القُرَظِيُّ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبِ بنِ سُلَيْمٍ (ع)
 
وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مُحَمَّدُ بنُ كَعْبِ بنِ حَيَّانَ بنِ سُلَيْمٍ، الإِمَامُ، العَلاَّمَةُ، الصَّادِقُ، أَبُو حَمْزَةَ - وَقِيْلَ: أَبُو عَبْدِ اللهِ - القُرَظِيُّ، المَدَنِيُّ، مِنْ حُلَفَاءِ الأَوْسِ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَعْبٌ مِنْ سَبْيِ بَنِي قُرَيْظَةَ، سَكَنَ الكُوْفَةَ، ثُمَّ المَدِيْنَةَ.
قِيْلَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ.
قَالَ زُهَيْرُ بنُ عَبَّادٍ الرُّؤَاسِيُّ: عَنْ أَبِي كَبِيْرٍ البَصْرِيِّ، قَالَتْ أُمُّ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ لَهُ:
يَا بُنَيَّ! لَوْلاَ أَنِّي أَعْرِفُكَ طَيِّباً صَغِيْراً وَكَبِيْراً، لَقُلْتُ: إِنَّكَ أَذْنَبْتَ ذَنْباً مُوْبِقاً؛ لِمَا أَرَاكَ تَصْنَعُ بِنَفْسِكَ.
قَالَ: يَا أُمَّاهُ! وَمَا يُؤْمِنُنِي أَنْ يَكُوْنَ اللهُ قَدِ اطَّلَعَ عَلَيَّ، وَأَنَا فِي بَعْضِ ذُنُوْبِي، فَمَقَتَنِي، وَقَالَ: اذْهَبْ، لاَ أَغْفِرُ لَكَ، مَعَ أَنَّ عَجَائِبَ القُرْآنِ تَرِدُ بِي عَلَى أُمُوْرٍ حَتَّى إِنَّهُ لَيَنْقَضِي اللَّيْلُ وَلَمْ أَفْرُغْ مِنْ حَاجَتِي. (5/66)
وَرَوَى: يَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ فُضَيْلٍ البَزَّازِ، قَالَ:
كَانَ لِمُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ جُلَسَاءُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِالتَّفْسِيْرِ، وَكَانُوا مُجْتَمِعِيْنَ فِي مَسْجِدِ الرَّبَذَةِ، فَأَصَابَتْهُم زَلْزَلَةٌ، فَسَقَطَ عَلَيْهِمُ المَسْجِدُ، فَمَاتُوا جَمِيْعاً تَحْتَهُ.
قَالَ أَبُو مَعْشَرٍ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَمائَةٍ.
(9/70)

وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَخَلِيْفَةُ، وَالفَلاَّسُ، وَجَمَاعَةٌ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ: سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ سَعْدٍ: سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَمائَةٍ.
وَأَخْطَأَ مَنْ قَالَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ.
وَحَدَّثَ عَنْ: أَبِي أَيُّوْبَ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَمُعَاوِيَةَ، وَزَيْدِ بنِ أَرْقَمَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ الخَطْمِيِّ، وَفَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ، وَالبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، وَكَعْبِ بنِ عُجْرَةَ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي صِرْمَةَ الأَنْصَارِيِّ البَدْرِيِّ، وَأَنَسٍ، وَابْنِ عُمَرَ.
وَعَنْ: مُحَمَّدِ بنِ خُثَيْمٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ رَافِعٍ، وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ شَدَّادِ بن الهَادِ، وَطَائِفَةٍ.
وَهُوَ يُرْسِلُ كَثِيْراً، وَيَرْوِي عَمَّنْ لَمْ يَلْقَهُم.
فَرَوَى عَنْ: أَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَلِيٍّ، وَالعَبَّاسِ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَسَلْمَانَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ.
وَيَرْوِي عَنْ: رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَكَانَ مِنْ أَوْعِيَةِ العِلْمِ. (5/67)
(9/71)

رَوَى عَنْهُ: أَخُوْهُ؛ عُثْمَانُ، وَيَزِيْدُ بنُ الهَادِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الخَطْمِيُّ، وَأَبُو سَبْرَةَ النَّخَعِيُّ، وَالحَكَمُ بنُ عُتَيْبَةَ، وَعَاصِمُ بنُ كُلَيْبٍ، وَأَيُّوْبُ بنُ مُوْسَى، وَأُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، وَزِيَادَةُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَصَالِحُ بنُ حَسَّانٍ، وَعَاصِمُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَأَبُو المِقْدَامِ هِشَامُ بنُ زِيَادٍ، وَالوَلِيْدُ بنُ كَثِيْرٍ، وَأَبُو مَعْشَرٍ نَجِيْحٌ، وَمُحَمَّدُ بنُ رِفَاعَةَ القُرَظِيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ثِقَةً، عَالِماً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَرِعاً.
وَقَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَالعِجْلِيُّ: ثِقَةٌ.
وَزَادَ العِجْلِيُّ: مَدَنِيٌّ، تَابِعِيٌّ، رَجُلٌ صَالِحٌ، عَالِمٌ بِالقُرْآنِ.
قُلْتُ: كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيْرِ.
وَقَالَ البُخَارِيُّ: كَانَ أَبُوْهُ مِمَّنْ لَمْ يُنْبِتَ يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَتُرِكَ.
ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَيُّوْبَ بنِ مُوْسَى، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ كَعْبٍ القُرَظِيَّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُوْدٍ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ قَرَأَ حَرْفاً مِنْ كِتَابِ اللهِ، فَلَهُ حَسَنَةٌ).
قَالَ البُخَارِيُّ: لاَ أَدْرِي أَحَفِظَهُ أَمْ لاَ؟
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَمِعَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ قُتَيْبَةَ يَقُوْلُ:
بَلَغَنِي أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ كَعْبٍ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
(9/72)

قُلْتُ: هَذَا قَوْلٌ مُنْقَطِعٌ، شَاذٌّ. (5/68)
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ شَيْبَةَ: وُلِدَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ فِي آخِرِ خِلاَفَةِ عَلِيٍّ، سَنَةَ أَرْبَعِيْنَ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنَ العَبَّاسِ.
وَرَوَى: ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ الحَارِثِ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُغِيْثٍ أَبِي بُرْدَةَ الظَّفَرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ:
عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِ الكَاهِنَيْنِ رَجُلٌ يَدْرُسُ القُرْآنَ دِرَاسَةً لاَ يَدْرُسُهَا أَحَدٌ يَكُوْنُ مِنْ بَعْدِهِ).
قَالَ نَافِعُ بنُ يَزِيْدَ: قَالَ رَبِيْعَةُ:
فَكُنَّا نَقُوْلُ: هُوَ مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ.
يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِّيِّ: عَنْ أَبِيْهِ، سَمِعْتُ عَوْنَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَعْلَمَ بِتَأْوِيْلِ القُرْآنِ مِنَ القُرَظِيِّ.
وَقِيْلَ: كَانَ لَهُ أَمْلاَكٌ بِالمَدِيْنَةِ، وَحَصَّلَ مَالاً مَرَّةً، فَقِيْلَ لَهُ: ادَّخِرْ لِوَلَدِكَ.
قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ أَدَّخِرُهُ لِنَفْسِي عِنْدَ رَبِّي، وَأَدَّخِرُ رَبِّي لِوَلَدِي.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، كَبِيْرَ القَدْرِ. (5/69)
(9/73)