عُتْبَةُ الغُلاَمُ بنُ أَبَانٍ البَصْرِيُّ |
الزَّاهِدُ، الخَاشِعُ، الخَائِفُ، عُتْبَةُ بنُ أَبَانٍ البَصْرِيُّ.
كَانَ يُشَبَّهُ فِي حُزْنِه بِالحَسَنِ البَصْرِيِّ. قَالَ رِيَاحٌ القَيْسِيُّ: بَاتَ عِنْدِي، فَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي سُجُوْدِهِ: اللَّهُمَّ احْشُرْ عُتْبَةَ مِنْ حَوَاصِلِ الطَّيْرِ، وَبُطُوْنِ السِّبَاعِ. وَقَالَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ: جَاءنَا عُتْبَةُ الغُلاَمُ غَازِياً، وَقَالَ: رَأَيتُ أَنِّي آتِي المَصِّيْصَةَ فِي النَّوْمِ، وَأَغَزْو، فَأُسْتَشْهَدُ. قَالَ: فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ فَرَسَهُ وَسِلاَحَه، وَقَالَ: إِنِّيْ عَلِيْلٌ، فَاغْزُ عَنِّي. فَلَقَوُا الرُّوْمَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتُشْهِدَ. قَالَ سَلَمَةُ الفَرَّاءُ: كَانَ عُتْبَةُ الغُلاَمُ مِنْ نُسَّاكِ أَهْلِ البَصْرَةِ، يَصُوْمُ الدَّهْرَ، وَيَأْوِي السَّوَاحِلَ، وَالجَبَّانَةَ. قَالَ أَبُو عُمَرَ البَصْرِيُّ: كَانَ رَأْسُ مَالِ عُتْبَةَ فِلْساً، يَشْتَرِي بِهِ خُوصاً، يَعْمَلُه وَيَبِيْعُه بِثَلاَثَةِ فُلُوسٍ، فَيَتَصَدَّقُ بِفِلْسٍ، وَيَتَعَشَّى بِفِلْسٍ، وَفِلْسٌ رَأْسُ مَالِه. وَقِيْلَ: نَازَعتْهُ نَفْسُهُ لَحْماً، فَمَاطَلَهَا سَبْعَ سِنِيْنَ. وَعَنْهُ، قَالَ: لاَ يُعجِبُنِي رَجُلٌ أَلاَّ يَحتَرِفَ. وذَكَرَ مَخْلَدُ بنُ الحُسَيْنِ عُتْبَةَ الغُلاَمَ، وَصَاحِبَه يَحْيَى الوَاسِطِيَّ، فَقَالَ: كَأَنَّمَا رَبَّتْهُمُ الأَنْبِيَاءُ. وَعَنْ عُتْبَةَ، قَالَ: مَنْ عَرَفَ اللهَ، أَحَبَّهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ، أَطَاعَه. وَعَنْهُ، قَالَ: إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى تَقْصِيْرِي. قَالَ مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: رَأَيتُ عُتْبَةَ، وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّ الطَّيْرَ تُجِيْبُهُ. وَقِيْلَ: لَمَّا غَزَا، قَالَ: لاَ تَفْتَحُوا بَيْتِي. فَلَمَّا قُتِلَ، فَتَحُوْهُ، فَوَجَدُوا قَبْراً مَحْفُوْراً، وَغِلَّ حَدِيْدٍ. (7/63) (13/75) |