ، وَمَكْحُوْلٌ الشَّامِيُّ، وَمَنْصُوْرُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الغُدَانِيُّ، وَعَطَاءُ بنُ السَّائِبِ، وَمُغِيْرَةُ بنُ مِقْسَمٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ سُوْقَةَ، وَمُجَالِدٌ، وَيُوْنُسُ بنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو حَنِيْفَةَ، وَعِيْسَى بنُ أَبِي عِيْسَى الحَنَّاطُ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ المَنْتُوْفُ، وَأَبُو بَكْرٍ الهُذَلِيُّ، وَأُمَمٌ سِوَاهُم.
وَقَبِيْلَتُهُ: مَنْ كَانَ مِنْهُم بِالكُوْفَةِ، قِيْلَ: شَعْبِيٌّ.
وَمَنْ كَانَ بِمِصْرَ، قِيْلَ: الأُشْعُوْبِيُّ.
وَمَنْ كَانَ بِاليَمَنِ، قِيْلَ لَهُم: آلُ ذِي شَعْبَيْنِ.
وَمَنْ كَانَ بِالشَّامِ، قِيْلَ: الشَّعْبَانِيُّ.
وَأُرَى قَبِيْلَةَ شَعْبَانَ نَزَلَتْ بِمَرْجِ كَفْرَ بَطْنَا، فَعُرِفَ بِهِم، وَهُمْ جَمِيْعاً وَلَدُ حَسَّانِ بنِ عَمْرِو بنِ شَعْبَيْنِ.
قَالَ الحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ: فَبَنُو عَلِيِّ بنِ حَسَّانِ بنِ عَمْرٍو رَهْطُ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، دَخَلُوا فِي جُمْهُوْرِ هَمْدَانَ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ تَوْءماً ضَئِيْلاً، فَكَانَ يَقُوْلُ: إِنِّي زُوْحِمْتُ فِي الرَّحِمِ.
قَالَ: وَأَقَامَ فِي المَدِيْنَة ثَمَانِيَة أَشْهُرٍ هَارِباً مِنَ المُخْتَارِ، فَسَمِع مِنِ ابْنِ عُمَرَ، وَتَعَلَّمَ الحِسَابَ مِنَ الحَارِثِ الأَعْوَرِ، وَكَانَ حَافِظاً، وَمَا كَتَبَ شَيْئاً قَطُّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُرَّةَ الشَّعْبَانِيُّ، حَدَّثَنِي أَشْيَاخٌ مِنْ شَعْبَانَ؛ مِنْهُم: مُحَمَّدُ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ - وَكَانَ عَالِماً -:
(7/331)

أَنَّ مَطَراً أَصَابَ اليَمَنَ، فَجَحَفَ السَّيْلُ مَوْضِعاً، فَأَبْدَى عَنْ أَزَجٍ عَلَيْهِ بَابٌ مِنْ حِجَارَةٍ، فَكُسِرَ الغَلَقُ، وَدُخِلَ، فَإِذَا بَهُوٌ عَظِيْمٌ، فِيْهِ سَرِيْرٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَإِذَا عَلَيْهِ رَجُلٌ، شَبَرْنَاهُ فَإِذَا طُوْلُهُ اثْنَا عَشَرَ شِبْراً، وَإِذَا عَلَيْهِ جِبَابٌ مِنْ وَشْيٍ مَنْسُوْجَةٌ بِالذَّهَبِ، وَإِلَى جَنْبِهِ مِحْجَنٌ مِنْ ذَهَبٍ، عَلَى رَأْسِهِ يَاقُوْتَةٌ حَمْرَاءُ، وَإِذَا رَجُلٌ أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ، لَهُ ضَفْرَانِ، وَإِلَى جَنْبِهِ لَوْحٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ بِالحِمْيَرِيَّةِ:
بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ رَبَّ حِمْيَرٍ، أَنَا حَسَّانُ بنُ عَمْرٍو القَيْلُ، إِذْ لاَ قَيْلَ إِلاَّ اللهُ، عِشْتُ بِأَمَلٍ، وَمُتُّ بِأَجِلٍ؛ أَيَّامَ وَخْزِهَيْدَ، وَمَا وَخْزُهَيْدُ؟ هَلَكَ فِيْهِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ قَيْلٍ، فَكُنْتُ آخِرَهُم قَيْلاً، فَأَتَيْتُ جَبَلَ ذِي شَعْبَيْنِ؛ لِيُجِيْرَنِي مِنَ المَوْتِ، فَأَخْفَرَنِي.
وَإِلَى جَنْبِهِ سَيْفٌ مَكْتُوْبٌ فِيْهِ: أَنَا قَيْلٌ، بِي يُدْرَكُ الثَّأْرُ. (4/298)
شُعْبَةُ: عَنْ مَنْصُوْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
سَعِيْدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: عَنْ مَكْحُوْلٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
هُشَيْمٌ: أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
مَا مَاتَ ذُوْ قَرَابَةٍ لِي وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إِلاَّ وَقَضَيْتُ عَنْهُ، وَلاَ ضَرَبْتُ مَمْلُوْكاً لِي قَطُّ، وَلاَ حَلَلْتُ حَبْوَتِي إِلَى شَيْءٍ مِمَّا يَنْظُرُ النَّاسُ. (4/299)
(7/332)

أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ أَبِي حَصِيْنٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
قُلْتُ: وَلاَ شُرَيْحٌ؟
فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّ شُرَيْحاً لَمْ أَنْظُرْ أَمْرَهُ.
زَائِدَةُ: عَنْ مُجَالِدٍ، قَالَ:
كُنْتُ مَعَ إِبْرَاهِيْمَ فِي أَصْحَابِ المُلاَّ، فَأَقْبَلَ الشَّعْبِيُّ، فَقَامَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَعْوَرُ، لَوْ أَنَّ أَصْحَابِي أَبْصَرُوْكَ.
ثُمَّ جَاءَ، فَجَلَسَ فِي مَوْضِعِ إِبْرَاهِيْمَ.
سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْقَهَ مِنَ الشَّعْبِيِّ، إِلاَّ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، وَلاَ طَاوُوْسَ، وَلاَ عَطَاءً، وَلاَ الحَسَنَ، وَلاَ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَقَدْ رَأَيْتُ كُلَّهُم.
عَبْدُ اللهِ بنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنَا جَرِيْرُ بنُ أَيُّوْبَ، قَالَ:
سَأَلَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ عَنْ وَلَدِ الزِّنَى: شَرُّ الثَّلاَثَةِ هُوَ؟
فَقَالَ: لَوْ كَانَ كَذَلِكَ، لَرُجِمَتْ أُمُّهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا، وَلَمْ تُؤَخَّرْ حَتَّى تَلِدَ. (4/300)
ابْنُ حُمَيْدٍ: حَدَّثَنَا حُرٌّ، عَنْ مُغِيْرَةَ:
قَالَ رَجُلٌ مِنَ الكَيْسَانِيَّةِ عِنْدَ الشَّعْبِيِّ: كَانَتْ عَائِشَةُ مِنْ أَبْغَضِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْهِ.
قَالَ: خَالَفْتَ سُنَّةَ نَبِيِّكَ.
عَلِيُّ بنُ القَاسِمِ: عَنْ أَبِي بَكْرٍ الهُذَلِيِّ:
قَالَ لِي ابْنُ سِيْرِيْنَ: الْزَمِ الشَّعْبِيَّ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُسْتَفْتَى وَأَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُتَوَافِرُوْنَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ فِي كِتَابِ (الحِكْمَةِ):
قِيْلَ لِلشَّعْبِيِّ: مِنْ أَيْنَ لَكَ كُلُّ هَذَا العِلْمِ؟
(7/333)

قَالَ: بِنَفْيِ الاغْتِمَامِ، وَالسَّيْرِ فِي البِلاَدِ، وَصَبْرٍ كَصَبْرِ الحَمَامِ، وَبُكُوْرٍ كَبُكُوْرِ الغُرَابِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عُلَمَاءُ النَّاسِ ثَلاَثَةٌ: ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَالشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَالثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ الشَّعْبِيُّ ضَئِيْلاً، نَحِيْفاً، وُلِدَ هُوَ وَأَخٌ لَهُ تَوْءماً. (4/301)
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: سَمِعَ الشَّعْبِيُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: وَلاَ يَكَادُ يُرْسِلُ إِلاَّ صَحِيْحاً.
رَوَى: عَقِيْلُ بنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُوْرٍ الغُدَانِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ خَمْسَ مائَةِ صَحَابِيٍّ، أَوْ أَكْثَرَ، يَقُوْلُوْنَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ.
وَأَمَّا عَمْرُو بنُ مَرْزُوْقٍ، فَرَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ، وَفِيْهِ: يَقُوْلُوْنَ: عَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ فِي الجَنَّةِ.
ابْنُ فُضَيْلٍ: عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ:
مَا كَتَبْتُ سَوْدَاءَ فِي بَيْضَاءَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَلاَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ بِحَدِيْثٍ قَطُّ إِلاَّ حَفِظْتُهُ، وَلاَ أَحْبَبْتُ أَنَّ يُعِيْدَهُ عَلَيَّ.
هَذَا سَمَاعُنَا فِي (مُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ).
أَنْبَأَنَا مَالِكُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ:
فَكَأَنَّ الشَّعْبِيَّ يُخَاطِبُكَ بِهِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُمِّيٌّ، لاَ كَتَبَ وَلاَ قَرَأَ.
الفَسَوِيُّ فِي (تَارِيْخِهِ): حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ، سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْلُ:
(7/334)

مَا سَمِعْتُ مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً رَجُلاً يُحَدِّثُ بِحَدِيْثٍ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَقَدْ نَسِيْتُ مِنَ العِلْمِ مَا لَوْ حَفِظَهُ رَجُلٌ لَكَانَ بِهِ عَالِماً.
نُوْحُ بنُ قَيْسٍ: عَنْ يُوْنُسَ بنِ مُسْلِمٍ، عَنْ وَادِعٍ الرَّاسِبِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
مَا أَرْوِي شَيْئاً أَقَلَّ مِنَ الشِّعْرِ، وَلَوْ شِئْتُ، لأَنْشَدْتُكُم شَهْراً لاَ أُعِيْدُ. (4/302)
وَرُوِيَتْ عَنْ: نُوْحٍ مَرَّةً، فَقَالَ: عَنْ يُوْنُسَ، وَوَادِعٍ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: سَمِعْتُ أَبَا أُسَامَةَ يَقُوْلُ:
كَانَ عُمَرُ فِي زَمَانِهِ رَأْسَ النَّاسِ وَهُوَ جَامِعٌ، وَكَانَ بَعْدَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ بَعْدَهُ الشَّعْبِيُّ فِي زَمَانِهِ، وَكَانَ بَعْدَهُ الثَّوْرِيُّ فِي زَمَانِهِ، ثُمَّ كَانَ بَعْدَهُ يَحْيَى بنُ آدَمَ.
شَرِيْكٌ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:
مَرَّ ابْنُ عُمَرَ بِالشَّعْبِيِّ وَهُوَ يَقْرَأُ المَغَازِي، فَقَالَ: كَأَنَّ هَذَا كَانَ شَاهِداً مَعَنَا، وَلَهُوَ أَحْفَظُ لَهَا مِنِّي وَأَعْلَمُ.
أَشْعَبُ بنُ سَوَّارٍ: عَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ:
قَدِمْتُ الكُوْفَةَ، وَلِلشَّعْبِيِّ حَلْقَةٌ عَظِيْمَةٌ، وَالصَّحَابَةُ يَوْمَئِذٍ كَثِيْرٌ.
ابْن عُيَيْنَةَ: عَنْ دَاوُدَ بنِ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: مَا جَالَسْتُ أَحَداً أَعْلَمَ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
وَقَالَ عَاصِمُ بنُ سُلَيْمَانَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِحَدِيْثِ أَهْلِ الكُوْفَةِ وَالبَصْرَةِ وَالحِجَازِ وَالآفَاقِ مِنَ الشَّعْبِيِّ.
أَبُو مُعَاوِيَةَ: سَمِعْتُ الأَعْمَشَ يَقُوْلُ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: أَلاَ تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الأَعْوَرِ؟! يَأْتِيْنِي بِاللَّيْلِ، فَيَسْأَلُنِي، وَيُفْتِي بِالنَّهَارِ - يَعْنِي: إِبْرَاهِيْمَ -.
(7/335)

أَبُو شِهَابٍ: عَنِ الصَّلْتِ بنِ بَهْرَامَ، قَالَ: مَا بَلَغَ أَحَدٌ مَبْلَغَ الشَّعْبِيِّ أَكْثَرَ مِنْهُ يَقُوْلُ: لاَ أَدْرِي. (4/303)
أَبُو عَاصِمٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ إِذَا جَاءهُ شَيْءٌ اتَّقَاهُ، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ يَقُوْلُ وَيَقُوْلُ.
جَعْفَرُ بنُ عَوْنٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:
كَانَ إِبْرَاهِيْمُ صَاحِبَ قِيَاسٍ، وَالشَّعْبِيُّ صَاحِبَ آثَارٍ.
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
كَانَ الشَّعْبِيُّ مُنْبَسِطاً، وَكَانَ إِبْرَاهِيْمُ مُنْقَبِضاً، فَإِذَا وَقَعَتِ الفَتْوَى، انْقَبَضَ الشَّعْبِيُّ، وَانْبَسَطَ إِبْرَاهِيْمُ.
وَقَالَ سَلَمَةُ بنُ كُهَيْلٍ: مَا اجْتَمَعَ الشَّعْبِيُّ وَإِبْرَاهِيْمُ، إِلاَّ سَكَتَ إِبْرَاهِيْمُ.
أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو الجَابِيَةِ الفَرَّاءُ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّا لَسْنَا بِالفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّا سَمِعنَا الحَدِيْثَ فَرَوَيْنَاهُ، وَلَكِنَّ الفُقَهَاءَ مَنْ إِذَا عَلِمَ، عَمِلَ.
مَالِكُ بنُ مِغْولٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُوْل: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ مِنْ ذَا العِلْمِ شَيْئاً.
قُلْتُ: لأَنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى العَالِمِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ بِهِ، ويُنَبِّهَ الجَاهِلَ، فَيَأْمُرَهُ وَيَنْهَاهُ، وَلأَنَّهُ مَظِنَّةٌ أَنْ لاَ يُخْلِصَ فِيْهِ، وَأَن يَفْتَخِرَ بِهِ، ويُمَارِيَ بِهِ، لِيَنَالَ رِئَاسَةً، ودُنْيَا فَانِيَةً.
الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ:
سُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْ فِيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: أَبُو عَمْرٍو يَقُوْلُ فِيْهِ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هَذَا فِي المَحْيَا، فَأَنْتَ فِي المَمَاتِ عَلَيَّ أَكْذَبُ. (4/304)
(7/336)

قَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: وَجَّهَ عَبْدُ المَلِكِ بنُ مَرْوَانَ الشَّعْبِيَّ إِلَى مَلِكِ الرُّوْمِ -يَعْنِي: رَسُوْلاً- فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ، قَالَ:
يَا شَعْبِيُّ، أَتَدْرِي مَا كَتَبَ بِهِ إِلَيَّ مَلِكُ الرُّوْمِ؟
قَالَ: وَمَا كَتَبَ بِهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: كُنْتُ أَتَعَجَّبُ لأَهْلِ دِيَانَتِكَ، كَيْفَ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا عَلَيْهِم رَسُوْلَكَ؟!
قُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لأَنَّهُ رَآنِي وَلَمْ يَرَكْ.
أَوْرَدَهَا: الأَصْمَعِيُّ؛ وَفِيْهَا قَالَ: يَا شَعْبِيُّ، إِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُغْرِيَنِي بِقَتْلِكَ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ مَلِكَ الرُّوْمِ، فَقَالَ: للهِ أَبُوْهُ! وَاللهِ مَا أَرَدْتُ إِلاَّ ذَاكَ.
يُوْسُفُ بنُ بَهْلُوْلٍ الحَافِظُ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بنُ نُوْحٍ، حَدَّثَنِي مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ:
لَمَّا قَدِمَ الحَجَّاجُ، سَأَلنِي عَنْ أَشْيَاءَ مِنَ العِلْمِ، فَوَجَدَنِي بِهَا عَارِفاً، فَجَعَلَنِي عَرِيْفاً عَلَى قَوْمِي الشَّعْبِيِّيْنَ، وَمَنْكِباً عَلَى جَمِيْعِ هَمْدَانَ، وَفَرَضَ لِي، فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ بِأَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ حَتَّى كَانَ شَأْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَشْعَثِ، فَأَتَانِي قُرَّاءُ أَهْلِ الكُوْفَةِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا عَمْرٍو، إِنَّكَ زَعِيْمُ القُرَّاءِ.
فَلَمْ يَزَالُوا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُم، فَقُمْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ أَذْكُرُ الحَجَّاجَ، وَأَعِيْبُهُ بِأَشْيَاءَ، فَبَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ:
أَلاَ تَعْجَبُوْنَ مِنْ هَذَا الخَبِيْثِ؟! أَمَا لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، لأَجْعَلَنَّ الدُّنْيَا عَلَيْهِ أَضْيَقَ مِنْ مَسْكِ جَمَلٍ.
(7/337)

قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا أَنْ هُزِمْنَا، فَجِئْتُ إِلَى بَيْتِي، وَأَغْلَقْتُ عَلَيَّ، فَمَكَثْتُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَنَدَبَ النَّاسَ لِخُرَاسَانَ، فَقَامَ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ، فَقَالَ: أَنَا لَهَا.
فَعَقَدَ لَهُ عَلَى خُرَاسَانَ، فَنَادَى مُنَادِيْهِ: مَنْ لَحِقَ بِعَسْكَرِ قُتَيْبَةَ، فَهُوَ آمِنٌ.
فَاشْتَرَى مَوْلَىً لِي حِمَاراً، وَزَوَّدَنِي، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَكُنْتُ فِي العَسْكَرِ، فَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا فَرْغَانَةَ. (4/305)
فَجَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ وَقَدْ بَرِقَ، فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ، عِنْدِي عِلْمُ مَا تُرِيْدُ.
فَقَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: أُعِيْذُكَ أَلاَّ تَسْأَلَ عَنْ ذَاكَ.
فَعَرَفَ أَنِّي مِمَّنْ يُخْفِي نَفْسَهُ، فَدَعَا بِكِتَابٍ، فَقَالَ: اكْتُبْ نُسْخَةً.
قُلْتُ: لاَ تَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ.
فَجَعَلْتُ أُمِلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ، حَتَّى فَرَغَ مِنْ كِتَابِ الفَتْحِ.
قَالَ: فَحَمَلَنِي عَلَى بَغْلَةٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيَّ بِسَرَقٍ مِنْ حَرِيْرٍ، وَكُنْتُ عِنْدَهُ فِي أَحْسَنِ مَنْزِلَةٍ، فَإِنِّي لَيْلَةً أَتَعَشَّى مَعَهُ، إِذَا أَنَا بِرَسُوْلِ الحَجَّاجِ بِكِتَابٍ فِيْهِ:
إِذَا نَظَرْتَ فِي كِتَابِي هَذَا، فَإِنَّ صَاحِبَ كِتَابِكَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ، فَإِنْ فَاتَكَ، قَطَعْتُ يَدَكَ عَلَى رِجْلِكَ، وَعَزَلْتُكَ.
قَالَ: فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، وَقَالَ: مَا عَرَفْتُكَ قَبْلَ السَّاعَةِ، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ الأَرْضِ، فَوَاللهِ لأَحْلِفَنَّ لَهُ بِكُلِّ يَمِيْنٍ.
فَقُلْتُ: أَيُّهَا الأَمِيْر، إِنَّ مِثْلِي لاَ يَخْفَى.
فَقَالَ: أَنْتَ أَعْلَمُ.
قَالَ: فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ، وَقَالَ: إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى خَضْرَاءِ وَاسِطَ، فَقَيِّدُوْهُ، ثُمَّ أَدْخِلُوْهُ عَلَى الحَجَّاجِ.
(7/338)

فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْ وَاسِطٍ، اسْتَقْبَلَنِي ابْنُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَقَالَ:
يَا أَبَا عَمْرٍو، إِنِّي لأَضِنُّ بِكَ عَنِ القَتْلِ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى الأَمِيْرِ، فَقُلْ كَذَا، وَقُلْ كَذَا.
فَلَمَّا أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، وَرَآنِي، قَالَ: لاَ مَرْحَباً وَلاَ أَهْلاً، جِئْتَنِي وَلَسْتَ فِي الشَّرَفِ مِنْ قَوْمِكَ، وَلاَ عرِيْفاً، فَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ، ثُمَّ خَرَجْتَ عَلَيَّ.
وَأَنَا سَاكِتٌ، فَقَالَ: تَكَلَّمْ.
فَقُلْتُ: أَصْلَحَ اللهُ الأَمِيْرَ، كُلُّ مَا قُلْتَهُ حَقٌّ، وَلَكِنَّا قَدِ اكْتَحَلْنَا بَعْدَكَ السَّهَرَ، وَتَحَلَّسْنَا الخَوْفَ، وَلَمْ نَكُنْ مَعَ ذَلِكَ بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ، فَهَذَا أَوَانُ حَقَنْتَ لِي دَمِي، وَاسْتَقْبَلْتَ بِيَ التَّوْبَةَ.
قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ ذَلِكَ. (4/306)
وَقَالَ الأَصْمَعِيُّ: لَمَّا أُدْخِلَ الشَّعْبِيُّ عَلَى الحَجَّاجِ، قَالَ: هِيْه يَا شَعْبِيُّ!
فَقَالَ: أَحْزَنَ بِنَا المَنْزِلُ، وَاسْتَحْلَسْنَا الخَوْفَ، فَلَمْ نَكُنْ فِيْمَا فَعَلْنَا بَرَرَةً أَتْقِيَاءَ، وَلاَ فَجَرَةً أَقْوِيَاءَ.
فَقَالَ: للهِ دَرُّكَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: قَالَ أَصْحَابُنَا:
كَانَ الشَّعْبِيُّ فِيْمَنْ خَرَجَ مَعَ القُرَّاءِ عَلَى الحَجَّاجِ، ثُمَّ اخْتَفَى زَمَاناً، وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى يَزِيْدَ بنِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يُكَلِّمَ فِيْهِ الحَجَّاجَ.
قُلْتُ: خَرَجَ القُرَّاءُ وَهُمْ أَهْلُ القُرْآنِ وَالصَّلاَحِ بِالعِرَاقِ عَلَى الحَجَّاجِ؛ لِظُلْمِهِ وَتَأْخِيْرِهِ الصَّلاَةَ وَالجَمْعِ فِي الحَضَرِ، وَكَانَ ذَلِكَ مَذْهَباً وَاهِياً لِبَنِي أُمَيَّةَ، كَمَا أَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (يَكُوْنُ عَلَيْكُم أُمَرَاءُ يُمِيْتُوْنَ الصَّلاَةَ).
(7/339)

فَخَرَجَ عَلَى الحَجَّاجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيُّ، وَكَانَ شَرِيْفاً، مُطَاعاً، وَجَدَّتُهُ أُخْتُ الصِّدِّيْقِ، فَالْتَفَّ عَلَى مائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيْدُوْنَ، وَضَاقَتْ عَلَى الحَجَّاجِ الدُّنْيَا، وَكَادَ أَنْ يَزُوْلَ مُلْكُهُ، وَهَزَمُوْهُ مَرَّاتٍ، وَعَايَنَ التَّلَفَ، وَهُوَ ثَابِتٌ مِقْدَامٌ، إِلَى أَنِ انْتَصَرَ، وَتَمَزَّقَ جَمْعُ ابْنِ الأَشْعَثِ، وَقُتِلَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، فَكَانَ مَنْ ظَفِرَ بِهِ الحَجَّاجُ مِنْهُم، قَتَلَهُ، إِلاَّ مَنْ بَاءَ مِنْهُم بِالكُفْرِ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَدَعُهُ. (4/307)
سَعْدُ بنُ عَامِرٍ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عِيْسَى الحَنَّاطِ، قَالَ:
قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّمَا كَانَ يَطْلُبُ هَذَا العِلْمَ مَنِ اجْتَمَعَتْ فِيْهِ خَصْلَتَانِ: العَقْلُ وَالنُّسْكُ، فَإِنْ كَانَ عَاقِلاً، وَلَمْ يَكُنْ نَاسِكاً، قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لاَ يَنَالُهُ إِلاَّ النُّسَّاكُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ.
وَإِنْ كَانَ نَاسِكاً، وَلَمْ يَكُنْ عَاقِلاً، قَالَ: هَذَا أَمْرٌ لاَ يَنَالُهُ إِلاَّ العُقَلاَءُ، فَلَنْ أَطْلُبَهُ.
يَقُوْلُ الشَّعْبِيُّ: فَلَقَدْ رَهِبْتُ أَنْ يَكُوْنَ يَطْلُبُهُ اليَوْمَ مِنْ لَيْسَ فِيْهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، لاَ عَقْلَ وَلاَ نُسْكَ.
قُلْتُ: أَظُنُّهُ أَرَادَ بِالعَقْلِ الفَهْمَ وَالذَّكَاءَ.
قَالَ مُجَالِدٌ: قَالَ الشَّعْبِيُّ: إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي خَالِدٍ يَزْدَرِدُ العِلْمَ ازْدِرَاداً.
وَقَلَّمَا رَوَى الأَعْمَشُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَرَوَى: حَفْصٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لاَ بَأْسَ بِذَبِيْحَةِ اللِّيْطَةِ.
فَقُلْتُ لِلأَعْمَشِ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا مَنَعَكَ مِنْ