أَشْعَبُ الطَّمَعُ بنُ جُبَيْرٍ المَدَنِيُّ ابْنُ أُمِّ حَمِيْدَةَ
 
يُعرَفُ: بَابْنِ أُمِّ حَمِيْدَةَ، وَمَنْ يُضْرَبُ بِطَمَعِه المَثَلُ.
رَوَى قَلِيْلاً عَنْ: عِكْرِمَةَ، وَسَالِمٍ، وَأَبَانِ بنِ عُثْمَانَ.
وَعَنْهُ: مَعْدِي بنُ سُلَيْمَانَ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَكَانَ صَاحِبَ مُزَاحٍ وَتَطْفِيْلٍ، وَمَعَ ذَلِكَ كُذِبَ عَلَيْهِ.
قَالَ الأَصْمَعِيُّ: عَبَثَ بِهِ صِبْيَانٌ، فَقَالَ: وَيْحَكُم، اذْهَبُوا، سَالِمٌ يُفَرِّقُ تَمْراً.
فَعَدَوْا، فَعَدَا مَعَهُم، وَقَالَ: لَعَلَّهُ حَقٌّ.
وَيُقَالُ: وَفَدَ عَلَى الوَلِيْدِ بنِ يَزِيْدَ.
وَقَالَ عُثْمَانُ بنُ فَايِدٍ: حَدَّثَنَا أَشْعَبُ مَوْلَى عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ:
رَأَيتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَخَتَّمُ فِي يَمِيْنِهِ.
عُثْمَانُ: ضُعِّفَ.
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا أَشْعَبُ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
للهِ عَلَى عَبْدِهِ نِعْمَتَانِ، وَسَكَتَ أَشْعَبُ.
فَقَالَ: اذْكُرْهُمَا.
قَالَ: وَاحِدَةٌ نَسِيَهَا عِكْرِمَةُ، وَالأُخْرَى أَنَا. (7/67)
قِيْلَ: إِنَّ أَشْعَبَ خَالُ الأَصْمَعِيِّ.
وَعَنْ سَالِمٍ: أَنَّهُ قَالَ لأَشْعَبَ: إِنِّيْ أَرَى الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ عَلَى صُوْرتِكَ.
وَكَانَ رَآهُ بُكْرَةً، وَأَطعَمَه هَرِيْسَةً، ثُمَّ بَعْدَ سَاعَتَيْنِ رَآهُ مُصْفَراً، عَاصِباً رَأْسَه، بِيَدِهِ قَصَبَةٌ، قَدْ تَحَامَلَ إِلَى دَارِ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ عُثْمَانَ.
قَالَ الزُّبَيْرُ: قِيْلَ لأَشْعَبَ: نُزَوِّجُكَ؟
(13/78)

قَالَ: ابْغُوْنِي امْرَأَةً أَتَجَشَّى فِي وَجْهِهَا تَشْبَعْ، وَتَأْكُلُ فَخِذَ جَرَادَةٍ تَنتخِمْ.
وَقِيْلَ: أَسلَمَتْهُ أُمُّهُ عِنْدَ بَزَّازٍ، ثُمَّ قَالَتْ لَهُ: مَا تَعَلَّمتَ؟
قَالَ: نِصْفَ الشُّغْلِ، تَعَلَّمتُ النَّشرَ، وَبَقِيَ الطَّيُّ.
وَقِيْلَ: شَوَى رَجُلٌ دَجَاجَةً، ثُمَّ رَدَّهَا، فَسَخنتْ، ثُمَّ رَدَّهَا.
فَقَالَ أَشْعَبُ: هَذِهِ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ: {النَّارُ يُعْرَضُوْنَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً} [غَافِرٌ: 40].
وَقِيْلَ: لَقِيَ دِيْنَاراً، فَاشْتَرَى بِهِ قَطِيْفَةً، ثُمَّ نَادَى: يَا مَنْ ضَاعَ مِنْهُ قَطِيْفَةٌ.
وَيُقَالُ: دَعَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا خَبِيْرٌ بِكَثْرَةِ جُمُوْعِكَ.
قَالَ: لاَ أَدْعُو أَحَداً.
فَجَاءَ، إِذْ طَلَعَ صَبِيٌّ، فَقَالَ أَشْعَبُ: أَيْنَ الشُّرَطُ؟
قَالَ: يَا أَبَا العَلاَءِ! هُوَ ابْنِي، وَفِيْهِ عَشْرُ خِصَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مَعَ ضَيْفٍ.
قَالَ: كَفَى، التِّسْعُ لَكَ، أَدخِلْهُ.
وَعَنْهُ، قَالَ: أَتَتْنِي جَارِيَتِي بِدِيْنَارٍ، فَجَعَلْتُهُ تَحْتَ المُصَلَّى، ثُمَّ جَاءتْ بَعْدَ أَيَّامٍ تَطلُبُهُ، فَقُلْتُ: خُذِي مَا وَلَدَ.
فَوَجَدَتْ مَعَهُ دِرْهَماً، فَأَخَذَتِ الوَلَدَ.
ثُمَّ عَادَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ وَقَدْ أَخَذْتُهُ، فَبَكَتْ، فَقُلْتُ: مَاتَ النَّوْبَةَ فِي النِّفَاسِ.
فَوَلْوَلَتْ، فَقُلْتُ: صَدَّقْتِ بِالوِلاَدَةِ، وَلاَ تُصَدِّقِيْنَ بِالمَوْتِ. (7/68)
قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: أَوْقَفَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ عَلَى أَشْعَبَ، فَقَالَ: مَا بَلَغَ مِنْ طَمَعِكَ؟
قَالَ: مَا زُفَّتِ امْرَأَةٌ، إِلاَّ كَنَستُ بَيْتِي، رَجَاءَ أَنْ تُهْدَى إِلَيَّ.
وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ: أَنَّ أَشْعَبَ مَرَّ بِمَنْ يَعْمَلُ طَبَقاً، فَقَالَ: وَسِّعْهُ، لَعَلَّهُم يُهْدُوْنَ لَنَا فِيْهِ.
(13/79)

وَمَرَرتُ يَوْماً، فَإِذَا هُوَ وَرَائِي، قُلْتُ: مَا بِكَ؟
قَالَ: رَأَيتُ قَلَنْسُوَتَكَ مَائِلَةً، فَقُلْتُ: لَعَلَّهَا تَقَعُ، فَآخُذُهَا.
قَالَ: فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ: قَالَ أَشْعَبُ:
مَا خَرَجْتُ فِي جَنَازَةٍ، فَرَأَيتُ اثْنَيْنِ يَتَسَارَّانِ، إِلاَّ ظَنَنْتُ أَنَّ المَيتَ أَوْصَى لِي بِشَيْءٍ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يُجِيْدُ الغِنَاءَ.
يُقَالُ: مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ. (7/69)
(13/80)