مَالِكٌ الإِمَامُ مَالِكُ بنُ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ المَدَنِيُّ (ع) د |
قَوْلِهِ: هَارُوْنُ؛ لأَنَّ نَافِعاً قَبْلَ خِلاَفَةِ هَارُوْنَ مَاتَ. (8/99)
(15/99) مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي السُّنَّةِ: وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا الفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا الحُلْوَانِيُّ، سَمِعْتُ مُطَرِّفَ بنَ عَبْدِ اللهِ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: سَنَّ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُلاَةُ الأَمْرِ بَعْدَهُ سُنَناً، الأَخْذُ بِهَا اتِّبَاعٌ لِكِتَابِ اللهِ، وَاسْتِكمَالٌ بِطَاعَةِ اللهِ، وَقُوَّةٌ عَلَى دِيْنِ اللهِ، لَيْسَ لأَحَدٍ تَغِييرُهَا وَلاَ تَبْدِيلُهَا، وَلاَ النَّظَرُ فِي شَيْءٍ خَالَفَهَا، مَنِ اهْتَدَى بِهَا، فَهُوَ مُهتَدٍ، وَمَنِ اسْتَنصَرَ بِهَا، فَهُوَ مَنْصُوْرٌ، وَمَنْ تَرَكَهَا، اتَّبَعَ غَيْرَ سَبِيْلِ المُؤْمِنِيْنَ، وَوَلاَّهُ اللهُ مَا تَوَلَّى، وَأَصْلاَهُ جَهَنَّمَ، وَسَاءتْ مَصِيْراً. وَبِهِ: إِلَى الحُلْوَانِيِّ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بنَ عِيْسَى يَقُوْلُ: قَالَ مَالِكٌ: أَكُلَّمَا جَاءنَا رَجُلٌ أَجْدَلُ مِنْ رَجُلٍ، تَرَكنَا مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيْلُ عَلَى مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِجَدَلِهِ؟! وَبِهِ: حَدَّثَنَا الحَسَنُ بنُ سَعِيْدٍ، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا السَّاجِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: كَانَ مَالِكٌ إِذَا جَاءهُ بَعْضُ أَهْلِ الأَهوَاءِ، قَالَ: أَمَا إِنِّيْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ دِيْنِي، وَأَمَّا أَنْتَ، فَشَاكٌّ، اذْهَبْ إِلَى شَاكٍّ مِثْلِكَ، فَخَاصِمْهُ. (15/100) وَبِهِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الطَّبَرَانِيُّ، حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ خَلَفٍ الطَّرَسُوْسِيُّ - وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ المُسْلِمِيْنَ - قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ يَقُوْلُ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: زِنْدِيقٌ، اقْتُلُوْهُ. فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنَّمَا أَحكِي كَلاَماً سَمِعْتُهُ. قَالَ: إِنَّمَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ، وَعَظَّمَ هَذَا القَوْلَ. وَبِهِ: حَدَّثَنَا ابْنُ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: النَّاسُ يَنْظُرُوْنَ إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- يَوْمَ القِيَامَةِ بِأَعْيُنِهِم. وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا يُوْنُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ عَنِ القَدَرِ: نَعَمْ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السَّجْدَةُ: 12]. (8/100) وَبِهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، سَمِعْتُ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ الجَبَّارِ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: رَأيِي فِيْهِم أَنْ يُسْتَتَابُوا، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلاَّ قُتِلُوا. يَعْنِي: القَدَرِيَّةَ. وَبِهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ العُقَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا القَاضِي أَبُو أُمَيَّةَ الغَلاَّبِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: (15/101) كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَمَا وَجَدَ مَالِكٌ مِنْ شَيْءٍ مَا وَجَدَ مِنْ مَسْأَلَتِهِ، فَنَظَرَ إِلَى الأَرْضِ، وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِعُوْدٍ فِي يَدِهِ، حَتَّى عَلاَهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَه، وَرَمَى بِالعُوْدِ، وَقَالَ: الكَيْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ، وَالاسْتِوَاءُ مِنْهُ غَيْرُ مَجْهُوْلٍ، وَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَأَظُنُّكَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ. وَأَمَرَ بِهِ، فَأُخْرِجَ. قَالَ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ مَرَّةً فِي رِوَايَةِ هَذَا: وَقَالَ لِلسَّائِلِ: إِنِّيْ أَخَافُ أَنْ تَكُوْنَ ضَالاًّ. وَقَالَ أَبُو الرَّبِيْعِ الرَّشِيْدِيْنِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كَيْفَ اسْتِوَاؤُهُ؟ فَأَطرَقَ مَالِكٌ، وَأَخَذَتْهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ، وَلاَ يُقَالُ لَهُ: كَيْفَ، وَ(كَيْفَ) عَنْهُ مَرْفُوْعٌ، وَأَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ، صَاحِبُ بِدْعَةٍ، أَخْرِجُوْهُ. (8/101) وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرٍو قَشْمَرْدُ النَّيْسَابُورِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ يَحْيَى يَقُوْلُ: كُنَّا عِنْدَ مَالِكٍ، فَجَاءهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى}...، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ: فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُوْلٍ. وَرَوَى: عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي كِتَابِ (الرَّدِّ عَلَى الجَهْمِيَّةِ) لَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بنُ النُّعْمَانِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ نَافِعٍ، قَالَ: (15/102) قَالَ مَالِكٌ: اللهُ فِي السَّمَاءِ، وَعِلْمُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لاَ يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، وَكَلاَمُ اللهِ مِنْهُ، وَلَيْسَ مِنَ اللهِ شَيْءٌ مَخْلُوْقٌ. (8/102) قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ فِي سِيْرَةِ مَالِكٍ: قَالَ ابْنُ نَافِعٍ، وَأَشْهَبُ - وَأَحَدُهُمَا يَزِيْدُ عَلَى الآخَرِ -: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ: {وُجُوْهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ، إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القِيَامَةُ: 22 - 23] يَنْظُرُوْنَ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، بِأَعْيُنِهُم هَاتَيْنِ. قُلْتُ: فَإِنَّ قَوْماً يَقُوْلُوْنَ: نَاظرَةٌ: بِمَعْنَى مُنْتَظِرَةٌ إِلَى الثَّوَابِ. قَالَ: بَلْ تَنظُرُ إِلَى اللهِ، أَمَّا سَمِعْتَ قَوْلَ مُوْسَى: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأَعْرَافُ: 143] أَتُرَاهُ سَأَلَ مُحَالاً؟ قَالَ اللهُ: {لَنْ تَرَانِي} فِي الدُّنْيَا، لأَنَّهَا دَارُ فَنَاءٍ، فَإِذَا صَارُوا إِلَى دَارِ البَقَاءِ، نَظَرُوا بِمَا يَبْقَى إِلَى مَا يَبْقَى. قَالَ -تَعَالَى-: {كَلاَّ، إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُوْنَ} [المُطَفِّفِيْنَ: 15]. قَالَ القَاضِي: وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَالِكٍ: الإِيْمَان قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ، وَبَعْضُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ القَاسِمِ: كَانَ مَالِكٌ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ يَزِيْدُ. وَتَوقَّفَ عَنِ النُّقصَانِ. قَالَ: وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكٍ: مَنْ قَالَ: القُرْآنُ مَخْلُوْقٌ، يُجلَدُ وَيُحبَسُ. قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ بِشْرِ بنِ بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: يُقتَلُ، وَلاَ تُقْبَلُ لَهُ تَوبَةٌ. (15/103) يُوْنُسُ الصَّدَفِيُّ: حَدَّثَنَا أَشْهَبُ، عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: القَدَرِيَّةُ، لاَ تُنَاكِحُوهُم، وَلاَ تُصَلُّوا خَلْفَهُم. (8/103) أَحْمَدُ بنُ عِيْسَى: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لاَ يُسْتَتَابُ مَنْ سَبَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الكُفَّارِ وَالمُسْلِمِيْنَ. أَبُو أَحْمَدَ بنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ المَدَائِنِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ بنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ بنُ أَبِي الغَمْرِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَمَّنْ حَدَّثَ بِالحَدِيْثِ: الَّذِيْنَ قَالُوا: (إِنَّ اللهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوْرَتِهِ)، وَالحَدِيْثِ الَّذِي جَاءَ: (إِنَّ اللهَ يَكْشِفُ عَنْ سَاقِهِ)، (وَأَنَّهُ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي جَهَنَّمَ حَتَّى يُخْرِجَ مَنْ أَرَادَ). (8/104) فَأَنْكَر مَالِكٌ ذَلِكَ إِنْكَاراً شَدِيْداً، وَنَهَى أَنْ يُحَدِّثَ بِهَا أَحَدٌ. فَقِيْلَ لَهُ: إِنَّ نَاساً مِنْ أَهْلِ العِلْمِ يَتَحَدَّثُوْنَ بِهِ. فَقَالَ: مَنْ هُوَ؟ قِيْلَ: ابْنُ عَجْلاَنَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ. قَالَ: لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَجْلاَنَ يَعْرِفُ هَذِهِ الأَشْيَاءَ، وَلَمْ يَكُنْ عَالِماً. وَذَكَرَ أَبَا الزِّنَادِ، فَقَالَ: لَمْ يَزَلْ عَامِلاً لِهَؤُلاَءِ حَتَّى مَاتَ. رَوَاهَا: مِقْدَامٌ الرُّعَيْنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الغَمْرِ، وَالحَارِثِ بنِ مِسْكِيْنٍ، قَالاَ: حَدَّثَنَا ابْنُ القَاسِمِ. (15/104) قُلْتُ: أَنْكَرَ الإِمَامُ ذَلِكَ، لأَنَّهُ لَمْ يَثبُتْ عِنْدَهُ، وَلاَ اتَّصَلَ بِهِ، فَهُوَ مَعْذُورٌ، كَمَا أَنَّ صَاحِبَي (الصَّحِيْحَيْنِ) مَعْذُورَانِ فِي إِخرَاجِ ذَلِكَ - أَعْنِي: الحَدِيْثَ الأَوَّلِ وَالثَّانِي - لِثُبُوتِ سَنَدِهِمَا، وَأَمَّا الحَدِيْثُ الثَّالِثُ، فَلاَ أَعْرِفُه بِهَذَا اللَّفْظِ، فَقَولُنَا فِي ذَلِكَ وَبَابِهِ: الإِقرَارُ، وَالإِمْرَارُ، وَتَفْويضُ مَعْنَاهُ إِلَى قَائِلِه الصَّادِقِ المَعْصُومِ. (8/105) وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ هَارُوْنَ بنِ حَسَّانٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بنُ أَيُّوْبَ، حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، قَالَ: يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَمْرُهُ، فَأَمَّا هُوَ، فَدَائِمٌ لاَ يَزُولُ. قَالَ صَالِحٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِيَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، فَقَالَ: حَسَنٌ وَاللهِ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ. قُلْتُ: لاَ أَعْرِفُ صَالِحاً، وَحَبِيْبٌ مَشْهُوْرٌ، وَالمَحْفُوْظُ عَنْ مَالِكٍ -رَحِمَهُ اللهُ- رِوَايَةُ الوَلِيْدِ بنِ مُسْلِمٍ، أَنَّهُ سَأَلهُ عَنْ أَحَادِيْثِ الصِّفَاتِ، فَقَالَ: أَمِرَّهَا كَمَا جَاءتْ، بِلاَ تَفْسِيْرٍ. فَيَكُوْنُ لِلإِمَامِ فِي ذَلِكَ قَوْلاَنِ إِنْ صَحَّتْ رِوَايَةُ حَبِيْبٍ. أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ بنِ البَرْقِيِّ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ أَبِي سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ حَسَّانٍ: أَنَّ أَبَا خُلَيْدٍ قَالَ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ دِمَشْقَ يَقْرَؤُونَ: إِبْرَاهَامُ. فَقَالَ: أَهْلُ دِمَشْقَ بِأَكْلِ البَطِّيخِ أَعْلَمُ مِنْهُم بِالقِرَاءةِ. قَالَ لَهُ أَبُو خُلَيْدٍ: إِنَّهُم يَدَّعُوْنَ قِرَاءةَ عُثْمَانَ. قَالَ مَالِكٌ: فَهَذَا مُصْحَفُ عُثْمَانَ عِنْدِي. (15/105) وَدَعَا بِهِ، فَفُتِحَ، فَإِذَا فِيْهِ: إِبْرَاهَامُ، كَمَا قَالَ أَهْلُ دِمَشْقَ. قُلْتُ: رَسْمُ المُصْحَفِ مُحْتَمِلٌ لِلْقِرَاءتَيْنِ، وَقِرَاءةُ الجُمْهُوْرِ أَفصَحُ وَأَوْلَى. (8/106) قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: سَأَلْتُ مَالِكاً عَنْ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ: مَا أَدْرَكتُ أَحَداً مِمَّنْ أَقتَدِي بِهِ إِلاَّ وَهُوَ يَرَى الكَفَّ عَنْهُمَا. قَالَ ابْنُ القَاسِمِ: يُرِيْدُ التَّفْضِيْلَ بَيْنَهُمَا. فَقُلْتُ: فَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ فِيْهِمَا إِشْكَالٌ، إِنَّهُمَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا. قَالَ الحَسَنُ بنُ رُشَيْقٍ: سَمِعْتُ النَّسَائِيَّ يَقُوْلُ: أُمَنَاءُ اللهِ عَلَى عِلْمِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثَلاَثَةٌ: شُعْبَةُ، وَمَالِكٌ، وَيَحْيَى القَطَّانُ. قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ مَعْنٌ: انْصَرَفَ مَالِكٌ يَوْماً، فَلَحِقَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو الجُوَيْرِيَةِ، مُتَّهَمٌ بِالإِرْجَاءِ، فَقَالَ: اسْمَعْ مِنِّي. قَالَ: احْذَرْ أَنْ أَشْهَدَ عَلَيْكَ. قَالَ: وَاللهِ مَا أُرِيْدُ إِلاَّ الحَقَّ، فَإِنْ كَانَ صَوَاباً، فَقُلْ بِهِ، أَوْ فَتَكَلَّمْ. قَالَ: فَإِنْ غَلَبْتَنِي؟ قَالَ: اتَّبِعْنِي. قَالَ: فَإِنْ غَلَبْتُكَ؟ قَالَ: اتَّبَعْتُكَ. قَالَ: فَإِنْ جَاءَ رَجُلٌ، فَكَلَّمَنَا، فَغَلَبَنَا؟ قَالَ: اتَّبَعْنَاهُ. فَقَالَ مَالِكٌ: يَا هَذَا، إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِدِيْنٍ وَاحِدٍ، وَأَرَاكَ تَتَنَقَّلُ. وَعَنْ مَالِكٍ، قَالَ: الجِدَالُ فِي الدِّيْنِ يُنشِئُ المِرَاءَ، وَيُذْهِبُ بِنُورِ العِلْمِ مِنَ القَلْبِ وَيُقَسِّي، وَيُورِثُ الضِّغنَ. قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ أَبُو طَالِبٍ المَكِّيُّ: (15/106) كَانَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ- أَبعَدَ النَّاسِ مِنْ مَذَاهِبِ المُتَكَلِّمِيْنَ، وَأَشَدَّ نَقضاً لِلْعِرَاقِيِّينَ. ثُمَّ قَالَ القَاضِي عِيَاضٌ: قَالَ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ: سَأَلَ رَجُلٌ مَالِكاً، فَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَسَكَتَ مَالِكٌ حَتَّى عَلاَهُ الرُّحَضَاءُ، ثُمَّ قَالَ: الاسْتِوَاءُ مِنْهُ مَعْلُوْمٌ، وَالكَيْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُوْلٍ، وَالسُّؤَالُ عَنْ هَذَا بِدْعَةٌ، وَالإِيْمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَإِنِّيْ لأَظُنُّكَ ضَالاًّ، أَخْرِجُوْهُ. فَنَادَاهُ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ سَأَلْتُ عَنْهَا أَهْلَ البَصْرَةِ وَالكُوْفَةِ وَالعِرَاقِ، فَلَمْ أَجِدْ أَحَداً وُفِّقَ لِمَا وُفِّقْتَ لَهُ. (8/107) (15/107) فَصْلٌ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي (مُسْنَدِ مَالِكٍ) بِإِسْنَادٍ صَحَّ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: لَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ شِهَابٍ أَحَادِيْثَ كَثِيْرَةً مَا حَدَّثتُ بِهَا قَطُّ. وَقَالَ: نَشَرَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عِلْماً كَثِيْراً أَكْثَرَ مِمَّا نَشَرَ عَنْهُ بَنُوْهُ. الحَارِثُ بنُ مِسْكِيْنٍ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ مَالِكٌ: كُنْتُ آتِي نَافِعاً، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيْثُ السِّنِّ، مَعَ غُلاَمٍ لِي، فَيَنْزِلُ مِنْ دَرَجِه، فَيَقِفُ مَعِي، وَيُحَدِّثُنِي، وَكَانَ يَجْلِسُ بَعْدَ الصُّبْحِ فِي المَسْجِدِ، فَلاَ يَكَادُ يَأْتِيْهِ أَحَدٌ. سَعِيْدُ بنُ أَبِي مَرْيَمَ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: جَالَسَ نُعَيْمٌ المُجْمِرُ أَبَا هُرَيْرَةَ عِشْرِيْنَ سَنَةً. قَالَ مَعْنٌ: كَانَ مَالِكٌ يَتَّقِي فِي حَدِيْثِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اليَاءَ وَالتَّاءَ وَنَحْوَهُمَا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: العِلْمُ حَيْثُ شَاءَ اللهُ جَعَلَهُ، لَيْسَ هُوَ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ. ابْنُ وَهْبٍ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: حَقٌّ عَلَى مَنْ طَلَبَ العِلْمَ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ وَقَارٌ، وَسَكِيْنَةٌ، وَخَشْيَةٌ، وَالعِلْمُ حَسَنٌ لِمَنْ رُزِقَ خَيْرَه، وَهُوَ قَسْمٌ مِنَ اللهِ -تَعَالَى- فَلاَ تُمَكِّنِ النَّاسَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ مِنْ سَعَادَةِ المَرْءِ أَنْ يُوَفَّقَ لِلْخَيْرِ، وَإِنَّ مِنْ شِقْوَةِ المَرْءِ أَنْ لاَ يَزَالَ يُخطِئُ، وَذُلٌّ وَإِهَانَةٌ لِلْعِلمِ أَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالعِلْمِ عِنْدَ مَنْ لاَ يُطِيْعُهُ. (8/108) (15/108) القَعْنَبِيُّ: سَمِعْتُ مَالِكاً يَقُوْلُ: كَانَ الرَّجُلُ يَخْتلِفُ إِلَى الرَّجُلِ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً يَتَعَلَّمُ مِنْهُ. قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ نَافِعٍ: جَالَسْتُ مَالِكاً |