أَبُو مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُسْلِمٍ ب |
بِالأَمَانِ، ثُمَّ قَتَلُوا ابْنَ هُبَيْرَةَ، وَغَدَرُوا بِهِ، وَبِعِدَّةٍ مِنْ أُمَرَائِهِ.
(11/72) وَفِي عَامِ ثَلاَثَةٍ وَثَلاَثِيْنَ: خَرَجَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ شَرِيْكٌ المَهْرِيُّ بِبُخَارَى، وَنقمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ كَثْرَةَ قَتْلِه، وَقَالَ: مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْنَا آلَ مُحَمَّدٍ. فَاتَّبَعَه ثَلاَثُوْنَ أَلفاً، فَسَارَ عَسْكَرُ أَبِي مُسْلِمٍ، فَالْتَقَوْا، فَقُتلَ شَرِيْكٌ. وَفِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ: خَرَجَ زِيَادُ بنُ صَالِحٍ الخُزَاعِيُّ مِنْ كِبَارِ قُوَّادِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَيْهِ، وَعَسْكَرَ بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَكَانَ قَدْ جَاءهُ عَهدٌ بِوِلاَيَةِ خُرَاسَانَ مِنَ السَّفَّاحِ، وَأَنْ يَغْتَالَ أَبَا مُسْلِمٍ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. فَظَفرَ أَبُو مُسْلِمٍ بِرَسُوْلِ السَّفَّاحِ، فَقَتَلَه، ثُمَّ تَفَلَّلَ عَنْ زِيَادٍ جُمُوْعُه، وَلَحِقُوا بِأَبِي مُسْلِمٍ، فَلَجَأَ زِيَادٌ إِلَى دِهْقَانَ، فَقَتَلَهُ غِيْلَةً، وَجَاءَ بِرَأْسِهِ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ. وَفِي سَنَةِ سِتٍّ: بَعَثَ أَبُو مُسْلِمٍ إِلَى السَّفَّاحِ يَسْتَأْذِنُه فِي القُدُوْمِ، فَأَذِنَ لَهُ، وَاسْتنَابَ عَلَى خُرَاسَانَ خَالِدَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ، فَقَدِمَ فِي هَيْئَةٍ عَظِيْمَةٍ، فَاسْتَأْذَنَ فِي الحَجِّ، فَقَالَ: لَوْلاَ أَنَّ أَخِي حَجَّ، لَوَلَّيْتُكَ المَوْسِمَ. وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ يَقُوْل لِلسَّفَاحِ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَطِعْنِي، وَاقْتُلْ أَبَا مُسْلِمٍ، فَوَاللهِ إِنَّ فِي رَأْسِهِ لَغَدْرَةً. فَقَالَ: يَا أَخِي! قَدْ عَرَفْتَ بَلاَءهُ، وَمَا كَانَ مِنْهُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ يُرَاجِعُه. (6/61) ثُمَّ حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو مُسْلِمٍ، فَلَمَّا قَفَلاَ، تَلَقَّاهُمَا مَوْتُ السَّفَّاحِ بِالجُدَرِيِّ، فَولِيَ الخِلاَفَةَ أَبُو جَعْفَرٍ. (11/73) وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَمُّه عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ بِالشَّامِ، وَدَعَا إِلَى نَفْسِهِ، وَأَقَامَ شُهُوْداً بِأَنَّهُ وَلِيُّ عَهدِ السَّفَّاحِ، وَأَنَّهُ سَارَ لِحربِ مَرْوَانَ وَهَزَمَه، وَاسْتَأصَلَه. فَخلاَ المَنْصُوْرُ بِأَبِي مُسْلِمٍ، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَنَا وَأَنْتَ، فَسِرْ إِلَى عَبْدِ اللهِ عَمِّي، فَسَارَ بِجُيُوْشِه مِنَ الأَنْبَارِ، وَسَارَ لِحَرْبِهِ عَبْدُ اللهِ، وَقَدْ خَشِيَ أَنْ يُخَامِرَ عَلَيْهِ الخُرَاسَانِيَّةَ، فَقَتَلَ مِنْهُم بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً صَبْراً، ثُمَّ نَزَلَ نَصِيْبِيْنَ. وَأقبلَ أَبُو مُسْلِمٍ، فَكَاتَبَ عَبْدَ اللهِ: إِنِّي لَمْ أُؤْمَرْ بِقِتَالِكَ، وَإِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَلاَّنِي الشَّامَ وَأَنَا أُرِيْدُهَا. وَذَلِكَ مِنْ مَكرِ أَبِي مُسْلِمٍ لِيُفْسِدَ نِيَّاتِ الشَّامِيِّيْنَ. فَقَالَ جُنْدُ الشَّامِيِّيْنَ لِعَبْدِ اللهِ: كَيْفَ نُقِيْمُ مَعَكَ وَهَذَا يَأْتِي بِلاَدَنَا، فَيَقتُلُ، وَيَسْبِي؟! وَلَكِنْ نَمْنَعُهُ عَنْ بِلاَدِنَا. فَقَالَ لَهُم: إِنَّهُ مَا يُرِيْدُ الشَّامَ، وَلَئِنْ أَقَمْتُم، لَيَقصِدَنَّكم. قَالَ: فَكَانَ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ القِتَالُ مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَكَانَ أَهْلُ الشَّامِ أَكْثَرَ فُرسَاناً، وَأَكمَلَ عِدَّةً، فَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ عَبْدِ اللهِ: الأَمِيْرُ بَكَّارُ بنُ مُسْلِمٍ العُقَيْلِيُّ، وَعَلَى المَيْسَرَةِ: الأَمِيْرُ حَبِيْبُ بنُ سُوَيْدٍ الأَسَدِيُّ. وَكَانَ عَلَى مَيْمَنَةِ أَبِي مُسْلِمٍ: الحَسَنُ بنُ قَحْطَبَةَ، وَعَلَى مَيسرَتِه: حَازِمُ بنُ خُزَيْمَةَ. وَطَالَ الحَرْبُ، وَيَسْتظهِرُ الشَّامِيُّوْنَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَكَادَ جَيْشُ أَبِي مُسْلِمٍ أَنْ يَنهَزِمَ، وَأَبُو مُسْلِمٍ يُثَبِّتُهُم، وَيَرْتَجِزُ: (11/74) مَنْ كَانَ يَنْوِي أَهْلَهُ فَلاَ رَجَعْ * فَرَّ مِنَ المَوْتِ، وَفِي المَوْتِ وَقَعْ ثُمَّ إِنَّهُ أَردَفَ مَيْمَنَتَه، وَحَمَلُوا عَلَى مَيْسَرَةِ عَبْدِ اللهِ، فَمَزَّقُوْهَا. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ لابْنِ سُرَاقَةَ الأَزْدِيِّ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَصبِرَ وَتُقَاتِلَ، فَإِنَّ الفِرَارَ قَبِيْحٌ بِمِثْلِكَ، وَقَدْ عِبْتَهُ عَلَى مَرْوَانَ. قَالَ: إِنِّي أَذهَبُ إِلَى العِرَاقِ. قَالَ: فَأَنَا مَعَكم. فَانْهَزَمُوا، وَتَرَكُوا الذَّخَائِرَ وَالخَزَائِنَ وَالمُعَسْكَرَ، فَاحْتَوَى أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى الكُلِّ، وَكَتَبَ بِالنَّصرِ إِلَى المَنْصُوْرِ. (6/62) وَاخْتَفَى عَبْدُ اللهِ، وَأَرْسَلَ المَنْصُوْرُ مَوْلاَهُ لِيُحصِيَ مَا حَوَاهُ أَبُو مُسْلِمٍ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ أَبُو المُسْلِمِ، وَهَمَّ بِقَتْلِ ذَلِكَ المَوْلَى، وَقَالَ: إِنَّمَا لِلْخَلِيْفَةِ مِنْ هَذَا الخُمْسُ. وَمَضَى عَبْدُ اللهِ وَأَخُوْهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بنُ عَلِيٍّ إِلَى الكُوْفَةِ، فَدَخَلاَ عَلَى عِيْسَى بنِ مُوْسَى؛ وَلِيِّ العَهْدِ، فَاسْتَأمَنَ لِعَبْدِ الصَّمَدِ، فَأَمَّنَهُ المَنْصُوْرُ، وَأَمَّا عَبْدُ اللهِ، فَقَصَدَ أَخَاهُ سُلَيْمَانَ بنَ عَلِيٍّ بِالبَصْرَةِ، وَأَقَامَ عِنْدَه مُخْتَفِياً. وَلَمَّا عَلِمَ المَنْصُوْرُ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَدْ تَغَيَّرَ، كَتَبَ إِلَيْهِ يُلاَطفُه: وَإِنِّي قَدْ وَلَّيتُكَ مِصْرَ وَالشَّامَ، فَانْزِلْ بِالشَّامِ، وَاسْتَنِبْ عَنْكَ بِمِصْرَ. فَلَمَّا جَاءهُ الكِتَابُ، أَظهَرَ الغَضَبَ، وَقَالَ: يُوَلِّيْنِي هَذَا، وَخُرَاسَانُ كُلُّهَا لِي؟! وَشَرعَ فِي المُضِيِّ إِلَى خُرَاسَانَ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ شَتمَ المَنْصُوْرَ، وَأَجمَعَ عَلَى الخِلاَفِ، وَسَارَ. (11/75) وَخَرَجَ المَنْصُوْرُ إِلَى المَدَائِنِ، وَكَاتَبَ أَبَا مُسْلِمٍ لِيَقْدَمَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو مُسْلِمٍ، وَهُوَ قَاصِدٌ طَرِيْقَ حُلْوَانَ: إِنَّهُ لَمْ يَبقَ لَكَ عَدُوٌّ إِلاَّ أَمْكَنَكَ اللهُ مِنْهُ، وَقَدْ كُنَّا نَروِي عَنْ مُلُوْكِ آلِ سَاسَانَ: إِنَّ أَخَوْفَ مَا يَكُوْنَ الوُزرَاءُ إِذَا سَكَنَتِ الدَّهْمَاءَ، فَنَحْنُ نَافرُوْنَ مِنْ قُربِكَ، حَرِيْصُوْنَ عَلَى الوَفَاءِ بِعَهْدِكَ مَا وَفَيْتَ، فَإِنْ أَرْضَاكَ ذَلِكَ، فَأَنَا كَأَحسَنِ عَبِيْدِكَ، وَإِنْ أَبَيْتَ نَقَضتُ مَا أَبرَمْتُ مِنْ عَهدِكَ، ضَنّاً بِنَفْسِي، وَالسَّلاَمُ. فَردَّ عَلَيْهِ الجوَابَ يُطَمْئِنُه وَيُمَنِّيْهِ مَعَ جَرِيْرِ بنِ يَزِيْدَ بنِ جَرِيْرٍ البَجَلِيِّ، وَكَانَ دَاهِيَةَ وَقْتِهِ، فَخَدَعَهُ، وَرَدَّهُ. (6/63) وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المَدَائِنِيُّ فَنقلَ عَنْ جَمَاعَةٍ، قَالُوا: كَتَبَ أَبُو المُسْلِمِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي اتَّخَذتُ رَجُلاً إِمَاماً وَدَلِيْلاً عَلَى مَا افْترضَهُ اللهُ، وَكَانَ فِي مَحلَّةِ العِلْمِ نَازلاً، فَاسْتَجْهَلَنِي بِالقُرْآنِ، فَحرَّفَهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ، طَمعاً فِي قَلِيْلٍ قَدْ نَعَاهُ اللهُ إِلَى خلقِه، وَكَانَ كَالَّذِي دُلِّيَ بِغرُوْرٍ، وَأَمرنِي أَنْ أُجرِّدَ السَّيْفَ، وَأَرْفَعَ الرَّحْمَةَ، فَفَعَلتُ تَوطِئَةً لِسُلْطَانِكم، ثُمَّ اسْتنقذنِي اللهُ بِالتَّوْبَةِ، فَإِنْ يَعفُ عَنِّي فَقِدَماً عُرفَ بِهِ، وَنُسبَ إِلَيْهِ، وَإِنْ يُعَاقِبْنِي، فَبمَا قَدَّمتْ يَدَايَ. ثُمَّ سَارَ نَحْوَ خُرَاسَانَ مُرَاغماً. فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ مَنْ حضرَهُ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَكْتُبُوْنَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، يُعظمُوْنَ شَأْنَهُ، وَأَنَّ يُتِمَّ عَلَى الطَّاعَةِ، وَيُحسِّنُوْنَ لَهُ القُدُوْمَ عَلَى المَنْصُوْرِ. (11/76) ثُمَّ قَالَ المَنْصُوْرُ لِلرَّسُوْلِ أَبِي حُمَيْدٍ المَرْوَرُّوْذِيِّ: كلِّمْ أَبَا مُسْلِمٍ بِأَلْيَنِ مَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَمَنِّهِ، وَعرِّفْهُ أَنِّي مُضمِرٌ لَهُ كُلَّ خَيْرٍ، فَإِنْ أَيستَ مِنْهُ، فَقُلْ لَهُ: قَالَ: وَاللهِ لَوْ خُضتَ البَحْرَ لَخضتُهُ وَرَاءكَ، وَلَوِ اقْتحمتَ النَّارَ لاَقتحمتُهَا حَتَّى أَقتُلَكَ. فَقَدِمَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ بِحُلْوَانَ. قَالَ: فَاسْتشَارَ أَبُو مُسْلِمٍ خوَاصَّه، فَقَالُوا: احْذرْهُ. فَلَمَّا طلبَ الرَّسُوْلُ الجوَابَ، قَالَ: ارْجعْ إِلَى صَاحِبِك، فَلَسْتُ آتِيْهِ، وَقَدْ عزمتُ عَلَى خِلاَفِهِ. فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ. فَلَمَّا آيسَهُ مِنَ المَجِيْءِ، كلَّمَهُ بِمَا أَمرَهُ بِهِ المَنْصُوْرُ، فَوَجَمَ لَهَا طَوِيْلاً، ثُمَّ قَالَ: قُم. وَكَسرَهُ ذَلِكَ القَوْلُ، وَأَرعبَه. وَكَانَ المَنْصُوْرُ قَدْ كَتَبَ إِلَى أَبِي دَاوُدَ خَلِيْفَةِ أَبِي مُسْلِمٍ عَلَى خُرَاسَانَ، فَاسْتمَالَه، وَقَالَ: إِمْرَةُ خُرَاسَانَ لَكَ. فَكَتَبَ أَبُو دَاوُدَ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ يَلُوْمُهُ، وَيَقُوْلُ: إِنَّا لَمْ نَخرجْ لِمَعْصِيَةِ خُلَفَاءِ اللهِ، وَأَهْلِ بَيْتِ النُّبوَّةِ، فَلاَ تُخَالفنَّ إِمَامَكَ. (6/64) فوَافَاهُ كِتَابُهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الحَالِ، فَزَاده هَمّاً وَرُعباً. ثُمَّ إِنَّهُ أَرْسَلَ مَنْ يَثقُ بِهِ مِنْ أُمرَائِهِ إِلَى المَنْصُوْرِ، فَلَمَّا قَدِمَ تَلقَّاهُ بَنُو هَاشِمٍ بِكُلِّ مَا يُحِبُّ، وَقَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: اصْرِفْهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَكَ إِمْرَةُ بِلاَدِهِ. فَرَجَعَ، وَقَالَ: لَمْ أَرَ مَكروهاً، وَرَأَيْتُهم مُعَظِّمِيْنَ لِحقِّكَ، فَارجِعْ، وَاعتذِرْ. فَأَجْمَعَ رَأْيَهُ عَلَى الرُّجوعِ، فَقَالَ رَسُوْلُه أَبُو إِسْحَاقَ: مَا لِلرِّجَالِ مَعَ القَضَاءِ مَحَالَةٌ * ذَهَبَ القَضَاءُ بِحِيْلَةِ الأَقْوَامِ (11/77) خَارَ اللهُ لَكَ، إِحْفظْ عَنِّي وَاحِدَةً، إِذَا دَخَلتَ عَلَى المَنْصُوْرِ فَاقتُلْهُ، ثُمَّ بَايعْ مَنْ شِئْتَ، فَإِنَّ النَّاسَ لاَ يُخَالِفُونَكَ. ثُمَّ إِنَّ المَنْصُوْرَ سَيَّرَ أُمَرَاءَ لِتلقِّي أَبِي مُسْلِمٍ، وَلاَ يُظْهِرُوْنَ أَنَّهُ بَعَثَهم لِيُطَمئنَهُ، وَيَذكرُوْنَ حُسنَ نِيَّةِ المَنْصُوْرِ لَهُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ، انخدعَ المَغْرُوْرُ، وَفرِحَ. فَلَمَّا وَصلَ إِلَى المَدَائِنِ، أَمرَ المَنْصُوْرُ أَكَابِرَ دَوْلَتِه فَتَلَقَّوْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، سلَّمَ عَلَيْهِ قَائِماً، فَقَالَ: انْصَرَفْ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَاسْترحْ، وَادخُلِ الحَمَّامَ، ثُمَّ اغْدُ. فَانْصَرَفَ، وَكَانَ مِنْ نِيَّةِ المَنْصُوْرِ أَنْ يَقتُلَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَمَنَعَهُ وَزِيْرُه أَبُو أَيُّوْبَ المُوْرِيَانِيُّ. قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: فَدَخَلْتُ بَعْد خُرُوْجِه، فَقَالَ لِي المَنْصُوْر: أقدرُ عَلَى هَذَا، فِي مِثْلِ هَذِهِ الحَالِ، قَائِماً عَلَى رِجْلَيْهِ، وَلاَ أَدْرِي مَا يَحدُثُ فِي لَيْلَتِي، ثُمَّ كلَّمنِي فِي الفَتكِ بِهِ. فَلَمَّا غَدَوْتُ عَلَيْهِ، قَالَ لِي: يَا ابْنَ اللَّخنَاءِ! لاَ مَرْحَباً بِكَ، أَنْتَ مَنعتَنِي مِنْهُ أَمْسِ؟ وَالله مَا نِمتُ البَارِحَةَ، ادْعُ لِي عُثْمَانَ بن نَهِيْكٍ. (6/65) فَدعوتُهُ، فَقَالَ: يَا عُثْمَانُ! كَيْفَ بلاَءُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ عِنْدَكَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا عبدُكَ، وَلَوْ أَمَرتنِي أَنْ أَتَّكِئَ عَلَى سَيْفِي حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ظَهْرِي، لَفعلتُ. قَالَ: كَيْفَ أَنْتَ إِنْ أَمرتُكَ بِقَتلِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ قَالَ: فَوَجمَ لَهَا سَاعَةً لاَ يَتَكَلَّمُ. فَقُلْتُ: مَا لَكَ سَاكِتاً؟ فَقَالَ قَوْلَةً ضَعِيْفَةً: أَقتُلُهُ. فَقَالَ: انْطلقْ، فَجِئْ بِأَرْبَعَةٍ مِنْ وَجُوْهِ الحَرسِ، شُجعَانَ. (11/78) فَأحضرَ أَرْبَعَةً، مِنْهُم شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ، فَكلَّمهم، فَقَالُوا: نَقتُلُهُ. فَقَالَ: كُوْنُوا خَلْفَ الرّوَاقِ، فَإِذَا صفقتُ فَاخرجُوا، فَاقتلُوْهُ. ثُمَّ طلبَ أَبَا مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ. قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: وَخَرَجتُ لأَنظُرَ مَا يَقُوْلُ النَّاسُ، فَتلقَّانِي أَبُو مُسْلِمٍ دَاخِلاً، فَتَبَسَّمَ، وَسلَّمتُ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ، فَرَجَعتُ، فَإِذَا هُوَ مَقْتُوْلٌ. ثُمَّ دَخَلَ أَبُو الجَهْمِ، فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! أَلاَ أَردُّ النَّاسَ؟ قَالَ: بَلَى. فَأَمرَ بِمَتَاعٍ يُحوَّلُ إِلَى روَاقٍ آخرَ، وَفُرشٍ. وَقَالَ أَبُو الجَهْمِ لِلنَّاسِ: انْصَرَفُوا، فَإِنَّ الأَمِيْرَ أَبَا مُسْلِمٍ يُرِيْدُ أَنْ يُقِيْلَ عِنْدَ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ. وَرَأَوا الفُرشَ وَالمَتَاعَ يُنْقَلُ، فَظنُّوْهُ صَادِقاً، فَانْصَرَفُوا، وَأَمرَ المَنْصُوْرُ لِلأُمرَاءِ بِجَوَائِزِهم. قَالَ أَبُو أَيُّوْبَ: فَقَالَ لِي المَنْصُوْرُ: دَخَلَ عَلِيَّ أَبُو مُسْلِمٍ، فَعَاتَبْتُهُ، ثُمَّ شَتمتُهُ، وَضَرَبَه عُثْمَانُ بنُ نَهِيْكٍ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً، وَخَرَجَ شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ، فَضَربُوْهُ، فَسَقَطَ، فَقَالَ وَهُم يَضْربُوْنَهُ: العَفْوَ. قُلْتُ: يَا ابْنَ اللَّخنَاءِ! العَفْوَ، وَالسُّيُوْفُ تَعتوركَ؟ وَقُلْتُ: اذْبَحُوْهُ. فَذبحُوْهُ. وَقِيْلَ: أَلقَى جَسَدَهُ فِي دِجْلَةَ. وَيُقَالُ: لَمَّا دَخَلَ وَهُم خَلوَةٌ، قَالَ لَهُ المَنْصُوْرُ: أَخْبِرْنِي عَنْ سَيْفَيْنِ أَصَبتَهُمَا فِي مَتَاعِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَلِيٍّ. فَقَالَ: هَذَا أَحَدُهمَا. قَالَ: أَرِنِيْهِ. فَانتضَاهُ، فَنَاولَهُ، فَهزَّه أَبُو جَعْفَرٍ، ثُمَّ وَضَعَهُ تَحْت مِفرَشِهِ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ يُعَاتِبهُ. (6/66) (11/79) وَقَالَ: أَخْبِرْنِي عَنْ كِتَابِك إِلَى أَبِي العَبَّاسِ أَخِي تَنهَاهُ عَنِ الموَاتِ، أَرَدْتَ أَنْ تُعَلِّمَنَا الدِّيْنَ؟ قَالَ: ظَنَنْتُ أَخْذَه لاَ يَحِلُّ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ تَقدُّمِك عَلَيَّ فِي طَرِيْقِ الحجِّ. قَالَ: كرهتُ اجْتِمَاعَنَا عَلَى المَاءِ، فَيَضرُّ ذَلِكَ بِالنَّاسِ. قَالَ: فَجَارِيَةُ عَبْدِ اللهِ، أَرَدْتَ أَنْ تَتَّخِذَهَا؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِن خِفتُ عَلَيْهَا أَنْ تَضِيعَ، فَحَمَلتُهَا فِي قُبَّةٍ، وَوكلتُ بِهَا. قَالَ: فَمُرَاغمتُكَ وَخُرُوْجُك إِلَى خُرَاسَانَ؟ قَالَ: خِفتُ أَنْ يَكُوْنَ قَدْ دَخلَكَ مِنِّي شَيْءٌ، فَقُلْتُ: أَذْهَبُ إِلَيْهَا، وَإِلَيْكَ أَبعثُ بعُذرِي، وَالآنَ فَقَدْ ذَهَبَ مَا فِي نَفْسِكَ عَلَيَّ؟ قَالَ: تَاللهِ، مَا رَأَيْتُ كَاليَوْمِ قَطُّ. وَضربَ بِيَدِهِ، فَخَرَجُوا عَلَيْهِ. وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ: أَلستَ الكَاتِبَ إِلَيَّ، تَبدَأُ بِنَفْسِكَ؟ وَالكَاتِبَ إِلَيَّ تَخطُبُ أُمَيْنَةَ بِنْتَ عَلِيٍّ عَمَّتِي؟ وَتَزْعُمُ أَنَّكَ ابْنُ سَلِيْطِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ؟ وَأَيضاً، فَمَا دعَاكَ إِلَى قَتْلِ سُلَيْمَانَ بنِ كَثِيْرٍ، مَعَ أَثرِهِ فِي دَعوتِنَا، وَهُوَ أَحَدُ نُقبَائِنَا؟ قَالَ: عَصَانِي، وَأَرَادَ الخِلاَفَ عَلَيَّ، فَقَتلتُهُ. قَالَ: وَأَنْتَ قَدْ خَالفتَ عَلَيَّ، قَتَلنِي اللهُ إِنْ لَمْ أَقتُلْكَ. وضَرَبه بِعَمُودٍ، ثُمَّ وَثَبُوا عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِخَمْسٍ بَقِيْنَ مِنْ شَعْبَانَ. وَيُقَالُ: إِنَّ المَنْصُوْرَ لَمَّا سبَّهُ، انكبَّ عَلَى يَدِه يُقَبِّلُهَا، وَيَعْتَذِرُ. وَقِيْلَ: أَوَّلُ مَا ضَرَبَه ابْنُ نَهِيْكٍ لَمْ يَصْنَعْ أَكْثَرَ مِنْ قَطْعِ حَمَائِلِ سَيْفِهِ، فَصَاحَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! اسْتَبقِنِي لِعدُوِّكَ. (11/80) قَالَ: لاَ أَبقَانِي اللهُ إِذاً، وَأَيُّ عَدُوٍّ أَعْدَى لِي مِنْكَ. ثُمَّ هَمَّ المَنْصُوْرُ بِقَتلِ الأَمِيْرِ أَبِي إِسْحَاقَ صَاحِبِ حَرَسِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَبِقَتلِ نَصْرِ بنِ مَالِكٍ الخُزَاعِيِّ، فَكلَّمَهُ فِيْهِمَا أَبُو الجَهْمِ، وَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّمَا جُندُهُ جُندُكَ، أَمرتَهُم بِطَاعتِهِ، فَأطَاعُوْهُ. ثُمَّ إِنَّهُ أَعْطَاهُمَا مَالاً جَزِيْلاً، وَفرَّقَ عَسَاكِرَ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَتَبَ بِعَهْدٍ لِلأمِيْرِ أَبِي دَاوُدَ خَالِدِ بنِ إِبْرَاهِيْمَ عَلَى خُرَاسَانَ. (6/67) وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الزّنَادقَةِ، وَالطّغَامِ مِنَ التَّنَاسُخِيَّةِ، اعتقدُوا أَنَّ البَارِي - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - حَلَّ فِي أَبِي مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيِّ المَقْتُوْلِ، عِنْدمَا رَأَوْا مِنْ تَجبُّرِهِ، وَاسْتِيْلاَئِهِ عَلَى المَمَالِكِ، وَسَفكِهِ لِلدِّمَاءِ، فَأَخْبَارُ هَذَا الطَّاغِيَةِ يَطُولُ شَرحُهَا. قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: قَدِمَ أَبُو مُسْلِمٍ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ بِالمَدَائِنِ، فَسَمِعتُ يَحْيَى بنَ المُسَيِّبِ يَقُوْلُ: قَتلَه وَهُوَ فِي سُرَادِقَاتِهِ -يَعْنِي: الدِّهلِيزَ- ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عِيْسَى بنِ مُوْسَى وَلِيِّ العَهْدِ، فَأَعْلَمَهُ، وَأَعْطَاهُ الرَّأسَ وَالمَالَ، فَخَرَجَ بِهِ، فَأَلقَاهُ إِلَيْهِم، وَنَثرَ الذَّهَبَ، فَتَشَاغلُوا بِأَخذِهِ. وَقَالَ خَلِيْفَةُ فِي مَكَانٍ آخرَ: فَلَمَّا حلَّ أَبُو مُسْلِمٍ بِحُلْوَانَ، تَردَّدتْ الرُّسلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي جَعْفَرٍ، فَمِنْ ذَلِكَ كَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو جَعْفَرٍ: (11/81) أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ يَرِيْنُ عَلَى القُلُوْبِ، وَيَطبعُ عَلَيْهَا المَعَاصِي، فَقعْ أَيُّهَا الطَّائِرُ، وَأَفِقْ أَيُّهَا السَّكْرَانُ، وَانتبِهْ أَيُّهَا الحَالِمُ، فَإِنَّكَ مَغْرُوْرٌ بِأَضغَاثِ أَحلامٍ كَاذِبَةٍ، وَفِي بَرزَخِ دُنْيَا قَدْ غَرَّتْ قَبْلَك سَوَالفَ القُرُوْنِ، فَـ: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ، أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً}؟ [مَرْيَمُ: 68]، وَإِنَّ اللهَ لاَ يُعجِزُه مَنْ هَرَبَ، وَلاَ يَفُوْتُه مَنْ طَلبَ، فَلاَ تَغترَّ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ شِيْعَتِي، وَأَهْلِ دَعوتِي، فَكَأَنَّهُم قَدْ صَاوَلُوكَ إِنْ أَنْتَ خَلعتَ الطَّاعَةَ، وَفَارقتَ الجَمَاعَةَ، فَبدَا لَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتسِبُ، فَمَهلاً مَهلاً، احْذرِ البَغْيَ أَبَا مُسْلِمٍ، فَإِنَّ مَنْ بَغَى وَاعْتدَى تَخلَّى اللهُ عَنْهُ، وَنَصرَ عَلَيْهِ مَنْ يَصرعُهُ لِلْيَدَيْنِ وَلِلفَمِ. فَأَجَابَهُ أَبُو مُسْلِمٍ بِكِتَابٍ فِيْهِ غِلظٌ، يَقُوْلُ فِيْهِ: يَا عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدٍ! إِنِّي كُنْتُ فِيْكُم مُتَأوِّلاً فَأَخطَأتُ. (6/68) (11/82) فَأَجَابَهُ: أَيُّهَا المُجرمُ! تَنْقِمُ عَلَى أَخِي، وَإِنَّهُ لإِمَامُ هُدَىً، أَوضحَ لَكَ السَّبِيْلَ، فَلَوْ بِهِ اقْتدَيتَ مَا كُنْتَ عَنِ الحَقِّ حَائِداً، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَسْنَحْ لَكَ أَمرَانِ، إِلاَّ كُنْتَ لأَرْشَدِهِمَا تَارِكاً، وَلأَغْوَاهُمَا مُوَافِقاً، تَقتلُ قَتْلَ الفَرَاعِنَةِ، وَتَبطشُ بَطْشَ الجَبَّارِيْنَ، ثُمَّ إِنَّ مِنْ خِيْرَتِي أَيُّهَا الفَاسِقُ! أَنِّي قَدْ وَلَّيتُ خُرَاسَانَ مُوْسَى بنَ كَعْبٍ، فَأَمرتُه بِالمقَامِ بِنَيْسَابُوْرَ، فَهُوَ مِنْ دُوْنِكَ بِمَنْ مَعَهُ مِنْ قُوَّادِي وَشِيْعَتِي، وَأَنَا مُوَجِّهٌ لِلِقَائِكَ أَقرَانَكَ، فَاجْمَعْ كَيدَكَ وَأَمرَكَ غَيْرَ مُوفَّقٍ وَلاَ مُسدَّدٍ، وَحسبُ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيْلُ. فَشَاورَ البَائِسُ أَبَا إِسْحَاقَ المَرْوَزِيَّ، فَقَالَ لَهُ: مَا الرَّأْيُ؟ هَذَا مُوْسَى بنُ كَعْبٍ لَنَا دُوْنَ خُرَاسَانَ، وَهَذِهِ سُيُوْفُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ خَلفِنَا، وَقَدْ أَنْكَرتُ مَنْ كُنْتُ أَثقُ بِهِ مِنْ أُمرَائِي! (11/83) فَقَالَ: أَيُّهَا الأَمِيْرُ! هَذَا رَجُلٌ يَضطغِنُ عَلَيْكَ أُمُوْراً مُتَقَدِّمَةً، فَلَوْ كُنْتَ إِذْ ذَاكَ هَذَا رَأْيُكَ، وَوَالَيتَ رَجُلاً مِنْ آلِ عَلِيٍّ، كَانَ أَقْرَبَ، وَلَوْ أَنَّكَ قَبِلتَ تَوْلِيَتَه إِيَّاكَ خُرَاسَانَ وَالشَّامَ وَالصَّائِفَةَ مُدَّتْ بِكَ الأَيَّامُ، وَكُنْتَ فِي فُسحَةٍ مِنْ أَمرِكَ، فَوَجَّهتَ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَاختلستَ عَلَوِيّاً، فَنصَّبتَهُ إِمَاماً، فَاسْتملتَ أَهْلَ خُرَاسَانَ، وَأَهْلَ العِرَاقِ، وَرَمَيتَ أَبَا جَعْفَرٍ بِنَظِيْرِه، لَكُنتَ عَلَى طَرِيْقِ تَدبِيْرٍ، أَتطمعُ أَنْ تُحَاربَ أَبَا جَعْفَرٍ وَأَنْتَ بِحُلْوَانَ، وَعَسَاكِرُه بِالمَدَائِنِ، وَهُوَ خَلِيْفَةٌ مُجمَعٌ عَلَيْهِ؟ لَيْسَ مَا ظَنَنْتَ، لَكِنْ بَقِيَ لَكَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَى قُوَّادِكَ، وَتَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: هَذَا رَأْيٌ، إِنْ وَافَقَنَا عَلَيْهِ قُوَّادُنَا. قَالَ: فَمَا دعَاكَ إِلَى خَلعِ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَنْتَ عَلَى غَيْرِ ثِقَةٍ مِنْ قُوَّادِكَ؟ أَنَا أَسْتودِعُكَ اللهَ مِنْ قَتِيْلٍ! أَرَى أَنْ تُوَجِّهَ بِي إِلَيْهِ حَتَّى أَسْأَلَه لَكَ الأَمَانَ، فَإِمَّا صَفْحٌ، وَإِمَّا قَتْلٌ عَلَى عِزٍّ، قَبْلَ أَنْ تَرَى المَذَلَّةَ وَالصَّغَارَ مِنْ عَسْكَرِكَ، إِمَّا قَتَلُوكَ، وَإِمَّا أَسْلَمُوكَ. (6/69) قَالَ: فَسفَرَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَنْصُوْرِ السُّفرَاءُ، وَطَلبُوا لَهُ أَمَاناً، فَأَتَى المَدَائِنَ، فَأَمرَ أَبُو جَعْفَرٍ، فَتَلَقَّوْهُ، وَأَذنَ لَهُ، فَدَخَلَ عَلَى فَرَسِه، وَرَحَّبَ بِهِ، وَعَانَقَهُ، وَقَالَ: انْصَرَفْ إِلَى مَنْزِلِك، وَضَعْ ثِيَابَك، وَادْخُلِ الحَمَّامَ. وَجَعَلَ يَنْتَظِرُ بِهِ الفُرصَ، فَأَقَام أَيَّاماً يَأْتِي أَبَا جَعْفَرٍ، فَيَرَى كُلَّ يَوْمٍ مِنَ الإِكرَامِ مَا لَمْ يَرهُ قَبْلُ. (11/84) ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى التَّجنِّي عَلَيْهِ، فَأَتَى أَبُو مُسْلِمٍ الأَمِيْرَ عِيْسَى بنَ مُوْسَى، فَقَالَ: ارْكبْ مَعِي إِلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، فَإِنِّي قَدْ أَرَدْتُ عِتَابَهُ. قَالَ: تَقدَّمْ، وَأَنَا أَجِيْءُ. قَالَ: إِنِّي أَخَافُهُ. قَالَ: أَنْتَ فِي ذِمَّتِي. قَالَ: فَأَقْبَلَ، فَلَمَّا صَارَ فِي الرّوَاقِ الدَّاخِلِ، قِيْلَ لَهُ: أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ يَتَوَضَّأُ، فَلَوْ جَلَستَ. وَأَبْطَأَ عَلَيْهِ عِيْسَى، وَقَدْ هَيَّأَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ عُثْمَانَ بنَ نَهِيْكٍ فِي عِدَّةٍ، وَقَالَ: إِذَا عَاينْتُهُ وَعَلاَ صَوْتِي، فَدُونَكُمُوْهُ. قَالَ نَفْطَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو العَبَّاسِ المَنْصُوْرِيُّ، قَالَ: لَمَّا قَتَلَ أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا مُسْلِمٍ، قَالَ: رَحمَكَ اللهُ أَبَا مُسْلِمٍ! بَايعتَنَا وَبَايعنَاكَ، وَعَاهدَتَنَا وَعَاهَدْنَاكَ، وَوَفَّيْتَ لَنَا وَوَفَّيْنَا لَكَ، وَإِنَّا بَايَعنَا عَلَى أَلاَّ يَخْرُجَ عَلَيْنَا أَحَدٌ إِلاَّ قَتَلنَاهُ، فَخَرَجتَ عَلَيْنَا، فَقَتَلنَاكَ. وَقِيْلَ: قَالَ لأُوْلَئِكَ: إِذَا سَمِعْتُم تَصفِيْقِي، فَاضْرِبُوْهُ. فَضرَبَهُ شَبِيْبُ بنُ وَاجٍ، ثُمَّ ضَرَبَهُ القُوَّادُ، فَدَخَلَ عِيْسَى، وَكَانَ قَدْ كلَّمَ المَنْصُوْرَ فِيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ قَتِيْلاً، اسْتَرْجَعَ. وَقِيْلَ: لَمَّا قَتَلَهُ وَدَخَلَ جَعْفَرُ بنُ حَنْظَلَةَ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِي أَمرِ أَبِي مُسْلِمٍ؟ قَالَ: إِنْ كُنْتَ أَخَذتَ مِنْ شِعْرِهِ، فَاقتُلْهُ. فَقَالَ: وَفَّقكَ اللهُ، هَا هُوَ فِي البِسَاطِ قَتِيْلاً. فَقَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! عُدَّ هَذَا اليَوْمَ أَوَّلَ خِلاَفَتِكَ. وَأَنْشَدَ المَنْصُوْرُ: (6/70) فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى * كَمَا قَرَّ عَيْناً بِالإِيَابِ المُسَافِرُ (11/85) وَقَرَأْتُ فِي كِتَابٍ: أَنَّ المَنْصُوْرَ لَمْ يَزلْ يَخْدَعُ أَبَا مُسْلِمٍ، وَيَتَحَيَّلُ عَلَيْهِ، حَتَّى وَقَعَ فِي بَرَاثنِهِ بِعُهودٍ وَأَيْمَانٍ. وَكَانَ أَبُو مُسْلِمٍ يَنْظُرُ فِي المَلاَحِمِ، وَيَجدُ أَنَّهُ مُمِيْتُ دَوْلَةٍ، وَمُحْيِي دَوْلَةٍ، ثُمَّ يُقتَلُ بِبَلَدِ الرُّوْمِ. وَكَانَ المَنْصُوْرُ يَوْمَئِذٍ بِرُوْمِيَّةِ المَدَائِنِ، وَهِيَ مَعْدُوْدَةٌ مِنْ مَدَائِنِ كِسْرَى، بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَغْدَادَ سَبْعَةُ فَرَاسِخَ. قِيْلَ: بَنَاهَا الإِسْكَنْدَرُ لَمَّا قَامَ بِالمَدَائِنِ، فَلَمْ يَخطُرْ بِبَالِ أَبِي مُسْلِمٍ أَنَّ بِهَا مَصْرَعَهُ، وَذَهَبَ وَهْمُهُ إِلَى الرُّوْمِ. وَقِيْلَ: إِنَّ المَنْصُوْرَ كَانَ يَقُوْلُ: فَعَلتَ وَفَعَلتَ. فَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ: مَا يُقَالُ لِي هَذَا بَعْدَ بَيْعتِي وَاجْتِهَادِي. قَالَ: يَا ابْنَ الخَبِيْثَةِ! إِنَّمَا فَعَلتَ ذَلِكَ بِجِدِّنَا وَحَظِّنَا، وَلَوْ كَانَ مَكَانَكَ أَمَةٌ سَوْدَاءُ، لَعمِلَتْ عَمَلَكَ، وَتَفْعَلُ كَذَا، وَتَخطِبُ عَمَّتِي، وَتَدَّعِي أَنَّكَ عَبَّاسِيٌّ، لَقَدِ ارْتَقَيْتَ مُرْتَقَى صَعباً. فَأَخَذَ يُفرِّكُ يَدَهُ، وَيُقَبِّلُهَا، وَيَخضعُ، وَأَبُو جَعْفَرٍ يَتنمَّرُ. وَعَنْ مَسْرُوْرٍ الخَادِمِ، قَالَ: لَمَّا ردَّ أَبُو مُسْلِمٍ، أَمرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَنْ يَرْكَبَ فِي خَوَاصِّ أَصْحَابِه، فَرَكِبَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ، جُرْدٍ مُرْدٍ، عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ بِمَنَاطِقِ الذَّهَبِ. فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمَتَهُ أَنْ يَسْتَقْبِلُوْهُ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ: صَالِحٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَدَاوُدُ. (11/86) فَلَمَّا أَنْ أَصحرَ، سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ، فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ، وَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهدْ مِثْلَهُ، فَأَنْشَأَ صَالِحٌ يَقُوْلُ: سَيَأْتِيْكَ مَا أَفْنَى القُرُوْنَ الَّتِي مَضَتْ * وَمَا حَلَّ فِي أَكْنَافِ عَادٍ وَجُرْهُمِ وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً * وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العَرَمْرَمِ فَبَكَى أَبُو مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَحِرْ جَوَاباً. (6/71) قَالَ أَبُو حَسَّانٍ الزِّيَادِيُّ، وَيَعْقُوْبُ الفَسَوِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: قُتِلَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَمائَةٍ. قُلْتُ: وَعُمُرُهُ سَبْعَةٌ وَثَلاَثُوْنَ عَاماً. وَلَمَّا قُتِلَ، خَرَجَ بِخُرَاسَانَ سُنْبَاذُ لِلطَّلبِ بِثأرِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَكَانَ سُنْبَاذُ مَجُوْسِيّاً، فَغلبَ عَلَى نَيْسَابُوْرَ وَالرَّيِّ، وَظَفرَ بِخَزَائِنِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَاسْتفحلَ أَمرُهُ. فَجهَّزَ المَنْصُوْرُ لِحَرْبِهِ جُمْهُوْرَ بنَ مَرَّارٍ العِجْلِيَّ، فِي عَشْرَةِ آلاَفِ فَارِسٍ، وَكَانَ المَصَافُّ بَيْنَ الرَّيِّ وَهَمَذَانَ، فَانْهَزَمَ سُنْبَاذُ، وَقُتِلَ مِنْ عَسْكَرِه نَحْوٌ مِنْ سِتِّيْنَ أَلْفاً، وَعَامَّتُهم كَانُوا مِنْ أَهْلِ الجِبَالِ، فَسُبِيَتْ ذَرَارِيهِم، ثُمَّ قُتِلَ سُنْبَاذُ بِأَرْضِ طَبَرِسْتَانَ. (6/72) (11/87) أَنْبَأَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا فَرْقَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الكِنَانِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَضْلِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سُلَيْمٍ المُعَلِّمُ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ المَرْزُبَانِ بنِ مَنْجَوَيْه، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ المُقْرِئِ، حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ غُلاَمُ ابْنِ الأَنْبَارِيِّ، سَمِعْتُ ابْنَ الأَنْبَارِيِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَحْيَى النَّحْوِيَّ، سَمِعْتُ مَسْرُوْراً الخَادِمَ يَقُوْلُ: لَمَّا اسْتردَّ المَنْصُوْرُ أَبَا مُسْلِمٍ مِنْ حُلْوَانَ، أَمرَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ فِي خَوَاصِّ غِلمَانِهِ، فَانْصَرَفَ فِي أَرْبَعَةِ آلاَفِ غُلاَمٍ، جُرْدٍ، مُرْدٍ، عَلَيْهِم أَقْبِيَةُ الدِّيْبَاجِ وَالسُّيُوْفِ، وَمَنَاطِقُ الذَّهَبِ. فَأَمَرَ المَنْصُوْرُ عُمُوْمتَه أَنْ يَسْتَقبِلُوْهُ، وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ عُمُوْمتِهِ يَوْمَئِذٍ: صَالِحٌ، وَسُلَيْمَانُ، وَدَاوُدُ. فَلَمَّا أَنْ أَصحرُوا، سَايرَهُ صَالِحٌ بِجَنبِهِ، فَنَظَرَ إِلَى كَتَائِبِ الغِلمَانِ، فَرَأَى شَيْئاً لَمْ يَعهَدْ مِثْلَهُ، فَأَنْشَأَ يَقُوْلُ: سَيَأْتِيْكَ مَا أَفْنَى القُرُوْنَ الَّتِي مَضَت * وَمَا حلَّ فِي أَكْنَافِ عَادٍ وَجُرْهُمِ وَمَنْ كَانَ أَقْوَى مِنْكَ عِزّاً وَمَفْخراً * وَأَقْيَدَ لِلْجَيْشِ اللُّهَامِ العَرَمْرَمِ فَبَكَى أَبُو مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَحِرْ جَوَاباً، وَلَمْ يَنطِقْ حَتَّى دَخَلَ عَلَى المَنْصُوْرِ، فَأَجلَسَه بَيْنَ يَدَيْهِ، وَجَعَلَ يُعَاتبُهُ، وَيَقُوْلُ: تَذْكُرُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، فَعَلتَ كَذَا وَكَذَا، وَكَتَبتَ إِلَيَّ بِكَذَا وَكَذَا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُوْلُ: (11/88) زَعَمْتَ أَنَّ الدَّيْنَ لاَ يُقْتَضَى * فَاقْتَضِ بِالدَّيْنِ أَبَا مُجْرِمِ وَاشْرَبْ بِكَأْسٍ كُنْتَ تَسْقِي بِهَا * أَمَرَّ فِي الحَلْقِ مِنَ العَلْقَمِ ثُمَّ أَمرَ أَهْلَ خُرَاسَانَ، فَقَطَّعُوْهُ إِرْباً إِرْباً. وَبِهِ: إِلَى مَنْجَوَيْه: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَلِيِّ بنِ إِسْمَاعِيْلَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَارَةَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ صَاحِبَ الدَّولَةِ يَقْرَأُ: {فَلاَ تُسْرِفْ فِي القَتْلِ} [الإِسْرَاءُ: 33] بِالتَّاءِ. قَالَ ابْنُ مَنْجَوَيْه: حكَى لِي الثِّقَةُ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا الإِمَامُ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ مَنْدَةَ كَتَبَ عَنْهُ هَذَا. وَحُسَيْنُ بنُ فَهْمٍ: هُوَ ابْنُ بِنْتِ أَبِي مُسْلِمٍ. (6/73) وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الطَّبَرِيُّ إِمْلاَءً مِنْ أَصْلِهِ، حَدَّثَنَا أَبُو الحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ يَحْيَى بنِ زُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدِ بنِ نَجِيْحٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُنِيْبٍ الخُرَاسَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-). وَبِهِ: أَخْبَرَنَاهُ أَحْمَدُ بنُ مُوْسَى الحَافِظُ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ الرَّقِّيُّ بِحَرَّانَ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بنُ مُوْسَى بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ خَالِدٍ بِهَذَا. لَمْ يَقُلْ: ابْنُ مُنِيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، وَهُوَ أَشْبَهُ. آخِرُ سِيْرَةِ أَبِي مُسْلِمٍ، وَالله - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ. (6/74) (11/89) |