عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيِّ بنِ البَحْرِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ
 
عَمُّ السَّفَّاحِ وَالمَنْصُوْرِ، مِنْ رِجَالِ العَالِمِ، وَدُهَاةِ قُرَيْشٍ.
كَانَ بَطَلاً، شُجَاعاً، مَهِيْباً، جَبَّاراً، عَسُوْفاً، سَفَّاكاً لِلدِّمَاءِ.
بِهِ قَامتِ الدَّولَةُ العَبَّاسِيَّةُ.
سَارَ فِي أَرْبَعِيْنَ أَلْفاً أَوْ أَكْثَرَ، فَالْتَقَى الخَلِيْفَةَ مَرْوَانَ بِقُربِ المَوْصِلِ، فَهَزَمَه، وَمَزَّقَ جُيُوْشَه، وَلَجَّ فِي طَلَبِه، وَطَوَى البِلاَدَ، حَتَّى نَازَلَ دَارَ المُلْكِ دِمَشْقَ، فَحَاصَرَهَا أَيَّاماً، وَأَخَذَهَا بِالسَّيْفِ، وَقَتَلَ بِهَا إِلَى الظُّهْرِ نَحْواً مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ مُسْلِمٍ مِنَ الجُنْدِ وَغَيْرِهِم، وَلَمْ يَرقُبْ فِيْهِم إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً، وَلاَ رَعَى رَحِماً، وَلاَ نَسَباً.
ثُمَّ جَهَّزَ فِي الحَالِ أَخَاهُ دَاوُدَ بنَ عَلِيٍّ فِي طَلَبِ مَرْوَانَ، إِلَى أَنْ أَدْرَكَه بِقَرْيَةِ بُوْصِيْرَ، مِنْ بِلاَد مِصْرَ، فَبَيَّتَه، فَقَاتَلَ المِسْكِيْنُ حَتَّى قُتِلَ، وَهَرَبَ ابْنَاهُ إِلَى بِلاَدِ الحَبَشَةِ، وَانتَهَتِ الدَّولَةُ الأُمَوِيَّةُ.
(11/204)

وَلَمَّا مَاتَ السَّفَّاحُ، زَعَمَ عَبْدُ اللهِ أَنَّهُ وَلِيُّ عَهْدِه، وَبَايَعَه أُمَرَاءُ الشَّامِ، وَبُوْيِعَ المَنْصُوْرُ بِالعِرَاقِ، وَنَدَبَ لِحَربِ عَمِّهِ صَاحِبَ الدَّعوَةِ أَبَا مُسْلِمٍ الخُرَاسَانِيَّ، فَالْتَقَى الجَمْعَانِ بِنَصِيْبِيْنَ، فَاشتَدَّ القِتَالُ، وَقُتِلَتِ الأَبْطَالُ، وَعَظُمَ الخَطْبُ، ثُمَّ انْهَزَمَ عَبْدُ اللهِ فِي خَوَاصِّه، وَقَصَدَ البَصْرَةَ، فَأَخفَاهُ أَخُوْهُ سُلَيْمَانُ مُدَّةً، ثُمَّ مَا زَالَ المَنْصُوْرُ يُلحُّ حَتَّى أَسلَمَه، فَسَجَنَهُ سَنَوَاتٍ.
فَيُقَالُ: حَفَرَ أَسَاسَ الحَبسِ، وَأَرْسَلَ عَلَيْهِ المَاءَ، فَوَقَعَ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَةٍ - فَالأَمْرُ للهِ -. (6/162)
(11/205)