مَالِكٌ الإِمَامُ مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ المَدَنِيُّ (ع) ب |
الرَّشِيْدِ، وَإِلَى أَنْ مَاتَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ المُعَدَّلُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّطِيْفِ بنُ يُوْسُفَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَبِي القَاسِمِ الخَطِيْبُ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفَتْحِ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْبَارِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مَهْدِيٍّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ سَعِيْدِ بنِ غَالِبٍ العَطَّارُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (لَيَضْرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَلاَ يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ). (8/56) (15/53) وَبِهِ: إِلَى ابْنِ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بنُ الفَرَجِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَضْرِبُوْنَ أَكْبَادَ الإِبِل...)، فَذَكَرَ الحَدِيْثَ. هَذَا حَدِيْثٌ نَظِيفُ الإِسْنَادِ، غَرِيْبُ المَتْنِ. رَوَاهُ: عِدَّةٌ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ. وَفِي لَفْظٍ: (يُوْشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النَّاسُ آبَاطَ الإِبِلِ يَلْتَمِسُوْنَ العِلْمَ). وَفِي لَفْظٍ: (مِنْ عَالِمٍ بِالمَدِيْنَةِ). وَفِي لَفْظٍ: (أَفْقَهَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ). وَقَدْ رَوَاهُ: المُحَارِبِيُّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ مَوْقُوَفاً، وَيُرْوَى عَنْ: مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، مَرْفُوْعاً. وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ كَثِيْرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَضْرِبُوْنَ أَكْبَادَ الإِبِلِ، فَلاَ يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ). قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، الصَّوَابُ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ. مَعْنُ بنُ عِيْسَى: عَنْ أَبِي المُنْذِرِ زُهَيْرٍ التَّمِيْمِيِّ، قَالَ: قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوْسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: (15/54) قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (يَخْرُجُ نَاسٌ مِنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ فِي طَلَبِ العِلْمِ، فَلاَ يَجِدُوْنَ عَالِماً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِيْنَةِ). وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَقُوْلُ: هُوَ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، حَتَّى قُلْتُ: كَانَ فِي زَمَانِهِ سُلَيْمَانُ بنُ يَسَارٍ، وَسَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَغَيْرُهُمَا. ثُمَّ أَصْبَحْتُ اليَوْمَ أَقُوْلُ: إِنَّهُ مَالِكٌ، لَمْ يَبْقَ لَهُ نَظِيْرٌ بِالمَدِيْنَةِ. (8/57) قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: هَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ عَنْ سُفْيَانَ. رَوَاهُ عَنْهُ: ابْنُ مَهْدِيٍّ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَذُؤَيْبُ بنُ عِمَامَةَ، وَابْنُ المَدِيْنِيِّ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَإِسْحَاقُ بنُ أَبِي إِسْرَائِيْلَ، كُلُّهُم سَمِعَ سُفْيَانَ يُفسِّرهُ بِمَالِكٍ، أَوْ يَقُوْلُ: وَأَظُنُّهُ، أَوْ أَحْسِبُهُ، أَوْ أُرَاهُ، أَوْ كَانُوا يَرَوْنَهُ. وَذَكَرَ أَبُو المُغِيْرَةِ المَخْزُوْمِيُّ أَنَّ مَعْنَاهُ: مَا دَامَ المُسْلِمُوْنَ يَطلبُوْنَ العِلْمَ لاَ يَجِدُوْنَ أَعْلَمَ مِنْ عَالِمٍ بِالمَدِيْنَةِ. فَيَكُوْنُ عَلَى هَذَا: سَعِيْدَ بنَ المُسَيِّبِ، ثُمَّ بَعْدَهُ مَنْ هُوَ مِنْ شُيُوْخِ مَالِكٍ، ثُمَّ مَالِكٍ، ثُمَّ مَنْ قَامَ بَعْدَهُ بِعِلْمِهِ، وَكَانَ أَعْلَمَ أَصْحَابِهِ. قُلْتُ: كَانَ عَالِمَ المَدِيْنَةِ فِي زَمَانِهِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبَيْهِ، زَيْدُ بنُ ثَابِتٍ، وَعَائِشَةُ، ثُمَّ ابْنُ عُمَرَ، ثُمَّ سَعِيْدُ بنُ المُسَيِّبِ، ثُمَّ الزُّهْرِيُّ، ثُمَّ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، ثُمَّ مَالِكٌ. وَعَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: مَالِكٌ عَالِمُ أَهْلِ الحِجَازِ، وَهُوَ حُجَّةُ زَمَانِهِ. (15/55) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - وَصَدَقَ وَبَرَّ -: إِذَا ذُكر العُلَمَاءُ فَمَالِكٌ النَّجْمُ. قَالَ الزُّبَيْرُ بنُ بكَّارٍ فِي حَدِيْثِ: (لَيَضرِبَنَّ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِل...). كَانَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا فِي حَيَاةِ مَالِكٍ، يَقُوْلُ: أُرَاهُ مَالِكاً. فَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ زَمَاناً ثُمَّ رَجَعَ بَعْدُ، فَقَالَ: أُرَاهُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ العُمَرِيَّ الزَّاهِدَ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: لَيْسَ العُمَرِيُّ مِمَّنْ يَلْحَقُ فِي العِلْمِ وَالفِقْهِ بِمَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ شَرِيْفاً سَيِّداً، عَابِداً. قَالَ أَحْمَدُ بنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: نَرَى هَذَا الحَدِيْثَ أَنَّهُ هُوَ مَالِكٌ، وَكَانَ سُفْيَانُ يَسْأَلُنِي عَنْ أَخْبَارِ مَالِكٍ. قُلْتُ: قَدْ كَانَ لِهَذَا العُمَرِيِّ عِلْمٌ وَفقهٌ جَيِّدٌ وَفَضْلٌ، وَكَانَ قَوَّالاً بِالحَقِّ، أَمَّاراً بِالعُرْفِ، مُنْعَزِلاً عَنِ النَّاسِ، وَكَانَ يَحُضُّ مَالِكاً إِذَا خَلاَ بِهِ عَلَى الزُّهْدِ، وَالاَنقطَاعِ وَالعُزلَةِ - فَرَحِمَهُمَا اللهُ -. (8/58) (15/56) فَصْلٌ وَلَمْ يَكُنْ بِالمَدِيْنَةِ عَالِمٌ مِنْ بَعْدِ التَّابِعينَ يُشْبِهُ مَالِكاً فِي العِلْمِ، وَالفِقْهِ، وَالجَلاَلَةِ، وَالحفظِ، فَقَدْ كَانَ بِهَا بَعْدَ الصَّحَابَةِ مِثْلُ سَعِيْدِ بنِ المُسَيِّبِ، وَالفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، وَالقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَطَبَقَتِهِم، ثُمَّ زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، وَابْنِ شِهَابٍ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَصَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَرَبِيْعَةَ بنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَطَبَقَتِهِم، فَلَمَّا تَفَانَوْا، اشْتُهِرَ ذِكْرُ مَالِكٍ بِهَا، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ العَزِيْزِ بنِ المَاجَشُوْنِ، وَسُلَيْمَانَ بنِ بِلاَلٍ، وَفُلَيْحِ بنِ سُلَيْمَانَ، وَالدَّرَاوَرْدِيِّ، وَأَقرَانِهِم، فَكَانَ مَالِكٌ هُوَ المُقَدَّمَ فِيْهِم عَلَى الإِطلاَقِ، وَالَّذِي تُضرَبُ إِلَيْهِ آبَاطُ الإِبِلِ مِنَ الآفَاقِ -رَحِمَهُ اللهُ-تَعَالَى-. (8/59) وَقَدْ وَقَعَ لِي مِنْ عَوَالِيْه (مُوَطَّأُ أَبِي مُصْعَبٍ). وَفِي الطَّرِيْقِ إِجَازَةٌ، وَوَقَعَ لِي مِنْ عَالِي حَدِيْثِهِ بِالاتِّصَالِ أَرْبَعُوْنَ حَدِيْثاً مِنَ (المائَةِ الشُّرَيْحِيَّةِ)، وَ(جُزءُ بِيْبَى)، وَ(جُزْءُ البَانْيَاسِيِّ)، وَالأجزَاءُ المحَامِلِيَّاتُ، فَمِنْ ذَلِكَ: أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ الهَمْدَانِيُّ، قَالَ: (15/57) أَخْبَرَنَا أَبُو المَحَاسِنِ مُحَمَّدُ بنُ هِبَةِ اللهِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الدِّيْنَوَرِيُّ بِبَغْدَادَ سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَمِّي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بنُ الحَسَنِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ مُحَمَّدٍ الفَارِسِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ المَدَنِيُّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي يُوْنُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى البَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ -: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنِّيْ أُصبِحُ جُنُباً، وَأَنَا أُرِيْدُ الصِّيَامَ، أَفَأَغتَسِلُ وَأَصُوْمُ ذَلِكَ اليَوْمَ؟ فَقَالَ: (وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُباً وَأَنَا أُرِيْدُ الصِّيَامَ، فَأَغْتَسِلُ وَأَصُوْمُ ذَلِكَ اليَوْمَ). فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا، قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَغَضبَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: (وَاللهِ إِنِّيْ لأَرْجُو أَنْ أَكُوْنَ أَخْشَاكُم للهِ، وَأَعْلَمَكُم بِمَا أَتَّقِي). (8/60) هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحٌ. أَخْرَجَهُ: أَبُو دَاوُدَ، عَنِ القَعْنَبِيِّ، عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ: النَّسَائِيُّ فِي (مُسْنَدِ مَالِكٍ) لَهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ القَاسِمِ الفَقِيْهِ، عَنْ مَالِكٍ. (15/58) وَرَوَى: النَّسَائِيُّ هَذَا المَتْنَ بِنَحْوِهِ، عَنْ أَحْمَدَ بنِ حَفْصٍ النَّيْسَابُوْرِيِّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ بنِ طَهْمَانَ، عَنْ حَجَّاجِ بنِ حَجَّاجٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَارِثِ، عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. فَهَذَا إِسْنَادٌ غَرِيْبٌ عَزِيْزٌ، قَدْ تَوَالَى فِيْهِ خَمْسَةُ تَابِعِيُّوْنَ، بَعْضُهُم عَنْ بَعْضٍ، وَمِنْ حَيْثُ العددُ كَأَنَّنِي صَافَحْتُ فِيْهِ النَّسَائِيَّ. وَرَوَاهُ أَيْضاً: ابْنُ أَبِي عَرُوْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِإِسْنَادِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُسَمِّ فِيْهِ نَافِعاً، بَلْ قَالَ: عَنْ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْهَا. وَحَدِيْثُ عَائِشَةَ هُوَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ، مِنْ طَرِيْقِ إِسْمَاعِيْلَ بنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ أَبُو طُوَالَةَ. وَلَمْ يُخَرِّجْ البُخَارِيُّ لأَبِي يُوْنُسَ شَيْئاً فِيْمَا عَلِمتُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -. (8/61) (15/59) قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحَاكِمُ - وَذَكَرَ سَادَةً مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِيْنَ بِالمَدِيْنَةِ، كَابْنِ المُسَيِّبِ، وَمَنْ بَعْدَهُ - قَالَ: فَمَا ضُرِبَتْ أَكبَادُ الإِبلِ مِنَ النَّوَاحِي إِلَى أَحَدٍ مِنْهُم دُوْنَ غَيْرِهِ، حَتَّى انْقَرَضُوا، وَخلاَ عصرُهُم، ثُمَّ حَدَّث مِثْلُ ابْنِ شِهَابٍ، وَرَبِيْعَةَ، وَيَحْيَى بنِ سَعِيْدٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيْدَ بنِ هُرْمُزَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَصَفْوَانَ بنِ سُلَيْمٍ، وَكُلُّهُم يُفْتِي بِالمَدِيْنَةِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُم بِأَنْ ضُرِبَتْ إِلَيْهِ أَكبَادَ الإِبِلِ، حَتَّى خَلاَ هَذَا العَصْرُ، فَلَمْ يَقعْ بِهِمُ التَّأْوِيْلُ فِي عَالِمِ أَهْلِ المَدِيْنَةِ. ثُمَّ حدَّثَ بَعْدَهُم مَالِكٌ، فَكَانَ مُفتِيْهَا، فَضُرِبَتْ إِلَيْهِ أَكبَادُ الإِبِلِ مِنَ الآفَاقِ، وَاعْتَرَفُوا لَهُ، وَرَوَتِ الأَئِمَّةُ عَنْهُ مِمَّنْ كَانَ أَقدمَ مِنْهُ سِنّاً، كَاللَّيْثِ عَالِمِ أَهْلِ مِصْرَ، وَالمَغْرِبِ، وَكَالأَوْزَاعِيِّ عَالِمِ أَهْلِ الشَّامِ وَمُفتِيْهِم، وَالثَّوْرِيِّ، وَهُوَ المُقَدَّمِ بِالكُوْفَةِ، وَشُعْبَةَ عَالِمِ أَهْلِ البَصْرَةِ. إِلَى أَنْ قَالَ: وَحَمَلَ عَنْهُ قَبْلَهُم يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ الأَنْصَارِيُّ حِيْنَ وَلاَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ قَضَاءَ القُضَاةِ، فَسَأَلَ مَالِكاً أَنْ يَكْتُبَ لَهُ مائَةَ حَدِيْثٍ حِيْنَ خَرَجَ إِلَى العِرَاقِ، وَمِنْ قَبْلُ كَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ حَمَلَ عَنْهُ. أَبُو مُصْعَبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ، وَقَدْ نَزَلَ عَلَى مِثَالٍ لَهُ -يَعْنِي: فَرْشِهِ- وَإِذَا عَلَى بِسَاطِه دَابَّتَانِ، مَا تَرُوثَانِ وَلاَ تَبُولاَنِ، وَجَاءَ صبِيٌّ يَخْرُجُ ثُمَّ يَرْجِعُ، فَقَالَ لِي: أَتَدْرِي مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: لاَ. (15/60) قَالَ: هَذَا ابْنِي، وَإِنَّمَا يَفزَعُ مِنْ هَيْبَتِكَ. ثُمَّ سَاءلَنِي عَنِ أَشْيَاءَ، مِنْهَا حَلاَلٌ وَمِنْهَا حَرَامٌ، ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْتَ -وَاللهِ- أَعقَلُ النَّاسِ، وَأَعْلَمُ النَّاسِ. قُلْتُ: لاَ وَاللهِ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّكَ تَكتُمُ. ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ لَئِنْ بَقِيْتُ، لأَكْتُبَنَّ قَوْلَكَ كَمَا تُكتَبُ المَصَاحِفُ، وَلأَبْعَثَنَّ بِهِ إِلَى الآفَاقِ، فَلأَحْمِلَنَّهم عَلَيْهِ. (8/62) الحَسَنُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ الجَرَوِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ خَلَفِ بنِ عُمَرَ: سَمِعَ مَالِكاً يَقُوْلُ: مَا أَجَبتُ فِي الفَتْوَى حَتَّى سَأَلْتُ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي: هَلْ تَرَانِي مَوْضِعاً لِذَلِكَ؟ سَأَلْتُ رَبِيْعَةَ، وَسَأَلْتُ يَحْيَى بنَ سَعِيْدٍ، فَأَمَرَانِي بِذَلِكَ. فَقُلْتُ: فَلَو نَهَوْكَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَنْتَهِي، لاَ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَبذُلَ نَفْسَه حَتَّى يَسْأَلَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ. قَالَ خَلَفٌ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا تَرَى؟ فَإِذَا رُؤْيَا بَعَثَهَا بَعْضُ إِخْوَانِه، يَقُوْلُ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ، فِي مَسْجِدٍ قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسِ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُم: إِنِّيْ قَدْ خَبَأْتُ تَحْتَ مِنْبَرِي طِيْباً أَوْ عِلْماً، وَأَمَرتُ مَالِكاً أَنْ يُفرِّقَهُ عَلَى النَّاسِ، فَانْصَرَفَ النَّاس وَهُم يَقُوْلُوْنَ: إِذاً يُنَفِّذُ مَالِكٌ مَا أَمرَهُ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ بَكَى، فَقُمْتُ عَنْهُ. أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُوْلُ: قَالَ مَالِكٌ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً، مَا حَدَّثْتُ بِهَا قَطُّ، وَلاَ أُحَدِّثُ بِهَا. (15/61) نَصْرُ بنُ عَلِيٍّ الجَهْضَمِيُّ: حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بنُ عُرْوَةَ، قَالَ: قَدِمَ المَهْدِيُّ، فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ بِأَلْفَيْ دِيْنَارٍ -أَوْ قَالَ: بِثَلاَثَةِ آلاَفِ دِيْنَارٍ- ثُمَّ أَتَاهُ الرَّبِيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ يُحبُّ أَنْ تُعَادِلَهُ إِلَى مَدِيْنَةِ السَّلاَمِ، فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (المَدِيْنَةُ خَيْرٌ لَهُم لَو كَانُوا يَعْلَمُوْنَ) وَالمَالُ عِنْدِي عَلَى حَالِهِ. (8/63) مَحْمُودُ بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ دَاوُدَ المِخْرَاقِيُّ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: أَخَذَ رَبِيْعَةُ الرَّأْيُ بِيَدِي، فَقَالَ: وَرَبِّ هَذَا المَقَامِ، مَا رَأَيْتُ عِرَاقِيّاً تَامَّ العَقْلِ، وَسَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كَانَ عَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ ضَعِيْفَ العَقْلِ. يَاسِيْنُ بنُ عَبْدِ الأَحَدِ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بنُ المُحَبِّرِ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: قَدِمَ المَهْدِيُّ المَدِيْنَةَ، فَبَعَثَ إِلَى مَالِكٍ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ لِهَارُوْنَ |