عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ مَرْوَانَ الأُمَوِيُّ (ع) ث |
بَطَّةِ الزَّيْتِ، وَأَصْلَحَ السِّرَاجَ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: قُمْتُ وَأَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَرَجَعْتُ وَأَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ.
وَكَانَ -رَحِمَهُ اللهُ- فَصِيْحاً، مُفَوَّهاً. فَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ رَجَاءٍ الرَّمْلِيِّ، عَنْ نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ كَاتِبِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِي مِنْ كَثِيْرٍ مِنَ الكَلاَمِ مَخَافَةُ المُبَاهَاةِ. (5/137) جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ: عَنْ مُغِيْرَةَ بنِ حَكِيْمٍ، قَالَتْ فَاطِمَةُ امْرَأَةُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدَّثَنَا مُغِيْرَةُ: أَنَّهُ يَكُوْنَ فِي النَّاسِ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ صَلاَةً وَصِيَاماً مِنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَشَدَّ فَرَقاً مِنْ رَبِّهِ مِنْهُ، كَانَ إِذَا صَلَّى العِشَاءَ، قَعَدَ فِي مَسْجِدِهِ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، فَلاَ يَزَالُ يَدْعُو رَافِعاً يَدَيْهِ يَبْكِي حَتَّى تَغْلِبَهُ عَيْنُهُ، يَفْعَلُ ذَلِكَ لَيْلَهُ أَجْمَعَ. ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ هِشَامِ بنِ الغَازِ، عَنْ مَكْحُوْلٍ: لَوْ حَلَفْتُ، لَصَدَقْتُ، مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ وَلاَ أَخَوْفَ للهِ مِنْ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ. قَالَ النُّفَيْلِيُّ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ عَرَبِيٍّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَكَانَ يَنْتَفِضُ أَبَداً، كَأَنَّ عَلَيْهِ حُزْنَ الخَلْقِ. الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ هِشَامٍ الغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مِهْرَانَ، قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: حَدِّثْنِي. (9/157) فَحَدَّثَتْهُ، فَبَكَى بُكَاءً شَدِيْداً، فَقُلْتُ: لَوْ عَلِمْتُ، لَحَدَّثْتُكَ أَلْيَنَ مِنْهُ. فَقَالَ: إِنَّا نَأْكُلُ العَدَسَ، وَهِيَ مَا عَلِمْتُ مُرِقَّةٌ لِلْقَلْبِ، مُغْزِرَةٌ لِلدَّمْعَةِ، مُذِلَّةٌ لِلْجَسَدِ. حَكَّامُ بنُ سَلْمٍ: عَنْ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: لَمَّا مَرِضَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، جِيْءَ بِطَبِيْبٍ، فَقَالَ: بِهِ دَاءٌ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ، غَلَبَ الخَوْفُ عَلَى قَلْبِهِ. (5/138) وَعَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَجْمَعُ كُلَّ لَيْلَةٍ الفُقَهَاءَ، فَيَتَذَاكَرُوْنَ المَوْتَ وَالقِيَامَةَ وَالآخِرَةَ، وَيَبْكُوْنَ. وَقِيْلَ: كَتَبَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى رَجُلٍ: إِنَّكَ إِنِ اسْتَشْعَرْتَ ذِكْرَ المَوْتِ فِي لَيْلِكَ وَنَهَارِكَ، بَغَّضَ إِلَيْكَ كُلَّ فَانٍ، وَحَبَّبَ إِلَيْكَ كُلَّ بَاقٍ، وَالسَّلاَمُ. وَمِنْ شِعْرِهِ: مَنْ كَانَ حِيْنَ تُصِيْبُ الشَّمْسُ جَبْهَتَهُ * أَوِ الغُبَارُ يَخَافُ الشَّيْنَ وَالشَّعَثَا وَيَأْلَفُ الظِّلَّ كَيْ تَبْقَى بَشَاشَتُهُ * فَسَوْفَ يَسْكُنُ يَوْماً رَاغِماً جَدَثَا فِي قَعْرِ مُظْلِمَةٍ غَبْرَاءَ مُوْحِشَةٍ * يُطِيْلُ فِي قَعْرِهَا تَحْتَ الثَّرَى اللَّبَثَا تَجَهَّزِي بِجِهَازٍ تَبْلُغِيْنَ بِهِ * يَا نَفْسُ قَبْلَ الرَّدَى لَمْ تُخْلَقِي عَبَثَا قَالَ سَعِيْدُ بنُ أَبِي عَرُوْبَةَ: كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِذَا ذَكَرَ المَوْتَ، اضْطَرَبَتْ أَوْصَالُهُ. وَمِمَّا رُوِيَ لَهُ: وَلاَ خَيْرَ فِي عَيْشِ امْرِئٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ * مِنَ اللهِ فِي دَارِ القَرَارِ نَصِيْبُ فَإِنْ تُعْجِبِ الدُّنْيَا أُنَاساً فَإِنَّهَا * مَتَاعٌ قَلِيْلٌ وَالزَّوَالُ قَرِيْبُ وَمِمَّا رُوِيَ لَهُ: (9/158) أَيَقْظَانُ أَنْتَ اليَوْمَ؟ أَمْ أَنْتَ نَائِمُ؟ * وَكَيْفَ يُطِيْقُ النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ؟ فَلَوْ كُنْتَ يَقْظَانَ الغَدَاةَ، لَخَرَّقَتْ * مَدَامِعَ عَيْنَيْكَ الدُّمُوْعُ السَّوَاجِمُ تُسَرُّ بِمَا يَبْلَى، وَتَفْرَحُ بِالمُنَى * كَمَا اغْتَرَّ بِاللَّذَاتِ فِي اليَوْمِ حَالِمُ نَهَارُكَ يَا مَغْرُوْرُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ * وَلَيْلُكَ نَوْمٌ وَالرَّدَى لَكَ لاَزِمُ وَسَعْيُكَ فِيْمَا سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ * كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيْشُ البَهَائِمُ وَعَنْ وُهَيْبِ بنِ الوَرْدِ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ يَتَمَثَّلُ كَثِيْراً بِهَذِهِ: يُرَى مُسْتَكِيْناً وَهْوَ لِلَّهْوِ مَاقِتٌ * بِهِ عَنْ حَدِيْثِ القَوْمِ مَا هُوَ شَاغِلُهْ وَأَزْعَجَهُ عِلْمٌ عَنِ الجَهْلِ كُلِّهِ * وَمَا عَالِمٌ شَيْئاً كَمَنْ هُوَ جَاهِلُهْ عَبُوْسٌ عَنِ الجُهَّالِ حِيْنَ يَرَاهُمُ * فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُم خَدِيْنٌ يُهَازِلُهْ تَذَكَّرَ مَا يَبْقَى مِنَ العَيْشِ آجِلاً * فَأَشْغَلَهُ عَنْ عَاجِلِ العَيْشِ آجِلُهْ (5/139) عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ يَزِيْدَ بنِ جَابِرٍ: سَمِعَ عُمَيْرَ بنَ هَانِئ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَقَالَ لِي: كَيْفَ تَقُوْلُ فِي رَجُلٍ رَأَى سِلْسِلَةً دُلِّيَتْ مِنَ السَّمَاءِ، فَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَعَلَّقَ بِهَا، فَصَعِدَ، ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَعَلَّقَ بِهَا، فَصَعِدَ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ، فَتَعَلَّقَ بِهَا، فَصَعِدَ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَتَعَلَّقَ بِهَا، فَانْقَطَعَتْ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَصَلَ، ثُمَّ صَعِدَ، ثُمَّ جَاءَ الَّذِي رَأَى هَذِهِ الرُّؤْيَا، فَتَعَلَّقَ بِهَا، فَصَعِدَ، فَكَانَ خَامِسَهُم. (9/159) قَالَ عُمَيْرٌ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هُوَ هُوَ، وَلَكِنَّهُ كَنَّى عَنْ نَفْسِهِ. قُلْتُ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُوْنَ الرَّجُلُ عَلِيّاً، وَمَا أَمْكَنَ الرَّأْيُ يُفْصِحُ بِهِ؛ لِظُهُوْرِ النُّصْبِ إِذْ ذَاكَ. قَالَ مُعَاوِيَةُ بنُ يَحْيَى: حَدَّثَنَا أَرْطَاةُ، قَالَ: قِيْلَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: لَوْ جَعَلْتَ عَلَى طَعَامِكَ أَمِيْناً لاَ تُغْتَالَ، وَحَرَسِيّاً إِذَا صَلَّيْتَ، وَتَنَحَّ عَنِ الطَّاعُوْنِ. قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي أَخَافُ يَوْماً دُوْنَ يَوْمِ القِيَامَةِ، فَلاَ تُؤْمِنْ خَوْفِي. قَالَ عَلِيُّ بنُ أَبِي حَمَلَةَ: عَنِ الوَلِيْدِ بنِ هِشَامٍ، قَالَ: لَقِيَنِي يَهُوْدِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ سَيَلِي. ثُمَّ لَقِيَنِي آخَرُ وِلاَيَةَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنَّ صَاحِبَكَ قَدْ سُقِيَ، فَمُرْهُ، فَلْيَتَدَارَكْ نَفْسَهُ. فَأَعْلَمْتُ عُمَرَ، فَقَالَ: قَاتَلَهُ اللهُ مَا أَعْلَمَهُ! لَقَدْ عَلِمْتُ السَّاعَةَ الَّتِي سُقِيْتُ فِيْهَا، وَلَوْ كَانَ شِفَائِي أَنْ أَمْسَحَ شَحْمَةَ أُذُنِي، مَا فَعَلْتُ. وَقَدْ رَوَاهَا: أَبُو عُمَيْرٍ بنُ النَّحَّاسِ، عَنْ ضَمْرَةَ، عَنْهُ، فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُهَاجِرٍ، بَدَلَ الوَلِيْدِ. (5/140) مَرْوَانُ بنُ مُعَاوِيَةَ: عَنْ مَعْرُوْفِ بنِ مُشْكَانَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا يَقُوْلُ فِيَّ النَّاسِ؟ قُلْتُ: يَقُوْلُوْنَ: مَسْحُوْرٌ. قَالَ: مَا أَنَا بِمَسْحُوْرٍ. ثُمَّ دَعَا غُلاَماً لَهُ، فَقَالَ: وَيْحَكَ! مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ سَقَيْتَنِي السُّمَّ؟ قَالَ: أَلْفُ دِيْنَارٍ أُعْطِيْتُهَا، وَعَلَى أَنْ أُعْتَقَ. قَالَ: هَاتِهَا. فَجَاءَ بِهَا، فَأَلْقَاهَا فِي بَيْتِ المَالِ، وَقَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ لاَ يَرَاكَ أَحَدٌ. (9/160) إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: عَنْ عَمْرِو بنِ مُهَاجِرٍ، قَالَ: اشْتَهَى عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ تُفَّاحاً، فَأَهْدَى لَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ تُفَّاحاً، فَقَالَ: مَا أَطْيَبَ رِيْحَهُ وَأَحْسَنَهُ! وَقَالَ: ارْفَعْهُ يَا غُلاَمُ لِلَّذِي أَتَى بِهِ، وَأَقْرِ مَوْلاَكَ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: إِنَّ هَدِيَّتَكَ وَقَعَتْ عِنْدَنَا بِحَيْثُ تُحِبُّ. فَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، ابْنُ عَمِّكَ، وَرَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، وَقَدْ بَلَغَكَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَأْكُلُ الهَدِيَّةَ. قَالَ: وَيْحَكَ! إِنَّ الهَدِيَّةَ كَانَتْ لَهُ هَدِيَّةً، وَهِيَ اليَوْمَ لَنَا رَشْوَةٌ. قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ عُمَرَ: مَا آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَبُوْكَ؟ فَقَالَ: كَانَ لَهُ مِنَ الوَلَدِ: أَنَا، وَعَبْدُ اللهِ، وَعَاصِمٌ، وَإِبْرَاهِيْمُ، وَكُنَّا أُغَيْلِمَةً، فَجِئْنَا كَالمُسَلِّمِيْنَ عَلَيْهِ، وَالمُوَدِّعِيْنَ لَهُ. فَقِيْلَ لَهُ: تَرَكْتَ وَلَدَكَ لَيْسَ لَهُ مَالٌ، وَلَمْ تُؤْوِهِمْ إِلَى أَحَدٍ! فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأُعْطِيَهُم مَا لَيْسَ لَهُم، وَمَا كُنْتُ لآخُذَ مِنْهُم حَقّاً هُوَ لَهُم، وَإِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ فِيْهِم، الَّذِي يَتَوَلَّى الصَّالِحِيْنَ، إِنَّمَا هُمْ أَحَدُ رَجُلَيْنِ: صَالِحٌ، أَوْ فَاسِقٌ. وَقِيْلَ: إِنَّ الَّذِي كَلَّمَهُ فِيْهِم خَالُهُم مَسْلَمَةُ. (5/141) وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوْبَ، قَالَ: قِيْلَ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، لَوْ أَتَيْتَ المَدِيْنَةَ، فَإِنْ قَضَى اللهُ مَوْتاً، دُفِنْتَ فِي مَوْضِعِ القَبْرِ الرَّابِعِ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. (9/161) قَالَ: وَاللهِ لأَنْ يُعَذِّبَنِي اللهُ بِغَيْرِ النَّارِ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَعْلَمَ مِنْ قَلْبِي أَنِّي أُرَانِي لِذَلِكَ أَهْلاً. وَرَوَى: ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ مَطَرٍ، مِثْلَهُ. وَعَنْ لَيْثِ بنِ أَبِي رُقَيَّةَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: أَجْلِسُوْنِي. فَأَجْلَسُوْهُ، فَقَالَ: أَنَا الَّذِي أَمَرْتَنِي، فَقَصَّرْتُ، وَنَهَيْتَنِي، فَعَصَيْتُ - ثَلاَثاً - وَلَكِنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ. ثُمَّ أَحَدَّ النَّظَرَ، وَقَالَ: إِنِّي لأَرَى خُضْرَةً مَا هُمْ بِإِنْسٍ وَلاَ جِنٍّ. ثُمَّ قُبِضَ. وَرَوَى نَحْوَهَا: أَبُو يَعْقُوْبَ الخَطَّابِيُّ، عَنِ السَّرِيِّ بنِ عُبَيْدِ اللهِ. وَقَالَ المُغِيْرَةُ بنُ حَكِيْمٍ: قُلْتُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ المَلِكِ: كُنْتُ أَسْمَعُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي مَرَضِهِ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ أَخْفِ عَلَيْهِم أَمْرِي وَلَوْ سَاعَةً. قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: أَلاَ أَخْرُجُ عَنْكَ، فَإِنَّك لَمْ تَنَمْ. فَخَرَجْتُ، فَجَعَلْت أَسْمَعُهُ يَقُوْلُ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِيْنَ لاَ يُرِيْدُوْنَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَاداً، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ} [القَصَصُ: 83] مِرَاراً. ثُمَّ أَطْرَقَ، فَلَبِثْتُ طَوِيْلاً لاَ يُسْمَعُ لَهُ حِسٌّ، فَقُلْتُ لِوَصِيْفٍ: وَيْحَكَ! انْظُرْ. فَلَمَّا دَخَلَ، صَاحَ، فَدَخَلْتُ، فَوَجَدْتُهُ مَيِّتاً، قَدْ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ عَلَى القِبْلَةِ، وَوَضَعَ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى فِيْهِ، وَالأُخْرَى عَلَى عَيْنَيْهِ. سَمِعَهَا: جَرِيْرُ بنُ حَازِمٍ، مِنْهُ. (5/142) عَنْ عُبَيْدِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ: لَمَّا احْتُضِرَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: اخْرُجُوا عَنِّي. (9/162) فَقَعَدَ مَسْلَمَةُ وَفَاطِمَةُ عَلَى البَابِ، فَسَمِعُوْهُ يَقُوْلُ: مَرْحَباً بِهَذِهِ الوُجُوْهِ، لَيْسَتْ بِوُجُوْهِ إِنْسٍ وَلاَ جَانٍّ، ثُمَّ تَلاَ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا...} الآيَةَ، ثُمَّ هَدَأَ الصَّوْتُ. فَقَالَ مَسْلَمَةُ لِفَاطِمَةَ: قَدْ قُبِضَ صَاحِبُكِ. فَدَخَلُوا، فَوَجَدُوْهُ قَدْ قُبِضَ. هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: عَنْ خَالِدٍ الرَّبَعِيِّ، قَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ: أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ تَبْكِي عَلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ أَرْبَعِيْنَ صَبَاحاً. وَقَالَ هِشَامٌ لَمَّا جَاءَ نَعْيُهُ إِلَى الحَسَنِ، قَالَ: مَاتَ خَيْرُ النَّاسِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الجُوْزَجَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدٍ القُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ العُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ: أَنَّ الوَفْدَ الَّذِيْنَ بَعَثَهُمْ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوْهُ إِلَى الإِسْلاَمِ، قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَهُ قُدُوْمُنَا، تَهَيَّأَ لَنَا، وَأَقَامَ البَطَارِقَةَ عَلَى رَأْسِهِ وَالنَّسْطُوْرِيَّةَ وَاليَعْقُوْبِيَّةَ...، إِلَى أَنْ قَالَ: فَأَتَانِي رَسُوْلُهُ: أَنْ أَجِبْ. فَرَكِبْتُ، وَمَضَيْتُ، فَإِذَا أُوْلَئِكَ قَدْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ، وَإِذَا البَطَارِقَةُ قَدْ ذَهَبُوا، وَوَضَعَ التَّاجَ، وَنَزَلَ عَنِ السَّرِيْرِ، فَقَالَ: أَتَدْرِي لِمَ بَعَثْتُ إِلَيْكَ. قُلْتُ: لاَ. قَالَ: إِنَّ صَاحِبَ مَسْلَحَتِي كَتَبَ إِلَيَّ: أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ مَاتَ. قَالَ: فَبَكَيْتُ، وَاشْتَدَّ بُكَائِي، وَارْتَفَعَ صَوْتِي. فَقَالَ لِي: مَا يُبْكِيْكَ؟! أَلِنَفْسِكَ تَبْكِي، أَمْ لَهُ، أَمْ لأَهْلِ دِيْنِكَ؟ قُلْتُ: لِكُلٍّ أَبْكِي. (9/163) قَالَ: فَابْكِ لِنَفْسِكَ، وَلأَهْلِ دِيْنِكَ، فَأَمَّا عُمَرُ، فَلاَ تَبْكِ لَهُ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ عَلَيْهِ خَوْفَ الدُّنْيَا وَخَوْفَ الآخِرَةِ. ثُمَّ قَالَ: مَا عَجِبْتُ لِهَذَا الرَّاهِبِ الَّذِي تَعَبَّدَ فِي صَوْمَعَتِهِ وَتَرَكَ الدُّنْيَا، وَلَكِنْ عَجِبْتُ لِمَنْ أَتَتْهُ الدُّنْيَا مُنْقَادَةً، حَتَّى صَارَتْ فِي يَدِهِ، ثُمَّ خَلَّى عَنْهَا. (5/143) ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مَالِكٍ: أَنَّ صَالِحَ بنَ عَلِيٍّ الأَمِيْرَ سَأَلَ عَنْ قَبْرِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْبِرُهُ، حَتَّى دُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: قَبْرَ الصِّدِّيْقِ تُرِيْدُوْنَ؟ هُوَ فِي تِلْكَ المَزْرَعَةِ. ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بنِ جَمَّازٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَوْصَى عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ عِنْدَ المَوْتِ، فَدَعَا بِشَعْرٍ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَظْفَارٍ مِنْ أَظْفَارِهِ، فَقَالَ: اجْعَلُوْهُ فِي كَفَنِي. وَعَنْ رَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ: قَالَ لِي عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: كُنْ فِيْمَنْ يُغَسِّلُنِي، وَتَدْخُلُ قَبْرِي، فَإِذَا وَضَعْتُمُوْنِي فِي لَحْدِي، فَحُلَّ العُقَدَ، ثُمَّ انْظُرْ إِلَى وَجْهِي، فَإِنِّي قَدْ دَفَنْتُ ثَلاَثَةً مِنَ الخُلَفَاءِ، كُلُّهُم إِذَا أَنَا وَضَعْتُهُ فِي لَحْدِهِ حَلَلْتُ العُقَدَ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا وَجْهُهُ مُسْوَدٌّ إِلَى غَيْرِ القِبْلَةِ. قَالَ رَجَاءٌ: فَدَخَلْتُ القَبْرَ، وَحَلَلْتُ العُقَدَ، فَإِذَا وَجْهُهُ كَالقَرَاطِيْسِ فِي القِبْلَةِ. إِسْنَادُهَا مُظْلِمٌ، وَهِيَ فِي (طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ). (9/164) وَرَوَى: ابْنُ سَعْدٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ سَيَّارٍ، عَنْ عَبَّادِ بنِ عُمَرَ الوَاشِحِيِّ المُؤَذِّنِ، حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بنُ يَزِيْدَ - وَكَانَ فَاضِلاً خَيِّراً - عَنْ يُوْسُفَ بنِ مَاهَكَ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ نُسَوِّي التُّرَابَ عَلَى قَبْرِ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، إِذْ سَقَطَ عَلَيْنَا كِتَابُ رَقٍّ مِنَ السَّمَاءِ، فِيْهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، أَمَانٌ مِنَ اللهِ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِنَ النَّارِ. (5/144) قُلْتُ: مِثْلُ هَذِهِ الآيَةِ لَوْ تَمَّتْ، لَنَقَلَهَا أَهْلُ ذَاكَ الجَمْعِ، وَلَمَا انْفَرَدَ بِنَقْلِهَا مَجْهُوْلٌ، مَعَ أَنَّ قَلْبِي مُنْشَرِحٌ لِلشَّهَادَةِ لِعُمَرَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ. قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيْعَةَ، قَالَ: وَجَدُوا فِي بَعْضِ الكُتُبِ: تَقْتُلُهُ خَشْيَةُ اللهِ -يَعْنِي: عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ-. مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ: عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ مَيْسَرَةَ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ اشْتَرَى مَوْضِعَ قَبْرِهِ قَبْل أَنْ يَمُوْتَ بِعَشْرَةِ دَنَانِيْرَ. وَلِكُثَيِّرِ عَزَّةَ يَرْثِيْهِ: عَمَّتْ صَنَائِعُهُ، فَعَمَّ هَلاَكُهُ * فَالنَّاسُ فِيْهِ كُلُّهُم مَأْجُوْرُ وَالنَّاسُ مَأْتَمُهُم عَلَيْهِ وَاحِدٌ * فِي كُلِّ دَارٍ رَنَّةٌ وَزَفِيْرُ يُثْنِي عَلَيْكَ لِسَانُ مَنْ لَمْ تُوْلِهِ * خَيْراً لأَنَّكَ بِالثَّنَاءِ جَدِيْرُ رَدَّتْ صَنَائِعُهُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ * فَكَأَنَّهُ مِنْ نَشْرِهَا مَنْشُوْرُ رَوَى: خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ، وَغَيْرُهُ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ مَاتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَمائَةٍ، بِدَيْرِ سَمْعَانَ مِنْ أَرْضِ حِمْصَ. (9/165) قَالَ: وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ أَرْضِ المَعَرَّةِ، وَلَكِنَّ المَعَرَّةَ كَانَتْ مِنْ أَعْمَالِ حِمْصَ هِيَ وَحَمَاةُ. وَعَاشَ: تِسْعاً وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً وَنِصْفاً. وَقَالَ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عَاصِمٍ: إِنَّهُ مَاتَ لِخَمْسٍ مَضَيْنَ مِنْ رَجَبٍ، يَوْمَ الخَمِيْسِ، وَدُفِنَ بِدَيْرِ سَمْعَانَ، وَصَلَّى عَلَيْهِ: مَسْلَمَةُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ. قَالَ: وَكَانَ أَسْمَرَ، دَقِيْقَ الوَجْهِ، حَسَنَهُ، نَحِيْفَ الجِسْمِ، حَسَنَ اللِّحْيَةِ، بِجَبْهَتِهِ شَجَّةٌ. (5/145) وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيْرُ: مَاتَ بِدَيْرِ سَمْعَانَ، مِنْ أَرْضِ حِمْصَ، يَوْمَ الجُمُعَةِ، لِعَشْرٍ بَقِيْنَ مِنْ رَجَبٍ، وَلَهُ تِسْعٌ وَثَلاَثُوْنَ سَنَةً وَنِصْفٌ. وَقَالَ طَائِفَةٌ: فِي رَجَبٍ - لَمْ يَذْكُرُوا اليَوْمَ - وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ سَنَتَيْنِ وَخَمْسَةَ أَشْهُرٍ وَأَيَّاماً. قَالَ سُلَيْمَانُ بنُ عُمَيْرٍ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ الخَصِيُّ غُلاَمُ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بِدِيْنَارَيْنِ إِلَى أَهْلِ الدَّيْرِ، فَقَالَ: إِنْ بِعْتُمُوْنِي مَوْضِعَ قَبْرِي، وَإِلاَّ تَحَوَّلْتُ عَنْكُم. قَالَ هِشَامُ بنُ الغَازِ: نَزَلْنَا مَنْزِلاً مَرْجِعَنَا مِنْ دَابِقَ، فَلَمَّا ارْتَحَلْنَا، مَضَى مَكْحُوْلٌ، وَلَمْ نَعْلَمْ أَيْنَ يَذْهَبُ، فَسِرْنَا كَثِيْراً حَتَّى جَاءَ، فَقُلْنَا: أَيْنَ ذَهَبْتَ؟ قَالَ: أَتَيْتُ قَبْرَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ، وَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَمْيَالٍ مِنَ المَنْزِلِ، فَدَعَوْتُ لَهُ. ثُمَّ قَالَ: لَوْ حَلَفْتُ مَا اسْتَثْنَيْتُ، مَا كَانَ فِي زَمَانِهِ أَحَدٌ أَخَوْفَ للهِ وَلاَ أَزْهَدَ فِي الدُّنْيَا مِنْهُ. (9/166) قَالَ الحَكَمُ بنُ عُمَرَ الرُّعَيْنِيُّ: رَأَيْتُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْنِ وَسَرَاوِيْلَ، وَكَانَ لاَ يُحْفِي شَارِبَهُ، وَرَأَيْتُهُ يَبْدَأُ بِالخُطْبَةِ قَبْلَ العِيْدَيْنِ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّي، وَشَهِدْتُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ كَتَبَ إِلَى أَصْحَابِ الطَّرْزِ: لاَ تَجْعَلُوا سُدَى الخَزِّ إِلاَّ مِنْ قُطْنٍ، وَلاَ تَجْعَلُوا فِيْهِ إِبْرِيْسَمَ. وَصَلَّيْت مَعَهُ، فَكَانَ يَجْهَرُ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ فِي كُلِّ سُوْرَةٍ يَقْرَؤُهَا، وَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ الفَجْرَ، فَقَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوْعِ، وَرَأَيْتُهُ يَأْتِي العِيْدَيْنِ مَاشِياً، وَيَرْجِعُ مَاشِياً، وَرَأَيْتُ خَاتَمَهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَفَصُّهُ مِنْ فِضَّةٍ مُرَبَّعٌ. فَهَذِهِ الفَوَائِدُ مِنْ نُسْخَةِ خَالِدِ بنِ مِرْدَاسٍ، سَمِعَهَا مِنَ الحَكَمِ. (5/146) أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ هِبَةِ اللهِ، عَنِ المُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ المُفَضَّلِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الغَافِرِ الفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَمْرَوَيْه، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ، حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بنِ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: كُنَّا بِعَرَفَةَ، فَمَرَّ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ وَهُوَ عَلَى المَوْسِمِ، فَقَامَ النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لأَبِي: يَا أَبَةِ! إِنِّي أَرَى اللهَ يُحِبُّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: لِمَا لَهُ مِنَ الحُبِّ فِي قُلُوْبِ النَّاسِ. (9/167) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-...، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيْثِ جَرِيْرٍ عَنْ سُهَيْلٍ، وَهُوَ: (إِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ عَبْداً، دَعَا جِبْرِيْلَ فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ فُلاَناً فَأَحِبَّهُ. قَالَ: فَيُحِبُّهُ جِبْرِيْلُ. ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ، فَيَقُوْلُ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلاَناً، فَأَحِبُّوْهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوْضَعُ لَهُ القَبُوْلُ فِي الأَرْضِ). سَعِيْدُ بنُ مَنْصُوْرٍ: حَدَّثَنَا يَعْقُوْبُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّ حَيَّانَ بنَ شُرَيْحٍ عَامِلَ مِصْرَ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: إِنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ قَدْ أَشْرَعُوا فِي الإِسْلاَمِ، وَكَسَرُوا الجِزْيَةَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَاعِياً، وَلَمْ يَبْعَثْهُ جَابِياً، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي، فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةَ أَشْرَعُوا فِي الإِسْلاَمِ، وَكَسَرُوا الجِزْيَةَ، فَاطْوِ كِتَابَكَ، وَأَقْبِلْ. (5/147) ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ: أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ ذَكَرَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنَ العَدْلِ وَالجَوْرِ، فَقَالَ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ: إِنَّا -وَاللهِ- لاَ نَعِيْبُ أَبَانَا، وَلاَ نَضَعُ شَرَفَنَا. فَقَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَيْبٍ أَعْيَبُ مِمَّنْ عَابَهُ القُرْآنُ؟! قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ: جَزَاكَ اللهُ عَنِ الإِسْلاَمِ خَيْراً. قَالَ: بَلْ جَزَى اللهُ الإِسْلاَمَ عَنِّي خَيْراً. ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ لُوْطِ بنِ يَحْيَى، قَالَ: (9/168) كَانَ الوُلاَةُ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ قَبْلَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ يَشْتِمُوْنَ رَجُلاً -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- فَلَمَّا وَلِيَ هُوَ، أَمْسَكَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ الخُزَاعِيُّ: وَلِيْتَ فَلَمْ تَشْتِمْ عَلِيّاً، وَلَمْ تُخِفْ * بَرِيّاً، وَلَمْ تَتْبَعْ مَقَالَةَ مُجْرِمِ تَكَلَّمْتَ بِالحَقِّ المُبِيْنِ، وَإِنَّمَا * تَبَيَّنُ آيَاتُ الهُدَى بِالتَّكَلُّمِ فَصَدَّقْتَ مَعْرُوْفَ الَّذِي قُلْتَ بِالَّذِي * فَعَلْتَ، فَأَضْحَى رَاضِياً كُلُّ مُسْلِمِ لِجَرِيْرٍ: لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ، وَالأَقْدَارُ غَالِبَةٌ * تَأْتِي رَوَاحاً وَتِبْيَاناً وَتَبْتَكِرُ رَدَدْتُ عَنْ عُمَرَ الخَيْرَاتِ مَصْرَعَهُ * بِدَيْرِ سَمْعَانَ، لَكِنْ يَغْلِبُ القَدَرُ وَلِعُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ مِنَ الوَلَدِ: ابْنُهُ عَبْدُ المَلِكِ الَّذِي تُوُفِّيَ قَبْلَهُ، وَعَبْدُ اللهِ الَّذِي وَلِيَ العِرَاقَ، وَعَبْدُ العَزِيْزِ الَّذِي وَلِيَ الحَرَمَيْنِ، وَعَاصِمٌ، وَحَفْصٌ، وَإِسْمَاعِيْلُ، وَعُبَيْدُ اللهِ، وَإِسْحَاقُ، وَيَعْقُوْبُ، وَيَزِيْدُ، وَإِصْبَغٌ، وَالوَلِيْدُ، وَزَبَّانُ، وَآدَمُ، وَإِبْرَاهِيْمُ. فَأُمُّ إِبْرَاهِيْمَ كَلْبِيَّةٌ، وَسَائِرُهُم لِعَلاَّتٍ. (5/148) (9/169) 49 - وَمَاتَ مَعَهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَمائَةٍ: عَمُّهُ الأَمِيْرُ: مُحَمَّدُ بنُ مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ الأُمَوِيُّ أَمِيْرُ الجَزِيْرَةِ حَدَّثَ عَنْ: أَبِيْهِ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ؛ مَرْوَانُ الحِمَارُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَكَانَ مُفْرِطَ القُوَى، شَدِيْدَ البَأْسِ، مَوْصُوْفاً بِالشَّجَاعَةِ. كَانَ أَخُوْهُ عَبْدُ المَلِكِ يَغْبِطُهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَحْسُدُهُ، وَرُبَّمَا قَابَلَهُ بِمَا يَكْرَهُ، فَغَضِبَ، وَتَجَهَّزَ لِلرَّحِيْلِ إِلَى أَرْمِيْنِيَةَ، وَأَتَى يُوَدِّعُ أَخَاهُ الخَلِيْفَةَ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ مَا أَقَمْتَ، فَلَنْ تَرَى بَعْدَهَا مَا تَكْرَهُ. وَلَهُ: حُرُوْبٌ، وَمَصَافَّاتٌ مَشْهُوْدَةٌ مَعَ نَصَارَى الرُّوْمِ. وَأُمُّهُ: أُمُّ وَلَدٍ. |