أَبُو الزِّنَادِ عَبْدُ اللهِ بنُ ذَكْوَانَ القُرَشِيُّ المَدَنِيُّ (ع) |
الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، الحَافِظُ، المُفْتِي، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشِيُّ، المَدَنِيُّ، وَيُلَقَّبُ: بِأَبِي الزِّنَادِ.
وَأَبُوْهُ مَوْلَى رَمْلَةَ بِنْتِ شَيْبَةَ بنِ رَبِيْعَةَ؛ زَوْجَةِ الخَلِيْفَةِ عُثْمَانَ. وَقِيْلَ: مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ. وَقِيْلَ: مَوْلَى آلِ عُثْمَانَ. وَقِيْلَ: إِنَّ ذَكْوَانَ كَانَ أَخَا أَبِي لُؤْلُؤَةَ قَاتِلِ عُمَرَ. قَالَهُ: أَبُو دَاوُدَ السِّجْزِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ صَالِحٍ. قُلْتُ: مَوْلِدُه فِي نَحْوِ سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ، فِي حَيَاةِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَحَدَّثَ عَنْ: أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ، وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ، وَعُرْوَةَ، وَابْنِ المُسَيِّبِ، وَخَارِجَةَ بنِ زَيْدٍ، وَعُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، وَعُبَيْدِ بنِ حُنَيْنٍ، وَعَلِيِّ بنِ الحُسَيْنِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ - وَهُوَ مُكْثِرٌ عَنْهُ، ثَبْتٌ فِيْهِ - وَعَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَمُرَقِّعِ بنِ صَيْفِيٍّ، وَمُجَالِدِ بنِ عَوْفٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ حَمْزَةَ بنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ، وَالشَّعْبِيِّ، وَسُلَيْمَانَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعِدَّةٍ. وَشَهِدَ مَعَ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ جِنَازَةً، وَأَرْسَلَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الإِسْلاَمِ، وَمِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ. (10/49) حَدَّثَ عَنْهُ: ابْنُهُ؛ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُوْسَى بنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ - مَعَ تَقَدُّمِهِ - وَصَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، وَهِشَامُ بنُ عُرْوَةَ، وَعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ بُخْتٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَسَنٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَجْلاَنَ، وَابْنُ إِسْحَاقَ، وَمَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَوَرْقَاءُ بنُ عُمَرَ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَزَائِدَةُ، وَشُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَالمُغِيْرَةُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الحِزَامِيُّ، وَسَعِيْدُ بنُ أَبِي هِلاَلٍ، وَسُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم. (5/446) وَثَّقَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ. قَالَ حَرْبُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، قَالَ: كَانَ سُفْيَانُ يُسَمِّي أَبَا الزِّنَادِ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ فِي الحَدِيْثِ. قَالَ أَحْمَدُ: هُوَ فَوْقَ العَلاَءِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَفَوْقَ سُهَيْلٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَمْرٍو. وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ أَعْلَمُ مِنْ رَبِيْعَةَ. وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ سَعْدِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِيْنٍ، قَالَ: ثِقَةٌ، حَجَّةٌ. وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: لَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ بَعْدَ كِبَارِ التَّابِعِيْنَ أَعْلَمَ مِنِ: ابْنِ شِهَابٍ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَبُكَيْرٍ الأَشَجِّ. قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: أَبُو الزِّنَادِ لَقِيَ ابْنَ عُمَرَ، وَأَنَسَ بنَ مَالِكٍ. وَقَالَ العِجْلِيُّ: تَابِعِيٌّ، ثِقَةٌ، سَمِعَ مِنْ أَنَسٍ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ثِقَةٌ، فَقِيْهٌ، صَالِحُ الحَدِيْثِ، صَاحِبُ سُنَّةٍ، وَهُوَ مِمَّنْ تَقُوْمُ بِهِ الحُجَّةُ إِذَا رَوَى عَنْهُ الثِّقَاتُ. (10/50) قَالَ البُخَارِيُّ: أَصَحُّ الأَسَانِيْدِ كُلِّهَا: مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وَأَصحُّ أَسَانِيْدِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ اللَّيْثُ: عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بنِ سَعِيْدٍ: دَخَلَ أَبُو الزِّنَادِ مَسْجِدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ مِنَ الأَتبَاعِ -يَعْنِي: طَلَبَةَ العِلْمِ- مِثْلُ مَا مَعَ السُّلْطَانِ، فَمِنْ سَائِلٍ عَنْ فَرِيْضَةٍ، وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الحِسَابِ، وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الشِّعرِ، وَمِنْ سَائِلٍ عَنِ الحَدِيْثِ، وَمِنْ سَائِلٍ عَنْ مُعضِلَةٍ. (5/447) وَرَوَى: يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ بنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ وَخَلْفَه ثَلاَثُ مائَةِ تَابِعٍ مِنْ طَالِبِ فِقْهٍ وَشِعْرٍ وَصُنُوفٍ، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَقِيَ وَحْدَه، وَأَقْبَلُوا عَلَى رَبِيْعَةَ. وَكَانَ رَبِيْعَةُ يَقُوْلُ: شِبْرٌ مِنْ حُظوَةٍ، خَيْرٌ مِنْ بَاعٍ مِنْ عِلْمٍ. وَنَقَلَ: أَبُو يُوْسُفَ، عَنْ أَبِي حَنِيْفَةَ، قَالَ: قَدِمتُ المَدِيْنَةَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الزِّنَادِ، وَرَأَيْتُ رَبِيْعَةَ، فَإِذَا النَّاسُ عَلَى رَبِيْعَةَ، وَأَبُو الزِّنَادِ أَفْقَهُ الرَّجُلَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَنْتَ أَفْقَهُ أَهْلِ بَلَدِكَ، وَالعَمَلُ عَلَى رَبِيْعَةَ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ! كَفٌّ مِنْ حَظٍّ، خَيْرٌ مِنْ جِرَابٍ مِنْ عِلْمٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: (10/51) كَانَ أَبُو الزِّنَادِ فَقِيْهَ أَهْلِ المَدِيْنَةِ، وَكَانَ صَاحِبَ كِتَابٍ وَحِسَابٍ، وَكَانَ كَاتِباً لِخَالِدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ الحَارِثِ بنِ الحَكَمِ بِالمَدِيْنَةِ، وَكَانَ كَاتِباً لِعَبْدِ الحَمَيْدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، وَفَدَ عَلَى هِشَامِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بِحسَابِ دِيْوَانِ المَدِيْنَةِ، فَجَالَسَ هِشَاماً مَعَ ابْنِ شِهَابٍ. فَسَأَلَ هِشَامٌ ابْنَ شِهَابٍ: فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ عُثْمَانُ يُخْرِجُ العَطَاءَ لأَهْلِ المَدِيْنَةِ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: كُنَّا نَرَى أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ لاَ يَسْأَلُ عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ وُجِدَ عِلْمُهُ عِنْدَه. فَسَأَلَنِي هِشَامٌ، فَقُلْتُ: فِي المُحَرَّمِ. فَقَالَ هِشَامٌ لابْنِ شِهَابٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ، هَذَا عِلْمٌ أَفَدتُه اليَوْمَ. فَقَالَ: مَجْلِسُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَهْلٌ أَنْ يُفَادَ فِيْهِ العِلْمُ. قَالَ: وَكَانَ أَبُو الزِّنَادِ مُعَادِياً لِرَبِيْعَةَ الرَّأْيِ، وَكَانَا فَقِيْهَيِ البَلَدِ فِي زَمَانِهِمَا. وَكَانَ المَاجِشُوْنُ يَعْقُوْبُ بنُ أَبِي سَلَمَةَ يُعِيْنُ رَبِيْعَةَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ. وَكَانَ المَاجِشُوْنُ أَوَّلَ مَنْ عَلِمَ الغِنَاءَ مِنْ أَهْلِ المُرُوْءةِ بِالمَدِيْنَةِ. قَالَ أَبُو الزِّنَادِ: مَثَلِي وَمَثَلُ ذِئْبٍ، كَانَ يُلِحُّ عَلَى أَهْلِ قَرْيَةٍ، فَيَأْكُلُ صِبْيَانَهُم وَدَوَاجِنَهُم، فَاجْتَمَعُوا لَهُ، فَخَرَجُوا فِي طَلَبِه، فَهَرَبَ مِنْهُم، فَتَقَطَّعُوا عَنْهُ إِلاَّ صَاحِبَ فَخَّارٍ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ، فَوَقَفَ لَهُ الذِّئْبُ، وَقَالَ: هَؤُلاَءِ عَذَرتُهُم، أَرَأَيْتُكَ أَنْتَ مَا لِي وَلَكَ؟! وَاللهِ مَا كَسَرْتُ لَكَ فَخَّارَةً قَطُّ. (10/52) ثُمَّ قَالَ: مَا لِي وَلِلْمَاجِشُوْنِ، وَالله مَا كَسَرْتُ لَهُ كَبَراً وَلاَ بَرْبَطاً. (5/448) رَوَى: الأَصْمَعِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كَانَ الفُقَهَاءُ بِالمَدِيْنَةِ يَأْتُوْنَ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ، خَلاَ سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، فَإِنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ كَانَ يَرْضَى أَنْ يَكُوْنَ بَيْنَهُمَا رَسُوْلٌ، وَأَنَا كُنْتُ الرَّسُوْلَ بَيْنَهُمَا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ بنُ أَبِي شَيْخٍ: وَلَّى عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ أَبَا الزِّنَادِ بَيْتَ مَالِ الكُوْفَةِ. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: قِيْلَ لأَبِي الزِّنَادِ: لِمَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ وَهِيَ تُدنِيكَ مِنَ الدُّنْيَا؟ فَقَالَ: إِنَّهَا - وَإِنْ أَدْنَتْنِي مِنْهَا - فَقَدْ صَانَتْنِي عَنْهَا. قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، فَصِيْحاً، بَصِيْراً بِالعَرَبِيَّةِ، عَالِماً، عَاقِلاً. قَالَ إِبْرَاهِيْمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ: هُوَ كَانَ سَبَبَ جَلدِ رَبِيْعَةَ الرَّأْيِ، ثُمَّ وَلِيَ بَعْدَ ذَلِكَ المَدِيْنَةَ فُلاَنٌ التَّيْمِيُّ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي الزِّنَادِ، فَطَيَّنَ عَلَيْهِ بَيْتاً، فَشَفَعَ فِيْهِ رَبِيْعَةُ. قُلْتُ: تَؤُولُ الشَّحنَاءُ بَيْنَ القُرَنَاءِ إِلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا. وَلَمَّا رَأَى رَبِيْعَةُ أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ يَهلِكُ بِسَبَبِه، مَا وَسِعَه السُّكُوْتُ، فَأَخْرَجُوا أَبَا الزِّنَادِ، وَقَدْ عَايَنَ المَوْتَ وَذَبُلَ، وَمَالَتْ عُنُقُه - نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمَةَ -. (5/449) وَرَوَى: اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ، عَنْ رَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: أَمَّا أَبُو الزِّنَادِ، فَلَيْسَ بِثِقَةٍ، وَلاَ رَضِيٍّ. (10/53) قُلْتُ: انْعَقَدَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ أَبَا الزِّنَادِ ثِقَةٌ رَضِيٌّ. وَقِيْلَ: كَانَ مَالِكٌ لاَ يَرضَى أَبَا الزِّنَادِ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَقَدْ أَكْثَرَ مَالِكٌ عَنْهُ فِي (مُوَطَّئِهِ). قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: قُلْتُ لِلثَّوْرِيِّ: جَالَستَ أَبَا الزِّنَادِ؟ قَالَ: مَا رَأَيْتُ بِالمَدِيْنَةِ أَمِيْراً غَيْرَه. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَلَسْتُ إِلَى إِسْمَاعِيْلَ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سَعْدٍ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ. فَأَخَذَ كَفّاً مِنْ حَصَىً، فَحَصَبنِي بِهِ. وَكُنْتُ أَسْأَلُ أَبَا الزِّنَادِ، وَكَانَ حَسَنَ الخُلُقِ. يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَبِيْعَةَ، فَقَالَ: إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، وَأَسْأَلَ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، وَأَسْأَلَ أَبَا الزِّنَادِ. فَقَالَ: هَذَا يَحْيَى، وَأَمَّا أَبُو الزِّنَادِ، فَلَيْسَ بِثِقَةٍ. قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ مَالِكٌ: كَانَ أَبُو الزِّنَادِ كَاتِباً لِهَؤُلاَءِ -يَعْنِي: بَنِي أُمَيَّةَ- وَكَانَ لاَ يَرضَاهُ -يَعْنِي: لِذَلِكَ-. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَبُو الزِّنَادِ كَمَا قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: ثِقَةٌ، حُجَّةٌ، وَلَمْ أُوْرِدْ لَهُ حَدِيْثاً؛ لأَنَّ كُلَّهَا مُسْتقِيْمَةٌ. (5/450) وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ العُقَيْلِيُّ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ ذَكْوَانَ: حَدَّثَنَا مِقْدَامُ بنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ، وَابْنُ أَبِي الغَمْرِ، قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ، قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَمَّنْ يُحَدِّثُ بِالحَدِيْثِ الَّذِي قَالُوا: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ)، فَأَنْكَر ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيْداً، وَنَهَى أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ أَحَدٌ. (10/54) فَقِيْلَ: إِنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَتَحَدَّثُوْنَ بِهِ. قَالَ: مَنْ هُم؟ قِيْلَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ ابْنُ عَجْلاَنَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، وَلَمْ يَكُنْ عَالِماً، وَلَمْ يَزَلْ أَبُو الزِّنَادِ عَامِلاً لِهَؤُلاَءِ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ صَاحِبَ عُمَّالٍ يَتْبَعُهُم. قُلْتُ: الخَبَرُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ ابْنُ عَجْلاَنَ، بَلْ وَلاَ أَبُو الزِّنَادِ، فَقَدْ رَوَاهُ: شُعَيْبُ بنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. وَرَوَاهُ: قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي أَيُّوْبَ المَرَاغِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ: ابْنُ لَهِيْعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ، وَأَبِي يُوْنُسَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ: مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَصحَّ أَيْضاً مِنْ حَدِيْثِ ابْنِ عُمَرَ. وَقَدْ قَالَ إِسْحَاقُ بنُ رَاهُوَيْه عَالِمُ خُرَاسَانَ: صَحَّ هَذَا عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَهَذَا الصَّحِيْحُ مُخَرَّجٌ فِي كِتَابَيْ (البُخَارِيِّ) وَ(مُسْلِمٍ). فَنُؤْمِنُ بِهِ، وَنُفَوِّضُ، وَنُسِلِّمُ، وَلاَ نَخُوضُ فِيْمَا لاَ يَعْنِيْنَا، مَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ كَمِثلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيْعُ البَصِيْرُ. قَالَ الوَاقِدِيُّ: مَاتَ أَبُو الزِّنَادِ فَجْأَةً فِي مُغتَسَلِه، لَيْلَةَ الجُمُعَةِ، لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلتْ مِنْ رَمَضَانَ، وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ سَنَةً، فِي سَنَةِ ثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. (5/451) وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ: مَاتَ فِي رَمَضَانَ مِنْهَا. وَقَالَ خَلِيْفَةُ، وَطَائِفَةٌ: سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ. وَقَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَعَلِيُّ بنُ عَبْدِ اللهِ التَّمِيْمِيُّ، وَغَيْرُهُم: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. (10/55) قَرَأْتُ عَلَى مُحَمَّدِ بنِ حُسَيْنٍ القُرَشِيِّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِمَادٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ رِفَاعَةَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحَسَنِ الخِلَعِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ، أَنْبَأَنَا أَبُو سَعِيْدٍ بنُ الأَعْرَابِيِّ، حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ، فَاكْتُبُوْهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا، فَاكْتُبُوْهَا عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ، فَلاَ تَكْتُبُوْهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا، فَاكْتُبُوْهَا مِثْلَهَا، وَإِنْ تَرَكَهَا، فَاكْتُبُوْهَا حَسَنَةً). (5/452) (10/56) |