سُلَيْمَانُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ
 
ابْنِ الحَكَمِ بنِ أَبِي العَاصِ بنِ أُمَيَّةَ، الخَلِيْفَةُ، أَبُو أَيُّوْبَ القُرَشِيُّ، الأُمَوِيُّ.
بُوْيِعَ بَعْدَ أَخِيْهِ الوَلِيْدِ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِيْنَ.
وَكَانَ لَهُ دَارٌ كَبِيْرَةٌ مَكَان طَهَارَةِ جَيْرُوْنَ، وَأُخْرَى أَنْشَأَهَا لِلْخِلاَفَةِ بِدَرْبِ مُحْرِزٍ، وَعَمِلَ لَهَا قُبَّةً شَاهِقَةً صَفْرَاءَ.
وَكَانَ دَيِّناً، فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً، عَادِلاً، مُحِبّاً لِلْغَزْوِ.
يُقَالُ: نَشَأَ بِالبَادِيَةِ.
مَاتَ: بِذَاتِ الجَنْبِ.
وَنَقْشُ خَاتَمَهِ: أُوْمِنُ بِاللهِ مُخْلِصاً.
وَأُمُّهُ وَأُمُّ الوَلِيْدٍ هِيَ: وَلاَّدَةُ بِنْتُ العَبَّاسِ بنِ حَزَنٍ العَبْسِيَّةُ. (5/112)
وَلِسُلَيْمَانَ مِنَ البَنِيْنَ: يَزِيْدُ، وَقَاسِمٌ، وَسَعِيْدٌ، وَيَحْيَى، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ، وَالحَارِثُ، وَغَيْرُهُم.
جَهَّزَ جُيُوْشَهُ مَعَ أَخِيْهِ مَسْلَمَةَ بَرّاً وَبَحْراً لِمُنَازَلَةِ القُسْطَنْطِيْنِيَّةِ، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً حَتَّى صَالَحُوا عَلَى بِنَاءِ مَسْجِدِهَا.
وَكَانَ أَبْيَضَ، كَبِيْرَ الوَجْهِ، مَقْرُوْنَ الحَاجِبِ، جَمِيْلاً، لَهُ شَعْرٌ يَضْرِبُ مَنْكِبَيْهِ، عَاشَ تِسْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً، قَسَمَ أَمْوَالاً عَظِيْمَةً، وَنَظَرَ فِي أَمْرِ الرَّعِيَّةِ، وَكَانَ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَانَ يَسْتَعِيْنُ فِي أَمْرِ الرَّعِيَّةِ بِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَعَزَلَ عُمَّالَ الحَجَّاجِ، وَكَتَبَ: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ قَدْ أُمِيْتَتْ، فَأَحْيُوْهَا بِوَقْتِهَا.
(9/127)

وَهَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، ثُمَّ نَزَلَ قِنَّسْرِيْنَ لِلرِّبَاطِ، وَحَجَّ فِي خِلاَفَتِهِ.
وَقِيْلَ: رَأَى بِالمَوْسِمِ الخَلْقَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَمَا تَرَى هَذَا الخَلْقَ الَّذِيْنَ لاَ يُحْصِيْهِم إِلاَّ اللهُ، وَلاَ يَسَعُ رِزْقَهُم غَيْرُهُ؟!
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هَؤُلاَءِ اليَوْمَ رَعِيَّتُكَ، وَهُمْ غَداً خُصَمَاؤُكَ.
فَبَكَى، وَقَالَ: بِاللهِ أَسْتَعِيْنُ.
وَعَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ، قَالَ: يَرْحِمُ اللهُ سُلَيْمَانَ، افْتَتَحَ خِلاَفَتَهُ بِإِحْيَاءِ الصَّلاَةِ، وَاخْتَتَمَهَا بَاسْتِخْلاَفِهِ عُمَرَ.
وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَنْهَى النَّاسَ عَنِ الغِنَاءِ.
وَكَانَ مِنَ الأَكَلَةِ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ أَكَلَ مَرَّةً أَرْبَعِيْنَ دَجَاجَةً.
وَقِيْلَ: أَكَلَ مَرَّةً خَرُوْفاً وَسِتَّ دَجَاجَاتٍ، وَسَبْعِيْنَ رُمَّانَةً، ثُمَّ أُتِيَ بِمَكُّوْكِ زَبِيْبٍ طَائِفِيٍّ، فَأَكَلَهُ. (5/113)
وَلَمَّا مَرِضَ بِدَابِقٍ، قَالَ لِرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ الكِنْدِيِّ: مَنْ لِهَذَا الأَمْرِ؟
قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ.
قَالَ: فَالآخَرُ؟
قَالَ: صَغِيْرٌ.
قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟
قَالَ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
قَالَ: أَتَخَوَّفُ إِخْوَتِي.
قَالَ: وَلِّ عُمَرَ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ يَزِيْدَ بنَ عَبْدِ المَلِكِ، وَتَكْتُبُ كِتَاباً، وَتَخْتِمُهُ، وَتَدْعُوْهُم إِلَى بَيْعَةِ مَنْ فِيْهِ.
قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ.
وَكَتَبَ العَهْدَ، وَجَمَعَ الشُّرَطَ، وَقَالَ: مَنْ أَبَى البَيْعَةَ، فَاقْتُلُوْهُ.
وَفَعَلَ ذَلِكَ، وَتَمَّ.
ثُمَّ كُفِّنَ سُلَيْمَانُ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ، سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ: عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
(9/128)

وَقِيْلَ: عَاشَ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً، وَخِلاَفَتُهُ سَنَتَانِ وَتِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَعِشْرُوْنَ يَوْماً - عَفَا اللهُ عَنْهُ -.
فِي آلِ مَرْوَانَ نَصْبٌ ظَاهِرٌ سِوَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ -رَحِمَهُ اللهُ-.
أَخُوْهُ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ المَلِكِ الأَمِيْرُ وَلِي الدِّيَارَ المِصْرِيَّةَ بَعْدَ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ إِلَى أَنْ صُرِفَ بِقُرَّةَ بنِ شَرِيْكٍ سَنَةَ تِسْعِيْنَ.
وَوَلِيَ غَزْوَ الرُّوْمِ، فَأَنْشَأَ مَدِيْنَةَ المَصِّيْصَةَ، وَلَهُ دَارٌ بِدِمَشْقَ.
قِيْلَ: مَاتَ بُسْرُ بنُ سَعِيْدٍ الفَقِيْهُ، فَمَا تَرَكَ كَفَناً، وَمَاتَ سَنَةَ مائَةٍ عَبْدُ اللهِ هَذَا، فَخَلَّفَ ثَمَانِيْنَ مُدَّ ذَهَبٍ. (5/114)
(9/129)